يوميات موظف عام(1)

الأحد : حالة من الهرج والمرج تسود أركان الديوان .. العاملون يخرجون ثم يعودون إلي مكاتبهم إذا ما الذي حدث: أحدهم يأتي مسرعاً أنها الست بديعة ( ياساتر يارب) كيف حالها؟ أنها في حالة من الهياج التام. مرة أخري نسمعها تتفوه بألفاظ غريبة ووضيعة إنها أشبه بالمعلمات في سوق السمك .. ما أصابها ؟ فتسمع إجابات متعددة احدهم قال . إنها تعاني لوثة عقلية. وأخري تقول هذا هو حالها لم يتغير منذ وطأت قدماها أرض الديوان. منذ متي . أكثر من ربع قرن تقريباً .. وآخرون قالوا حالة تعتريها في بداية فصل الشتاء .. وأخفق الحكماء في إيجاد حل لمعضلتها .. وان أكد المقربون منها أنها لا تصاب بهذه الحالة إلا إذا سمعت اسم رئيس الديوان. والسبب أنهما متقاربان في السن وقد قيل أنه خطبها ثم سرعان ما انفصل عنها .. والمعني أنها ستظل علي حالتها حتى تخرج إلي التقاعد في بدايات الصيف القادم ( الصبر يا رب) ؟

الاثنين :هو في نهايات العقد الثالث من عمره .. كفيف البصر يحمل مؤهلاً قال أنه متوسط ( الثانوية الأزهرية) انه يحمل في جيبه كارتاً قال أنه جاء به من مسئول كبير ( خير يا رب ) ماذا تريد؟ قال : وظيفة أقتات منها وأسرتي المكونة من ستة أفراد أبوين قعيدين وزوجة وثلاثة من الأولاد ( بنين وبنات ) .. طفت الأرض مشرقاً ومغرباً بحثاً عن وسيلة شرعية للرزق .. إلا أن محاولاتي جميعها باءت بالفشل ؟ حالة من الاكتئاب تصيبني فأنا لا حول لي ولا قوة ولا أملك إلا الستر .. والغريب أن كارت التوصية كتب عليه ( أملاً في إيجاد فرصة عمل للمذكور ترجمة للبرنامج الانتخابي للرئيس مبارك ) ولا تعليق .

الثلاثاء : حالة من الفضول أصابتني فلا داعي لركوب الميكروباص ( السرفيس ) داخل المدينة ولماذا لا أترجل متفحصاً وجوه الناس للوقوف علي أحوالهم . ففي الشارع وحده مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر علي قلب بشر .. وقد رأيت .. انه رجل بلغ من العمر أرذله لقد شارف علي التسعين يمد يده يمنه ويسره طالباً المعونة سداً لحاجته كما قال .. انه تبدو عليه علامات العز والأصل أتوجه إليه وأسأله .. كيف حالك فيقول يا بني .. لقد تركني أولادي بعد أن نالوا الدرجات العلا وبذلت في سبيل تربيتهم الغالي والنفيس وها أنا ألقي مصيري وحيداً فريداً والله وحده هو المستعان .. وفكرت ثم قدرت .. أهي حالة فريدة أم أنهم بالآلاف الله وحده أعلم بما يعانون من مرارة وحرمان ..؟

الأربعاء : حلقة نقاشية دون ترتيب مسبق وكان عنوانها .. لماذا يرحل شبابنا إلي أوروبا وهم يعلمون سلفاً ما يعتريهم من مخاطر وتهديد بفقد حياتهم .. وجاءت الإجابة وان تنوعت أنهم فقدوا الأمان في بلادهم وأصبح من الصعب الظفر بفرصة عمل في بلادنا العربية والإسلامية فالكفيل أصبح سيفاً مسلطاً علي رقابهم .. وإخواننا هناك انتهوا إلي استقدام العمالة من شرق آسيا .. فأجورهم زهيدة وطاعتهم مطلقة. أما المصريون فإنهم كما يقال عنهم فراعنة ... وانتهينا جميعاً أن اللعنة مازالت تطاردنا وان أكدنا أننا حكومة وشعباً جنينا عليهم وما جنوا علي أنفسهم ؟

الخميس : جاء لزيارتي وان غاب عني لشهور طويلة سألت عن الحال والأهل والعشيرة فقال : الحمد لله علي كل حال . قال : لقد جئت أستفتيك في أمر يخصني والكلام مازال لصديقي الزائر .. تحت أمرك .. قال : لقد حصلت علي فرصة عمل بالخارج قلت علي بركة الله .. إلي أين أنت ذاهب قال إلي الخليج ...قلت: يسر الله أمرك .. قال : إنها فيزا حرة .. تخول له دخول البلاد ثم يبحث عن عمل .. وكم دفعت . قال عشرون ألفاً من الجنيهات .. من أين أتيت بهم .. قال : اقترضت بعضهم والأخر حصلت عليه من البنك بفائدة .. قلت يا صديقي كفي... ولا تعليق ؟؟؟؟

السلام عليكم
تحياتى
واشكرك على الموضوعات المفيدة

اشكرك على الموضوع