"امرأتان": فيلم يجسد واقع المسلمين واليهود في فرنس

دبي، الإمارات العربية المتحدة(CNN)-- من الصعب على أي مخرج بخبرة طويلة في مجال السينما التعامل مع ممثلين مبتدئين إذا كانوا صغارا في السن. فكيف هو الحال إذا ما كانوا كبارا في السن، كما حصل في الفيلم الفرنسي "امرأتان"، الذي تشارك فيه سيدتان جزائريتان تقفان أمام عدسة الكاميرا للمرة الأولى.

الفيلم، الذي عرض مؤخرا في مهرجان دبي السينمائي الدولي، يتناول علاقة دافئة بين سيدة مسلمة وأخرى يهودية تعيشان في باريس، وتفاجآن بقدرتهما على التفاهم والتعايش، برغم الصراع الموجود في منطقة الشرق الأوسط.

تبدأ أحداث الفيلم من خلال متابعتنا للشابة الجزائرية سليمة، التي تواجه تمييزا عنصريا بسبب ديانتها المسلمة، حيث أنها تنتقل من بيت إلى آخر لتعمل ممرضة، من دون أن تلقى قبولا من الجميع.

وفي نهاية المطاف، ينتهي بها الأمر للعمل لدى سيدة يهودية، متبرمة وكثيرة الشكوى، إلا أنها تتقبل وجود سليمة في منزلها، لأنها تجدها طيبة القلب حسنة السلوك.

الصراع الأكبر يأتي لاحقا عندما تبحث السيدة اليهودية المقعدة على مساعدة لها في المنزل، فتعرض سليمة عليها إحضار والدتها لمساعدتها. فتعجب أستير، السيدة اليهودية، بطباع سليمة ووالدتها، وتنشأ بينهما علاقة صداقة قوية.

ولاحقا، تنتقل أستير للعيش عند سليمة ووالدتها عندما إضطر ابنها( أستير) السفر إلى خارج المدينة للالتحاق بعمله الجديد، فينشأ صراع جديد بين سكان الحي وعائلة سليمة لإيوائهم سيدة يهودية في منزلهم، رغم جميع الأحداث الدائرة في الضفة الغربية وغزة ولبنان في ذلك الوقت.

فسكان الحي يتهمون سليمة ووالدتها حليمة بالخيانة، ويحاولون إقناعها بطرد هذه السيدة لأن ما تدفعه لهما من نقود هو مال حرام. وتقوم الدنيا ولا تقعد عندما تقرر حليمة وزوجها السفر لأداء فريضة الحج.

وتستمر أحداث الفيلم لينتهي نهاية مفتوحة بعودة أستير إلى منزل ابنها، وذهاب حليمة وزوجها الحج، وسط فرحة الجميع.

ورغم أن الأداء التمثيلي في الفيلم لم يكن موفقا إلى درجة كبيرة، إلا أن بساطة السيدتين، وقدرتهما على التعبير عن واقع، ربما تعيشانه، ساهم بشكل كبير في خلق أجواء طبيعية، كأنما نقف أمام فيلم تسجيلي أكثر من أن يكون روائيا.

وقد شكل الموضوع الذي طرحه الفيلم قضية جديدة في مسلسل قضايا العنصرية حول العالم.

ففي قمة أحداث الفيلم نجد أن حليمة وابنتها سليمة تواجه تمييزا عنصريا ليس من الشارع الفرنسي فحسب، بل من المسلمين الذين يعيشون في نفس الحارة أيضا، والسبب في ذلك هو تعامل الاثنتين بلطف وإنسانية مع سيدة مقعدة، بصرف النظر عن ديانتها.


لقطة من الفيلم

كما أن الفيلم يعرض تسامح الديانات وقربها من بعضها، فالإسلام، بحسب الإمام الذي ظهر في الفيلم، لم يحرم النقود التي تأخذها حليمة من أستير، لأنها تعمل بكد واجتهاد، كما أن السيدة اليهودية لا تحاسب حليمة على دينها ولا تمنعها عنه.

ومن ناحية أخرى، نجد تشابها كبيرا في بعض تقاليد الديانتين.. فحليمة تحاول إرضاء أستير عن طريق طبخ الوجبات التي تحبها الأخيرة، كالطعام الحلال، على سبيل المثال، والذي يطلق عليها اسم "كوشير" عند اليهود.

ويعيش المشاهد تعاطفا كبيرا مع السيدتين خصوصا عند نهاية الفيلم، لدرجة أننا عندما نرى أستير تبتعد عن حليمة بسيارة ابنها نظن أنها ستطلب من ابنها الالتحاق بحليمة لأداء مناسك الحج، كي لا تفارقها.

وحول فكرة الفيلم، يقول المخرج فيليب فوكون: "أنا متزوج من سيدة جزائرية عاشت نفس الحالة تقريبا.. لذا فإن فكرة الفيلم تنبع من واقع شخصي قريب منا جميعا."

وحول اختيار اسم الفيلم والرمزية التي يحملها، يضيف فوكون: "الاسم الذي اخترته للفيلم يعبر عن تلك المجموعة من الناس التي تقاوم وتمتلك الشجاعة للتمسك بالحياة والقتال من أجلها، وهو ما تجسد واضحا في سليمة، وحليمة، وأستير."

وعما إذا كان الفيلم قد عرض في فرنسا، وردود الأفعال التي تلقاها، يقول فوكون: "لم يتم عرض الفيلم في فرنسا، لذا فنحن لا نعلم ما هي ردود الأفعال التي يمكن أن يتلقاها، وعلى أي حال علينا الانتظار حتى مارس/آذار القادم حتى يتم عرض الفيلم."

ويذكر أن الفيلم قد تم تمويله من الحكومة الفرنسية وعدد من المؤسسات غير الربحية، كما ساهمت محطتا "أرتي" و"كانال +" في إنتاجه.

موضوع جميل وهام