منتديات السعادة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

في ذكري مرور نصف قرن علي الوحدة المصرية السورية

اذهب الى الأسفل

في ذكري مرور نصف قرن علي الوحدة المصرية السورية Empty في ذكري مرور نصف قرن علي الوحدة المصرية السورية

مُساهمة من طرف saied2007 الإثنين فبراير 25, 2008 12:31 am

اهتم منتدي الفكر العربي بذكري مرور نصف قرن علي تجربة الوحدة بين مصر وسوريا، التي حلت يوم ٢٢ فبراير الماضي. فقد شكل قيام هذه الوحدة حدثا ضخما كانت له تداعياته المحلية والإقليمية والعالمية الهائلة.

وبقدر ما فجر هذا الحدث من آمال وطموحات لدي الشعوب العربية كلها، فقد ولد انهيارها ووقوع الانفصال بين هاتين الدولتين الكبيرتين, بعد ما يقرب من ثلاث سنوات فقط علي قيامها - إحباطا وانكسارا لاتزال الأمة كلها تعاني منهما حتي اليوم.

ولأنه كان من الصعب علي مؤسسة تطلق علي نفسها «منتدي الفكر العربي» أن تتجاهل مناسبة بهذه الأهمية وتدعها تمر وكأن شيئا لم يكن، ولا كان يليق بها في الوقت نفسه أن تقيم بهذه المناسبة احتفالية تلقي فيها خطب وأناشيد حماسية تتغني بفضائل وحدة عربية مأمولة، أو مرثية تذرف فيها الدموع علي أطلال وحدة عربية مفقودة - فقد كان من الضروري تحويل الذكري المهمة إلي مناسبة للبحث والدرس بهدف استخلاص الدروس المستفادة.

غير أننا وجدنا أن قصر البحث علي هذه التجربة الفريدة دون غيرها من التجارب الوحدوية الأخري، ربما يخرجها من سياقها الطبيعي ويحولها إلي حدث معزول قائم بذاته، وبالتالي فقد يكون من الأنسب، وربما من الضروري، معالجتها في السياق الأعم والأشمل لمسيرة العمل العربي المشترك أو الوحدوي بأشكاله المختلفة والمتنوعة.

ومن المعروف أن مشروعات وتجارب الوحدة العربية وُجدت قبل تجربة الوحدة بين مصر وسوريا واستمرت بعدها. بعض هذه المشروعات أو التجارب ظهر علي الورق فقط ولم يتجسد حقيقة علي أرض الواقع، كمشروعات الهلال الخصيب وسوريا الكبري، ومشروع الوحدة الثلاثية بين مصر وسوريا والعراق، أو بين ليبيا ومصر والسودان، وغير ذلك من المشروعات المماثلة.

لكن وفي المقابل، توجد صيغ وحدوية عربية أخري قامت ولاتزال مستمرة حتي الآن، رغم بعض الصعوبات التي تعترضها أحيانا. وعلي سبيل المثال وليس الحصر، تحقق اتحاد فيدرالي بين ست إمارات عربية صغيرة في الخليج اختفت لتحل محلها دولة واحدة هي دولة الإمارات العربية ، وتحققت وحدة اندماجية بين اليمنيين صمدت رغم وقوع محاولة انفصال تم قمعها بقوة السلاح.

وهناك أيضا مشروعات تكامل إقليمي فرعي بعضها انهار بعد فترة قصيرة من قيامه مثل مجلس التعاون العربي، وبعضها الآخر تجمد أو تعثر بعد إعلان قيامه رغم استمرار وجوده علي المستوي الرسمي، مثل اتحاد المغرب العربي، أما بعضها الثالث، مثل مجلس التعاون الخليجي، فقد استمر وصمد بل ما زال يحقق إنجازات مهمة علي الأرض رغم ما قد يبدو من بطء علي مسيرته.

ربما يكون نموذج الوحدة الاندماجية بين مصر وسوريا قد سقط وانتهي، لكن مسيرة الوحدة العربية نفسها لم تتوقف أو تصل إلي نهايتها. في سياق كهذا كان من الضروري أن نتوقف، في ذكري مرور خمسين عاماً علي الوحدة بين مصر وسوريا، عند المسيرة ككل وليس فقط عند نموذج انهار من بين نماذج أخري صمدت، وأن نحاول الإجابة عن عدد من الأسئلة لاتزال مطروحة علي الساحة حتي الآن. من هذه الأسئلة:

١- هل لاتزال الوحدة مطلبا تؤمن به الشعوب العربية رغم ترسخ الدولة الوطنية أو القطرية كأمر واقع؟. ٢- هل من المحتم، أو من الضروري أو من الممكن، قيام وحدة عربية شاملة وفورية، أم أنه يمكن البدء بمجموعة محدودة من الدول النواة تتوسع تدريجيا؟

٣- هل يتعين أن تكون الوحدة متدرجة وأن تبدأ بالضرورة بالتكامل الاقتصادي، الشامل أو الجزئي أو القطاعي، كمدخل للتكامل السياسي، أم أنه يستحيل الفصل بين ما هو سياسي وما هو اقتصادي في الواقع العربي؟

٤- هل يمكن تحقيق الوحدة أو التكامل في ظل استبداد وشخصنة النظم العربية، أم أن التحول الديمقراطي علي مستوي الدولة القطرية يعد شرطا مسبقا لقيام هذه الوحدة أو التكامل؟

في محاولة منه للبحث عن إجابات مقنعة عن هذه الأسئلة قام «منتدي الفكر العربي»، يوم ٢١ فبراير، بتنظيم ورشة عمل فكري استغرقت نهارا بأكمله جري فيها حوار معمق حول أربعة محاور:

الأول خصص لمناقشة مسيرة وتطور الفكر القومي العربي، ومدي قدرته في المرحلة الراهنة علي استيعاب التحولات الجارية علي المستويات المحلية والإقليمية والعالمية.

والثاني: خصص لمناقشة الدروس المستفادة من التجارب والمشروعات الوحدوية الفاشلة.

والثالث: خصص لمناقشة مشروعات وتجارب الوحدة الناجحة أو المستمرة حتي الآن.

والرابع: خصص لمناقشة إمكانية الاستفادة من تجارب التكامل الناجحة في العالم، خاصة تجربة الاتحاد الأوروبي.

ولأنه لم يكن مفيدا أن نظل أسري الماضي أو نغرق في تفاصيل الحاضر، فقد تم تخصيص جلسة ختامية في نهاية هذا اليوم الحافل لاستشراف مستقبل الوحدة العربية، وبحث ما إذا كان من الممكن إعادة ترتيب الأولويات علي جدول العمل العربي المشترك في هذه المرحلة، وذلك في ضوء الدروس المستفادة من مشروعات وتجارب الوحدة والتكامل في العالم العربي، الفاشلة منها والناجحة علي حد سواء. شارك في هذه الورشة حوالي ٤٠ شخصية سياسية وفكرية من داخل وخارج الأردن.

وللاستفادة من الخبرات الفكرية والسياسية للشخصيات المشاركة، رأينا أنه قد يكون من الأفضل عدم إعداد بحوث مكتوبة والاكتفاء بقيام أحد المتخصصين أو الدارسين بتقديم مداخلة شفوية قصيرة في بداية كل جلسة يطرح فيها ما يراه من قضايا وإشكاليات جديرة بالمناقشة تتعلق بموضوع الجلسة، بحيث يخصص الحيز الأكبر من الوقت المتاح لمناقشة متعمقة حول مختلف المحاور ينخرط فيها جميع المشاركين. وأظن أن هذه الصيغة نجحت بالفعل في إضفاء قدر كبير من الحيوية علي حوار كان مطلوبا، وجاء في تقديري مثمرا ومفيدا.

يصعب بالطبع تلخيص ما خلص إليه حوار استمر طوال يوم كامل بين ٤٠ شخصية أردنية وعربية، لكنني أغامر بالقول إن هذا الحوار عكس تطورا مهما، يبدو أنه ترسخ في الفكر القومي العربي، حول أربع قضايا علي الأقل:

القضية الأولي: تتعلق بمقولة حتمية الوحدة العربية وطبيعة العلاقة بين الدولة الوطنية (القطرية)، باعتبارها حقيقة يجسدها واقع التجزئة القائم، والدولة القومية أو العربية الواحدة، باعتبارها حلما مشروعا حتي وإن كان لايزال بعيد المنال.

ويظهر الحوار وجود قناعة متزايدة في صفوف القوميين العرب بأن الوحدة العربية الشاملة ليست حتمية، وأنها قد تقوم إذا توافرت شروط ومقومات معينة وقد لا تقوم أبدا إذا غابت هذه الشروط والمقومات، كما أن قيامها لا يعني بالضرورة هدم الدول العربية القائمة وذوبانها في دولة عربية مركزية واحدة، وأن المحافظة علي تماسك الدولة الوطنية بات واجبا قوميا، خاصة في المرحلة الراهنة التي تتصاعد فيها ولاءات طائفية أو عرقية أو عشائرية أو قبلية تهددها بالتفتت.

القضية الثانية: تتعلق بسبل الوحدة، حيث يظهر الحوار أن الطريق إلي الوحدة العربية الشاملة طويل وشاق، ودروبه ومسالكه كثيرة ومتعددة وربما متعرجة أيضا، وأن الوحدة عملية متدرجة، وليست فورية أو فجائية، وهي قد تبدأ بعمل مشترك لتنسيق المواقف والسياسات بين دول مستقلة ثم تتصاعد، من خلال تعاون أو تضامن أو تكامل في مجالات وبأشكال وسبل مختلفة إلي أن تصل إلي مرحلة الوحدة. وفي سياق كهذا أفصح الحوار عن قناعة عامة بأن علي الوحدويين العرب تشجيع كل شكل من أشكال أو درجات التنسيق والتعاون، وعلي أي مستوي من المستويات طالما أنها تصب في المجري العام نحو الوحدة المنشودة.

القضية الثالثة: تتعلق بأسباب تعثر المسيرة نحو الوحدة. فرغم الاقتناع الكامل من جانب المتحاورين بأن هذا التعثر يعود لأسباب كثيرة جدا، داخلية وخارجية علي السواء، فإنه كان هناك ما يشبه الاتفاق العام علي أن هذه الأسباب كلها تصب في مجري واحد وهو غياب المؤسسات والديمقراطية والمشاركة السياسية. فبناء الوحدة عملية مؤسسية في المقام الأول، وغياب مؤسسات فاعلة ومعبرة عن شرعية تمثيلية حقيقية علي مستوي الدولة الوطنية في العالم يجعل من المستحيل بناء مثل هذه المؤسسات علي المستوي القومي أو الإقليمي.

القضية الثالثة: تتعلق بالصلة بين قضية الوحدة وقضايا الاستقلال الوطني والأمن والتنمية. فقد عبر معظم المشاركين عن قناعة بأن هذه القضايا جميعها متشابكة علي مستوي الوطن العربي، ولم تتمكن أي دولة عربية حتي الآن من بناء نموذج يحتذي في الاستقلال أو الأمن أو التنمية، بل إن عددا منها بات مهددا بالتفتت والحروب الأهلية. لذلك تبدو الوحدة وسيلة لحماية الدولة الوطنية وليس العكس.

د.حسن نافعة..المصري اليوم
saied2007
saied2007
المدير العام
المدير العام

عدد الرسائل : 4579
تاريخ التسجيل : 11/10/2007

https://saied2007.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى