مجرمو الانترنت أصبحوا أكثر شراسة

أشار تقرير حديث إلى أن مجرمى الانترنت أصبحوا أكثر شراسة فى هجماتهم ، بل ويصممون أنشطتهم الاحتيالية والتحايلية بدهاء شديد وبما يتفق مع توجهات مستخدمى الانترنت أنفسهم ، خاصة فى فترة الصيف.

وذكر التقرير الصادر عن مختبرات "تريند لابس" التابعة لشركة "تريند مايكرو" العالمية المتخصصة في رصد ومكافحة التهديدات المختلفة ومراقبة الفيروسات والبرمجيات الخبيثة والتجسسية والتطفلية بفئاتها المختلفة، أخطر عشرة تهديدات رصدها باحثوها وخبراؤها مؤخرا والتى توقع أعدادا متزايدة من ضحايا الانترنت خلال صيف 2009 ، وأولها إن كان عرض التسوق خرافيا ، فمن المحتمل جدا أن يكون زائفا ومصمما لتصيد معلوماتك الشخصية ذات الطبيعة الحساسة لأغراض احتيالية.

وتزداد خلال فصل الصيف العروض الخاصة والترويجية والخصومات الحصرية وما فى حكمها ، إذ تتنافس وتتسابق المتاجر فى إطلاق عروضها وتنزيلاتها لقناعتها بأن المتسوقين سيسعون خلال هذه الفترة إلى اقتناص أفضل فرص التسوق المتاحة ، ولكن يجب أن نتذكر أن مصممى البرمجيات الخبيثة يتخذون من مثل هذه العروض الخاصة وسيلة مغرية لجعل مستخدمى الانترنت ينقرون وصلات تحايلية خبيثة تقودهم إلى مواقع أو متاجر وهمية تعرض بضائعها بأسعار خرافية لا تقاوم لإقناعهم بإدخال معلوماتهم الشخصية والمصرفية التى يمكن استغلالها فى أنشطتهم الإجرامية.

ومثالا على ذلك فيروس حصان طروادة المدمر "تروج أى فون إيه" الذى عرض إعلانات زائفة ومضللة عن جهاز "آى فون" بعد إعلان شركة "أبل" عن إطلاقه فى الأسواق العالمية ، إذ قاد المتسوقين إلى موقع مختلق لمتجر زائف يمكن للمهتمين شراء أجهزة "آى فون" منه .. ومن أمثلة ذلك أيضا وصلة زائفة تضلل المتصفحين وتقودهم إلى موقع زائف لتنزيل أحدث إصدار من برنامج "إنترنت إكسبلورر" وبرنامج آخر لإزالة البرمجيات الخبيثة.

وحذر تقرير "تريند لابس" من فيروسات حصان طروادة المتضمنة فى عروض السفر الزائفة وإخطارات وتأكيدات الحجوزات المختلقة ، حيث أن حجز تذاكر السفر عبر الانترنت عملية فى غاية السهولة والسلاسة ، بل وتتم خلال دقائق معدودة مقارنة بعملية الحجز التقليدية عبر مكاتب السفر التى تستنزف الوقت والجهد.

وقد تنبه مجرمو الانترنت إلى حقيقة أن الكثيرين أصبحوا يفضلون القيام بحجوزاتهم عبر الانترنت ، لذا صمموا رسائل متطفلة تحتال على المستخدمين وتجعلهم يقدمون معلومات بطاقاتهم الائتمانية وبياناتهم المصرفية ، ومن أمثلة ذلك رسالة "تذكرتك الإلكترونية متضمنة فى هذه الرسالة" التى قد تتضمن دودة اختراقية مدمرة ، ورسالة "أتريد أن تسافر حول العالم؟" التى قد تجعل الكثيرين يحجزون عبر الانترنت ويقدمون معلومات بطاقتهم الائتمانية عن حسن نية ، ورسالة "أفضل خطوط جوية فى العالم" التى قد تتضمن فيروس حصان طروادة.

ورصد التقرير الهجمات التحايلية الإجرامية ضد مواقع التجارة الالكترونية ، حيث يعد موقع "إى باى" أحد أشهر مواقع التسوق على الانترنت ويقصده ملايين المتسوقين حول العالم يوميا ، ولكنه فى الوقت نفسه أحد أكثر المواقع التى يعمل مجرمو الانترنت بلا كلل أو ملل لاستغلاله فى أغراضهم التحايلية الإجرامية.

ويمثل المتسوقون عبر هذا الموقع وغيره من المواقع المشابهة غنيمة رائعة تجعل مجرمى الانترنت لا يتوانون لحظة عن ابتكار كل الحيل الخبيثة التى تمكنهم من سرقة المعلومات الشخصية والحساسة واستغلالها أو ابتزاز أصحابها ، ولذلك حذر التقرير من أية وصلة فى رسالة الكترونية مفبركة تحمل أسماء متاجر التسوق الشهيرة على الانترنت ومصممة لسرقة المعلومات الشخصية والمصرفية والائتمانية الحساسة.

وحذر التقرير من الأنشطة الاحتيالية الموسمية ، حيث يستغل مجرمو الانترنت الأنشطة الرياضية والترفيهية ومواسم العطلات وغيرها فى تنفيذ مخططاتهم الاحتيالية والإجرامية ، مثل وصلة متضمنة فى رسالة الكترونية تحايلية تصل إلى المستخدمين بالتزامن مع احتفالات يوم الاستقلال الأمريكى ، وما أن ينقر المستخدم المادة المرفقة بالرسالة الالكترونية حتى ينتشر فيروس "واليداك" الذى يمكن مجرمى الانترنت من التحكم بحاسب الضحية عن بعد واستغلاله لأغراضهم الإجرامية.

كما حذر التقرير من الملفات الخبيثة ، مشيرا إلى أن معظم المستخدمين خلال فصل الصيف يمضون وقتا أطول فى تنزيل ملفات مختلفة من الانترنت.

وفى حين أن تبادل غالبية الأفلام والمسلسلات التلفزيونية والملفات الموسيقية والغنائية والبرمجية عبر شبكات تبادل الملفات "بى تو بى" تشكل عملية قرصنة حقيقية ، فإن شيوعها وانتشارها جعل الكثيرين يتناسون تلك الحقيقة ويستخدمونها ، وأخطر ما فى تلك الشبكات هو أن المستخدمين لا يعرفون شيئا عن سلامة أو موثوقية الملفات التى يتم تنزيلها إلى حواسبهم.

وعلى سبيل المثال ، شن مجرمو الانترنت هجمات شرسة عبر وصلات مفبركة تقنع المستخدمين بتنزيل برامج حديثة مثل "ويندوز 7" أو آى وورك 09" وغيرها الكثير ، وما أن تنتهى عملية تنزيل تلك الملفات حتى يتبين للمستخدمين أنها مليئة بالبرمجيات الخبيثة والتجسسية التى تستوطن فى حواسبهم.

وحذر التقرير أيضا من أفلام الصيف الممتعة ، مشيرا إلى أن مجرمى الانترنت يراقبون مستخدمها ، حيث يشكل فصل الصيف فى معظم دول العالم فرصة مواتية للاسترخاء ، ومن أهم الأنشطة التى تلائم ذلك مشاهدة الأفلام ، بل أن أشهر الأفلام العالمية المشوقة ذات الميزانية الضخمة يبدأ عرضها فى فصل الصيف لأن أعدادا ضخمة من المشاهدين يتدفقون على دور السينما لمشاهدتها ، وهذا ما حدث بالفعل خلال الأعوام السابقة وشكل فرصة مواتية للأنشطة الاحتيالية والتحايلية ذات الأغراض الإجرامية .. فمثلا ، شن مجرمو الانترنت هجمة شرسة لتصيد المعلومات الشخصية والحساسة مستفيدين من الشهرة المدوية لسلسلة أفلام هارى بوتر.

وحذر التقرير العالمى من الأخبار والملفات الفيديوية الفيروسية ، مشيرا إلى أن الطلبة قد يجدون خلال عطلة الصيف متسعا من الوقت لتصفح المواقع الإخبارية المختلفة على الانترنت لمواكبة الأحداث المهمة من حولهم أو التى تهمهم ، لذلك ، يستغل مجرمو الانترنت هذا التوجه بين الطلبة خلال فصل الصيف وتمضيتهم وقتا طويلا فى تصفح الانترنت من خلال محاولة جذبهم إلى نقر وصلات تقود إلى تقارير إخبارية أو مصورة زائفة بهدف مهاجمة حواسبهم واختراقها.

ومن أمثلة ذلك وصلة خبر عنوانه "كسوف الشمس 2009 فى الولايات المتحدة الأمريكية" يقود إلى "فيك إيه فى" ، وهو فيروس حصان طروادة يظهر متخفيا فى هيئة برنامج مكافحة فيروسات ثم يطلق رسائل متتابعة زائفة تحذر من إصابة فيروسية قبل أن يبادر إلى اختراق الحواسب المصابة ، كما أن وصلة خبر عنوانه "فيديو مايكل جاكسون" تقود إلى تنزيل برمجيات خبيثة، ووصلة حول "الخلافات السياسية فى إيطاليا" قد تقود إلى رسائل متطفلة.

كما حذر التقرير من رسائل بعنوان "أبحث ... عنك" ، فبطبيعة الحال تشكل الأخبار وآخر أخبار الأفلام والقيل والقال عن نجوم السينما والغناء وغيرهم محور عمليات البحث التى يقوم بها كثيرون ممن يلاحقون أخبار مشاهير العالم وغيرهم أولا بأول ، لذلك يصمم مجرمو الانترنت نتائج بحث زائفة تتعلق بأخبار مثيرة من أجل استقطاب المستخدمين إلى المواقع الخبيثة والموبوءة.

ومن أحدث الأخبار المضللة التى قادت المستخدمين إلى مواقع خبيثة .. "وفاة نجمة هوليوود فرح فاوست" حيث قد يعدل مجرمو الانترنت محتويات صفحات معينة بإضافة مثل هذا الخبر بحيث تقود أية عملية بحث عنه إلى تلك الصفحات المتطفلة ، وقد تقود وصلة "العالم تحت رحمة وباء أنفلونزا الخنازير" إلى موقع زائف هدفه سرقة المعلومات الشخصية ، ووصلة "طائرة إير فرانس 447" قد تقود إلى فيروسات مارقة ومدمرة.

وأشار التقرير إلى المواقع التى يتصفحها ويزورها الآلاف مرارا ، حيث يزداد إلى حد بعيد متصفحو وزائرو مواقع وكلاء السياحة والسفر والفنادق ومواقع التسوق وغيرها خلال عطلة الصيف ، إذ تستقطب المتسوقين والمهتمين باقتناص فرص العروض الخاصة والترويجية فى اللحظة الأخيرة ، ومن أجل الإيقاع بأكبر عدد ممكن من المتصفحين ، يتدفق مجرمو الانترنت إلى تلك المواقع مقتفين أثر المستخدمين ، فى محاولة لإيقاع أكبر عدد ممكن منهم وجعلهم يدخلون معلوماتهم الشخصية والحساسة عن حسن نية.

وحذر التقرير من الشبكات الاجتماعية على الانترنت وما تنطوى عليه من تهديدات جدية ، حيث يفضل كثيرون أن يكون فصل الصيف فرصة للاتصال والتواصل مع الأصدقاء والأقرباء والأحباء ، وهذا ما يتم مرارا وتكرارا عبر مواقع الشبكات الاجتماعية على الانترنت مثل "فيس بوك" و "بيبو" و "تويتر" وغيرها الكثير ، مما يجعل مثل هذه المواقع مستهدفة أكثر من غيرها من قبل مجرمى الانترنت للاحتيال والتحايل على المستخدمين وسرقة أرقام حساباتهم البنكية وبطاقاتهم الائتمانية ، وانتحال هوياتهم ، وتصميم أنشطة احتيالية تتلاءم مع طبيعة مثل هذه المواقع.

وتعليقا على ما ورد فى التقرير .. قال "ديفيد سانكو" ، الباحث المتخصص فى البرمجيات الخبيثة فى "تريند لابس" ، "المعلومات التى يحصل عليها مجرمو الانترنت من عمليات التصيد الاحتيالية والتحايلية ذات قيمة بالغة بالنسبة لهم ، ومرد ذلك إلى وجود سوق سوداء لبيع عناوين البريد الالكترونى الشخصية التى يستفيد منها مرسلو الرسائل المتطفلة وغير المرغوبة ، وعموما تباع مثل هذه العناوين فى حزم تضم الواحدة منها عدة ألاف من العناوين ، ومن المؤكد أن إضافة تفاصيل الدخول إلى البريد الالكترونى ، بما فى ذلك كلمة السر ، ستحقق لمجرمى الانترنت مكاسب مالية أكثر فأكثر".

وختم سانكو تعليقه قائلا "فى اعتقادنا أن شعبية مواقع الشبكات الاجتماعية على الانترنت تجعلها هدفا مهما لمجرمى الانترنت ممن لن يألوا جهدا فى اختراق المواقع غير المنيعة وغير المحصنة منها ، وفى حين أن جانبا من تهديدات صيف هذا العام يتمثل فى شكل وصلات رسائل الكترونية ومرفقات تحايلية خبيثة ، فإن هناك جانبا آخر علينا ألا نغفل عنه وهو الوصلات المتضمنة فى الويب "0ر2" ، والعديد من تلك الوصلات متاحة فى مواقع الشبكات الاجتماعية ، وكلما زادت الخاصية التفاعلية والمزايا المتقدمة التى تتسم بها مثل هذه المواقع ، ومنها "فيس بوك" و "تويتر" وغيرها ، فإننا نتوقع نشاطا حثيثا وجهدا دءوبا لاختراق معاييرها الأمنية وازدياد الأنشطة الإجرامية فى محيطها".

المصدر: وكالة انباء الشرق الاوسط