منتديات السعادة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مشاركة أم مواجهة ـ د. رفيق حبيب

اذهب الى الأسفل

مشاركة أم مواجهة ـ د. رفيق حبيب Empty مشاركة أم مواجهة ـ د. رفيق حبيب

مُساهمة من طرف saied2007 الأربعاء مارس 05, 2008 12:41 am

تمر البلاد العربية والإسلامية في غالبها بحالة من حالات الديمقراطية الشكلية أو الاستبداد المقنع، وتلك الحالة تفرض العديد من التحديات على القوى السياسية المطالبة بالتغيير والإصلاح. ولأن الممارسات الديمقراطية المسموح بها ليست في الواقع ممارسة للديمقراطية، لهذا يدور التساؤل حول جدوى المشاركة فيها، ويصبح الاختيار بين المشاركة والمقاطعة، هو محور الحيرة السياسية التي تعاني منها حركات التغيير. والحالة السياسية الراهنة في بلادنا، تعد في الواقع إنفرادا بالسلطة من قبل نخبة حاكمة، تسيطر على مفاتيح السلطة والقوة والثروة، ولكنها في الوقت نفسه تحاول أن تتماشى مع متطلبات الشكل الديمقراطي، دون أن يؤثر هذا على بقائها في السلطة. وتلك الحالة ليست ديمقراطية مقيدة أو ديمقراطية جزئية، وليست أيضا تطبيقا متدرجا للديمقراطية، لأنها حالة لا تسمح بالتداول السلمي للسلطة، ولا تسمح بالمشاركة في الحكم. وهو ما يتضح بصورة جلية من نتائج الانتخابات في معظم البلاد العربية والإسلامية، حيث نجد أن الأوضاع قبل الانتخابات هي نفسها الأوضاع بعد الانتخابات، فلا شيء يتغير في الحياة السياسية من خلال الانتخابات. هناك بالطبع حالات تؤثر فيها الانتخابات على الأوضاع السياسية، ومنها الحالة الفلسطينية، ولكن تلك الحالة توضح لأي مدى توجد نخب مسيطرة على السلطة ولا تريد التفريط فيها، حتى أن فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية، لم يمكنها من قيادة الحكومة ولا من تمثيل الشعب الفلسطيني، بل تم حصار الحركة حتى تخرج من الحكم. وفي تلك الحالة بات واضحا أن نتائج الانتخابات مثلت خروجا عن مخطط النخب الحاكمة والقوى الدولية المؤيدة لها، لذلك عملت جميع الأطراف على إعادة الأمور إلى ما قبل الانتخابات. وهناك أيضا الحالة المغربية، والتي تتميز بقوانين تمنع حصول أي حزب على الأغلبية، مما يمكن السلطة الحاكمة من اختيار الأحزاب القريبة منها لتشكل الحكومة، كما أن البرلمان في المغرب محدود السلطات، مما يمنعه من إحداث تغييرات مؤثرة على الحياة السياسية. ولا يفوتنا ما يحدث في باكستان، حيث نجد حالة من الصراع السياسي الحاد، يظهر فيها مدى سيطرة الدولة والجيش، وكذلك مدى تدخل القوى الخارجية، وعندما حدث قدر من التنافس السياسي المفتوح، تحول إلى صراع يقترب من حافة الحرب الأهلية. لهذا نستطيع القول أن الغالب في البلاد العربية والإسلامية هو وجود انتخابات بدون وجود ديمقراطية، وبدون وجود تداول سلمي للسلطة. وفي الوقت نفسه أصبح من الواضح أن الأطراف الخارجية تعلب دورا مهما في الحياة السياسية، وتحاول فرض إرادتها، وتحديد القوة المسيطرة على الحكم، حتى لا تأتي قوى إلى الحكم تعارض سياسيات الدول الغربية، خاصة الإدارة الأمريكية.
في هذا الموقف المعقد يصبح من المهم تحديد وسائل التعامل مع تلك الحالة من الاستبداد، والبحث عن أفضل الأساليب التي تؤدي إلى تحجيم الاستبداد تدريجيا، حتى تعود السلطة للأمة مرة أخرى، وتصبح الأمة مصدرا للسلطات. وهنا يصبح الموقف من الانتخابات ليس موقفا عاديا، لأن ما يجري في الواقع ليس انتخابات عادية. والمشاركة في الانتخابات لا تعني المشاركة الطبيعية، لأن التداول السلمي للسلطة ممنوع أصلا. ومقاطعة الانتخابات أيضا، ليست المقاطعة الطبيعية، والتي يفترض أن تؤدي إلى زعزعة مشروعية النظام الحاكم، لأن أغلب النظم الحاكمة لا تتمتع بالمشروعية أصلا. فلا المشاركة في الانتخابات يمكن أن تؤدي إلى التغيير تلقائيا، ولا مقاطعة الانتخابات يمكن أن تسقط الأنظمة الحاكمة تلقائيا. يضاف لهذا التواطؤ الواضح للقوى الخارجية المهيمنة مع الأنظمة الحاكمة، خاصة الإدارة الأمريكية، وهي الحليف والمساند الأساسي لمعظم القوى الحاكمة. فالمقاطعة مثلا، واتهام الأنظمة بالتزوير، يواجه بموقف أمريكي ثم موقف غربي مؤيد للأنظمة الحاكمة، وبهذا يصبح الاعتراف المستمر بالأنظمة الحاكمة الموالية للغرب، نوعا من فرض رغبة المجتمع الدولي المحكوم بالقوة الأمريكية على شعوب المنطقة. فأول ما يؤثر على النظم الحاكمة، أن لا تحوز على الاعتراف الدولي، وبالتالي لا يتم التعامل معها دوليا. ولكن الاعتراف الدولي لا تحصل عليه الأنظمة التي جاءت عن طريق الانتخابات الحرة النزيهة، والتي جاءت عن طريق اختيار الشعب، بل تحصل عليه القوى المتحالفة مع الإدارة الأمريكية. مما يجعل المتغير الخارجي في صف تلك الأنظمة المستبدة، بل ويبارك أحيانا ديمقراطيتها المغشوشة. نخلص من هذا إلى تحديد الصورة الحالية للحياة السياسية في بلادنا، وهي حالة من الاستبداد المفروض على الشعوب، والذي يحتاج إلى منهج للعمل يمكن الشعوب من فرض إرادتها في نهاية الأمر. ولأن الموقف معقد، بسبب سيطرة الأنظمة الحاكمة على مقاليد الأمور، وعلى أسباب القوة، خاصة الأمن والجيش، لهذا يصعب تحديد اختيار واحد صالح وله نتيجة مباشرة ومؤثرة. والغالب أننا نحتاج إلى نضال شعبي مستمر، يكون قادرا على الوقوف في وجه القوى المستبدة.
لهذا نرى أن القضية ليست مشاركة في الانتخابات أو مقاطعة لها، ولكن المطلوب هو نوع من المواجهة السياسية السلمية، التي تهدف للحد من شدة سيطرة النظم الحاكمة على مؤسسات المجتمع الأهلية والمدنية، والحد من هيمنة النظام على الجماهير وقدرته على تخويفها وإرهابها، ثم الحد من سلبية الجماهير وتعظيم قدرتها على مواجهة النظم الحاكمة حتى تفرض إرادتها. وبهذا المعنى يصبح من الضروري التفكير في مسألة الانتخابات على أساس أنها نوع من المواجهة السلمية لاستبداد النظام، مثلها مثل المظاهرات والاعتصام، وغيرها من وسائل المواجهة والاحتجاج. وهنا يصبح على كل القوى السياسية اتخاذ القرار المناسب لكل مرحلة أو موقف، ونعني به القرار الذي يساعدها على مواجهة النظام سلميا. ومن الضروري معرفة أن تلك المواجهة هي نوع من محاسبة النظام على شرعيته، وعلى مشروعية وجوده في السلطة، بمعنى أن المواجهة المطلوبة، هي مواجهة بين الأمة والنظام الحاكم، حتى تستعيد الأمة حقها في اختيار حاكمها. وهي بهذا مواجهة من أجل استعادة الشرعية والمشروعية الدستورية والقانونية، ضد كل عمل من شأنه اغتصاب حق الأمة في الاختيار.
على هذا الأساس علينا تقييم موقف القوى السياسية من الانتخابات، ففي مصر مثلا، نجد أن مشاركة جماعة الإخوان المسلمين في انتخابات، وهي الجماعة التي يحاول النظام نزع الشرعية عنها، يمثل مواجهة مع النظام حول الشرعية. حيث أن تواجد الجماعة في الانتخابات، وقدرتها على تقديم المرشحين وحشد الجماهير، والحصول على تأييد قطاع مؤثر من الجماهير لها، يؤدي إلى مواجهة الشرعية المزيفة للنظام الحاكم بشرعية حقيقية من الجماهير. وتلك مواجهة مهمة لنزع الشرعية الزائفة عن النظام. وهي في الوقت نفسه مرحلة من المواجهة بين الجماهير والنظام، يفترض أن تتصاعد، حتى تصبح الجماهير مؤهلة لفرض إرادتها على الانتخابات في مرحلة من المراحل. وفي المقابل نجد أن مشاركة الأحزاب، التي تفتقد للوجود الجماهيري، والتي يحتاج النظام لمشاركتها، لا تمثل مواجهة للنظام، بل استكمالا للشكل الديمقراطي الذي يحاول النظام تحقيقه. فالنظام لا يريد مشاركة الإخوان، وكذلك القوى الغربية، لحجب الشرعية عنها والإدعاء بأنها تنظيم محظور، ويريد أن تشارك بعض الأحزاب المرخص لها، لأنها لا تستطيع منفردة تحريك الجماهير في مواجهة استبداد النظام، إلا إذا كانت متحالفة مع النظام أساسا. لهذا يصبح المطلوب مشاركة القوى التي تستطيع حشد الجماهير، أو تحالف كل القوى معا لحشد الجماهير. فتحيرك الجماهير ضد رغبة النظام الحاكم، هو نوع من المواجهة الضرورية للاستبداد.
saied2007
saied2007
المدير العام
المدير العام

عدد الرسائل : 4579
تاريخ التسجيل : 11/10/2007

https://saied2007.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى