الساجدون وأبو تريكة.. والساخرون!

واجه تعبير "منتخب الساجدين" استهجانا من البعض تزامن مع حملة من العلمانيين والتنوريين على اللاعب أبو تريكة، فبعد أن سخرت منه بعض الأقلام غداة قميص التضامن مع غزة وقالت عنه "العارف بالله محمد محمد أبو تريكة" نشر صحفي في صحيفة سعودية معروفة، تصريحا نسبه إلى أبو تريكة يقول فيه "تجلى لي جبل عرفات بعد أن سجلت هدفي في الكاميرون في لقاء النهائي".
التصريح بهذه الصورة يراد به في باطنه طبعا، أشياء خبيثة قد تخفى على من يقرأه بصورته الظاهرة. هو لم يقله اطلاقا، وهذا ما تأكدت منه بنفسي، لكن الصحفي اختلقه بهذه الطريقة ربما بحسن نية وربما بقصد مبيت، وربما فبركه الدسك المركزي في الصحيفة لجلب الاثارة.
وهو ذات السياق الذي حمل باعلامي لبناني كان يتحدث في قناة لبنانية عن "منتخب الساجدين" بسخرية قائلا "نرجو من المصريين ألا يجعلوا النصر الهيا" فالنصر الالهي من اختصاص اللبنانيين فقط".. بقصد طبعا شعارات حزب الله.
أنا مع ما قاله العلامة الكبير الدكتور محمد سليم العوا في حواره مع المتألق عمرو أديب بعدم تحبيذ ربط السجود بانتصارات المنتخب لأنه كان معرضا لأن ينهزم مثلا.
والواقع أن أحدا لم يقل إن السجود والساجدين هو الذي جاء بالكأس والانتصارات المتتالية، أو أن تدين أبو تريكة جعله يعرف طريق المرمى، لكن هذا الوصف كان يعكس ظاهرة التدين للاعبين لم يتواكلوا وإنما بذلوا قصارى جهدهم وهم يدركون أن النتائج بيد الله، يشكرونه في السراء والضراء.
وللعلم لست أنا أو غيري صاحب تعبير "منتخب الساجدين" فوكالات الأنباء والصحافة الغربية هي التي وصفت ذلك، وظلت قنوات فضائية في الولايات المتحدة والمانيا وبريطانيا وفرنسا تبرز أهداف المنتخب ولقطات السجدة الجماعية.
هي ظاهرة تتعلق بتدين اللاعبين لا علاقة لها بالنتائج ولا الحديث عن النصر الالهي كما قالت القناة اللبنانية. ليس في الأمر غيبيات أو دروشة أو تصوف، فأبو تريكة يسجل لأنه يجتهد في التدريب ويقاتل من أجل الفوز، وليس معنى ذلك أنه لا يخسر أو أن المنتخب المتدين يكسب على طول الخط.
لا أدري لماذا غضب البعض من بني جلدتنا من ظاهرة السجود الجماعي وسخر منها مع أن كثيرا من اللاعبين المسيحيين في المنتخبات والأندية العالمية المشهورة يؤدون اشارة الصلاة الخاصة بهم عندما يسجلون أهدافا أو يحققون انتصارات.. فهل قال عنهم أحد إنهم يألهون أهدافهم وبطولاتهم؟!
أبو تريكة لم يقل أبدا إنه "تجلي له جبل عرفات".. فهو مسلم متدين عادي مثل أي مسلم يحافظ على فرائض ونوافل دينيه. وهو يتحفظ دائما في الحديث عن حياته الخاصة دينيا واجتماعيا.
يصف أبو تريكة مظهر سجود اللاعبين في الملعب ودعائهم بأنه أمر طبيعي لأن النصر يأتي من عند الله وليس عليهم سوى السعي وبذل أقصى جهد. وأن الدعاء مع عدم العمل وبذل الجهد لا يأتي بنتيجة.
تأثر أبو تريكة بالشيخ محمد متولي الشعراوي في طفولته، وكانت أمنيته أن يلتقي به وجها لوجه، وكان يواظب على مشاهدة برنامجه التليفزيوني الاسبوعي عقب صلاة الجمعة والذي كان يقدم من خلاله تفسيرا سهلا مبسطا للقرآن الكريم، اسماه الشيخ نفسه "خواطر".
ويحتفظ أبو تريكة بشرائط فيديو هذا البرنامج وتمتلئ مكتبته بكتب الشيخ.
كان وقتها لاعبا في نادي الترسانة عندما جاء الشيخ الشعراوي الى "ناهيا" في الجيزة مسقط رأس أبو تريكة ليفتتح بعض المشروعات الخيرية. رغب في مصافحته والسلام عليه، لكنه بسبب حيائه الشديد لم يفعل ذلك واكتفي بمشاهدته من بعد.
فراج إسماعيل