إعلان عالمي للأديان ـ د.عبد العزيز محمد قاسم

بمجرد ما طالعت خبر إعادة 17 صحيفة دانمركية الرسومات الكاريكاتورية المسيئة لسيد البشر صلى الله عليه وسلم، تداعت إلى ذاكرتي ما تنبأته في أتون الهبة الشعبية التي اجتاحت البلاد الإسلامية قبل أكثر من عام،احتجاجا على تلك الرسومات المسيئة، بأن أمثال هذه الإساءات ستتكرر، بل وستتجاوز مجرد كاريكاتورات تافهة إلى أكثر منها، وربما كان أحدها تجسيد أفلام هوليودية لرسولنا الأعظم، بصور ستكون صادمة جدا لمشاعرنا.
والقوم هناك ينطلقون من ثقافتهم التي يحميها القانون، ولا يرون فعلهم إلا منسجما مع ثقافة حرية التعبير. لذلك كان التضامن مع ذلك الرسام الدانمركي المأفون من لدن المثقفين ودعاة حقوق الإنسان.
مَن يتأمل واقع العالم اليوم ليميّز - من وهلته - تلك الهجمة التحررية التي تجتاح أنحاء المعمورة، وتحظى بدعم الأنظمة العلمانية الكبرى في الغرب، والتي تعطي حرية الفرد القداسة والأولوية، ولو على حساب القيم الإنسانية، والمعتقدات الدينية للشعوب. فلا غرو، أن نطالع تلك الإساءات المتتالية لأنبياء الله تعالى، والتي تحظى بحماية القانون في الغرب بما أسلفت، فضلاً عن شرعنة قضايا هي ضد الفطرة الإنسانية، والمعتقدات الدينية.. كالشذوذ، وزواج المثليين، والإجهاض، وجملة قضايا هي ضد الأديان عموماً، وواهمٌ مَن يظن أن خطر تلك الشرعنة ستقف عند جغرافيا القوم، فنظرة ٌ واحدة إلى الشمال الإفريقي تنبئنا بأن الخطر سيكتسح عالمنا العربي والإسلامي.
أيها السادة: آن الأوان لأن نتحرك في اتجاه استثمار الأصوات المنصفة في الديانات السماوية، والتي يجمعنا معها مشتركات كثيرة أمام عدو نسف قيماً ومعتقداتٍ مشتركة لكل أتباع هذه الديانات، وغير مبالٍ البتة بقدسية الدين، وأنه من الحكمة والعقل التنادي لإيجاد أرضية تجمعنا مع منصفي هذه الديانات، لنتوحد في القضايا المشتركة بيننا، كي يكون صوتنا أقوى.
لا حلّ لهذه الإشكالية القيمية إلا عبر إعلان عالمي للأديان السماوية الثلاثة، على غرار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وليتبادر إلى ذلك رموز وعقلاء هذه الأديان، لبلورة هذا الإعلان الذي يتضمن الدفاع عن المشترك الديني بين هذه الديانات السماوية، كي نكون جبهة قوية تقوم بالدفاع عن المقدّس الديني، ابتداءً من أنبياء الله ورسله - صلوات الله وسلامه عليهم - وعدم التطاول عليهم بالسخرية والتهكم، ومروراً بالمحافظة على القيم الإنسانية التي جاءت بها الأديان، وانتهاء بالتصدي لهذه الإباحية الجنسية، والفوضى الأخلاقية، والعبث الذي يجتاح العالم عبر إعلامه وفضائياته.
هل ستخطو منظمة المؤتمر الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي، خطوات في هذا الاتجاه، أتوسم ذلك.