منتديات السعادة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

خريطة طريق من نوع مختلف للمقاومة..عبد الحليم قنديل

اذهب الى الأسفل

خريطة طريق من نوع مختلف للمقاومة..عبد الحليم قنديل Empty خريطة طريق من نوع مختلف للمقاومة..عبد الحليم قنديل

مُساهمة من طرف saied2007 الأربعاء مارس 12, 2008 1:47 am

ليس بوسع اسرائيل أن تنتصر علي حماس، وهذا في حد ذاته انتصار لحماس، وربما لم يكن المتحدثون باسم حماس مغالين حين تحدثوا عن نصر في عملية جباليا ، فالاسرائيليون أنفسهم يتحدثون عن فشل واضح لاسرائيل.
التعليقات الاسرائيلية علي ما جري ظاهرة المغزي، فهي تقول ببساطة: ان هدفا واحدا لاسرائيل لم يتحقق، وان غزة مثل لبنان، لا يصح فيها الحساب بعدد القتلي من الجانبين، فقد زاد عدد شهداء الفلسطينيين علي المئة، وزاد عدد المصابين الي مئات، لكن قوة امتصاص الضربات عند الفلسطينيين تبدو بلا نهاية، تماما كما كان الأمر في حروب اسرائيل مع حزب الله في لبنان، والنصر في النهاية محجوز للطرف الأكثر احتمالا لا للجيش الأعظم في قوة نيرانه، وهذه عبقرية حروب الاستنزاف التي لا يقدر فيها لاسرائيل النصر أبدا....
وباستثناء تعليق واحد في الصحافة الاسرائيلية جاء علي طريقة (قلنا لكم)، وأثار فيه صاحبه مواجع قديمة، وتحدث عن الأهمية الاستراتيجية لمستوطنات غزة التي جري تفكيكها في عام 2005، فان لا أحد في اسرائيل يتحمس لاعادة احتلال غزة، صحيح أن تسيبي ليفني ـ وزيرة الخارجية الشقراء ـ هددت باعادة الاحتلال، لكن ليفني ـ علي ما يبدو ـ داخلة في مزايدات سياسة مع باراك جنرال الحرب المستعاد من المخازن، والذي حدد أهدافا لما يجري لم يتحقق للآن واحد منها، فقد تحدث باراك ـ بالعكس من ليفني ـ عن فك ارتباط نهائي مع غزة، وطرح خطة عمل عسكري متدرج متلاحق بأهداف ليس بينها اعادة احتلال غزة، تحدث عن هدف وقف اطلاق الصواريخ باتجاه سديروت و عسقلان وربما أشدود ، وهو الهدف الذي تحقق عكسه بالضبط، فلم يتوقف اطلاق القسامات كما يطلقون عليها في اسرائيل، بل فاجأتهم حماس باطلاق صواريخ غراد باتجاه عسقلان بعد سديروت، وهدد اسماعيل هنية ـ في تصريح ذي مغزي ـ بأن اسرائيل كلها في مرمي الصواريخ الفلسطينية.
وليست القصة هنا في الأثر الدموي أو التدميري للصواريخ، بل في نشر الرعب والهياج المذعور بين سكان اسرائيل، وهم الذين تعودوا ـ قبل صدمة صواريخ صدام فصدمة حزب الله ـ علي العيش في الحصن الحصين، وبعيدا عن نار الحروب وميادينها التي يجول فيها ويصول جيش اسرائيل!
والمغزي: خلق توازن رعب من نوع مختلف، رعب ربما يماثل ما جري وقت مبادرة حزب الله باطلاق الكاتيوشا باتجاه كريات شمونة ، لكن الألم الاسرائيلي يبدو أكبر هذه المرة، فقذائف الكاتيوشا الي الشمال الاسرائيلي كانت متقطعة، بينما قذائف القسامات ـ محلية الصنع ـ الي مدن الجنوب الاسرائيلي متصلة منذ سبع سنوات، واحتمالات التطور بها الي رعب أكبر ودمار أكثر واردة، فلا أحد يعرف ـ بالدقة ـ طبيعة مخزون حماس من الصواريخ، أضف: أن لدي حماس وسائل أخري مجربة فياضة بالرعب للاسرائيليين مثل العمليات الاستشهادية، وهي قابلة للتجدد في أي وقت، وتحت ضغط تصاعد محارق النيران الاسرائيلي في غزة، وهو ما يعني أن مشكلة اسرائيل صارت أكثر تعقيدا، وأن الحلم بتفكيك سلطة حماس ـ مع احتفاظها بأسير اسرائيلي ـ يبدو كأمل ابليس في الجنة، فسلطة حماس زاد التأييد لها بشدة في غزة أيام المحرقة بالذات، ونقلت صحيفة اسرائيلية عن ضابط فتحاوي قوله: ان غزة صارت كلها حماس .
وهم في اسرائيل يفسرون ما جري علي طريقتهم، يقولون: ان أهل غزة في أسوأ أحوال معيشة، وانه لم يعد لهم سوي كرامتهم، وان حماس التي تحارب معهم وعنهم هي عنوان الكرامة، والتفسير ـ باستطرادات الشروح ـ فيه بعض الحقيقة، لكنه لا يشرح القصة كلها، فسلطة حماس لا تبدو سلطة بالمعني الدارج المكروه المبتذل عربيا، فهي سلطة قد تنطوي علي تشدد وضيق أفق أحيانا، لكنها سلطة غاية في النزاهة، ومثلها الأخلاقية لم تعطب بعد، ثم انها تستعيد ـ بضغط الحوادث ـ برنامج المقاومة كاملا الآن، وبعد أن كانت مهددة بالتورط في برنامج المساومة واتفاقات الهدنة، وتلك ميزة هائلة لحماس بالمقارنة مع خوار سلطة عباس....
والذي يراجع ما جري أيام المحرقة، وهي قابلة للتكرار ربما بصورة أكبر، يجد أن برنامج حماس ـ او قل برنامج المقاومة ـ قد كسب الجولة بامتياز، فقد أثبت أن قوة حماس فوق المقدرة الاسرائيلية علي تفكيكها، ربما لأن تكاليف الدم المطلوبة فوق ما تطيق اسرائيل، ثم ان حماس استفادت من جلاء اسرائيل النسبي عن غزة، وطورت كتائب عز الدين القسام الي ما يشبه جيش حرب عصابات محترف بتقاليد عسكرية غاية في الانضباط، وهذه نقطة في غاية الأهمية، اذ أن تشتت الأذرع العسكرية للفصائل الفلسطينية يبدو مشكلة كبري، وتجاوز التشتت الي التوحد لم يتم بعد، وان بدت الرغبة ظاهرة في تصريح أخير لأحد قادة كتائب شهداء الأقصي ذراع فتح العسكرية، والذي طالب باستعادة الفرقة العسكرية الموحدة.
وفي غيبة الامكانية السريعة لدمج الفصائل العسكرية، بدا البديل ظاهرا في تطور وزن كتائب عز الدين القسام ذاتها، وبصورة جعلتها أشبه بالعمود الفقري لفصائل السلاح الفلسطيني، ولا تبدو قوة كتائب القسام محجوزة في مخزون السلاح، ولا في ترسانة صواريخ قابلة للتطور فقط، بل في انضباطها وطابعها الاستشهادي، ومقدرتها المتزايدة علي تطوير تكتيكات القتال، وفي الطابع الحيوي لقياداتها القابلة للاحلال والاستبدال بكفاءة ظاهرة، وهو ما يدهش الاسرائيليين الي حد الذهول.
فقد جربت اسرائيل تكتيك قطع الرأس في حماس، واكتشفت أن حماس تبدو كائنا أسطوريا بألف رأس، اغتيالات القادة من أحمد ياسين الي الرنتيسي وأبوشنب لم تؤد الي تراجع في طاقة حماس، ولم تضعفها حملات الاعتقال لقادة الكتائب والوزراء ونواب المجلس التشريعي، ولا يبدو التقدم الاسرائيلي الوارد الي حملة اغتيالات لقادة من وزن محمود الزهار واسماعيل هنية وسعيد صيام ـ وغيرهم ـ تكتيكا مفيدا، فهؤلاء ليسوا من طلاب المناصب ولا من طلاب الدنيا، واغتيالهم يزيد من قوة حماس، والتي تبدو كشجرة ترتوي بدم الشهداء الزكي، تماما كما أن اغتيال المهندس يحيي عياش ـ قبل عقد ويزيد ـ لم يضعف كتائب عز الدين القسام، وصارت اسرائيل تتكلم اليوم عن أسطورة الجعبري رئيس أركان حرب حماس، وربما يدرك المعلقون الاسرائيليون ـ في غالبهم ـ حقيقة ما يجري، فهم يتحدثون عن عدم جدوي تكتيك الاغتيالات والاعتقالات بالجملة، ويعتبرونها معارك صغيرة قد تجلب الحماس الجماهيري الموقوت لجنرالات اسرائيل، لكنه الحماس القابل للتبدد بسرعة، والي حد أن علق أحدهم علي عبثية اختيار الحرب البرية في غزة، وتساءل ساخرا: هل يريدون تنصيب فلنائي رئيسا لسلطة غزة بدلا من هنية؟! وفيلنائي ـ رئيس الأركان الاسرائيلي ـ هو الذي هدد غزة بالهولوكست، ونفذ المحرقة بالفعل، ولكن دون أن تحترق حماس، ودون أن يحترق حماس الناس لحركة حماس....
ولأن المعركة تبدو متصلة، ولا يبدو من مخرج لاسرائيل الا أن تواصل الحرب، فان انتصار برنامج المقاومة في المحرقة الأولي هو الخطوة الأولي في خريطة طريق من نوع مختلف، فلم تكسب حماس بقدر ما كسبت في أيام المحرقة، ولم تكسب القضية الفلسطينية في سنوات بقدر ما كسبت في الأيام ذاتها، فقد بدت سلطة عباس ـ وبرنامجها في المساومة ـ ذاهبة الي المأزق الأخير، وخصوصا بعد أن كشفت مجلة فانيتي فير ـ الأمريكية ـ وثائق خطة دايتون التي تورط فيها دحلان وعباس ضد حماس.
حاولت سلطة عباس في بداية المحرقة أن تجاري الدعاية الاسرائيلية، وأن تتهم حماس وصواريخها بما جري، لكن عاصفة الدم الفلسطيني انتهت بها الي احناء الرأس، وقررت وقف المفاوضات مؤقتا مع أولمرت، وهو ما اعتبرته رايس ـ وزيرة الخارجية الأمريكية ـ انتصارا لحماس، وجاءت لتصل ما انقطع في شبكة عنكبوت أنابوليس وخريطة الطريق الأمريكية، ولكن بلا جدوي مؤكدة، خصوصا مع الروح الجديدة التي أيقظتها معركة غزة في أوساط الفلسطينيين بالذات، فقد بدت غزة مع الضفة والقدس موحدة علي نداء المقاومة، وبدا احتشاد البوليس الاسرائيلي في القدس هو الوجه الآخر لاحتشاد الجيش الاسرائيلي علي حدود غزة، وبدت المعركة موحدة من رمي الصواريخ في غزة الي رمي الحجارة في القدس، وبدا أن الانفصال الفلسطيني بين غزة والضفة ـ بأثر من انفصال السلطة ـ قد انتهي عند القاعدة الجماهيرية الأوسع الي وحدة وطنية كفاحية.
وربما يكون العائق الباقي هو وجود السلطة الفلسطينية ذاتها، سلطة العبث التي أقيمت كحاجز أمني بين الشعب الفلسطيني وقوة الاحتلال الاسرائيلي، وطبيعي أن اتصال الحرب الاسرائيلية في غزة، والغارات الاسرائيلية في الضفة، وتداعي الحوادث بالدم السيال، والقلق المصاحب، كل ذلك ربما يجعل مهمة حل السلطة الفلسطينية ـ عمليا ـ أكثر سهولة، ونظن أن حل هذه السلطة مفيد لحرب التحرير الوطني الفلسطينية، وقد يتيح الفرصة للبحث عن اطار سياسي موحد بمنظمة التحرير أو بغيرها، ويتيح الفرصة لوحدة وطنية فلسطينية في ميادين السلاح أولا، ويسمح بالتقدم الي بناء قيادة مسلحة بانتفاضة ثالثة هي أظهر ما يحتاجه الوضع الفلسطيني الآن، وفي دراما حرب استكمال تحرير غزة، والبدء بتحريرالضفة، ومما له مغزي أن تعليقات الاسرائيليين علي مظاهرات القدس والضفة بدت منتبهة لما يجري بأكثر من معلقين عرب، ووصفتها بأنها تشبه ما جري عشية الانتفاضة الثانية، فقد كان الاعتداء علي الأقصي هو شرارة تفجير الانتفاضة الثانية، وحرب حرق غزة ربما تصبح شرارة اشتعال الانتفاضة الثالثة....
الخطوة الثالثة ـ بعد حل السلطة ووحدة السلاح ـ في خريطة طريق المقاومة بدت بوادرها ظاهرة في عواصم العرب القريبة من فلسطين بالذات، فقد ثبت أن الحكام ليسوا صامتين كما يشاع، وأنهم شاركوا بالتواطؤ ـ وبدعم المجهود الحربي الاسرائيلي ـ في عملية ابادة الفلسطينيين، وتولد ـ بالمقابل ـ تعاطف شعبي مستعاد لصالح القضية الفلسطينية، ففي وهج نيران المحرقة الاسرائيلية استيقظت العواطف الكامنة من مراقدها، وبدا اتصال المقاومة بالسلاح مع المقاومة بالسياسة ظاهرا بشدة، فعدا الوضع المموه والمختلط في سورية، بدت حركات المعارضة للنظم ـ في القاهرة وبيروت وعمان ـ علي خط النار مع الفلسطينيين بالضبط، وبدت القضية العربية موحدة ضد حلف النظم مع أمريكا واسرائيل، وتأكد أن بركة الدم ـ الفلسطيني بالذات ـ تزيح الغشاوات عن الأبصار فاذا هي اليوم حديد.
saied2007
saied2007
المدير العام
المدير العام

عدد الرسائل : 4579
تاريخ التسجيل : 11/10/2007

https://saied2007.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى