منتديات السعادة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ولاتزال الدولة تكذب وتكذب وتتحري الكذب ..د.معتز بالله عبد ال

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

ولاتزال الدولة تكذب وتكذب وتتحري الكذب ..د.معتز بالله عبد ال Empty ولاتزال الدولة تكذب وتكذب وتتحري الكذب ..د.معتز بالله عبد ال

مُساهمة من طرف saied2007 الأحد فبراير 24, 2008 2:51 am

بدون مقدمات، إن مؤسسات الدولة المصرية أفسدت الشخصية المصرية؛ وجعلت من المصري "حرامي رغم أنفه، كاذب رغم أنفه، فوضوي رغم أنفه". فهي عاملته بعدم ثقة، فبادلها شكا بشك. هي تطلب منه شهادة من اثنين موظفين أنه حسن السير والسلوك، ولأنها شهادة بلا معني ولا تحمل قيمة الحبر المكتوبة به، فيزور المواطن الشهادة أو يدفع رشوة لتجنبها والتي هي خير دليل علي أنه لم يعد حسن السير والسلوك.


إن مؤسسات الدولة المصرية خلقت للمواطن المصري مناخا من الشك يعيش فيه من خلال تعقيدات أمنية وبيروقراطية وضعته موضع المتهم الذي عليه أن يثبت براءته، ولم تمكنه من أدوات البراءة فتحول إلي مجرم في نظر بيروقراطية الدولة. ورغما عن أن بيروقراطية الدولة تتكون أساسا من مواطني الدولة، إلا أنها نزعت منهم الشعور بالتعاطف مع المواطن، خوفا من عواقب الخروج علي قواعد الدولة. فأفسدت الدولة مواطنيها، وجعلتهم من المستحيل عمليا أن يعيشوا فيها دون أن يكونوا خارجين علي قوانينها. فمثلا المدرس الذي يأخذ مبلغا زهيدا من المال في الشهر يستحيل عليه أن يعيش به فيضطر إلي الدروس الخصوصية مخالفا بذلك القانون، وفي نفس الوقت تصر الدولة علي الادعاء بمجانية مكذوبة لو صارحت فيها نفسها لأمكن أن تعيد توجيه مواردها علي نحو يضمن تعليما حقيقيا داخل مدارسها وحياة كريمة لمدرسيها علي نحو يجعل منهم نماذج لحسن الخلق. ولكن المدرس مطالب بأن يكذب وأن يتحري الكذب حتي لا يقع تحت طائلة القانون، فيعطي دروسا خصوصية، وينفي، ويطلب من طلابه أن ينفوا عنه هذه التهمة، وكأنه يطلب منهم أن يكونوا كاذبين. وكأنها مافيا أو عصابة أطرافها ثلاثية: دولة حمقاء ترفع شعارت هي غير قادرة علي تحقيقها مثل مجانية التعليم، وتكون النتيجة أن لا تعليم مجانيا، ثم موظف برتبة مدرس لا يمكن أن يكون أمينا علي هذه المهمة التي ليس هو مؤهلا لها ماليا، ثم الطالب الذي عليه أن يذهب إلي المدرسة فقط لتسجيل موقف أنه طالب أما التدريس الحقيقي فهو المنزل وكأن الدولة تدرب التلاميذ علي الخديعة والنفاق.


والأمر كذلك في الكثير من تعاملات المصري مع المؤسسات البيروقراطية. حيث يطلب من المواطن حين يقدم علي استخراج رخصة القيادة أن يأتي بشهادتين من طبيبين تثبتان أنه قوي البنية لا يعاني من مشاكل في جهازه الحركي، سليم النظر لا يعاني من مشاكل في الرؤية. وتتحول هذه الطلبات مع غيرها إلي أدوات إفساد، فخلف كل وحدة مرور يوجد تمرجي عاطل عن العمل، سيأتي لك بالشهادتين المضروبتين دون الحاجة إلي طبيب. لكن المشكلة أن موظفي البيروقراطية المصرية علي علم بهذا بل يشاركون فيه ويوجهون المواطن إلي مكان التمرجي وكأنها عصابة أطرافها ثلاثية: دولة حمقاء تفرض قواعد وقيودا غير منطقية، وموظف ضعيف الراتب يملك ختم النسر، وهو ختم الدولة الذي منحته إياه دون أن تعطيه ما يكفي من الراتب كي يكون أمينا عليه، ومواطن تستبد به الحيرة لأنه مطالب بأن يأتي بما لا يستطيع.


والأمر ليس ببعيد عن كثيرين ممن يريدون أن يسافروا خارج الوطن وأن يحتفظوا بوظائفهم في مصر. فأصبح شائعا الحديث عن إجازة مرافقة الزوج أو الزوجة. وهي مجموعة من الإجراءات البيروقراطية التي ترتبط في النهاية بعقد مزور يقدمه الموظف للجهة التي يعمل بها، لأنه لا يستطيع أن يعيش فقيرا في مجتمع لا يحيا فيه بكرامة إلا الأغنياء، فيضطر للسفر. ولكنه لن يسافر مرفوع الرأس محافظا علي نزاهته وحسن خلقه، بل لابد أن يبادل البيروقراطية المصرية سوء خلقها بسوء خلق فيزور ويكذب وينتحل كي تدعه يذهب. ولنقارن ذلك بما أقدمت عليه الحكومة الماليزية في مطلع حكم رئيس الوزراء مهاتير محمد، حين أرسلت إلي الطلبة الماليزيين الذين كانوا يدرسون في الولايات المتحدة بألا يرجعوا مؤقتا، ومن يجد منهم وظيفة في الولايات المتحدة، فليعمل وليتعلم وليبن نفسه ولا يزور في أي ورق أو ينتحل أي صفة غير حقيقية، فقط يبلغ القنصلية أو السفارة بمكانه وتخصصه حتي تعرف الأم مكان أبنائها كي تستعين بهم وقت حاجتها إليهم. وقد فعلوا، ونهضت ماليزيا. ولم يزل المصريون يفرون من قنصليات بلدهم فرارهم من الأسد، لأنها علمتهم الجحود وسوء الخلق وقلة الأدب في علاقتهم بها. فما وثقوا فيها ولا في القائمين عليها ولا في رغبتهم في العودة للحياة فيها.


ولا تزال الدولة تكذب وتكذب وتتحري الكذب حتي تكتب عند المواطن المصري كذابة، فيبادلها كذبا بكذب. فتقول إنها حريصة علي الديمقراطية فيضحك المواطن في سره قائلا "بدليل تزوير الانتخابات" فيأبي المشاركة فيها، وتقول الدولة إنها منحازة للمواطن البسيط، فيضحك المواطن في سره قائلا "بدليل القصور والسيارات الفارهة التي يعيش فيها كبار المسؤولين." وتقول الدولة إنه لا مجال للتوريث فيضحك المواطن ويقول "صحيح، بدليل صور جمال مبارك في كل الصحف الحكومية،" وتقول الدولة إنها تراعي محدودي الدخل، فيقول المواطن متهكما "صدقت الدولة، بدليل ارتفاع الأسعار." وتقول الدولة إنها لن تقصف قلما، فيقول المواطن "صحيح، بدليل تحويل الصحفيين إلي المحاكم." كذب بعضه فوق بعض.
لقد نجحت الدولة في إفساد المواطن، لأنها فشلت في أن تعطي القدوة والمثل، أي فشلت في وظيفتها الأخلاقية، فانتقل الفساد من الدولة إلي المجتمع. والسؤال هو: هل من الممكن أن يخرج من المجتمع من يصلح الدولة؟


البديل
saied2007
saied2007
المدير العام
المدير العام

عدد الرسائل : 4579
تاريخ التسجيل : 11/10/2007

https://saied2007.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ولاتزال الدولة تكذب وتكذب وتتحري الكذب ..د.معتز بالله عبد ال Empty رد: ولاتزال الدولة تكذب وتكذب وتتحري الكذب ..د.معتز بالله عبد ال

مُساهمة من طرف مى الأحد مارس 02, 2008 4:55 pm

اشكرك على الموضوعات المتميزة
مى
مى
عضو مبدع

عدد الرسائل : 628
تاريخ التسجيل : 27/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى