منتديات السعادة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

جمهورية ساركوزي..خيري منصور

اذهب الى الأسفل

جمهورية ساركوزي..خيري منصور Empty جمهورية ساركوزي..خيري منصور

مُساهمة من طرف ahmed الأربعاء مارس 19, 2008 4:38 am

قبل وصوله إلى الإليزيه، كان ساركوزي قد تجاوز كل الخطوط الحمر عندما وصف أحداث الشغب التي وقعت في أحياء المهاجرين بأنها صادرة عن الرعاع، وواصل الرئيس الجديد الذي يحاول حتى الآن ملء المقعد الذي غادره شيراك تجاوز الخطوط من مختلف الألوان، سواء على الصعيد الشخصي المتعلق بالزواج والأحوال المدنية أو على صعيد سياسي جعله تابعاً بلا تحفظ للرئيس بوش رغم كل ما نسب اليه من محاولات البحث عن مجال حيوي لفرنسا في البحر المتوسط. آخر ما صدر عن ساركوزي هو قوله إنه لن يستقبل أي قائد أو زعيم لا يعترف بالدولة العبرية. ثم أضاف ان هذا العام الذي يشهد الذكرى الستين لتأسيس الدولة الصهيونية يجب ألا يمر كبقية الأعوام، فهو جدير بالاحتفاء، ولم يشر ساركوزي من قريب أو بعيد إلى الذكرى المضادة، وهي الذكرى الستون للتراجيديا الفلسطينية، وهكذا تجاهل الوجه الآخر لهذه المناسبة وهو المأتم مقابل العرس. وحلول شمعون بيريز ضيف شرف على معرض الكتاب في باريس كان بمثابة التعبير الرمزي الأقصى عن عواطف ساركوزي المنحازة للدولة العبرية، وما قاله بيريز في معرض الكتاب عن محرقة الكتب أثار تداعيات لا آخر لها لدى سامعيه عن المحارق البشرية، وعن الهولوكوست الجديد الذي يمارس ضد الفلسطينيين في فلسطين المحتلة، وعلى وجه التحديد في غزة. إن فرنسا ساركوزي ليست تلك الفرنسا الحرة التي وقع فيها مائة وعشرون مثقفاً بيان الإدانة من أجل الجزائر، وليست فرنسا التي نقشت أسماء فولتير ومونتسكيو وسائر السلالة على نصب الحرية. والمفارقة هي في التزامن بين استضافة بيريز كضيف شرف في باريس وبين الحملة في الغرب على التسلح النووي، لأن بيريز نفسه كان حلقة الوصل بين تل أبيب وباريس عندما تم إنشاء مفاعل ديمونة قبل عقود عدة. إن تكريم القاتل الذي اقترن اسمه بمجزرة قانا هو عار على فرنسا الحرة، وعلى كل ما صدر فيها عن فلاسفة وإصلاحيين وأدباء حول حقوق الإنسان والحريات. ويبدو أن قناع المسيو ساركوزي لم يمكث طويلا، إذ سرعان ما أذابته شمس الربيع المبكر، واتضح للعالم أن من سبّح بحمد الرئيس بوش كان يتهيأ لأداء هذه المعزوفة المملة التي تهرأت أوتارها في أوروبا. إن هذا الترميز المعكوس للثقافة بعد رهنها للسياسة هو اختطاف علني للكتب والفلسفات. وما فعله ساركوزي قد يجعل مثقفي فرنسا الموتى يتقلبون في قبورهم، لأنه اعتدى على بلاده أولاً، وعلى ضميرها الثقافي. فليس من المعقول أن تتحول تظاهرة ثقافية ذات أبعاد إنسانية وحضارية الى عرس للقتلة، وبالتالي تنقلب الحقائق دفعة واحدة. إن أشباح الضحايا تحوم حول المعرض، وثمة شخوص يخرجون من صفحات الكتب، لأن قيامة الثقافة والمثقفين لا ترتهن لزمن أو مناسبة. ولا ندري لماذا يصرّ ساركوزي على تذكير العرب بكل ما اقترفت فرنسا من جرائم ضدهم، بدءاً من الجزائر وليس انتهاء بالعمل على إفساد أي مشروع قومي وحدوي، لأن مثل هذه المشاريع كانت دائما من وجهة نظر فرنسا بريطانية. والمفارقة الثانية هي في مقاطعة بعض الكتّاب اليهود لمعرض باريس في الوقت الذي أصيب فيه بعض العرب بالعمى السياسي، فرقصوا في مأتمهم، على إيقاع مارشات عسكرية مصاحبة لبيريز. المتضرر أولاً من هذا الفعل الشائن سياسياً وأخلاقياً وثقافياً فرنسا، لأن ساركوزي استخف بالموتى والأحياء من أحرارها.
ahmed
ahmed
عضو مبدع

عدد الرسائل : 405
تاريخ التسجيل : 07/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى