منتديات السعادة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

نصيحة لم يطلبها ولن يقدرها فاروق حسني

اذهب الى الأسفل

نصيحة لم يطلبها ولن يقدرها فاروق حسني Empty نصيحة لم يطلبها ولن يقدرها فاروق حسني

مُساهمة من طرف saied2007 الإثنين يونيو 30, 2008 2:49 am

لا يعيب فاروق حسني أن يتطلع إلي منصب المدير العام لمنظمة اليونسكو، ولا يحق لأحد أن ينازع أو يشكك في طموح أي إنسان مهما بلغ شططه أو جنوحه، فالطموح مسألة شخصية، وكل طموح مشروع بقدر نبل الغاية التي يسعي لتحقيقها وشرف الوسيلة المستخدمة في الوصول إليها.

أما قدرات الطامح ومؤهلاته فأمر الحكم عليها يجب أن يترك لأصحاب الشأن والقرار، لذلك فمن حق فاروق حسني أن يعتقد أنه الرجل المؤهل لقيادة اليونسكو بعد انتهاء ولاية كويشيرو ماتسورا، مديرها العام الحالي، وأنه المرشح الأفضل والأقوي، وأن لديه فرصة حقيقية للفوز بهذا المنصب.

وعلي أي حال فقد نجح فاروق حسني في تسويق نفسه لدي النخبة الحاكمة في مصر، ونقلت وسائل الإعلام عن الرئيس مبارك، ومنذ فترة مبكرة جدا، عزم مصر ترشيحه رسميا لهذا المنصب.

ليس لدي معلومات مؤكدة عن ظروف وملابسات هذا الترشيح. فهناك احتمال بأن يكون فاروق حسني هو الذي بادر بنفسه بمفاتحة الرئيس مبارك في هذا الشأن وأقنعه بوجود فرصة يتعين الإمساك بها لاختيار شخصية مصرية لتولي هذا المنصب الرفيع، وأنه الوحيد الذي يستطيع أن يفوز به فيما لو رشحته مصر رسميا وألقت بثقلها وراءه.

وهناك احتمال آخر بأن يكون قد زجَّ بمعارفه وأصدقائه الأجانب، خاصة من الإيطاليين والفرنسيين، لتولي هذه المهمة نيابة عنه والسعي لإقناع الرئيس مبارك بترشيحه. وعلي أي حال، تتجلي أمامي الآن حقيقتان علي درجة عالية من الوضوح:

الحقيقة الأولي: أن لدي فاروق حسني رغبة عارمة للفوز بهذا المنصب، وأنه يتصرف باعتباره مرشح مصر الرسمي له، رغم أنه لا تتوافر لدي معلومات عما إذا كانت مصر قد قامت بذلك بالفعل، وأنه بدأ بالفعل حملته الدعائية وبات جاهزا ومستعدا لعمل أي شيء في سبيل الفوز بهذا المنصب.

الحقيقة الثانية: أن لوزير الثقافة حظوة ونفوذاً كبيرين داخل الدائرة الضيقة لعملية صنع القرار في مصر. ولا أريد أن أدخل هنا في تخمين أسباب هذه الحظوة أو ذلك النفوذ، لكن المفارقة هنا أنهما يفسران كيف أن وزيرا سبق له أن تقدم باستقالته بسبب فشل إحدي المؤسسات التابعة لوزارته في اتخاذ إجراءات أمان وسلامة تكفل حماية موظفيها وزوارها،

وهو ما تسبب في موت عشرات الفنانين والكتاب في حريق مروع نشب في أحد قصور الثقافة في بني سويف، تمكن ليس فقط من الاستمرار في منصبه رغم هذا الإهمال الجسيم، ولكن أن يصبح هو أول مرشح مصري رسمي لقيادة أكبر مؤسسة ثقافية دولية في العالم، رغم أن مصر عضو مؤسس بها منذ ثلاثة وستين عاما!.

قد يكون من حق فاروق حسني أن يصل بطموحه إلي عنان السماء، وقد تكون للنخبة الحاكمة في مصر أسباب نجهلها تجعلها تتمسك به وزيرا للثقافة لمدة تزيد علي واحد وعشرين عاما، وتحرص علي تكريمه في نهاية مدة خدمته الطويلة بترشيحه لأرفع منصب ثقافي في العالم، غير أنه ليس من حق فاروق حسني أو الحكومة إظهار مسألة ترشيحه، وكأنها قضية وطنية يتعين علي الجميع أن يصطفوا وراءها وأن يدافعوا عنها ويضحوا في سبيلها بكل غال ونفيس، لأن الأمر ليس كذلك علي الإطلاق.

وفيما يتعلق بي شخصيا، لا أعتقد أن فاروق حسني هو مرشح مصر الأفضل لهذا المنصب، حتي لو كان هو الأوفر حظا في الفوز به، وهو افتراض لا أعتقد علي أي حال أنه صحيح. ففي ظروف كالتي تعيشها مصر والمنطقة والعالم، لن يحقق فوز فاروق حسني بهذا المنصب أي مصلحة مصرية، بل علي العكس قد يلحق ضررا حقيقيا بالمصالح الوطنية المصرية.

وقبل أن أخوض في تحليل الأسباب التي أوصلتني إلي هذه القناعة، دعونا نتفق علي أنه لا خلاف علي أن مصر تملك مقومات تؤهلها للعب دور علي ساحة المنظمات الدولية المعنية بالثقافة والفكر يكاد يماثل الدور الذي تلعبه القوي العظمي علي ساحة المنظمات المعنية بالسياسة والأمن.

ولست بحاجة للتأكيد علي أن وضع مصر في منظمة كاليونسكو يختلف عن وضعها في أي منظمة دولية أخري، وذلك لسببين رئيسيين،

الأول: ثقلها الحضاري والثقافي باعتبارها مهد إحدي أهم وأعرق الحضارات في تاريخ البشرية، وهي الحضارة الفرعونية، ثم باعتبارها ساحة تفاعلت فوقها أهم حضارات وثقافات العالم، يونانية ورومانية وقبطية وعربية وإسلامية وغيرها.

الثاني: دخول مصر منذ مرحلة مبكرة نسبيا من تاريخها تجربة التحديث وبناء مؤسسات عصرية في مختلف ميادين التربية والثقافة والفنون، مما أضفي عليها جاذبية خاصة، مقارنة بمثيلاتها من الدول العربية والإسلامية، للعب دور مميز في حوار الثقافات.

وربما لايعلم كثيرون أن مصر كانت، في زمن عصبة الأمم، عضوا بارزا في «المعهد الدولي للتعاون الفكري»، وثالث أكبر ممول له، بعد فرنسا والبرازيل، قبل أن تصبح عضوا مؤسسا في اليونسكو عام ١٩٤٥.

ربما يتصور البعض، خطأ، أن اليونسكو هي مجرد منظمة دولية لترميم الآثار، فالواقع أنها منظمة سياسية بامتياز، وبالتالي فقدرة أي دولة علي لعب دور علي ساحتها مرهون بمدي توافر رؤية وإرادة سياسية يمكنانها من تفعيل العوامل الموضوعية التي تمتلكها.

ومن الواضح أنه حين توافرت لمصر هذه الرؤية وهذه الإرادة أصبح لها حضور فاعل ومؤثر، ضمن التيار الرافض للهيمنة الثقافية والمطالب بحوار الثقافات علي أسس متكافئة، وبقيام نظام إعلامي جديد، وكذلك التصدي للمحاولات الإسرائيلية الرامية إلي تهويد القدس والقيام بحفريات تهدد المسجد الأقصي وغيره من الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية.

بل أكاد أزعم أن ثقل مصر السياسي هو الذي ساعد اليونسكو علي قيادة أضخم حملة في تاريخها لإنقاذ آثار النوبة، وهي الحملة التي لعب فيها الدكتور ثروت عكاشة، وزير الثقافة المصري في ذلك الوقت وأحد العشاق الكبار للفنون والآثار المصرية القديمة، دورا محوريا.

ولأن مصر لم تعد تمتلك، للأسف، رؤية أو إرادة سياسية فلن يكون بإمكانها أن تلعب أي دور مستقل علي الساحة الدولية، حتي ولو كانت ساحة اليونسكو التي تتمتع فيها بميزة نسبية.

وتوجد أمثلة عديدة للدلالة علي الأداء المرتبك والعاجز للدبلوماسية المصرية حين يتعلق الأمر بترشيح شخصيات مصرية لمناصب دولية مرموقة، منها:

١- فوز محمد البرادعي بمنصب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وحصوله علي جائزة نوبل دون أي دعم رسمي من الحكومة المصرية.

٢- فوز بطرس غالي بمنصب الأمين العام للأمم المتحدة بفضل جهود الدبلوماسية الفرنسية وليس المصرية، كما توحي بذلك مذكرات غالي نفسه، وعجز الدبلوماسية المصرية عن توظيف «علاقاتها الخاصة» بالولايات المتحدة لمنع هذه الأخيرة من استخدام الفيتو ضد التجديد لغالي لولاية ثانية.

٣- الموقف الغريب وغير المفهوم من ترشيح اسماعيل سراج الدين لمنصب الأمين العام لليونسكو عام ١٩٩٩، حيث تركته يخوض المعركة وحده بينما اتخذت هي موقفا رسميا مؤيدا للمرشح السعودي!

وعلي أي حال، لا يوجد ما يبرر تمسك مصر الرسمية بترشيح فاروق حسني، الذي سقط في أول اختبار جاد له، حين ردَّ بانفعال علي اتهام أحد النواب له بالسماح بدخول «كتب إسرائيلية» لمصر، فهو لم يكتف بنفي الاتهام، وإنما راح يزايد علي صاحبه قائلا: «هاتلي الكتب دي وأنا أحرقها»،

ولا يستطيع أحد أن يدّعي أن عبارة كهذه مجرد «زلة إنسان» يمكن أن تغتفر لـ «مثقف» ناهيك عن «سياسي». فكلمة «حرق الكتب» تستدعي حوادث بشعة في التاريخ، وبالتالي يصعب صدورها عن أي مثقف أو سياسي حقيقي وفي أي سياق، حتي لو تعلق الأمر بكتب «شيطانية».

الأدهي من ذلك أن فاروق حسني، حين حاول أن يخرج من المطب الذي أوقع نفسه فيه، ارتكب خطأ أفدح ولكن في حق المثقفين والوطنية المصرية في هذه المرة، فلكي يخفف من وقع تصريحه الأول ويثبت لكل من يهمه الأمر أنه لا يضمر شرا لليهود أو للثقافة اليهودية، وافق علي إجراء حديث مع صحفية إسرائيلية من «يديعوت أحرونوت» أبدي فيه استعداده لزيارة إسرائيل.

ثم، وللتخفيف من حدة ردود الأفعال التي أثارها هذا "التصريح" لدي الرأي العام المصري والعربي، عاد الوزير وحاول مرة أخري، في لقاء أجرته معه هذه المرة الإعلامية الذكية واللامعة مني الشاذلي في برنامجها الشهير علي قناة «دريم»،

إعطاء تفسيرات مراوغة لا يمكن أن تصدر إلا عن شخصية مستعدة للتضحية بأي شيء في سبيل الفوز بالمنصب، فتارة يقول ما معناه «إنه علي استعداد لزيارة إسرائيل كمرشح لمنصب الأمين العام لليونسكو وليس كوزير للثقافة في مصر»، وتارة أخري يقول ما معناه إنه من الطبيعي أن يزور إسرائيل بعد فوزه بمنصب الأمين العام لليونسكو،

وأظن أن هذه «البهلوانية السياسية» لن تفيده في شيء، ونصيحتي له ألَّا يدخل هذه اللعبة لأنها أكبر منه، فاليونسكو ليست «منظمة دولية لترميم الآثار»، ولكنها منظمة سياسية بامتياز. وأظن أن من مصلحة مصر أن ترشح لمنصب الأمين العام لليونسكو مفكرا أو عالما وليس سياسيا، فهل أجدبت مصر؟ لماذا لا نعيد ترشيح سراج الدين مثلا؟

د. حسن نافعة
saied2007
saied2007
المدير العام
المدير العام

عدد الرسائل : 4579
تاريخ التسجيل : 11/10/2007

https://saied2007.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى