منتديات السعادة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مؤسسة القمة تصاب بشيخوحة مبكرة..د.حسن نافعة

اذهب الى الأسفل

مؤسسة القمة تصاب بشيخوحة مبكرة..د.حسن نافعة Empty مؤسسة القمة تصاب بشيخوحة مبكرة..د.حسن نافعة

مُساهمة من طرف saied2007 الإثنين مارس 31, 2008 12:43 am

حديث القمم العربية هو حديث ذو شجون، لأن أحدا لم يهتم بتضمين ميثاق جامعة الدول العربية عند إبرامه عام ١٩٤٥ نصا يلزم الدول الأعضاء في هذه المنظمة الوليدة بعقد اجتماعات دورية علي مستوي رؤساء الدول أو الحكومات. ومع ذلك فلم يكن هناك علي الصعيدين القانوني والعملي، ما يحول دون أن يعقد «مجلس الجامعة»، وهو أعلي هيئة في هيكلها التنظيمي، اجتماعات علي مستوي القمة إن رأت الدول العربية أو الأمين العام للجامعة ضرورة لذلك. ولأن الميثاق لم يحدد مستوي تمثيل الدول الأعضاء في «مجلس الجامعة»، فقد أصبح بوسع المجلس أن يعقد اجتماعاته إما علي مستوي المندوبين، أو علي المستوي الوزاري، أو علي مستوي القمة (رؤساء الدول أو الحكومات)، وهو ما حدث بالفعل. فعندما راح الصراع بين العرب واليهود يتصاعد، منذرا باندلاع مواجهة شاملة رأت مصر أن الموقف يتطلب الدعوة لعقد اجتماع لمجلس الجامعة علي مستوي القمة، وتجاوب معها بقية الدول الأعضاء. وهكذا شهدت أنشاص أول قمة عربية عقدت عام ١٩٤٦. وبينما تمكنت الدول العربية من عقد أول اجتماع لها علي مستوي القمة بعد عام واحد من قيام الجامعة العربية، فقد تعين عليها الانتظار عشر سنوات أخري قبل أن تلوح فرصة تالية لعقد قمة ثانية في بيروت فرضتها ملابسات العدوان الثلاثي علي مصر عام ١٩٥٦، كما تعين عليها الانتظار ثماني سنوات قبل أن تلوح فرصة جديدة للدعوة لعقد قمة ثالثة في القاهرة عام ١٩٦٤، فرضتها الملابسات الخاصة بإصرار إسرائيل علي الاستيلاء علي مياه نهر الأردن. وأيا كان الأمر فقد شكلت قمة القاهرة نقطة تحول في مسار القمم العربية، حيث بدأ التفكير جديا في تحويل اجتماعات القمة إلي دورية منتظمة. ورغم تسارع وتيرة انعقاد القمم العربية منذ ذلك الحين وتزايد عدد القرارات المطالبة بانتظام القمم العربية في مواعيد محددة، فإنه سرعان ما تبين أن الكلام العربي سهل، أما الفعل فأمره عسير، ولذا لم يكن غريبا أن تتوالي منذ عام ١٩٦٤ قمم عربية عادية واستثنائية كثيرة، صدر عنها عشرات القرارات المطالبة بعقد قمة عربية اعتيادية مرة واحدة علي الأقل كل عام، ولكن دون جدوي، إلي أن تم تعديل الميثاق عام ٢٠٠٠. بعد تعديل الميثاق أصبح لزاما علي مجلس الجامعة العربية أن يجتمع مرة واحدة علي الأقل في دورة اعتيادية تعقد علي مستوي الملوك والرؤساء في شهر مارس من كل عام، كما أصبح لزاما عليه أن يجتمع مرتين سنويا علي مستوي وزراء الخارجية: الأولي في مارس، تخصص للتحضير لاجتماع القمة والأخري في سبتمبر لبحث القضايا المدرجة علي جدول أعمال المجلس والمرفوعة من المندوبين لاتخاذ ما يراه ضروريا بشأنها. ومن المفيد أن نلفت الانتباه هنا إلي مسألة غاية في الأهمية، وهي أن التعديل المشار إليه ميز بين رئاسة القمة ومكان انعقادها، فالأصل أن تعقد اجتماعات القمة في مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة، ما لم تطلب الدولة التي تترأس القمة استضافتها وهو ما يحدث عادة. ولأن تحديد الدولة التي ترأس القمة كل عام يتم بالتناوب وفق ترتيب الحروف الهجائية لأسماء الدول الأعضاء، فمن حق الدولة التي تؤول إليها الرئاسة أن تطلب استضافة القمة في عاصمتها، وفي هذه الحالة يصبح لزاما علي جميع الدول العربية حضور القمة، مهما كانت تحفظاتها أو خلافاتها مع الدولة المضيفة. في هذا السياق، بدأت اجتماعات القمة، ولأول مرة في تاريخ الجامعة العربية، تنتظم اعتبارا من عام ٢٠٠١ وتعقد سنويا في مواعيدها المحددة حسب ما قضي به تعديل عام٢٠٠٠ ولم يعكر صفو هذا الانتظام سوي حادث وقع في قمة تونس، حين قرر رئيسها زين العابدين بن علي تأجيلها، ومن ثم عُقدت قمة تونس متأخرة بضعة أسابيع عن موعدها المقرر سلفا. وربما يري البعض أن انتظام القمم العربية لم تواكبه نقلة نوعية في أداء العمل العربي المشترك، غير أنني أعتقد أنه حال، رغم ذلك، دون تعرض العالم العربي لمزيد من التدهور والانقسام. لذا شعرت بقلق شديد من المناورات العربية التي سبقت انعقاد قمة دمشق، والتي أعتقد أنها تعرض العمل العربي المشترك لمخاطر جسيمة، بل تهدد مؤسسة القمة بالانهيار التام. ولكي نفهم خطورة ما جري ويجري، وبتجرد تام لا مجال فيه لأي انحيازات أيديولوجية أو سياسية مسبقة، يتعين علينا أن نسلم ابتداء بحقيقتين أعتقد أنهما علي جانب كبير من الأهمية. الحقيقة الأولي: أن انعقاد القمة في دمشق هذا العام لا ينطوي علي أي نوع من المجاملة لسوريا، الدولة أو النظام، ولا علاقة له بتطورات الأزمة اللبنانية، وذلك لسبب بسيط وهو أن المصادفة واللوائح المعمول بها هي التي فرضت زمان القمة ومكانها. فوفقا للترتيب الهجائي لأسماء الدول جاء الدور علي سوريا لرئاسة قمة هذا العام، بعد السعودية التي ترأست قمة العام الماضي، ولأن الميثاق يعطي لدولة الرئاسة حق طلب استضافة القمة علي أراضيها، وهو ما فعلته سوريا أسوة بالدول التي سبقتها، فلا يحق للدول الأخري أن تتحفظ أو تعترض أو تتخذ مواقف أو قرارات تنطوي علي شبهة احتجاج مباشر أو غير مباشر علي مكان انعقاد المؤتمر وإلا ترتكب مخالفة جسيمة وانتهاكا صريحا للميثاق. الحقيقة الأخري: يلزم ميثاق الجامعة، في صورته المعدلة عام ٢٠٠٠، رؤساء الدول الأعضاء، ملوكا كانوا أو أمراء أو سلاطين، بحضور اجتماعات القمة بأنفسهم ما لم يكن هناك ظرف قاهر، كالمرض أو خلافه، يحول دون حضورهم. وفي هذه الحالة يتعين علي الرئيس المعتذر أن ينيب عنه من يليه في هرم السلطة. معني ذلك أنه لا يجوز تعمد خفض تمثيل الدول في اجتماعات القمة وإلا فقدت مؤسسة القمة معناها تماما، وتحولت إلي اجتماعات لمجلس الجامعة علي مستوي وزراء الخارجية أو المندوبين، وهو أمر مضحك، وبالتالي غير مقبول. من حق أي دولة عربية أن تختلف مع أي دولة عربية أخري دفاعا عن مصالح تراها، وإذا اختفت الخلافات أو النزاعات العربية فلا تصبح هناك ضرورة لقمم عربية، لأنها وجدت أصلا لحل تلك الخلافات والنزاعات وللبحث عن أرضية مشتركة للتفاهم. لذا فإن الموقف الصحيح كان يتطلب حرص كل الرؤساء والملوك علي حضور قمة دمشق والبحث هناك عن حل لخلافاتهم، وإذا لم يتمكنوا فعليهم مواصلة السعي في اجتماعات أخري طارئة أو عادية. أما تخفيض مستوي التمثيل في القمة كعقاب للدولة المضيفة فلا يحقق مصلحة لأي طرف، بل ينطوي علي أخطار عدة ليس أقلها تكريس حالة الانقسام في العالم العربي، والدفع نحو سياسات المحاور والاستقطاب، وهي أمور تهدد مؤسسة القمة في الصميم. تخطئ دول عربية إن هي اعتقدت أن قرارها خفض تمثيلها في قمة دمشق يلحق الأذي بالنظام السوري ويضعفه، بإظهاره بمظهر المنبوذ عربيا، فربما يكون العكس هو الصحيح، لأنها بقرارها هذا تضعف العمل العربي المشترك قبل أن تُضعف النظام السوري وبالتالي تعاقب نفسها في نهاية المطاف، بل ربما تسهم في تقوية النظام السوري نفسه بإظهاره بمظهر الصامد أمام ضغوط إسرائيل والولايات المتحدة وأذنابهما في المنطقة. وتخطئ سوريا أيضا إن هي اعتقدت أن مجرد انعقاد القمة يعد في حد ذاته نجاحا لها لأن حالة الاستقطاب الحاد التي تشهدها لن تفيد سوي أعداء الأمة والمتربصين، أيا كانت بلاغة العبارات التي ستكتب بها قرارات القمة أو بيانها الختامي، ولا مخرج من المأزق الراهن إلا بالعمل علي رص الصفوف والبحث عن أرضية مشتركة. إن ما جري علي الساحة العربية، خلال الأسابيع القليلة الماضية يعيد التأكيد علي درس لا أمل من تكراره دائما، وهو أن فاقد الشيء لا يعطيه. فالقمة العربية هي، بحكم تكوينها وطبيعتها، مؤسسة إقليمية لا يمكنها العمل إلا في ظل تقاليد مؤسسية صارمة يحترمها الجميع، ولا يستطيع حكامنا العرب، للأسف، إدراك أهمية التقاليد المؤسسية، لأنهم جبلوا علي الحكم بقوة الحديد والنار، وليس بحنكة المؤسسات وسيادة القانون، واعتادوا علي أن يأمروا فيطاعوا. فكيف لهؤلاء ممارسة العمل في محفل تحكمه تقاليد مؤسسية تتطلب إتقان فن المساومات، والبحث عن حلول وسط تفيد الجميع. ولأن فاقد الشيء لا يعطيه فلا يتعين أن نندهش مما يجري حاليا، فليس لنا أن نتوقع تحول القمم عربية إلي مؤسسات إقليمية فاعلة قبل أن توجد مؤسسات حقيقية في كل الأوطان العربية. وإلي أن يتحقق هذا الحلم فعلينا أن نهيئ أنفسنا لانتقال أوضاعنا من سيئ إلي أسوأ.
saied2007
saied2007
المدير العام
المدير العام

عدد الرسائل : 4579
تاريخ التسجيل : 11/10/2007

https://saied2007.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى