سـلام إلي ربيـع روسـيا..د.أنور عبد الملك
صفحة 1 من اصل 1
سـلام إلي ربيـع روسـيا..د.أنور عبد الملك
المزاج جيد, فالربيع هنا حتي ولو كان الجو ممطرا فإنه فصل جديد إنه لطيف!.
بهذه الكلمات علق الشاب ديمتري أناطولوفيتش مدفيديف المواطن الروسي من مواليد ليننجراد( سانت بطرسبورج الآن) يوم14 سبتمبر1965 علي انتخابات رئاسة روسيا الاتحادية يوم الأحد2 مارس2008 وبعد فرز الأصوات, أصبح هذا المواطن الشاب رئيسا لجمهورية روسيا الاتحادية بإحرازه نحو71% من أصوات الناخبين خلفا للرئيس بوتين.
انتقلت الشائعات تخترق التحليلات, يتأرجح المعلقون وكذا الخبراء بين الدهشة ومحاولة فك طلاسم: هل يكون الرجل صورة للرئيس الحالي فلاديمير بوتين؟ وإلا, فما معني إعلان الرئيس الجديد أنه سوف يعين بوتين في منصب رئيس وزراء روسيا؟ هل اننا ندخل الي نظام رئاسة ثنائية؟ وهل من المتصور أن يخرج رئيس روسيا الجديد من سياق خصوصية تاريخ القياصرة منذ تأسيس روسيا في القرن الحادي عشر, ويتخلي عن كل ما يتيحه هذا المنصب لقيصر روسيا من تأثير سيادي واسع وعميق علي أمور الدولة العظمي سابقا والعائدة الي الصف الأول من الدول بفضل رئاسة بوتين, وهي الدولة التي تمتد من شرق أوروبا الي المحيط الهادي علي أكبر مساحة جغرافية بين الأمم؟
ثم يقدم الخبراء, أعني الجادين منهم, مجموعة من التساؤلات تمثل تحديات لرئيس روسيا الجديد, لعلها تمثل نقطة البدء في رحلة الربيع التي ستقود صاحبها الي ساحات الصيف الملتهب في عالم تشتعل فيه موجات العنف التي أطلقتها وأصرت عليها سياسة الحروب الاستباقية لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية منذ مطلع هذا القرن.
أولا: هل تستمر روسيا في حالة الازدهار الاقتصادي والمالي التي تتمتع به اليوم ثماني سنوات فقط بعد رحيل الرئيس السابق يلتسين, الذي اختاره الغرب للقضاء علي ما تبقي من قدرات وطاقات الاتحاد السوفيتي بعد النجاح في تفكيكه عام1991 ؟ الأرقام تتحدث بدءا من كبري صحف الغرب.
اسبوعان فقط بعد إعادة انتخاب بوتين رئيسا لروسيا في مارس2004 توالت الضربات المضادة: حلف شمال الأطلنطي يضم دول البلطيق الثلاث( استونيا وليتوانيا ولاتفيا) التي كانت جزءا من الاتحاد السوفيتي الأسبق, مع الإبقاء علي العقوبات الاقتصادية المقنعة علي حرية التجارة مع روسيا التي حددها قانون جاكسون ـ فانيك, وبرغم هذا, ارتفع ناتج اقتصاد روسيا علي أساس الدولار27% كل عام منذ سنة2000 حسب خبراء جولدمان ساكس, بينما بلغ نمو الناتج الصافي7%, وتم تسديد الدين الخارجي بأكمله.
احتياطي الخزانة250 بليون دولار, متوسط دخل الفرد تضاعف, يفوق400 دولار شهريا.
أصبحت روسيا أول دولة مصدرة للغاز وثاني دولة مصدرة للبترول بعد السعودية, وأمامها مخزون هائل في الجنوب حول بحر قزوين, وكذا جنوب غرب آسيا الروسية, وقد ارتفعت نسبة البترول والغاز في انتاج روسيا من12,7% عام1999 الي31,6% عام2007 عندما بلغت صادرات البترول والغاز80% من صادرات روسيا كلها, وقد ترتب علي ذلك موجة استهلاكية جبارة تحتل المرتبة السادسة في أوروبا, ولكن هذا الثراء لم يوظف في زيادة الانتاج, بحيث ان الاستيراد تفوق علي الانتاج الداخلي, وقد ترتب علي هذا انخفاض في انتاجية العمل مما كانت عليه من5,8% في العام بعد أزمة1998 حتي مستوي أقل من معظم الدول النامية الآن.
وفي الوقت نفسه, وبعد الانضباط الضرائبي, ارتفعت مصروفات الدولة بنسبة20% في ميزانية2007, بينما ارتفع عدد الموظفين من522000 الي828000( إيكونوميست2008/3/1)
* أحوال الاقتصاد تثير العجب, لو أدركنا ما تم من تخريب وتفكيك ودمار روسيا في عصر الليبرالية الجديدة في أثناء رئاسة يلتسين وزعامة عصابات المافيا اليهودية الشهيرة حول اقطابها( بيريزوفيسكي, جوزينسكي, بوتانين, فريدمان, خودوركروفيسكي, افين, ابراموفيتش) قبل أن يدمرها الرئيس بوتين, وهذا كشف حساب الليبرالية الجديدة بين1991 ـ2001 ميزانية التعليم العالي لعام1997 بلغت1/12 مما كانت عليه عام1990, آخر سنوات الاتحاد السوفيتي, هذا بينما انخفض عدد العلماء بنحو الثلثين, ميزانية التعليم انخفضت الي3,7% من الدخل القومي, بينما انخفضت مرتبات المعلمين الي ثلثي متوسط زملائهم الموظفين.
وكذا فإن نحو15% فقط من معاهد التعليم العالي حافظت علي مستوي تقدمها أيام الاتحاد السوفيتي, وقد عم الانهيار مستوي الامتحانات والخريجين, وكذا القراءة والصحافة: هذه مثلا أهم مجلة أسبوعية أرجومنيتي فاكتي التي كانت توزع32 مليون نسخة عام1989 في أثناء رئاسة جورباتشوف, وقد انخفضت الي3 ملايين نسخة اليوم, ولكن من الواضح أن ساحة الثقافة والنشر في حاجة الي دراسة لاحقة.
ثانيا: ولعل ساحة التحدي الأشد خطورة علي مستقبل الربيع المنشود انما تكمن في ما أصاب حياة السكان منذ انهيار الاتحاد السوفيتي.
* عندما تولي يلتسين الحكم كان تعداد روسيا150 مليون نسمة, ثم بدأ معدل الوفيات, خاصة بين الرجال, يرتفع بين1990 ـ1994 بنسبة32%, بحيث انخفض التعداد بأكثر من5 ملايين نسمة عام2003, ويبلغ رقم الانخفاض حتي الآن57000 كل عام, وحسب التقديرات الرسمية سينخفض تعداد السكان عام2050 الي أكثر من100 مليون, وقد تفشت الأمراض الوبائية التقليدية, وكذا الجديدة منها, بعد انهيار الاتحاد السوفيتي, بينما انخفضت ميزانية الصحة العامة الي5% في عصر يلتسين, وبين الأرقام ما يثير الذهول, خاصة في أحوال المرأة الروسية بعضهن عازبات لم يتزوجن( من بين كل ألف هناك175 لم يتزوجن,180 أرامل, و110من المطلقات يعشن في وحدة, مع العلم أن النساء يتفوقن علي الرجال بنسبة15%( مجلة لندن للكتب2007/1/25)
إن ظاهرة انخفاض تعداد السكان في روسيا لا مثيل له من قبل في الدول الصناعية, حسب بروفيسور ماركيز الخبير الأول في البنك الدولي لشئون أوروبا وآسيا الوسطي, كما جاء في كتابه الموت المبكر في الاتحاد الروسي, ومن بين الأرقام ما يثير الذهول: متوسط حياة الرجال أقل من60 عاما( كان67 عام1985 ثم63 عام1900) متوسط العمر عند الرجال في روسيا يقل16 سنة عن مثيله في أوروبا الغربية, وكذا14 سنة أقل من معدل أعمار السيدات في روسيا اليوم, ويواصل الخبير الدولي أن نسبة أقل المواطنين البالغين من العمر18 سنة الي الوصول الي سن التقاعد50% في المقابل نسبة90% للمواطن في بريطانيا.
حسب منظمة الصحة العالمية, فإن الوفيات بسبب الخمر والتدخين تتسبب في1,2 مليون متوفي سنويا, أي نصف العدد الاجمالي.
وحسب البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في لندن: بلغ تعداد القوي العاملة في روسيا90 مليونا عام2007, وسوف ينخفض هذا الرقم بـ15 مليونا عام2020.
ثالثا: ما هو تأثير هذه الظاهرة وتلك المعدلات علي ساحة سياسة الدفاع والصناعات الحربية؟
حدود الاتحاد الروسي هي الأكثر امتدادا في العالم كله, بحيث انه لابد من أن يتكاثر عدد السكان في الاقاليم والمحافظات الحدودية, خاصة في شرق سيبريا الآسيوية حتي المحيط الهادي, ومن هنا سوف ترتفع الحاجة الي العناية الجادة المتصلة بإمداد طاقات الدفاع بالأيدي العاملة والكوادر التي تحتاج إليها, وهو الأمر الذي تهتم به القيادة الروسية منذ عهد بوتين بشكل ملفت.
ومادام الحديث في مجال مستقبل سياسة الدفاع, فسوف يكون التحدي الأهم والأكثر إلحاحا في دائرة رفع مستوي التكنولوجيا العسكرية, خاصة في مجالات التسلح التقليدية ـ الاسطول البحري, السلاح الجوي خاصة مع استمرار التركيز علي قطاع الصواريخ علي مختلف أنواعها, خاصة عابرة القارات منها.
* حديثنا اليوم للترحيب برئيس روسيا الربيع, ديمتري مدفيديف, يصدر من قلب تاريخنا المشترك منذ نهاية الحرب العالمية الثانية, وهو التاريخ الذي شاهد مشاركة مصر والاتحاد السوفيتي في اقامة السد العالي وترسانة صناعاتنا الثقيلة والمتوسطة يدا في يد مع تسليح وتدريب قواتنا المسلحة, انها المنظومة التي لولاها لما استطعنا تخطي كارثة يونيو1967, ثم الاستعداد عبر مرحلة حرب الاستنزاف حول قائدها الشهيد البطل عبدالمنعم رياض, حتي جاء عبور اكتوبر1973 المجيد.
لم تكن مصر الحضارة, شعبا وأمة ودولة, لتدير ظهرها في يوم من الأيام وتنسي, حتي ولو كانت ظروف تفكك نظام القطبية الثنائية العالمي قد أثرت علي توجهنا الخارجي المرحلي.
ومن ثم, فإن دراسة أحوال روسيا اليوم هي الأساس الذي لا غني عنه لكي نتبين خطي الرئيس الشاب القادم علي حقيقتها, وهي الخطي التي سوف تتكالب قوي الامبريالية والهيمنة حول قيادة حلف الأطلنطي والولايات المتحدة حول محور الصهيونية العالمية من أجل تزييفها والاقلال من قيمتها وتشويه تحركها الوطني الذي سوف يندرج في قالب خصوصية روسيا, صديقتنا وحليفتنا وشريكتنا في المرحلة التي تنفتح اليوم أمامنا, ألا وهي مرحلة صياغة العالم الجديد.
قال صاحبي:
سلام الي ربيع روسيا, ومرحبا برئيسها الجديد الشاب ديمتري مدفيديف!
نعم: لابد من مواجهة تحديات الواقع, ولكن: من هو الرئيس الجديد؟ حدثنا عن مسيرته, وانجازاته؟ ثم: كيف يري العالم, تري؟
بهذه الكلمات علق الشاب ديمتري أناطولوفيتش مدفيديف المواطن الروسي من مواليد ليننجراد( سانت بطرسبورج الآن) يوم14 سبتمبر1965 علي انتخابات رئاسة روسيا الاتحادية يوم الأحد2 مارس2008 وبعد فرز الأصوات, أصبح هذا المواطن الشاب رئيسا لجمهورية روسيا الاتحادية بإحرازه نحو71% من أصوات الناخبين خلفا للرئيس بوتين.
انتقلت الشائعات تخترق التحليلات, يتأرجح المعلقون وكذا الخبراء بين الدهشة ومحاولة فك طلاسم: هل يكون الرجل صورة للرئيس الحالي فلاديمير بوتين؟ وإلا, فما معني إعلان الرئيس الجديد أنه سوف يعين بوتين في منصب رئيس وزراء روسيا؟ هل اننا ندخل الي نظام رئاسة ثنائية؟ وهل من المتصور أن يخرج رئيس روسيا الجديد من سياق خصوصية تاريخ القياصرة منذ تأسيس روسيا في القرن الحادي عشر, ويتخلي عن كل ما يتيحه هذا المنصب لقيصر روسيا من تأثير سيادي واسع وعميق علي أمور الدولة العظمي سابقا والعائدة الي الصف الأول من الدول بفضل رئاسة بوتين, وهي الدولة التي تمتد من شرق أوروبا الي المحيط الهادي علي أكبر مساحة جغرافية بين الأمم؟
ثم يقدم الخبراء, أعني الجادين منهم, مجموعة من التساؤلات تمثل تحديات لرئيس روسيا الجديد, لعلها تمثل نقطة البدء في رحلة الربيع التي ستقود صاحبها الي ساحات الصيف الملتهب في عالم تشتعل فيه موجات العنف التي أطلقتها وأصرت عليها سياسة الحروب الاستباقية لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية منذ مطلع هذا القرن.
أولا: هل تستمر روسيا في حالة الازدهار الاقتصادي والمالي التي تتمتع به اليوم ثماني سنوات فقط بعد رحيل الرئيس السابق يلتسين, الذي اختاره الغرب للقضاء علي ما تبقي من قدرات وطاقات الاتحاد السوفيتي بعد النجاح في تفكيكه عام1991 ؟ الأرقام تتحدث بدءا من كبري صحف الغرب.
اسبوعان فقط بعد إعادة انتخاب بوتين رئيسا لروسيا في مارس2004 توالت الضربات المضادة: حلف شمال الأطلنطي يضم دول البلطيق الثلاث( استونيا وليتوانيا ولاتفيا) التي كانت جزءا من الاتحاد السوفيتي الأسبق, مع الإبقاء علي العقوبات الاقتصادية المقنعة علي حرية التجارة مع روسيا التي حددها قانون جاكسون ـ فانيك, وبرغم هذا, ارتفع ناتج اقتصاد روسيا علي أساس الدولار27% كل عام منذ سنة2000 حسب خبراء جولدمان ساكس, بينما بلغ نمو الناتج الصافي7%, وتم تسديد الدين الخارجي بأكمله.
احتياطي الخزانة250 بليون دولار, متوسط دخل الفرد تضاعف, يفوق400 دولار شهريا.
أصبحت روسيا أول دولة مصدرة للغاز وثاني دولة مصدرة للبترول بعد السعودية, وأمامها مخزون هائل في الجنوب حول بحر قزوين, وكذا جنوب غرب آسيا الروسية, وقد ارتفعت نسبة البترول والغاز في انتاج روسيا من12,7% عام1999 الي31,6% عام2007 عندما بلغت صادرات البترول والغاز80% من صادرات روسيا كلها, وقد ترتب علي ذلك موجة استهلاكية جبارة تحتل المرتبة السادسة في أوروبا, ولكن هذا الثراء لم يوظف في زيادة الانتاج, بحيث ان الاستيراد تفوق علي الانتاج الداخلي, وقد ترتب علي هذا انخفاض في انتاجية العمل مما كانت عليه من5,8% في العام بعد أزمة1998 حتي مستوي أقل من معظم الدول النامية الآن.
وفي الوقت نفسه, وبعد الانضباط الضرائبي, ارتفعت مصروفات الدولة بنسبة20% في ميزانية2007, بينما ارتفع عدد الموظفين من522000 الي828000( إيكونوميست2008/3/1)
* أحوال الاقتصاد تثير العجب, لو أدركنا ما تم من تخريب وتفكيك ودمار روسيا في عصر الليبرالية الجديدة في أثناء رئاسة يلتسين وزعامة عصابات المافيا اليهودية الشهيرة حول اقطابها( بيريزوفيسكي, جوزينسكي, بوتانين, فريدمان, خودوركروفيسكي, افين, ابراموفيتش) قبل أن يدمرها الرئيس بوتين, وهذا كشف حساب الليبرالية الجديدة بين1991 ـ2001 ميزانية التعليم العالي لعام1997 بلغت1/12 مما كانت عليه عام1990, آخر سنوات الاتحاد السوفيتي, هذا بينما انخفض عدد العلماء بنحو الثلثين, ميزانية التعليم انخفضت الي3,7% من الدخل القومي, بينما انخفضت مرتبات المعلمين الي ثلثي متوسط زملائهم الموظفين.
وكذا فإن نحو15% فقط من معاهد التعليم العالي حافظت علي مستوي تقدمها أيام الاتحاد السوفيتي, وقد عم الانهيار مستوي الامتحانات والخريجين, وكذا القراءة والصحافة: هذه مثلا أهم مجلة أسبوعية أرجومنيتي فاكتي التي كانت توزع32 مليون نسخة عام1989 في أثناء رئاسة جورباتشوف, وقد انخفضت الي3 ملايين نسخة اليوم, ولكن من الواضح أن ساحة الثقافة والنشر في حاجة الي دراسة لاحقة.
ثانيا: ولعل ساحة التحدي الأشد خطورة علي مستقبل الربيع المنشود انما تكمن في ما أصاب حياة السكان منذ انهيار الاتحاد السوفيتي.
* عندما تولي يلتسين الحكم كان تعداد روسيا150 مليون نسمة, ثم بدأ معدل الوفيات, خاصة بين الرجال, يرتفع بين1990 ـ1994 بنسبة32%, بحيث انخفض التعداد بأكثر من5 ملايين نسمة عام2003, ويبلغ رقم الانخفاض حتي الآن57000 كل عام, وحسب التقديرات الرسمية سينخفض تعداد السكان عام2050 الي أكثر من100 مليون, وقد تفشت الأمراض الوبائية التقليدية, وكذا الجديدة منها, بعد انهيار الاتحاد السوفيتي, بينما انخفضت ميزانية الصحة العامة الي5% في عصر يلتسين, وبين الأرقام ما يثير الذهول, خاصة في أحوال المرأة الروسية بعضهن عازبات لم يتزوجن( من بين كل ألف هناك175 لم يتزوجن,180 أرامل, و110من المطلقات يعشن في وحدة, مع العلم أن النساء يتفوقن علي الرجال بنسبة15%( مجلة لندن للكتب2007/1/25)
إن ظاهرة انخفاض تعداد السكان في روسيا لا مثيل له من قبل في الدول الصناعية, حسب بروفيسور ماركيز الخبير الأول في البنك الدولي لشئون أوروبا وآسيا الوسطي, كما جاء في كتابه الموت المبكر في الاتحاد الروسي, ومن بين الأرقام ما يثير الذهول: متوسط حياة الرجال أقل من60 عاما( كان67 عام1985 ثم63 عام1900) متوسط العمر عند الرجال في روسيا يقل16 سنة عن مثيله في أوروبا الغربية, وكذا14 سنة أقل من معدل أعمار السيدات في روسيا اليوم, ويواصل الخبير الدولي أن نسبة أقل المواطنين البالغين من العمر18 سنة الي الوصول الي سن التقاعد50% في المقابل نسبة90% للمواطن في بريطانيا.
حسب منظمة الصحة العالمية, فإن الوفيات بسبب الخمر والتدخين تتسبب في1,2 مليون متوفي سنويا, أي نصف العدد الاجمالي.
وحسب البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في لندن: بلغ تعداد القوي العاملة في روسيا90 مليونا عام2007, وسوف ينخفض هذا الرقم بـ15 مليونا عام2020.
ثالثا: ما هو تأثير هذه الظاهرة وتلك المعدلات علي ساحة سياسة الدفاع والصناعات الحربية؟
حدود الاتحاد الروسي هي الأكثر امتدادا في العالم كله, بحيث انه لابد من أن يتكاثر عدد السكان في الاقاليم والمحافظات الحدودية, خاصة في شرق سيبريا الآسيوية حتي المحيط الهادي, ومن هنا سوف ترتفع الحاجة الي العناية الجادة المتصلة بإمداد طاقات الدفاع بالأيدي العاملة والكوادر التي تحتاج إليها, وهو الأمر الذي تهتم به القيادة الروسية منذ عهد بوتين بشكل ملفت.
ومادام الحديث في مجال مستقبل سياسة الدفاع, فسوف يكون التحدي الأهم والأكثر إلحاحا في دائرة رفع مستوي التكنولوجيا العسكرية, خاصة في مجالات التسلح التقليدية ـ الاسطول البحري, السلاح الجوي خاصة مع استمرار التركيز علي قطاع الصواريخ علي مختلف أنواعها, خاصة عابرة القارات منها.
* حديثنا اليوم للترحيب برئيس روسيا الربيع, ديمتري مدفيديف, يصدر من قلب تاريخنا المشترك منذ نهاية الحرب العالمية الثانية, وهو التاريخ الذي شاهد مشاركة مصر والاتحاد السوفيتي في اقامة السد العالي وترسانة صناعاتنا الثقيلة والمتوسطة يدا في يد مع تسليح وتدريب قواتنا المسلحة, انها المنظومة التي لولاها لما استطعنا تخطي كارثة يونيو1967, ثم الاستعداد عبر مرحلة حرب الاستنزاف حول قائدها الشهيد البطل عبدالمنعم رياض, حتي جاء عبور اكتوبر1973 المجيد.
لم تكن مصر الحضارة, شعبا وأمة ودولة, لتدير ظهرها في يوم من الأيام وتنسي, حتي ولو كانت ظروف تفكك نظام القطبية الثنائية العالمي قد أثرت علي توجهنا الخارجي المرحلي.
ومن ثم, فإن دراسة أحوال روسيا اليوم هي الأساس الذي لا غني عنه لكي نتبين خطي الرئيس الشاب القادم علي حقيقتها, وهي الخطي التي سوف تتكالب قوي الامبريالية والهيمنة حول قيادة حلف الأطلنطي والولايات المتحدة حول محور الصهيونية العالمية من أجل تزييفها والاقلال من قيمتها وتشويه تحركها الوطني الذي سوف يندرج في قالب خصوصية روسيا, صديقتنا وحليفتنا وشريكتنا في المرحلة التي تنفتح اليوم أمامنا, ألا وهي مرحلة صياغة العالم الجديد.
قال صاحبي:
سلام الي ربيع روسيا, ومرحبا برئيسها الجديد الشاب ديمتري مدفيديف!
نعم: لابد من مواجهة تحديات الواقع, ولكن: من هو الرئيس الجديد؟ حدثنا عن مسيرته, وانجازاته؟ ثم: كيف يري العالم, تري؟
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى