هي فوضي" فيلم سينما "2007" ولكن أين ينتهي يوس

يوسف شاهين فنان كبير من أعلام مصر في الدنيا قدره جمهوره وجمهور السينما في كل العالم وكذلك النقاد كما قدرته الدولة المصرية ومنحته أرفع جوائزها ولذلك فكل فيلم جديد من إخراجه حدث مصري ودولي وأحدثها "هي فوضي" إنه أهم فيلم مصري في سينما 2007 والفيلم المصري الوحيد الذي عرض في مهرجان دولي كبير وهو مهرجان فينسيا ودعك من أي مهرجان آخر غير فينسيا وكان وبرلين فكلها محلية بدرجة أو أخري.
وترجع أهمية الفيلم إلي أنه الوحيد من بين كل الأفلام المصرية طوال عام كامل الذي يهتم بالتعبير عن الواقع المصري المعاصر. ويعرب فيه الفنان عن قلقه العميق والحقيقي علي مستقبل وطنه. خاصة فيما يتعلق بالعلاقة بين الشرطة والشعب فالشرطة في مصر مثل أي شرطة في أي وطن هي الأداة التي تطبق القانون والقانون في مصر مثل القانون في أي وطن يستهدف تحقيق العدل ولذلك فإن أي خلل يقع بين الشرطة والشعب هو أمر جلل وخطير ومثل أي شرطة في أي وطن أيضا هناك تجاوزات من بعض رجال ونساء الشرطة في مصر ولكنها وصلت في مصر في السنوات الأخيرة إلي درجة غير مسبوقة يعرض الفيلم الكثير منها. ولكنه يؤكد منذ البداية إلي النهاية علي أنها تجاوزات أمين شرطة واحد فقط كما أنه أمين شرطة مختل نفسيا إلي درجة الجنون.
دفاع عن الشرطة
منذ البداية نري ونسمع ان تفتيش وزارة الداخلية يرصد ما يفعله وينتظر اللحظة المناسبة للتأكد من فساده وفي الوسط نراه ونسمعه يحكي عن طفولته المعذبة ويجب جارته بصدق حتي ان أي متفرج لا يملك إلا التعاطف معه وفي النهاية نراه ينتحر بعد ان أدرك هول ما ارتكبه من جرائم فهو شخصية نبيلة بكل معني الكلمة ولا يمكن بأي منطق درامي اعتبار هذا الفيلم ضد الشرطة لأنه عن فرد واحد مختل ولا حتي ضد تجاوزات الشرطة لأنه لا حرج علي المختل بل انه علي نحو ما دفاع عن هذه التجاوزات لأن من يقوم بها مختل ومجرد تصوير التجاوزات مثل التعذيب وما شابه ذلك ليس فيه أي جدية ولا مثير لأنها نشرت بالصور وقامت وزارة الداخلية بمعاقبة الفاسدين منها وحكم علي بعضهم بالسجن.
هذا فيلم أراد ان يعبر عن خطورة حدوث فجوة بين الشعب والشرطة في مصر خاصة في هذه السنوات التي يتعاظم فيها التطرف الديني والارهاب باسم الدين وبالتالي تتعاظم مهمة الشرطة في حماية الوطن من هؤلاء المجرمين الذين يرفعون شعارات دينية والدين منهم براء. أي أنه فيلم سياسي ولكن المعالجة الدرامية لم تكن سياسية بأي حال وانطبق عليه قول بريخت لا تتحدثوا في السياسة بشكل غير سياسي ومن يعرف ألف باء سينما يوسف شاهين يري ان أمين الشرطة قناوي باب الحديد تماما في كل التفاصيل من التلصص علي حبيبته إلي خطفها ولكن قناوي 2007 المزيف يختلف عن قناوي 1957 الحقيقي ولذلك يخطف حبيبته ويغتصبها في مشهد شديد الافتعال والسطحية وينتحر بدلا من الذهاب إلي مستشفي العباسسية وبينما يتسق "باب الحديد" كفيلم عن تعقيدات النفس الإنسانية. لا يتسق "هي فوضي" بذلك الخلط الساذج بين تعقيدات النفس والسياسة.
أين يوسف شاهين؟
يعرف عالم السينما في مصر وخارج مصر أن يوسف شاهين يعاني من أمراض الشيخوخة بعد ان تجاوز الثمانين ويقدر عالم السينما في مصر وخارج مصر ان الفنان يقاوم الأمراض ولا يكف عن العمل كأنه يتنفس سينما ويعيش فيها كما عاش لها. وهذا أمر رائع وجميل وندعو الله سبحانه وتعالي ان يعطيه المزيد من القوة ليواصل رحلة عطائه ولكن فيلم "هي فوضي" في تاريخ يوسف شاهين هو أول فيلم لا يحمل توقيعه وحده وإنما أيضا توقيع المخرج الشاب خالد يوسف الذي عمل مساعدا له أكثر من عشر سنوات.
جريدة الجمهورية المصرية

موضوعات هايلة وعظيمة ونافعة

اشكرك جزيل الشكر