منتديات السعادة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

انتصارات العجزة ونظرية (اخنقه يا بلبل

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

انتصارات العجزة ونظرية (اخنقه يا بلبل Empty انتصارات العجزة ونظرية (اخنقه يا بلبل

مُساهمة من طرف saied2007 الأربعاء فبراير 27, 2008 12:45 am

هذه مقالة فانتازية، عزيزي القارئ، فهي من نوعية مقالات التأمل المنطقي في أحوال غير منطقية تعيشها مجتمعاتنا، وسأبدأ بنكتة تقول إن مجموعة من النمل قرروا التآمر لقتل الفيل الذي اعتاد أن يمر علي جحورهم فيدمرها، فكانت الخطة أن يقفوا جميعاً علي جذع شجرة وحين يمر الفيل يقفزون عليه ويخنقونه. وقد كان، فقد قفز جميع النمل علي ظهر الفيل، وحين شعر بهم هز ظهره هزة عنيفة فوقع الجميع عدا واحد من النمل،

فهتف جميع النمل المتساقط علي الأرض مخاطبين زميلهم القابع علي ظهر الفيل: »اخنقه يا بلبل.. اخنقه يا بلبل«. تذكرت هذه القصة وأنا أتابع ردة الفعل المبالغ فيها تجاه ما أقدم عليه أبوتريكة من رفع شعار التعاطف مع أهلنا في غزة. وهو تعاطف جدير بكل إنسان عربي ومسلم رسمياً وشعبياً، ولكن يبدو أننا أصبحنا نبالغ مبالغة غير منطقية في ردود أفعالنا بسبب هزائمنا وشعورنا بالعجز وكأن أبوتريكة قد أسهم في استعادة الأرض المحتلة مثلاً. لكن هذا لم يحدث. ولكننا نسينا القضية التي حاول أبوتريكة أن يثيرها فينا واحتفينا بحامل الرسالة وهو يستحق التحية بحق وتناسينا الرسالة نفسها وما تحمله لنا من مسئولية.

إنه مظهر آخر من مظاهر تسجيل المواقف كبديل عن إيجاد حلول عملية للمشكلات، وهو مرض أصيل في العقلية العربية كما سبق وأن أشار الدكتور فؤاد زكريا.

وأتذكر في هذا المقام ما كتبه الراحل نجيب محفوظ عن سعد زغلول حين علقت إحدي شخصيات »المرايا« علي سعد بقولها: »سعد زغلول وطني ومخلص، وهما صفتان جديرتان بكل مصري، ولكن يبدو أن ندرتهما جعلتا منه زعامة شعبية يحتفي بها الجميع« وأعتذر لعدم دقة الاقتباس لأنني أكتب من الذاكرة. وهو ما يبدو موجعاً، فلا أتصور أن هناك أي بطولة في أن نعلن تعاطفنا مع شعبنا العربي في غزة، لكن يبدو أننا افتقدنا القدرة علي أن نقول كلمة الحق بصوت عال وأن نتصرف علي نحو ما يمليه ضميرنا لدرجة أننا تركنا قدم أبوتريكة تنوب عن رؤوسنا« كما قال الدكتور حازم حسني في مقالته في جريدة البديل.

إن فرحتنا وسعادتنا بإنجاز أبوتريكة بديتا وكأنهما بديلنا عن التفكير في المسئولية الفردية والمجتمعية التي ينبغي أن نحملها تجاه إخوان لنا يعانون يومياً بعلمنا وتجاهلنا ونحن نبالغ في احتفائنا الكروي الذي تم في غانا. لكن المهم أن بلبل خنقه، أو هكذا أوهمنا أنفسنا، وسنفعل نفس الشيء حين يرفع أبوتريكة أو غيره شعارات التعاطف مع إخواننا من عمال المحلة الكبري وكومسارية السكة الحديد والأطباء وأساتذة الجامعات والفلاحين وغيرهم ممن لهم مطالب نعلم أنها مشروعة لكن الشطارة في كيفية تجاهلها، سنعجب برافعي الشعارات، ونقول لهم بكل التقدير: »اخنقه يا بلبل« وكأن هذا هو انتصارنا في زمن لا نستحق فيه الانتصار.

وها هي مشكلة الرسوم المسيئة للرسول صلي الله عليه وسلم تتصاعد فنجد انفسنا في موقف العاجز عن ردة الفعل، لأننا يوم أن قررنا أن نقاطع فشلنا رغما عن ان مقاطعة السلع والمنتجات الدانماركية أسهل كثيرا من مقاطعة سلع ومنتجات دول اخري، لكن خرج علينا حينذاك من آثر الحوار، وكأن الحوار بديل عن المقاطعة، ولم يكن واضحا ما الهدف من الحوار ولا ما هو العائد منه لاسيما وان قطاعا واسعا من علماء الامة الرسميين والشعبيين آثروا هذا البديل، ولكنا يبدو ان قطاعا منا لا يعرف كيف يكون جنديا في معركة يقودها غيره، ومرة اخري تسجيل المواقف حتي وان جاءت علي حساب الحلول العملية للمشكلات فقال كثيرون: »اخنقه يا بلبل« في اروقة الفنادق بدعوي الحوار بدلاً من ان نتحمل تبعات المقاطعة.

فمن يحب ان يبحث عن شيء ضاع من صديق له في منطقة مظلمة محفوفة بالمخاطر، فالاسهل ان يبحث عن الضائع في منطقة مضيئة تبعث علي الارتياح، ليس مهما ان نجد الضائع او ان نحل المشكلة، المهم اننا سجلنا موقفا يحسب لنا بين اهلنا الذين لايملكون من التفكير النقدي ما يجعلهم يفرقون بين من يبيعهم الاوهام وبين من يبحث عن حلول واقعية لمشاكلهم.

ان الشعوب كما آحاد الناس لديها نزعة نحو التعويض والتكيف كنوع من التحايل علي المصاعب التي تواجهها، فالإنسان الذي يفشل في أن يصارح بحبه لمن يحب، يكتب الشعر ويستمع لأغاني العشاق، والذي يفشل في الدراسة بما فيها من امتحانات وتحديات يقرر أن يتحول إلي »داعية« كما ذهب بعض طلابي في كلية الاقتصاد، حيث اعتبروا أن نجاحهم في حفظ الأحاديث يغفر لهم إخفاقهم في استيعاب القانون الدولي أو مبادئ المالية العامة. وكذا الشعوب تميل إلي الاستهلاك والتخمة وشرب السجائر والاستماع إلي الأغاني التافهة ومناقشة قضايا الكرة وشائعات المشاهير لأنها عاجزة عن أن تغير واقعها أو أن تحل مشاكلها. هي حيلة من حيل الدفاع النفسي أن تنبهر بأبوتريكة وتحتفي احتفاء مبالغاً فيه بانتصار كروي له وزنه، لكنه ليس بديلاً، ولا ينبغي أن يكون بديلاً عن النجاح في التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الأخري.

هناك مشكلة حقيقية في العقلية العربية تجعلها بعيدة كثيراً عن إيجاد حلول عملية للمشاكل التي تواجهنا. وحتي لا نبدو أننا بدع من البشر فإن العلوم السياسية اهتمت بظاهرة عزوف الناس عن المشاركة في العمل الجماعي وما يترتب عليه من ضعف في رأس المال الاجتماعي وهي قضية قد تستحق نقاشاً أكثر عمقاً في المستقبل. وتحياتي للمنبهرين بكل بلبل يناضل في الملاعب والفضائيات والعوامات.

د.معتز بالله عبد الفتاح..البديل
saied2007
saied2007
المدير العام
المدير العام

عدد الرسائل : 4579
تاريخ التسجيل : 11/10/2007

https://saied2007.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

انتصارات العجزة ونظرية (اخنقه يا بلبل Empty رد: انتصارات العجزة ونظرية (اخنقه يا بلبل

مُساهمة من طرف مى الأحد مارس 02, 2008 5:26 pm

اشكرك على الموضوعات المتميزة
مى
مى
عضو مبدع

عدد الرسائل : 628
تاريخ التسجيل : 27/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى