منتديات السعادة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الوحدة العربية ليست مسؤولية التيار القومي وحده..د.حسن نافعة

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

الوحدة العربية ليست مسؤولية التيار القومي وحده..د.حسن نافعة Empty الوحدة العربية ليست مسؤولية التيار القومي وحده..د.حسن نافعة

مُساهمة من طرف saied2007 الإثنين مارس 03, 2008 1:32 am

في خضم الجدل المثار حول الفكر القومي العربي، في ذكري مرور نصف قرن علي قيام الوحدة بين مصر وسوريا في فبراير عام ١٩٥٨، تبرز قضايا كثيرة، ذات صلة بآفاق الوحدة العربية ومستقبلها، ما زالت الرؤي المطروحة حولها تتسم بالكثير من الغموض والضبابية، بعض هذه القضايا يدور حول ماهية القوي الاجتماعية صاحبة المصلحة في قيام وحدة عربية شاملة والمؤهلة لتشكيل الوعاء الحامل للحركة القومية والقادرة علي تحمل مسؤولياتها وأعبائها وتضحياتها، وبعضها الآخر يدور حول ماهية ومضمون الأطروحات الفكرية القادرة علي حشد وتعبئة هذه القوي والعمل علي تجسيد أحلامها وطموحاتها في الوحدة واقعاً ملموساً علي الأرض.


وربما تعود تلك الضبابية أو ذاك الغموض إلي اعتقاد البعض أن مهام ومسؤولية توحيد الأمة العربية تقع، فكرياً وحركياً، علي عاتق القوي «القومية» وحدها، دون ما عداها من القوي السياسية والفكرية الأخري، وهو طرح ينطوي في تقديري علي خطأ مزدوج لأنه لا يميز، من ناحية، بين «الفكر القومي» و«الحركة القومية»، ويخلط، من ناحية أخري، بين «الحركة القومية» بمفهومها الواسع و«التتشكيلات الحزبية»، التي ترفع شعارات وحدوية.


لقد ظهر الفكر القومي العربي إلي حيز الوجود في البداية في أوساط الدارسين العرب في أوروبا في وقت كانت الإمبراطورية العثمانية تبدو فيه علي وشك الانهيار، وبالتزامن مع نزعات قومية كانت قد راحت تتصاعد وتنتشر في أنحاء كثيرة في أوروبا وفي مناطق كثيرة أخري من العالم، بما في ذلك تركيا نفسها.


وكان من الطبيعي أن يهتم هذا الفكر، أي الفكر القومي العربي، في مراحل النشأة الأولي بالعمل علي إثبات الفرضية الأساسية، التي يقوم عليها والقائلة بأن جميع الشعوب العربية تنتمي إلي أمة واحدة وأن واقع التجزئة، الذي تعيشه حالياً داخل حدود مصطنعة هو من صنع الاستعمار، وأن يركز جهده بالتالي، في تلك المرحلة المبكرة علي البحث عن مدي توافر واكتمال العناصر والمقومات اللازمة لقيام أمة عربية واحدة، من حقها أن تتجسد في دولة أو في كيان سياسي واحد.


ولا جدال في أن جيل الرواد من المفكرين القوميين العرب أدي هذه المهمة بنجاح كبير وتمكن من إطلاق حركة قومية لاتزال موجودة ومؤثرة علي الساحتين الفكرية والسياسية بعد أكثر من قرن من الزمان، رغم ما طرأ من تحولات علي النظامين الإقليمي والعالمي.


والواقع أن بوسع أي متتبع لمسيرة الحركة القومية في العالم العربي أن يرصد بوضوح قدرتها علي الصمود والاستمرارية، رغم ما مرت به من مراحل مد وجزر وما تعرضت له من محن وتحديات هائلة، عجزت جميعها عن الإجهاز عليها أو إزاحتها كلياً ونهائياً من المشهد السياسي. فقد وصلت هذه الحركة إلي ذروة مدها إلي أن تمكنت من تصدر المشهد السياسي في المنطقة في مرحلتين مختلفتين تماماً من مراحل تطور النظامين الإقليمي والدولي، يفصل بينهما ما يقرب من نصف قرن.


الأولي: عندما نجحت في تفجير «ثورة عربية كبري» بقيادة الشريف حسين استهدفت تحقيق الاستقلال عن الإمبراطورية العثمانية وبناء دولة عربية موحدة في المشرق العربي، مستفيدة من ظروف وملابسات دولية وإقليمية خاصة، جلبتها رياح الحرب العالمية الأولي.


والثانية: عندما نجحت بعد ذلك بنصف قرن في إطلاق حركة تحرر كبري بقيادة عبد الناصر، استهدفت تحرير العالم العربي من الاستعمار الأوروبي تمهيداً لتوحيده، مستفيدة من ظروف دولية وإقليمية خاصة صنعتها حرب باردة بين القوتين العظميين المتنافستين علي قمة النظام الدولي.


غير أن الحركة القومية عجزت عن استكمال مسيرتها في كلتا الحالتين وتوقفت ثم انتكست لتعود إلي نقطة الصفر في كل مرة، إما بسبب العامل الخارجي، كما حدث في مرحلة المد الأولي، أو بسبب الخلافات العربية العربية، كما حدث في مرحلة المد الثانية. وبصرف النظر عن السبب المباشر وراء هذا الإخفاق، فإنه يعكس في جوهره قصوراً في بنية الفكر القومي نفسه.


ففي مرحلة المد القومي الأولي، ساد اعتقاد مفاده أنه ما إن تدرك الشعوب والقيادات العربية حقيقة وجودها القومي المتميز وتنجح في الانفصال عن الإمبراطورية العثمانية حتي تتحقق الوحدة وتتمكن الأمة العربية تلقائياً من بناء دولتها الموحدة.


ولم ينتبه الفكر القومي العربي إلي حقيقة ما يمثله الاستعمار الأوروبي والحركة الصهيونية من خطورة علي الحركة القومية إلا في مرحلة متأخرة وبعد فوات الأوان.


أما في مرحلة المد القومي الثانية فقد ساد اعتقاد مفاده أن وجود دولة قاعدة (مصر)، وقيادة كاريزمية (عبد الناصر) شرطان كافيان لإطلاق حركة تحررية قادرة علي تحقيق الوحدة في مرحلة لاحقة. ولم ينتبه الفكر العربي إلي حقيقة ما تمثله تعقيدات الواقع العربي في ظل غياب الديمقراطية من خطورة علي الحركة القومية العربية إلا في مرحلة متأخرة، وعلي نحو يبدو أنه ما زال غير كاف حتي الآن.


وإذا كانت مرحلة الانحسار الأول التي شهدتها الحركة القومية العربية عقب «سايكس-بيكو» قد استغرقت عدة عقود قبل أن تتمكن من استجماع قواها واستعادة زمام المبادرة من جديد، فإن مرحلة الانحسار الثاني التي شهدتها الحركة القومية العربية عقب انفصال الوحدة بين مصر وسوريا، ثم عقب الهزيمة العسكرية التي منيت بها علي يد إسرائيل لاتزال مستمرة حتي الآن، دون أن يلوح ضوء في نهاية النفق الطويل. ويبدو أن مرحلة الانحسار هذه ستستمر معنا لفترة قادمة إلي أن يتمكن الوحدويون العرب من وضع يدهم علي جوهر الأزمة، وهي فكرية بالأساس.


في ورشة العمل، التي نظمها منتدي الفكر العربي في مقره بعمان، في ذكري مرور نصف قرن علي الوحدة بين مصر وسوريا، أشار الأستاذ عدنان أبو عودة إلي نقطة مهمة تتعلق بضرورة التمييز بين الفكر «القومي» والفكر «الحزبي»، الذي يعكس وجهة نظر جماعات سياسية تتحدث بلغة أو بخطاب قومي. ورغم أنه لم يفصل في هذه النقطة فإن الفرق بين الفكر القومي الحقيقي، والذي يفترض أن يعبر عن طموحات شعوب تتوق لبناء شكل ما من أشكال الوحدة، أو كيان سياسي موحد، وبين الأحزاب أو الجماعات السياسية التي تتحدث لغة أو خطاباً سياسياً قومياً، وهي أحزاب أو جماعات لها أجندتها السياسية الخاصة، وعادة ما توظف الخطاب القومي لخدمة هذه الأجندة. وربما يساعدنا هذا التمييز علي وضع يدنا علي جوهر المشكلة.


فليس كل من تحدث بخطاب قومي أو وحدوي يمارس سلوكاً قومياً أو وحدوياً، ولأن الأحزاب والحركات السياسية في العالم العربي لم تنضج بعد وما زال يغلب عليها الطابع الشخصي فمن الصعب عليها، بما فيها الأحزاب «القومية» أو «الوحدوية» أن تنتج فكراً أو برامج «قومية» أو وحدوية حقيقية. لذلك لم يكن غريباً أن يفرز الواقع العربي زعامات يجمعها خطاب يبدو موحداً في ظاهره وتفرقها سياسات تتباين إلي حد التناقض علي الصعيدين الداخلي والخارجي.


وفي اعتقادي أنه سوف يكون من الخطأ النظر إلي التيار القومي أو التعامل معه وكأنه تيار فكري، شأنه في ذلك شأن التيار «الليبرالي» أو «الاشتراكي» أو «الإسلامي». فعلي عكس هذه التيارات الثلاثة، وهي تيارات فكرية حقيقية يملك كل منها رؤية لطبيعة المجتمع، الذي يسعي لإقامته ولشكل ومقومات النظام السياسي، الذي يعبر عنه، يفتقر التيار القومي لمثل هذه الرؤية.


ولذلك لا يوجد، علي الصعيد النظري علي الأقل، ما يحول مطلقا دون أن تكون الأحزاب السياسية «الليبرالية» أو «الاشتراكية» أو «الإسلامية» في العالم العربي قومية في الوقت نفسه، وذلك لسبب بسيط وهو أنه لا يوجد ما يحول دون أن يكون النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي في الدولة العربية الموحدة، المزمع أو المأمول تحقيقها يوماً ما.


«رأسمالياً» أو «اشتراكياً» أو «إسلامياً». ففي البرلمان الأوروبي الموحد بمعني آخر تتواجد كل القوي والأحزاب السياسية من أقصي اليمين إلي أقصي اليسار. وقياساً علي ما تقدم، لا يجوز اعتبار الدعوة إلي الوحدة أو إلي القومية العربية حكرا علي الأحزاب «القومية» وحدها. فتوحيد العالم العربي مسؤولية كبيرة أخطر من أن يتولاها التيار القومي أو تلقي علي عاتقه وحده.


المشكلة الكبري، والحقيقية، التي يعاني منها العالم العربي تكمن في غياب الديمقراطية والمواطنة والمشاركة السياسية. فهذا الغياب هو الذي يحول دون بناء نظم وطنية مؤسسية، بصرف النظر عن التوجهات الأيديولوجية لهذه النظم. ولذلك لا يوجد أي نظام في العالم العربي يمكن أن نطلق عليه وصف «الليبرالي» الحقيقي أو «الاشتراكي» الحقيقي أو «الإسلامي» الحقيقي. ولذلك فالضعف الراهن للحركة القومية جزء من ضعف عام أصاب الحركات السياسية كلها، باستثناء الحركات الإسلامية، التي تتمتع بفرص أكبر للازدهار في زمن الاستبداد. ولذلك فنحن علي يقين من أن نجاح عملية التحول الديمقراطي يصب في صالح الحركة القومية.
saied2007
saied2007
المدير العام
المدير العام

عدد الرسائل : 4579
تاريخ التسجيل : 11/10/2007

https://saied2007.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الوحدة العربية ليست مسؤولية التيار القومي وحده..د.حسن نافعة Empty رد: الوحدة العربية ليست مسؤولية التيار القومي وحده..د.حسن نافعة

مُساهمة من طرف ahmed الإثنين مارس 03, 2008 10:41 pm

اشكرك جدا على الموضوع
ahmed
ahmed
عضو مبدع

عدد الرسائل : 405
تاريخ التسجيل : 07/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى