منتديات السعادة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

حرية الصحافة والإعلام‏..‏ مخاوف تتجدد‏!‏..صلاح الدين حافظ

اذهب الى الأسفل

حرية الصحافة والإعلام‏..‏ مخاوف تتجدد‏!‏..صلاح الدين حافظ Empty حرية الصحافة والإعلام‏..‏ مخاوف تتجدد‏!‏..صلاح الدين حافظ

مُساهمة من طرف saied2007 الجمعة فبراير 22, 2008 12:38 am

هواجسي تتزايد ومخاوفي تتراكم كلما جري الحديث عن تنظيم حرية الصحافة, ووضع ضوابط لحرية الإعلام.. أتحسس رأسي وأشحذ أسلحة فكري وحواسي, فتنتفض قرون استشعاري وأسن قلمي, كلما قرأت أو سمعت حديثا عن إعداد تشريعات أو تنظيمات جديدة للصحافة والإعلام, فقد عودتنا حكوماتنا أن نخاف كلما تحدثت عن ضوابط, وتنظيم وضبط وتصحيح المسار وتصويب الاتجاه, إلي آخر هذه العبارات المموهة!

كان هذا هو شعوري الحقيقي وأنا أحضر الاجتماع الاستثنائي لوزراء الإعلام العرب, يوم12 فبراير2008 بمقر الجامعة العربية.. اجتماع استثنائي لإصدار وثيقة مبادئ تنظيم البث الفضائي الإذاعي والتليفزيوني في المنطقة العربية, فالوثيقة صاغها خبراء في دهاليز حكومية, وطلبها وزراء الإعلام العرب علي وجه السرعة, فأقروها جميعا باستثناء تحفظ قطر عليها.

اللافت للنظر منذ الوهلة الأولي, أن الوثيقة العربية الحكومية, قد باغتت الصحفيين والإعلاميين والقنوات الفضائية, التي تستهدفها الوثيقة, لم يشارك أو يناقش أو ينقد أحد منهم ما رأي الرسميون العرب أنها الوسيلة المثلي لضبط الانفلات في المحطات الفضائية كما يلفت النظر أن عشرة وزراء إعلام عرب تحدثوا في الجلسة الأولي والأخيرة, فأشادوا وامتدحوا, ثم تحدثوا جميعا بلا استثناء عن حرصهم علي حرية الإعلام, وأكدوا أن الوثيقة جاءت لتصوب المسار تدعيما لحرية الإعلام, وليس كما يدعي المشككون بأنها تهدف إلي التضييق علي الفضائيات العربية!!

قلت لنفسي هؤلاء وزراء مسئولون يؤكدون علنا, وفي جلسة متلفزة احترامهم لحرية الإعلام, فلماذا المخاوف والهواجس, التي ركبتني هذا الصباح, إذن لنقرأ وثيقة تنظيم البث الفضائي لنعرف الحقيقة!

اثنا عشر بندا ومقدمة هي قوام الوثيقة, وبالقراءة الأولي تكتشف أن معظمها مبادئ عامة ومعايير معروفة, صيغت بعبارات تحتمل أكثر من معني, فمن الذي يعترض علي معايير مثل شفافية المعلومات, والالتزام بحرية التعبير, وبمبدأ السيادة الوطنية, وبضمان حق المواطن العربي في متابعة الأحداث الوطنية والإقليمية والدولية الكبري خصوصا الرياضية, والالتزام بحقوق الملكية الفكرية, وباحترام خصوصية الأفراد, وبالامتناع عن التحريض علي الكراهية والتمييز, والتحريض علي العنف والإرهاب.. الخ

تمتلئ الوثيقة إذن بمثل هذه المعاني والعبارات العامة, التي يمكن أن تقرأها في أي ميثاق شرف, أو تسمعها في محاضرة أولية لطلاب الصف الأول من كليات الصحافة والإعلام.

فما الذي آثار مخاوفي وبث هواجسي!!

***

الذي يثير المخاوف والهواجس, هو استيعاب التجارب السابقة والمتراكمة, فما من مرة تتحدث الحكومات عن حرية الصحافة والإعلام, إلا وتقصد شيئا في بطن الشاعر تخفيه عن الأعين في البدايات, ثم تباغت به الكل خصوصا الصحفيين والإعلاميين والسياسيين, وما من دستور في بلد عربي إلا وينص صراحة علي حرية الصحافة والإعلام وحرية استقاء المعلومات, لكن ما من بلد عربي إلا وتجد فيه قوانين تحد من هذه الحريات, بل تنص علي عقوبات مشددة وسالبة للحرية, مثل عقوبات الحبس في قضايا الرأي والنشر, وهناك بالمناسبة قوانين في17 دولة عربية تنص علي هذه العقوبات تحديدا..

الذي يثير المخاوف والهواجس هو الصياغات المطاطة حمالة الأوجه المتعددة, التي تسمح بالشيء ونقيضه أحيانا, وتسمح باستغلال بنود هذه الوثيقة الجديدة للتضييق علي حرية الإعلام الفضائي المستهدف, خصوصا إذا ما لاحظنا المناخ العام السائد هذه الأيام, الذي في ظله تشكو حكومات ونظم عربية عديدة مما تسميه انفلات الفضائيات, أو تجاوز الصحف الخاصة والمستقلة, أو تجرؤ الصحفيين والإعلاميين علي هيبة النظام وسلطة الحكم, وهي التهمة التي يحاكم بسببها أربعة رؤساء تحرير مصريين الآن!

وأظن وبعض الظن ليس إثما, أن ما أفرزته السنوات العشر الأخيرة, سنوات ثورة المعلومات وتكنولوجيا الاتصال وحرية الإعلام عبر العالم, من صدور صحافة جديدة وإعلام مفتوح عبر السماوات, معظمها صحف وفضائيات خاصة رفعت سقف الحرية وفتحت ملفات كانت محرمة وأثارت مناقشات وحوارات حول موضوعات اكتسبت قداسة ما في يوم ما, فكسرت حدودا لم يكن مسموحا بتجاوزها من قبل.. كل ذلك هو السبب الرئيسي الذي أقلق الحكومات العربية, فسارعت الي لملمة هذه الفوضي الصحفية والإعلامية وإعادة القبضة الحكومية عليها حتي لا يتسع الفلتان الي ماهو أخطر كما تتصور!

ولكي ندرك حجم ما نناقشه فإننا نقول: إن هناك أكثر من400 فضائية عربية تبث ليل نهار هذه الأيام,80 في المائة منها ملكية خاصة و20 في المائة فقط في الملكية الحكومية, وبينها22 قناة مصرية فقط, ومعظمها تبث علي قمري عرب سات ونايل سات والأقمار الأوروبية العديدة.

ومن هذه الأرقام نعرف أن القبضة الحكومية العربية علي الفضائيات الحالية والقادمة قد تفككت, ولم تعد قادرة علي التحكم فيها أو التأثير عليها بصورة مباشرة, كما كان الحال في الماضي, وهذا ما حدث أيضا مع الصحافة الخاصة التي انتشرت بسرعة شديدة خلال السنوات الأخيرة, وسحبت من رصيد الصحف الرسمية, أو القومية, لأنها مع الفضائيات, قدمت خدمة إعلامية للقارئ والمشاهد لا يجدها في الصحف والتليفزيونات الرسمية.

وبرغم تعدد واتساع خريطة الخدمة الإعلامية هذه في الصحف والفضائيات الخاصة, إلا أن ماتقدمه من أخبار ومعلومات وتغطية وبرامج سياسية كان هو الأبرز, والأكثر جاذبية وتأثيرا في الرأي العام المتعطش للحرية وللمعلومات الصادقة, بعيدا عما تقدمه الصحف والفضائيات الحكومية من أخبار رسمية ومعلومات بروتوكولية وبرامج محنطة جامدة بعيدة عن الاهتمام العام.

هكذا ارتجت الساحة الصحفية والإعلامية, بنماذج جديدة وجريئة كسرت المحرمات كما قلنا, بعضها جاء موضوعيا باحثا عن تلبية احتياجات القارئ والمشاهد, وبعضها الآخر تجاوز باحثا عن الإثارة والانتشار, وصولا لإشاعة الدجل والشعوذة والإباحية, انتهاء بالتحريض والحض علي كراهية الآخرين والتعصب الديني المقيت!

***

في مواجهة هذه الانفتاحة الصحفية الإعلامية, التي كشفت الإعلام الحكومي وسرقت منه الأضواء وتجمع حولها الرأي العام, استيقظت حكوماتنا الرشيدة, وقد أصيبت في كبريائها السلطوي, مابين النقد الموضوعي وبين التشهير غير الموضوعي, فاستغلت بعض التجاوز والتشهير الذي حدث علي صفحات بعض الصحف أو شاشات الفضائيات, لكي تنقض علي كل ماهو قائم وتحاول استعادة قبضتها الحديدية علي ماتراه انفلاتا صحفيا وإعلاميا, مستخدمة القوانين المتشددة والعقوبات المغلظة مرة, ومستخدمة مواثيق الشرف ووثائق التنظيم وضبط الإيقاع مرة ثانية.. وهنا بالضبط تقع الوثيقة الجديدة التي أصدرها وزراء الإعلام العرب في الاسبوع الماضي, بعدما كانوا قد أصدروا ميثاق الشرف الإعلامي العربي, لاستكمال ضبط الأمور والتحكم في الحريات, فمن استطاع الإفلات من القوانين تطارده الوثائق والمواثيق, فأين المفر للصحفيين والإعلاميين, بينما البحر أمامهم والحكومات غير الرشيدة وراءهم وفوقهم!

أبدي مخاوفي وأعبر عن هواجسي, وفي ذهني تجارب سابقة وعاصفة, وقوانين بل ترسانة قوانين معادية لحرية الصحافة والإعلام, وعقوبات تصل للحبس في قضايا النشر والرأي, ومطاردات في بعض البلاد العربية تصل للاعتقال والإخفاء القسري والاغتيال, وانتهاكات لحرية الرأي والتعبير, تضع الدول العربية جميعا في أسوأ سجل دولي.. للأسف!

أمامي تقريران حديثان صدرا قبل أيام عن حرية الصحافة والإعلام في العالم, أحدهما التقرير السنوي للجنة الدولية للدفاع عن حرية الصحافة, وثانيهما التقرير السنوي أيضا لمنظمة مراسلون بلا حدود, وكلاهما هاجم بشدة الأوضاع المتردية لأحوال حرية الصحافة والإعلام في الدول العربية, وقد استدرك التقريران الأمر بالنقد القاسي لوثيقة تنظيم البث الفضائي العربي, وكأنما كان الأمر يحتاج الي مزيد من الاستنكار الدولي فضلا عن العربي, لكي نصبح ونمسي مدانين أمام أنظار العالم كله!

قد تنجح الوثيقة الجديدة في ضبط الأمور, وقد تفشل, لكن تظل معركة حرية الصحافة والإعلام, وحرية الرأي والتعبير, هي معركة كل مواطن يتطلع للحياة في ظل نظام ديمقراطي حقيقي.
saied2007
saied2007
المدير العام
المدير العام

عدد الرسائل : 4579
تاريخ التسجيل : 11/10/2007

https://saied2007.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى