منتديات السعادة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الغلاء .. وحرب الرغيف ـ د. جابر قميحة

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

الغلاء .. وحرب الرغيف ـ د. جابر قميحة Empty الغلاء .. وحرب الرغيف ـ د. جابر قميحة

مُساهمة من طرف saied2007 الخميس مارس 13, 2008 2:08 am

تحت عنوان "العثور على 27 قنبلة مولوتوف أمام سفارة أفريقيا الوسطى" نشرت صحيفة الأهرام في عددها الصادر يوم الإثنين (3 / 3 / 2008م) الخبر التالي: "عثرت أجهزة الأمن مساء أمس الاول على 27 قنبلة مولوتوف أمام سفارة جمهورية أفريقيا الوسطى بميدان محمد صالح المتفرع من شارع مصدق بالدقي، وبالشارع نفسه توجد سفارات فلسطين وجيبوتي ومركز الإميديست الأمريكي لتعليم اللغة الإنجليزية، جمهورية أفريقيا الوسطى بميدان محمد صالح بالدقي، وعلى الفور انتقل إلى مكان الحادث قيادات الأمن بالجيزة، ومباحث أمن الدولة ، لإجراء معاينة للمكان، حيث أكدت المعاينة أن القنابل مصنوعة يدويًا ومكونة من زجاجات مياه غازية مملوءة بمواد بترولية قابلة للاشتعال، ولمبات نيون، تم التحفظ عليها، وانتداب المعمل الجنائي لفحصها وبيان نوعية القنابل، أو الزجاجات الحارقة المضبوطة، كما تبين من معاينة أحمد فوزي مدير النيابة أن الشارع نفسه به عدد من سفارات ومركز "الإميديست" وكلفت النيابة جهاز أمن الدولة بالتحريات لكشف غموض الحادث".
والخبر يحمل في ظاهره وباطنة دلالات خطيرة جدًّا ترجع إلى ما يأتي:
1ـ عدد القنابل ... فسبع وعشرون قنبلة ليس بالعدد القليل مما يقطع بأن وراءه أكثر من واحد أو جماعة تخريبية.
2ـ مكان العثور على القنابل، فإنه يوحي بأن الهدف من استخدام هذه القنابل هدف إرهابي سياسي، فالشارع مجمع سفارات (أفريقيا الوسطى، وفلسطين، وجيبوتي، ومركز الأميدست الأمريكي لتعليم اللغة الإنجليزية) , كما يستنتج أن هناك عاملاً قهريًا مفاجئًا حال دون استعمال هذه القنابل.
***
وفي اليوم التالي 4 / 3 / 2008م، تحت عنوان "سر العثور على كمية كبيرة من زجاجات المولوتوف بالدقي: ". نشرت الأهرام خبرًا مفصلاً، ومما جاء فيه: "تم تشكيل فريق بحث قاده اللواء عادل الشاذلي مدير المباحث الجنائية بالتعاون مع قطاع أمن الدولة، حيث تبين أن عاملاً بمخبز قام بتجهيزها بالتعاون مع بعض أصدقائه لاستخدامها في مشاجرة بينه وبين مجموعة من الأشخاص بمنطقة سليمان جوهر . وأضافت التحريات أنه أثناء نقل زجاجات المولوتوف إلى منطقة سليمان جوهر اشتعلت إحداها فأمسكت النيران في أحد المتهمين إلاأن أصدقاءه قاموا بإنقاذه ثم قاموا بإلقاء الزجاجات بجوار سور بميدان محمد صالح الذي يقع بجواره عدد من السفارات والمنشآت العامة، وعندما علم طرف المشاجرة الآخر باعتزام الطرف الأول إلقاء الزجاجات الحارقة عليهم بادروا بصلحهم والاعتذار لهم مما دفع الطرف الأول إلى الاستغناء عن الزجاجات الحارقة تمكن رئيس مباحث الدقي من تحديد شخصية المتهمين والقبض على طرفي المشاجرة الذين اعترفوا تفصيلاً بالحادث، ثم أحالتهم النيابة التي تولت التحقيق".
***
والخبر يعني أن الحصول على رغيف الخبزأصبح يمثل ظاهرة فادحة في حياتنا، وتتمثل هذه الفداحة في مظاهرمتعددة , منها :
1ـ الامتداد والشمولية فهي مشكلة ضربت كل بلاد مصر المحروسة، المدن والقرى والكفور فيها سواء، وأصبح طابور الخبز حقيقة لا تنكر بل دخلت نطاق التوقيت، وتحديد المواعيد، فلم يعد بالغريب أن تسمع من صديق لك "إن شاء الله هقابلك بعد العيش بساعة أو ساعتين".
2 ـ إنها مشكلة ولّاَدة، فهي أكبر من ظاهرها بكثير، فمن نتائجها المنكودة:
أ ـ إهدار ملايين الجنيهات يوميًا "ثمنًا" لساعات العمل المهدرة في الوقوف في طوابير الخبز أمام مراكز توزيع الخبز، التي تتمثل في الأفران والأكشاك، والواقف إما موظف، أو عامل في الحكومة، أو القطاع العام، أو الخاص، أو يقوم بعمل حر، وساعات الوقوف وتقطيعه من ساعات العمل والإنتاج.
ولو فرضنا أن الواقف قدير على أن يجمع بين أداء هذه المهمة الحيوية، وبين الحفاظ على مواعيد العمل فمما لا شك فيه أن معاناة الوقوف والتزاحم تنال من قدرته ونشاطه مما يؤثر في أدائه بالصورة المقبولة.
وقد تكون الواقفة ربة أسرة تركت أبناءها الصغار لتأخذ مكانها في طابور الخبز.
ب ـ التعارك والتطاحن الذي أدى إلى سقوط تسعة من القتلى حتى الآن ، بسبب الحرص على الفوز بالمكان الأقرب من البائع . إن حالة الضيق النفسي، والاحتراق العصبي، التي يعيشها كل أفراد المجتمع. تجعل من كل مواطن قنبلة موقوتة , يثيرها أو يفجرها كلمة عابرة،
أو تصرف عصبي من الآخرين.
وخصوصًا أن المواطنين قد فقدوا الثقة تمامًا في حكومات الحزب الوطني، وخصوصًا الحكومة "النظيفية" التي تفوقت في الكذب والضحك على الشعب، والإخفاق في كل مجال.
والوقوف في طوابير الخبز علم الناس قيمًا جديدة ساقطة، منها ما هو مضحك.. ولكنه ضحك كالبكاء، كذلك الخبر الذي نشرته الأهرام يوم 3 / 3 / 2008م، في الصفحة الثانية من الإسكندرية ونصه: "الحصول على رغيف الخبز والوقوف في الطابور أصبح مسلسلاً تراجيديًا، لا يخلو أحيانًا من المواقف الكوميدية.
فقد ذهب الموظف إلى المخبز المجاور لمسكنه بمنطقة العصافرة.. فوجد طابور الرجال طويلاً وطابور السيدات قصيرًا.. وبسبب تأخره عن عمله وإلحاح أبنائه وزوجته لحاجتهم إلى الخبز قام الموظف بارتداء زي المنقبات، والوقوف أمام طابور السيدات، ووسط الزحام قامت سيدة بدفعه وأمام صمته، اكتشفت السيدات أنه رجل، ومتنكر في زي المنقبات، وما هي إلا لحظات حتى حصل الموظف على علقة مبرحة بالأحذية، والشباشب الحريمي أمام المخبز بشارع مكة بالعصافرة، بينما قام آخرون أمام توسلات الموظف بمراعاة ظروفه الاجتماعية، والوظيفية، وعلاجه من الضرب ليفاجأ الجميع بمواصلة وقوفه في الطابور، ولكن هذه المرة في طابور الرجال".
والغلاء الفاحش:
وبجانب ذلك يعاني المواطن المصري، بل يعيش معذبًا بنار الغلاء الفاحش الذي شمل كل احتياجاته من طعام وشراب، وملابس، ودواء، وخدمات ... إلخ.
والكارثة ليست في "شمولية" الغلاء ولكن في نسبة ارتفاعه التي بلغت في بعض السلع 50% ثم بعد ذلك تسمع من كبار المسئولين عبارات غريبة منقوشة مثل "أحنا الحمد لله أحسن من غيرنا.. لقد ارتفعت أسعار بعض السلع في بلاد أخرى بنسبة 100%".
وهذا صحيح، ولكنه يمثل نصف الحقيقة، أما النصف الذي سكت عنه "الكبير" فهو أن المرتبات في هذه الدول ضوعفت، وبعضها وصل إلى عشرة أضعاف، أما المرتبات في مصر فقد تجمدت كما هي، وهذا يعني أن المسئولين في الدولة المباركية يطلبون من المواطن أن يحقق المعجزات، بأن يعيش بمرتبه الجامد حياته كما كان يفعل قبل أن يفرض المسئولون على المواطنين نار الغلاء.. ورحم الله حافظ إبراهيم وكأنه يصور حالنا المنكود في قصيدة نظمها من قرابة ثمانين عامًا منها الآبيات التالية:
أيها المصلحون ضاق بنا العيـ
= ـش ولم تحسنوا عليه القياما

عزت السلعة الذليلة حتى
= بات مسح الحذاء خطبا جساما

وغدا القوت في يد الناس كاليا
= قوت حتى نوى الفقير الصياما

ويخال الرغيف في البعد بدرا
= ويظن اللحوم صيدا حراما

إن أصاب الرغيف من بعد كد
= صاح: من لي بأن أصيب الإداما

***
ـ ويسألني صاحبي: وما الحل؟
ـ حل ماذا؟
ـ طوابير العيش مثلاً.
ـ الحل في "التنكر".
ـ لم أفهم.
ـ أن يتنكر الوزراء وكبار الحزب الوطني، ويوزعوا أنفسهم على طوابير الخبز. ويحصلوا عليه، كما يحصل المواطنون , بالوقوف في طوابير الخبز ساعات معرضين للإهانة والمضايقات , وربما لما هو أكثر وأقسى وأمرّ .
ـ لم أفهم.
ـ سيفعلونها مرة واحدة وبعدها سيلدون لا حلاً واحدًا، بل عشرات من الحلول.
***
ثم إني أعتقد أن أصل الداء يكمن في الانفصام المنكود بين الحاكم والمحكوم، فالكبار لا يشعرون بآلام الشعب المطحون فأصبح التفريط في الأمانة أمرًا عاديًا، وقد صدق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذ قال: "إذا ضيعت الأمانة، فانتظر الساعة"، وقال: "وإذا وسد الأمر غير أهله فانتظر الساعة" وقد وصف رسول الله مهمة الحكم بأنها "أمانة"، وأنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه منها.
وهو تأكيد لمنطق يوسف ـ عليه السلام ـ كما يظهر في الآيتين الآتيتين:
(وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ (54) قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55)) (يوسف: 54 ـ 55).
وبهذه الرباعية: القدرة، والأمانة، والحرص على المال العام، والعلم الواعي بشئونه يكون الشخص جديرًا بأن يقوم بامر ما يتولاه.
وأؤكد , وأكررالتأكيد : أن الثقة بالحاكم أساس النجاح الشامل، ولا تكون الثقة إلا إذا كان الحاكم قدوة طيبة للرعية في أقواله، وأفعاله، وسلوكياته، ومعاشه، وقد جاء في الأثر أن بعض الصحابة ذهب إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يشكو له الجوع، وكشف عن بطنه، فإذا به يشد عليها حجرًا، كعادة العرب في تسكين ألم الجوع، فكشف له الرسول عن بطنه فإذا به يشد عليه حجرين.
والمجال لا يتسع للحديثٍ عن سلوك عمر- رضي الله عنه - سنة 18 هجرية... في عام الرمادة الذي كانت المجاعة تأخذ فيه بخناق المسلمين، حتى فني أكثر من ثلثهم.. كان عمر قدوة حسنة في طعامه، وشرابه، وملبسه إلى أن انتهت المجاعة، وبقي الحاكم نموذجًا يحتذى في الشعور بآلام المسلمين.
بمثل هذا المسلك نستطيع أن نحقق الكثير والكثير.
قال صاحبي: ولكنني ما زلت مصرا على أنك لم تقدم حلاً ناجعا حاسما لمشكلة طوابير الخبز، ومشكلة الغلاء.
ـ قلت: إن الحل أكبر من أن يتسع له مقال؛ لأن المشكلة تخلقت وتكونت من تراكمات أزمات , وأخطاء، وسقوط , على مدى ربع قرن، بل على مدى نصف قرن، وكل ما قدمته أنا في الكلمات السابقة إنما يمثل إشارات... مجرد إشارات وتلميحات لما يمكن أن يعتبر حلاً. وندعو الله أن ينقذنا من النكبة التي نعيشها، إنه نعم المولى ونعم النصير.
saied2007
saied2007
المدير العام
المدير العام

عدد الرسائل : 4579
تاريخ التسجيل : 11/10/2007

https://saied2007.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الغلاء .. وحرب الرغيف ـ د. جابر قميحة Empty رد: الغلاء .. وحرب الرغيف ـ د. جابر قميحة

مُساهمة من طرف ahmed الجمعة مارس 14, 2008 4:52 am

موضوعات متميزة ومتجددة تفيدنا ونستفيد منها
اشكرك عليها
ahmed
ahmed
عضو مبدع

عدد الرسائل : 405
تاريخ التسجيل : 07/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى