هى فوضى ؟ ...والفوضى المدمرة

الفيلم من وجهة نظرى يحوى كثيرا من المتناقضات ويريد توصيل كثيرا من الرسائل فى إتجاهات عدة مما جعل المشاهد فى حيرة من أمره وأصابته حالة من الإرتباك ، وعنصر النجاح الأول للفيلم على ما أعتقد هو أنه يبشر ويجسد حالة الثورة وإنفجار الغضب فى وجه السلطة الغاشمة أيا كان موقعها أو نوعها وهو ما تتشوق له الناس رغبة فى التغيير ، كذلك من عناصر النجاح للفيلم الأداء الرائع للممثلين جميعا .



أعتقد هو أول فيلم للمخرج يوسف شاهين يحقق أرقام إيرادات عالية ، ولعل إشتراك خالد يوسف فى الإخراج هو ما جعله مفهوما لدى الجماهير التى طالما ما كانت تغادر دور العرض فى منتصف أفلام يوسف شاهين السابقة لعدم قدرتها على التواصل مع تلك الأفلام .



الفيلم يتعرض لنموذج من أفراد الشرطة الذى يعانى من مشاكل نفسية وشخصية جعلته يتعامل مع الناس بسادية وعنف ويجسد الفساد وإستغلال النفوذ والبطش بالبسطاء من الناس ، لدرجة تصل به أن يقول أنه "هو الحكومة" ، وأن من ليس له خير فى حاتم (إسم الصول ) ليس له خير فى مصر ، وبالتالى توحد هو والسلطة ومصر فى شئ واحد ، وتلك هى المصيبة الكبرى .



ولكن من التناقضات فى الفيلم أنه يضع لافتة فى بدايته تنبه أن هذا سلوك شاذ لأحد أفراد الشرطة وأن صانعى الفيلم يكنون كل الإحترام لضباط الشرطة الذين يقومون بدور عظيم فى خدمة الوطن ، ثم تجد بالفيلم أن رئيس المباحث والمأمور شخصيا متواطئون مع هذا الصول المنحرف وعلى علم بكل سلبياته ولكنه يخدمهم فى تنفيذ بعض الأمور الغير قانونية كإحتجاز الشباب فى أماكن غير معلومة رغم أن النيابة أفرجت عنهم ولهذا هم يقفون معه ضد وكيل النيابة ، وهذا بالطبع تناقض واضح .



الأمر الثانى كذلك من المتناقضات ، أن تجد وكيل النيابة المحترم الذى هو فى الفيلم النموذج المقابل للوجه القبيح للفساد ، تجده على علاقة بفتاة متحررة مدمنة للمخدرات وأمه غير راضية عن هذه العلاقة ، والسيد المحترم يذهب دوريا لشقة صديق له ليعاشرها فى الحرام ، ثم تنتج هذه العلاقة حملا لطفل ، ثم يذهب السيد المحترم مع خطيبته الحامل إلى مرقص ليلى ملئ بالخمور والمخدرات ، ثم يتشاجر مع خطيبته ويتركها لأنها عندم منعها من أن ترقص مع صديق آخر لها خوفا على الطفل فى بطنها إعترفت له أن أجهضت نفسها !!!!



وعلى الماشى كده كتف غير قانونى ....لقطة فى منزل فاخر جدا لعائلة الفتاة المتحررة لنتعرف على والدها الذى يتحسر على أنه لم يستطيع أن يرقص فى شبابه ولكنه يشجع السيد الوكيل المحترم أن يصعد لإبنته فى غرفتها ليأخذها لترقص معه ، ولولا أن الأب المحترم عنده إجتماع ...فين؟ ...فى لجنة السياسيات !!!! لكان حضر معهم ليستمتع بالرقص ....أى رسالة يخرج بها المشاهد من هذه التناقضات ؟؟؟



كذلك نجد السيد وكيل النيابة المحترم وهو مع خطيبته المتحررة وأثناء قيادتها لسيارتها فى الشارع وهى تدخن سيجارة محشوة بالمخدرات بإعترافها ببجاحة لضابط المرور فى الشارع ، وعندما أراد أن يسحب رخصها ، تدخل السيد الوكيل المحترم وأخذ السيجارة وقذفها فى الشارع وقال له أنا فلان الفلانى وكيل النيابة ، وبالتالى رد عليه الضابط ..إتفضل يا باشا !! يعنى كلنا فى الفساد سواء ...أليست تلك هى الرسالة ؟



وبالتالى فالمشاهد فى حيرة ...ياترى من هو النموذج الصالح الوطنى فى هذا المجتمع ؟ أم أن الرسالة أن الفوضى قد عمت الجميع ، فالكل فاسد ..ولكن كلا بطريقته وبأسلوبه ...وبما يراه مناسبا لظروفه .



وأخيرا ...أرى أن هذا الفيلم ..يضع الوقود على النار المشتعلة أساسا ...فى العلاقة بين القضاء والشرطة ، فى العلاقة بين الشعب والسلطة ...وللأسف من يدفع الثمن بين توتر هذه العلاقات هو الشعب وحده ...فكلا السلطتين كما يقدم الفيلم ..يستغل سلطاته ..ويؤمن نفسه !!! ، كما يرسخ الفيلم لفكر غربى دخيل على ثقافة هذا البلد ..ألا وهو أنه لا تعارض بين الإحترام فى العمل والمركز والمسئولية ..وبين الإنحلال الأخلاقى وإزدواجية المعايير فى الحكم على الأمور ، ثم يأتى مشهد إقتحام وكيل النيابة لقسم الشرطة بالسيارة والألفاظ الخارجة التى وجهها لمأمور القسم وتكسير المواطنين لأسوار القسم وإقتحامه ... كنوع من التحريض والتمهيد ليوم لا نحب أن نراه جميعا فى مصر ...يوم إنفجار الغضب الجماهيرى فى وجه أى سلطة غاشمة ...وحينها ستقع الفوضى المدمرة.. التى ستأتى على الأخضر واليابس ....وقانا الله فى مصر شر تلك الفوضى
طارق الملط:

اشكرك على المواضيع المميزة والهادفة والمفيدة

السلام عليكم
تحياتى
واشكرك على الموضوعات المفيدة

مواضيع جميلة وشيقة
اشكرك عليها

مواضيع شيقة وجميلة
اشكرك عليها

مواضيع جميلة وهادفة ومفيدة