منتديات السعادة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

«شتاء ساخن» ودم بارد..محمد صلاح

اذهب الى الأسفل

«شتاء ساخن» ودم بارد..محمد صلاح Empty «شتاء ساخن» ودم بارد..محمد صلاح

مُساهمة من طرف saied2007 الأربعاء مارس 05, 2008 1:23 am

أطلقت إسرائيل اسم «الشتاء الساخن» على مجزرتها ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، فصار لنا مع الدولة العبرية في كل فصل من فصول السنة مجزرة أو أكثر. قد تختلف أسماء الضحايا وأعمارهم، لكنهم دائماً عرب فلسطينيون. وبين خريف غاضب وصيف دامٍ وربيع حارق وشتاء ساخن تتكرر المشاهد نفسها وردود الفعل ذاتها. أما الفعل فهو دائماً إسرائيلي، وأما العرب فهم دائماً منشغلون بأمور أخرى غير تلك التي تمنع عنهم تقلبات الطقس ضدهم ومجازر المناخ التي تهب عليهم. هكذا احترفنا نحن العرب التعاطي مع الأحوال الجوية التي تفرضها إسرائيل علينا نتأثر بها ولا نؤثر فيها. نتلقى الضرب ولا نقوى على الردع. نهيئ التربة ليحصدونا فيها فيأكلونا من دون أن نذوق نحن ثمارنا. وحين نُأكل تأتي ردود الفعل من جانبنا هي نفسها لأننا لا نمل من تكرارها. انشغل الساسة العرب في الأسابيع الأخيرة بالسعي لإنقاذ القمة العربية من كارثة عدم انعقادها رغم أن لنا تاريخا طويلا في القمم أوصلنا إلى الحال التي نحن عليها الآن. فلم تمنع قمة منها غزو ولم تفلح أخرى في دحر احتلال ولم تمنحنا أي قمة قدرة على الاحتماء من شتاء ساخن أو صيف بارد.

انقسم العرب إلى ثلاث فرق. الأول يصر على عقد القمة في موعدها 29 و30 الجاري ومكانها دمشق بغض النظر عن من يحضرها أو مستوى التمثيل فيها، فالمهم لدى هؤلاء أن تعقد القمة، ويرون أن مجرد عقدها نجاح وأن تأجيلها أو نقلها إلى دولة أخرى إعلان بوفاة النظام العربي. أما الثاني فلا يرى في القمة إذا عقدت قبل أن تحل معضلة المقعد الرئاسي اللبناني الخالي أي فائدة. ويعتقد أعضاء هذا الفريق أن القمم ليست هدفاً في حد ذاتها، وأن المهم هو طبيعة النقاش بين الزعماء فيها والنتائج التي تخرج عنها. وهؤلاء يسعون الآن إما إلى تأمين انتخاب الرئيس في لبنان بسرعة أو تأجيل القمة إلى موعد لاحق. أما الفريق الثالث فينتظر ما سيسفر عنه السباق بين الفريقين الآخرين والمشاركة أو الغياب عن القمة بالنسبة لذلك الفريق لا فارق بينهما. فلا هم مؤثرون في النظام العربي أصلاً ولا يشعرون بأنهم يتأثرون به أيضاً.

واللافت أن لهيب رياح ذلك الشتاء الساخن هب على العرب ولم يغيروا ما اعتادوا عليه في كل محرقة سابقة سحق فيها الفلسطينيون. رسمياً: مجرد تصريحات وبيانات تستنكر وتدين وتطالب وتدعو وتناشد. وشعبياً: تظاهرات واعتصامات ومؤتمرات حاشدة وأعلام أميركية وإسرائيلية تحرق وهتافات غاضبة صاخبة ضد الحكام العرب وأميركا وإسرائيل وأخرى تدعو إلى كسر الحدود وفتح الباب للجهاد وإغلاق السفارات أو المقار الديبلوماسية والتجارية الإسرائيلية وأبعاد الديبلوماسيين الإسرائيليين من الأراضي العربية، فيما المجتمع الدولي مقتنع بأن ما يجري «مجرد عنف» فيطالب بوقفه.

إنه سيناريو «فيلم الرعب» الذي يعيشه العرب بدم بارد منذ عقود ويشاهدون أجزاء منه على فترات ويتناولونه جرعة بعد أخرى وكأنهم أدمنوه. فمتى نعيش المشهد الختامي؟ لا يبدو في الأفق ما يشير إلى نهاية قريبة لمسلسل المجازر. فالنظام العربي يعيش أسوأ حالاته، وهناك أنظمة عربية صارت مشغولة بهموم داخلية تعتقد أنها الأهم وتتعاطى مع القضية الفلسطينية باعتبارها قضية ميؤس منها، فيما أنظمة أخرى لا تخفي قناعتها بأن على الشعب الفلسطيني ان يدفع ثمن تشرذمه ويسدد من أرواحه وأجساده ودماء أبنائه ضريبة الانقسام بين فصائل وحركات وبين سلطة و»حكومة مقالة».

قد ينتهي ذلك الشتاء الساخن بعد ساعات أو أيام أو أسابيع، لكن مناخ العرب وأجواءهم ستظل عرضة دائماً لغضب الطبيعة الإسرائيلية، وحتى ردود فعلهم على الفعل الإسرائيلي لا تمنحهم مناعة ضد أي رياح حارقة كانت أو باردةً طالما ظل الحكام يخشون بعض «براكين» الغضب من شعوبهم، رغم أن لا دلائل على قرب تفجر أي بركان، فيما كل المؤشرات والوقائع تؤكد أن لا خطر من براكين وإنما كل الخطر سيأتي من إعصار سيهب على الجميع وستختار إسرائيل يوماً له اسماً.
saied2007
saied2007
المدير العام
المدير العام

عدد الرسائل : 4579
تاريخ التسجيل : 11/10/2007

https://saied2007.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى