منتديات السعادة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الإمام محمد أبو زهرة ـ د. أيمن محمد الجندي

اذهب الى الأسفل

الإمام محمد أبو زهرة ـ د. أيمن محمد الجندي Empty الإمام محمد أبو زهرة ـ د. أيمن محمد الجندي

مُساهمة من طرف saied2007 السبت ديسمبر 01, 2007 12:53 am

تعلمت حب هذا الرجل منذ نعومة أظافري ..منذ أن كنت أسمع أمي تفتخر بأنها تلقت العلم على يديه حينما كانت تدرس بحقوق القاهرة في النصف الأول من القرن الماضي ..نفس الشيء قرأته في السيرة الذاتية لجلال أمين حينما قال " من حسن حظنا أننا درسنا على أيدي ثلاثة من أعظم أساتذة الشريعة الإسلامية الذين عرفتهم مصر في العصر الحديث الذين يصعب أن يأتي مثلهم في المستقبل : الشيخ علي الخفيف ، والشيخ محمد أبو زهرة ، والشيخ عبد الوهاب خلاف ، ولكن من الصعب أن أقرر أننا أفدنا منهم بقدر قدرتهم على العطاء بسبب ما كانوا يشعر به هؤلاء العظماء من غربة في كلية لا تحتل الشريعة الإسلامية المكانة التي هي جديرة بها فالعميد ومعظم الأساتذة كانوا من العلمانيين الذين ينظرون إلى الشريعة الإسلامية كأنها زائدة في الجسم لها أصل تاريخي معروف لكنها لم تعد تلعب دورا مهما في حياة المجتمع ومصيرها إلى الزوال تدريجيا ، وقد أنعكس هذا عليهم في ميلهم إلى الانطواء على أنفسهم والضن بعلمهم على من يبدو عليهم أنه يستحقونه " .
ولقد تعرض الشيخ ابو زهرة بعد وفاته لغبن أكثر فمن المحزن أن يندثر علمه ويجهل معظم المثقفين اسمه ومكانته رغم وفاته في وقت قريب نسبيا ( 1974 م ) ..وإنه ليشرفني أن أعرض في عجالة كتابه الضخم الرائع " الإمام الصادق " على أمل أن أعرض ما يقع تحت يدي من كتبه العظيمة القيمة ..
ولد شيخنا في المحلة الكبرى عام 1898 ، حفظ القرآن الكريم في الكتاب ثم أنتقل إلى المسجد الأحمدي في طنطا وظهرت عليه آيات النبوغ واحترام النفس والجدية البالغة ثم أنتقل إلى مدرسة القضاء الشرعي فكان أول المتقدمين فيها ، بعدها حصل على العالمية ثم نال معادلة دار العلوم ، واختير للتدريس في كلية أصول الدين ، بعدها عهدت إليه كلية الحقوق بتدريس الشريعة الإسلامية التي شهدت أخصب فترات حياته العلمية حتى صار رئيسا للقسم ثم وكيلا للكلية .
كتب مؤلفات كثيرة أهمها ترجمة ثمانية من أعلام الإسلام الكبار على رأسهم هذا الكتاب الذي سيتم عرضه في هذه المقالة عن الإمام جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين عليهم رضوان الله .
...................
ومقالنا اليوم مسك وعنبر ..أطواق ورد وعقود فل ..إنه عن التقي النقي ، سيدنا جعفر الصادق ..سليل البركة النبوية والعترة المحمدية ..أبوه محمد الباقر الذي كان يتهيب الإمام أبو حنيفة مقامه قائلا أن حرمته عنده كحرمة جده النبي عند أصحابه .. وجده علي زين العابدين بن الحسين الذي أوسعت له جموع الحجاج ليستلم الحجر الأسود ولم يفعلوا مثله لولي العهد الأموي فيقول مستنكرا : من هذا ؟ ، فيجيبه الفرزدق مغامرا بعنقه تلك القصيدة التي خلدها التاريخ :
- هذا الذي تعرف البطحاء وطأته والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهم هذا التقي النقي الطاهر العلم
الإخلاص معدنه والتجرد في طلب الحقيقة مقصده..لازم العلم وانصرف للعبادة..يقول عنه الإمام مالك :" كان كثير التبسم فإذا ذكر عنده النبي اخضر واصفر ،وما رأيته إلا مصليا أو صائما أو قارئا للقرآن ، وما حدث عن رسول الله إلا على طهارة"
ورعا يطلب الحلال ..يخفي تقشفه تطهيرا للنفس من الرياء ولا يخشى في الله لومة لائم ، يكتب إليه المنصور : لم لا تغشانا كما يغشانا الناس ؟ فيرد قائلا : ليس لنا ما نخافك من أجله ..ولا عندك من أمر الآخرة ما نرجوك له . فيكتب إليه المنصور ثانية: تصحبنا لتنصحنا ، فيجيبه بعزة المؤمن: من أراد الدنيا لا ينصحك ، ومن أراد الآخرة لا يصحبك .
لم يغره الثناء ولم يثنه الهجاء وأعلن براءته ممن حرفوا الإسلام وأفسدوا تعاليمه ..فأشرقت نفسه بنور الحكمة ونفذت بصيرته ..يسأله أبو حنيفة في أربعين مسألة فلا يكتفي بالإجابة الوافية بل يبين اختلاف الفقهاء فيها وما يختار من أقوالهم وما يخالفهم جميعا فيه ..
جلدا صبورا ، عبدا شكورا ، مات بين يديه ولد صغير فأخرجه إلى الدفن وهو يقول : سبحان من يقبض أولادنا فلا نزداد له إلا حبا . سخيا جوادا ، يتحمل خسائر الناس ليمنع الخصومات ويعطي ذوي الحاجة في ظلمات الليل حتى مات فتكشف المستور وظهرت الحاجة فيمن كان يعطيهم . سمحا لا يقابل الإساءة بمثلها ..إذا شتمه شاتم يصلي طويلا ثم يدعو ربه ألا يؤاخذ الجاني . ذا فراسة منعته من اقتحام السياسة والاستجابة لما كان يدعوه مريدوه ويرفض رئاسة الدعوة الشيعية في مواجهة الأمويين قائلا كلمته الحكيمة الموجزة : إنها ليست لنا .
له من الهيبة ما يفوق الخلفاء ..يلقى الرجل اللجوج ذا البيان القوي من دعاة رءوس الفرق المنحرفة فيتلعثم بين يديه ..متواضعا مع تلاميذه حتى لينزع الوسادة من تحته ليجلس عليها مالكا رضي الله عنهما وهو يتلقى منه .
...................
يؤكد الشيخ أن علم الإمام الصادق كان كسبيا وليس إلهاميا كما يزعم الشيعة ..لقد أخذ من عصره وأعطى عصره ، ككل عالم عبقري له فضل البحث والتحري..وهو فضل لا يقل عن الذين رفعوه إلى مرتبة من تلقي علمه بالوصاية فما يؤخذ بالإرادة يكون ثمرة القوى الإنسانية الطائعة التي يبني عليها الثواب . وقد اتجه منذ نعومة أظافره إلى العلم كشأن أل البيت ..يأخذ من التابعين والصالحين ومن أهل المدينة والعراق لا يترك واحدا تعصبا للآخر ، ولم يكن علمه مقصورا على علم آل البيت فهم جميعا كانوا متصلين بعصرهم يأخذون منه ويعطونه ، يمدهم ويمدونه ..وقد اجتهد في معرفة أراء الفقهاء على شتى مناهجهم ليختار من بينهم المنهج القويم ، وهو كمجتهد مستقل له منهاج قائم بذاته يقيس بها الآراء قد يوافق الحجازيين وقد يوافق العراقيين ..
إن علم الرسول كان شائعا بين صحابته ولذلك لم ينعزل علي زين العابدين والباقر والصادق عن الصحابة والتابعين ، تلقى عن أبيه محمد الباقر إمام عصره وتلقى عن جد أمه القاسم بن محمد بن أبي بكر أحد الفقهاء السبعة الذين كونوا العلم المدني وروى عن عائشة رضي الله عنها ..
لم يطلب الخلافة وابتعد عن السياسة تماما وانشغل بالعلم .. ومع أنه لم يدع لنفسه فقد كان المتشيعون في العراق ينادون به إماما في جموعهم السرية ويعتبرون أنفسهم أتباعا له ولكنهم أتوا بأفكار كثيرة كان يتبرأ منها ، وبرغم موقفه هذا فلم يسلم من ريبة أبي جعفر المنصور الذي كان يتوجس خيفة من تقدير الناس له لكن شخصية الإمام الصادق ووقار سنه كانت تدفع المنصور إلى الاطمئنان رغم دسائس من حوله ..وجملة الأخبار تفيد أن الإمام ما كان يتجه إلى الانتقاص من الحكام خوفا من الفتنة وتحكم الأهواء وكثرة البلاء فانصرف إلى العلم ورأى فيه السلوان.
ولد الإمام جعفر عام 80 ه وقد بعد آل البيت عن السياسة التي ذاقوا مرارتها ولم يعرفوا حلاوتها وانصرفوا إلى العلم النبوي يتدارسونه بعد أن خذل الشيعة عليا والحسن والحسين وحرضوا زيدا بن علي على الخروج في عهد هشام بن عبد الملك ثم تخلوا عنه وكذلك ما حدث لأبناء عمومته محمد النفس الزكية بن عبد الله بن حسن وأخيه إبراهيم ، وكان يرى أن مظالم عام من حكم ظالم أقل من مظالم يوم في الفتن كما أن الخروج غير الناجح يؤدي لمظالم أكثر ويزيد المغتصب قوة .
................................
ولقد ترتب على القتلة الفاجرة للإمام الحسين أن أشتدت الحمية لآل البيت ولكن لم تظهر في عمل بل في أراء منحرفة أفرخت في الظلام سواء كانت قيلت بدون قصد أو بهدف هدم الإسلام .. وأدى القمع الشديد من الأمويين والعباسيين إلى تمكينها من الأفراخ في الظلام وظهرت تلك الحركات في عهد الإمامين محمد الباقر وجعفر الصادق اللذين كانوا ينفرون نفورا شديدا من هذه الفرق التي تتمسح بهم ويدعون أنهم يعملون باسمه .
والخلاصة أن المنحرفين كانوا يكذبون على آل البيت ويتخذون محبة الناس لهم ذريعة لبث آرائهم الفاسدة وألقى هذا عبئا شديدا محمد الباقر وجعفر الصادق لأنهم كانوا مطلبين بإعلان براءتهم مما يدعون إليه من الشرك والحلول ومنهم من طعن في رواية القرآن ...واستطاعت هذه الأفكار أن تظهر بمظهر شيعي ..
الإمام جعفر وأبوه الباقر كانا في بلاء من أمر هؤلاء المنحرفين وأهل التقوى يضجون منهم ويشكون إلى الإمامين الكريمين ليحموا العقيدة من هؤلاء والإمامان لا يضنان بالجهود والدعاء يرسلانهم ولكن أولئك سادرون في غيهم يدسون الأكاذيب عليه وينسبونها للصادق..
ويناقش المؤلف مسألة الإمامة عند الجعفرية وهي ركن الدين الخامس ( بعد الصلاة والصوم والزكاة والحج والأئمة الاثنا عشر بالترتيب هم ( على ، الحسن ، الحسين ، علي زين العابدين ، محمد الباقر ، جعفر الصادق ، موسى الكاظم ، على الرضا ، محمد الجواد ، علي الهادي ، حسن العسكري ، محمد المهدي ) وهم في مذهبهم معصومون من الخطأ ، في مراتب الأنبياء ،تجرى على أيديهم المعجزات، علمهم لدني إلهامي وليس كسبيا ، لديهم علم بالشريعة يخرجونه في الوقت المناسب أو يورثونه إلى الوصي. يقول المعتدلون فيهم أن عدم الاعتقاد بالإمامة لا يخرج المسلم عن إسلامه ولكن يحرمه منازل القرب والكرامة يوم القيامة.
يبحث الشيخ - في حياد علمي - نسبة هذا الرأي إلى الإمام جعفر الصادق فيخلص إلى التشكيك في
في صحته لعدة أسباب:
1- لأنه عن طريق الكليني الذي نسب إلى الإمام الصادق قولا في نقص القران رده الثقات من الأمامية كالشريف المرتضى .
2- جميع النصوص عن الإمام لم تدون في وقتها ولكن في وقت متأخر اعتمادا على الذاكرة، وهو أمر فيه خطر لانقطاع السند مائتي عام في أقدم كتبهم وهو الكافي .
3- يستدل المؤلف بعدة مواقف مذكورة في كتب الاثنا عشرية نفسها مثل قبوله لمبايعة عبد الله بن الحسن ورفضه مبايعة ابنه محمد النفس الزكية وهو ما يعني قبول مبدأ المبايعة واختلافه في الشخص مما يشير أن الإمامة اختيار لا وراثة .. كما أنه لا يجوز تفسير مواقفه بالتقية لأنه لا موجب له فقد كان اللقاء مع البيت العلوي .
4- حديث "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا ..كتاب الله وعترتي آل بيتي " لا يدل على إمامة السياسة وإنما إمامة الفقه خصوصا أن النبي كان يولي بعض الأمور غير ألأفقه لأنه الأكفأ من الناحية السياسية .
يقول الشيخ بوضوح أن نسبة هذا الكلام إلى الصادق فيه نظر . وهو خلاف في الرأي والنظر لا في العقيدة والإيمان لأن اعتقادهم لا يخرجهم من الإسلام . والمذهب الجعفري ليس قولا واحدا ولكنه أقوال مختلفة فإذا وجدنا رواية تقول أنه زعم أن في القرآن نقصا وأخرى تكفر قائل هذا القول فإن الحق يلوح في الثانية ..وإن هذه الأقوال التي تخالف إجماع جماهير المسلمين ليست كثيرة ولذلك يقرر أن الفقه الإثنا عشري ليس بعيدا كل البعد عن فقه أهل الأنصار .وفي الناحية المقابلة فإذا كان الأمامية يرون أمر الإمامة عقيدة فهم معنا في أصل التوحيد والرسالة المحمدية ونرجو ألا يعتبروا عدم أخذنا بهذا الجزء من الاعتقاد موجبا لنقص إيماننا أو موجبا لتأثيمنا ، وأن يعلنوا هذا على الملأ من الأمة ويخطئوا الكتب التي كتبت في هذا فإن الخصومة يجب ألا تورث ..لقد استحل جعفر الصادق دماء من يلعن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما كما تبرأ جده على زين العابدين وأبوه محمد الباقر من سب أبي بكر وعمر وعثمان ولقد روى ذلك من الشيعة الجعفرية جابر الجعفي ، وكان الباقر يستشهد بأعمال أبي بكر وعمر . وإذا كان كثيرون ممن يدعون الانتماء للاثنى عشرية لا يوالون أبا بكر وعمر فإن بعضهم يؤكدون على وجوب احترامها لأن الإمام علي صلى خلفهم وبايعهم وانكحهم واكل معهم .
إن الخلاف بين الجعفرية وغيرهم كالاختلاف بين الحنفية والشافعية ..يجب أن يؤمن كل صاحب مذهب أن رأيه صواب يحتمل الخطأ ورأي غيره خطأ يحتمل الصواب ..فإذا حلت المذهبية محل الطائفية أصبح لكل إنسان أن يعتنق من الآراء الفكرية ما يشاء فيكون للجعفري أن يختار من الحنفي وللشافعي أن يختار من الجعفري ذلك أن المذهبية لا عيب من التنقل الفكري فيها أما الطائفية فإنها تورث مع الدم فيكون أبن الشيعي شيعيا وأبن الزيدي زيديا وهكذا ..وليت معتنقيه أيضا ينظرون إليه أنه مذهب وليس طائفة بحيث يكون اختيارا وليس وراثة .
saied2007
saied2007
المدير العام
المدير العام

عدد الرسائل : 4579
تاريخ التسجيل : 11/10/2007

https://saied2007.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى