هيا بنا إلى أوكرانيا ـ محمد علي خير

لا أعرف سر الحملة الشعواء التي تشنها وسائل الإعلام بأنواعها علي السادة الأفاضل أصحاب مصانع الحديد والأسمنت في مصر واتهامهم بتهم سخيفة مثل الاحتكار وممارسة أساليبه المتعددة, مما أدي إلي قفز أسعار مواد البناء, فهؤلاء لم يفعلوا شيئا معيبا لقد اشتروا مصانعهم جهارا نهارا من الدولة وبمباركة شخصية من أعلي رجالها كما أنهم يبيعون منتجاتهم بهذه الأسعار علانية في الأسواق وعلي رؤوس الأشهاد تحت سمع وبصر الحكومة, فلماذا نلومهم خاصة أنهم يسددون ضرائبهم أولا بأول ولم يتهربوا منها بدليل أن وزير المالية لم يجرسهم أو يفضحهم بنشر صورهم وتسريب أخبار تهربهم إلي الصحف.
إذن كل ما يفعلونه يحظى بمباركة الدولة ومجلس الوزراء والذي يعقد اجتماعا أسبوعيا, لم يتم فيه إدراج قضية احتكار الحديد والأسمنت خلال الشهور الماضية علي جدول أعماله, مما يؤكد أن وزراءنا الأفاضل لا يروا في الأمر شبهة احتكار وأن أصحاب الحديد والأسمنت ناس زي الفل -لا تخرج العيبة منهم- يعملون لصالح المواطن وما تنشره الصحف بمثابة تأليب المواطنين علي رجال الأعمال (الشرفاء) الذين يبذلون جهدهم لسد احتياجات السوق من مواد البناء.
لو كان رئيس الوزراء مقتنعا بوجود احتكار أو فساد في صناعة الحديد مثلا لقام علي الفور بفتح أبواب مصر كلها لاستيراد الحديد من ليبيا مثلا أو حتى أوكرانيا التي بلغ سعر طن الحديد فيها ما يوازي 3200جنيه ولو فعل لانخفض سعر الحديد في مصر إلي القيمة العادلة وبهذا الإجراء يكون قد نجح في ضبط السوق المصري لصالح المواطن بعد أن يزيد المعروض من الحديد في الأسواق عن الطلب.
لكن لا هذا ولا ذاك فعله رئيس الوزراء لأن الرجل يعلم تماما أن أصحاب الحديد والأسمنت لا دخل لهم فيما يحدث في السوق بل المسألة تكمن في جشع المصريين الذين يريدون بناء بيوتهم بأسعار رخيصة مما يضر بمصالح رجال الأعمال وهم في عيون الدولة والحكومة.
كما أن المسئولين لم يقصروا في معاقبة أي تاجر ثبت قيامه بممارسة شبهات احتكارية حيث تتم الإحالة فورا إلي المحاكم والنيابات, ولأنهم ناس بريئة والصحافة تسعي في إيذائهم فأنهم يخرجون فورا من النيابات.
ولأن الجميع زي الفل سواء كانوا حكومة أو رجال أعمال أصحاب مصانع حديد واسمنت فلم يبق إلا المواطن نلقي عليه المسئولية وعليه أن يتحملها لأنه هو المذنب الوحيد في هذه القضية وهو المخطأ من ساسه لرأسه لأنه لا يزال مصرا علي بناء مسكنه علي أرض مصر رغم ارتفاع أسعار الحديد والأسمنت فيها, ولم يفكر في الرحيل وبناء بيته في أوكرانيا-مثلا- الذي بلغ أسعار مواد البناء فيها نصف أسعارها في مصر, لذا أنصحه -وأنا معه - بالرحيل إلي أوكرانيا وبناء بيته هناك وإذا أصر علي البقاء في مصر فلا يلوم إلا نفسه.
هيا بنا إلي أوكرانيا.