مزاج فاسد.. ومحامٍ مرتبك..محمد البرغوثي.. المصري اليوم

المواجهة الساخنة التي دارت، أمس الأول، في مجلس الشعب، بين الحكومة والمعارضة حول قضية تصدير الغاز المصري لإسرائيل، هي نموذج صارخ لاستهتار حكومة الدكتور أحمد نظيف بالشعب المصري ونوابه في البرلمان. والمذهل فيما حدث أن الحكومة التي تعرف جيداً أن تصدير الغاز المصري لإسرائيل بأسعار متدنية، أصبح قضية رأي عام بعد الحملة التي استأنفها الأستاذ مجدي الجلاد في مقالين بـ«المصري اليوم»، وتعرف جيداً أن النائب الأستاذ حمدين صباحي تقدم قبل أسبوعين بطلب إحاطة حول الموضوع ذاته، والمفروض أن هذه الحكومة كان لديها الوقت الكافي لتجهيز رد معقول، تحافظ فيه علي الحد الأدني من احترام الشعب ونوابه. ورغم ذلك بدت الحكومة، كما لو أن أحداً فاجأها تمارس فعلاً فاضحاً في الطريق العام، وجاء رد الدكتور مفيد شهاب، وزير الدولة للشؤون النيابية والقانونية، مرتبكاً ومتناقضاً ومثيراً للشفقة. بدأ شهاب رده بالاعتراف بأن وزير البترول المصري سامح فهمي، وقع مذكرة تفاهم مع نظيره الإسرائيلي لمد أنابيب تصدير الغاز لإسرائيل، وقال شهاب إن أسعار تصدير الغاز المصري لإسرائيل، غير معلنة فعلاً، لأن هناك بنوداً في عقود التصدير، تنص علي سرية البيانات، ومن بينها بيانات الأسعار، ولا يجوز الإفصاح عن هذه البيانات، إلا بموافقة الطرفين المصري والإسرائيلي. وعندما فاجأه أحد النواب، بأن الحكومة ارتكبت مخالفة دستورية، بعدم عرضها هذه الاتفاقية علي البرلمان، لم يجد مفيد شهاب كلاماً يرد به غير «أن عقود تصدير الغاز لم توقعها الحكومة المصرية مع حكومة دولة أخري، أو مع شركة أجنبية.. وإنما تم توقيعها بين شركات خاصة لها شخصيتها الاعتبارية المستقلة»! هذا الرد المرتبك أثار حالة من الغضب والسخرية بين نواب مجلس الشعب.. وكان النائب الأستاذ محمدعبدالعليم داوود، هو الأكثر سخرية عندما قاطع الوزير، قائلاً: «يعني الشركات اللي بتصدر الغاز لإسرائيل منفصلة عن مصر يا سيادة الوزير؟.. وهل يعني ذلك أنني أستطيع أن أفصل دائرتي مطوبس عن مصر وأعلن استقلالها، وأقوم بتوقيع اتفاقيات مع إسرائيل».. واندفع النائب المستقل علاء عبدالمنعم، قائلاً: «إن رد الحكومة لا يليق أن تقوله في مقهي بلدي».. وهو الأمر الذي اضطر الدكتور سرور رئيس مجلس الشعب إلي التعقيب: «ولا في غرزة». نعم، نحن في غرزة، وضوابط العمل والإدارة السائدة في مصر الآن، لا تختلف في قليل أو كثير عن العلاقات السائدة بين مرتادي الغرز، فالمزاج الشخصي هو القانون الحاكم في هذا البلد، ولم يحدث ولو لمرة واحدة أن عادت هذه الحكومة إلي مجلسي الشعب والشوري قبل اتخاذ قرارات مصيرية لها تأثير خطير في حاضر ومستقبل الوطن والمواطنين. كنت أتمني أن يربأ الدكتور مفيد شهاب بنفسه وبتاريخه، عن هذه المهزلة.. وأن يكف ولو لمرة واحدة عن مواصلة الترافع عن الحكومة، خصوصاً في مثل هذه القضايا الفاسدة، ولكنني أيقنت بعد مرافعته المرتبكة، أننا أمام كوميديا سوداء.. أبطالها حريصون علي إهدار مهابة محاميهم، مثل حرصهم علي إهدار ثروات هذا الشعب!