منتديات السعادة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

حقوق الفقراء في قبضة الليبرالية الشرسة‏!‏..صلاح الدين حافظ

اذهب الى الأسفل

حقوق الفقراء في قبضة الليبرالية الشرسة‏!‏..صلاح الدين حافظ Empty حقوق الفقراء في قبضة الليبرالية الشرسة‏!‏..صلاح الدين حافظ

مُساهمة من طرف saied2007 السبت أبريل 12, 2008 2:44 am

الشاهد الذي نعنيه هو المجلس القومي لحقوق الانسان في مصر, وهو مجلس حكومي, حين أصدر تقريره السنوي الرابع2007 ـ2008, واذاعه قبل أيام قليلة, مركزا علي حالة حقوق الانسان الاقتصادية والاجتماعية, جنبا الي جنب مع حقوقه السياسية والمدنية.

وهذا تركيز مطلوب بشدة, لأن الذهن العام ينصرف عادة عند الحديث عن حقوق الانسان, الي الحقوق السياسية والمدنية, مثل حرية الرأي والتعبير, وحرية تكوين الأحزاب, والمشاركة الشعبية الفعالة, وتداول السلطة وتخليص الحريات الأساسية من القيود والعقوبات المشددة.

لكن لحقوق الإنسان جانبا آخر أهم, ونعني الحقوق الاقتصادية والاجتماعية, التي تتعرض في مصر لضغوط عنيفة, في ظل سياسة الليبرالية الاقتصادية والخصخصة وإطلاق آليات السوق والعرض والطلب, دون توفير مظلة أمان اجتماعي حقيقية, توفر للفقراء المتزايدة أعدادهم شبكة العدالة الاجتماعية الضرورية, التي تراعيها الليبرالية الحقيقية, لكن الليبرالية الشرسة التي يريد البعض تطبيقها في مصر دون ضوابط, لا تراعي شيئا من ذلك, فإذا بالنتيجة أن الفقراء يزدادون عددا وإحباطا وفقرا, والأثرياء يزدادون ثروة وسلطة واحتكارا

.يقول تقرير المجلس القومي لحقوق الإنسان نصا: إن حماية حقوق الانسان الاقتصادية والاجتماعية, تمثل اليوم حاجة ملحة وأولوية ضرورية, في ظل تزايد المعاناة المعيشية للفئات الاجتماعية الأكثر فقرا وحرمانا.. كما يري المجلس أن مواجهة تفاقم المعاناة المعيشية للفئات الأكثر احتياجا, تستدعي اضطلاع الدولة بمسئولياتها في محاصرة الفقر وتوفير العدالة الاجتماعية, وتنظيم حملة اجتماعية واعية ومنظمة, لإعلاء قيمة التكافل الاجتماعي وتحقيق التضامن الانساني, بين الفئات القادرة والفئات الفقيرة في المجتمع.

والمعني واضح, ذلك أنه إذا كانت حقوق الانسان السياسية والمدنية تعاني انتهاكات وضغوطا رصدها التقرير بتوسع وتعمق, فإن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للانسان المصري, تعاني هي الأخري انتهاكات وضغوطا أشد, وقع عبؤها علي كاهل الفقراء, ولذلك انتقد التقرير تخلي الدولة, أو تقاعسها عن مكافحة الفقر وتوفير العدالة الاجتماعية, وهذا بالضبط ماحذرنا ونحذر من مخاطره, علي وحدة وتماسك مجتمع قديم مثل المجتمع المصري عاش علي التكافل.

***

ونكرر أن ايمان بعض من يمسكون بالقرار في الدولة, بالليبرالية الشرسة التي تسود أجواء العالم, دون النظر الي مخاطرها وتأثيراتها المدمرة خصوصا علي الفقراء, وهم يبلغون اليوم نحو نصف المجتمع, قد دفع الي المغالاة والتسرع في تطبيق سياسات مزعجة, زادت من مساحة الفقر والبطالة والعشوائيات, فضلا عن الغلاء الجنوني في أسعار السلع الرئيسية وكذلك خدمات الصحة والتعليم والمواصلات والسكن... الخ.

ولم يكن غريبا في ظل هذه الليبرالية الشرسة, أن يشهد عام2007 المنقضي انفجارات متتالية, بدءا بأزمة مياه الشرب والري, ثم أزمة نقص الخبز, وصولا للارتفاع الرهيب في أسعار المواد الغذائية وأراضي البناء ومواده, مما تعجز أمامه الأغلبية الساحقة فتلوذ بالتمرد وتعتصم بالاحتقان.

في تبيان هذا, يقول تقرير حقوق الانسان, إن الحق في العيش الكريم يعد واحدا من أبرز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية, وينصرف أساسا الي ضمان الغذاء والسكن, وكذلك التحسين المتواصل لمستوي المعيشة, ويتصل بذلك بصفة أساسية بمكافحة الفقر ودعم شبكات الضمان الاجتماعي.

وقد شهد عام2007 ثلاثة تحديات كبري في مواجهة الحق في العيش الكريم هذا, أولها الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية التي حدت من قدرة المواطنين علي تلبية احتياجاتهم الأساسية.

وثاني التحديات تمثل في الارتفاع غير المسبوق في أسعار أراضي البناء وأجور المساكن, مما أعجز شرائح واسعة من المواطنين عن الحصول علي مساكن, أو حتي تحقيق ذلك في الأمد المنظور.

ويأتي التحدي الثالث وقد تمثل في عجز الزيادات التي قدرتها الدولة في الأجور عن مواجهة التحديين الأول والثاني, وبالتالي عجزها عن بث الأمل في النفوس الغاضبة الحانقة..

هكذا تركت الدولة, الليبرالية الشرسة, بقواعد آليات السوق المنفلتة, تدهس الأغلبية الساحقة من الشعب, وتحرمها من أهم حقين من حقوق الانسان الاقتصادية والاجتماعية, وهما حق الغذاء, وحق المأوي والسكن, بعد أن تخلت الدولة فجأة عن مسئولياتها الرئيسية, في توفير الحياة الكريمة لكل مواطن, وبعد أن غابت الرؤية المجتمعية والفلسفة السياسية العامة..

وبسرعة شديدة ظهرت إحدي نتائج لسياسات الليبرالية الشرسة, وتمثلت في ظهور900 منطقة عشوائية يسكنها مابين11 و17 مليون مصري, بينهم عدد كبير من سكان المقابر والمدافن, وفي حين تنظر الأجهزة الرسمية الي هذه العشوائيات علي أنها مصدر خطير للجريمة المنظمة والتطرف الديني وهذا أمر متوقع فإن خبراء حقوق الانسان يعتبرون أن70 في المائة منها قابل للتطوير, لو وفرت الدولة نحو180 مليار جنيه لمعالجة أوضاعها خلال خمس سنوات علي أقصي تقدير.

***

ولعلنا نلاحظ أنه في تناقض كامل مع خطورة اتساع مساحات الفقر والفقراء, وانتشار العشوائيات, مستوطنات التطرف والانحراف, نتيجة الاهمال المتواصل والتجاهل الرسمي لمخاطر تحول المجتمع بمدنه الكبري وقراه الصغري, الي عشوائيات تؤوي الفقراء والمعدمين المحبطين, وتعاني النقص الرهيب في الخدمات والمرافق.

فإن الظاهرة المقابلة, هي الترويج الهائل لما يسمي مدن الصفوة الجديدة, التي تزيغ الأعين وتزرع الحقد في القلوب المكلومة والبطون الجائعة, عبر حملات الدعاية والاعلان, عن قصور فاخرة ومساكن مرفهة للقادرين فقط, حيث تتراوح أسعار القصور والفيلات مابين25 و50 مليون جنيه, أما ثمن الشقة فيبدأ بخمسة ملايين فقط!!

وحين ينظر بعض دعاة الليبرالية الشرسة, الي هذه المدن الجديدة ذات القصور الفارهة والحدائق الوارفة وملاعب الجولف ومولات التسوق المغرية, ومنتجعات المصايف والمشاتي, علي أنها إحدي تجليات النمو وارتفاع القدرة الشرائية والرواج في المجتمع, فإن دعاة العدالة الاجتماعية, من أمثالنا, يرون فيها استفزازا اجتماعيا مخيفا وانحرافا اقتصاديا واضحا, يركز الثروة متحالفة مع السلطة في فئة صغيرة من الأثرياء ورجال الأعمال القادرين, ويدفع بالأغلبية الساحقة نحو سفح الفقر والاحباط والتطرف, وعلي هؤلاء ألا يحقدوا علي أصحاب القصور والمدن والمجتمعات الجديدة!!

من حقنا بل من واجبنا الاستمرار في نقد هذه السياسات التي يتبناها هواة الليبرالية الشرسة, دون تعمق في دراسة آثارها علي الفئات الأكثر فقرا والأولي بالرعاية.. الأولي بالرعاية هو توفير مياه الشرب والخبز للبشر الذين يشكون العطش والجوع, بدلا من الاسراف في المياه لري ملاعب الجولف وحدائق مدن القصور الجديدة لكي تبهج الناظرين!

الأولي بالرعاية هو توفير مظلة ضمان وأمان اجتماعي لأكثر من نصف المجتمع يعيشون تحت خط الفقر, تكفل لهم حق الحياة الكريمة وتضمن لهم حق الغذاء وحق السكن وحق العمل, وحق الحصول علي خدمات معقولة, ولا نقول متميزة, من التعليم والصحة والمعرفة, وتحميهم من غول الغلاء الفاحش والاحتكار الرهيب واستغلال سياسات الليبرالية الشرسة, للإثراء غير المشروع, وللقبض علي كل مقاليد السلطة والثروة, فوق كرامة بل فوق جثث ملايين الفقراء.

تري من أين استلهم هؤلاء الهواة, هذه السياسات المدمرة لليبرالية الشرسة!!

***

** خير الكلام: يقول عمر بن الفارض:

أتعبت نفسك في نصيحة من يري
أن لا يري الإقبال والإ فلاحا
saied2007
saied2007
المدير العام
المدير العام

عدد الرسائل : 4579
تاريخ التسجيل : 11/10/2007

https://saied2007.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى