منتديات السعادة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الديموقراطية في مصر والدور العربي المفقود ..فؤاد مرعي

اذهب الى الأسفل

الديموقراطية في مصر والدور العربي المفقود ..فؤاد مرعي Empty الديموقراطية في مصر والدور العربي المفقود ..فؤاد مرعي

مُساهمة من طرف saied2007 الإثنين فبراير 11, 2008 1:49 am

في عهد الرئيس أنور السادات برزت في مصر فئة من رجال الأعمال عُرفت «بالقطط السِمان». جاء ظهورها تعبيراً عن استكمال الشق الداخلي من الانقلاب ضد نظام جمال عبد الناصر. وقد جرى إدراج التغييرات الكبرى على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي حينذاك، تحت عنوان جذاب هو: عصر الانفتاح. هذا العصر مهد لتنفيذ الشق الخارجي من مشروع النظام. توجت هذه السياسة فيما بعد باتفاقات كمب ديفيد. كانت النتيجة ان سيطرت «القطط السِمان» على الاقتصاد المصري وجرى تلزيم السياسة الخارجية لأميركا عبر وكلاء محليين. منذ ذلك الحين، أصبحت مصر خارج دائرة التأثير الفعلي في قضايا العرب والمنطقة. وهناك من الأدلة الكثير على استمرار هذا الواقع غير الاعتيادي. أبرز مثال على ذلك ما جرى خلال زيارة الرئيس بوش الأخيرة للمنطقة. لقد كانت المحطة المصرية اشبه بمحطة «استراحة» لرئيس عائد من رحلة عمل، ما أثار حفيظة الصحافة والأوساط الشعبية المصرية. حدث هذا في الوقت الذي لم يجف بعد حبر التسريبات الاسرائيلية عن احتمال خفض المساعدات الأميركية لمصر بسبب فشلها في منع تهريب السلاح الى غزة. هكذا يجري تظهير مصر على أنها دولة هامشية متسولة. وانها تتلقى معونات وصدقات مقابل أدوار رديئة يقوم بها نظامها، فيما الأخير لا يفعل ما يثبت العكس. والمشكلة لا تقف عند حدود العجز عن الفعل ورد الفعل على الصعيد الخارجي. بل تتعدى ذلك الى الانخراط في سياسة داخلية قمعية تحت يافطة «الحرب على الارهاب». فالانتخابات يجري تزويرها. والدستور يتم التلاعب به. والمعارضون يرسلون الى السجون. والصحافة يجري قمعها بسبب إشاعة عن صحة الرئيس. انها مؤشرات لا تدل على استقرار داخلي، لكنها تدل على قوة زائدة لدى النظام على المستوى الأمني، وضعف خطير على المستوى الشعبي. انهما صفتان مناسبتان لمن يريد إبقاء النظام في دائرة السلوك القاتل. أي سلوك طريق الديكتاتورية المؤدية الى الإفراط في استخدام العنف في مرحلة ما قبل السقوط. لقد حدث هذا الأمر مع نظام الشاه من قبل، على الرغم من انه كان يتمتع بدور خارجي كبير. فكيف بنظام يجلس منذ سنوات على مقاعد الاحتياط، فاذا ما لعب فمن أجل تسهيل دخول الأهداف في مرمى فريقه! ان ما يحدث اليوم في مصر يندرج في سياق التغييرات التي ترافق الأزمات. فالتجربة الديموقراطية الوليدة باتت تملك من المقومات ما يكفي لبقائها على قيد الحياة. وهي قد أفادت (كما فعل غيرها) من الإجماع العالمي على عدم الاعتراف بالانقلابات او المسارات اللادستورية طريقا لتداول السلطة. اذ لم يبق في العالم من نماذج الحكم سوى تلك التي تأتي عن طريق الانتخابات. أما القوى السياسية الصاعـدة (في مصر والعالم العربي) فهي قوى إسلامية كما هو معروف. فلقد حاربت اميركا طوال عقود القوى الوطنية والقومية في الوطن العربي (وهي قوى علمانية) بالتحالف مع «القطط السِمان»، فحصلت على الحركات الإسلامية الأكثر شعـبية والأعمق جذوراً في المجتمعات العربية. ويعود الفضل ـ جزئيا ـ في هذا التحول الاستراتيجي الى الادارة الأميركية الحالية التي أبدت من الرعونة ما يكفي لإحباط دعايتها السياسية الزائفة حيال أهدافها في المنطقة. نتج عن ذلك ان الشعب العربي في مصر وفي الأقطار العربية الأخرى لم يعد يثق بالسياسة الأميركية المخاتلة. لقد تحولت لعبة نشر الديموقراطية في المنطقة الى كابوس مفزع للأنظمة العربية، بما فيها النظام في مصر. لكن ها هي الأدوار تنقلب بسرعة هائلة: أميركا المنادية بالديموقراطية والحريات تدعم أنظمة ملكية وجمهورية مستبدة وقامعة للحريات! تزداد الأمور أهمية عندما يتعلق الأمر بمصر. فالأميركيون يدركون ان التغيير فيها أخطر على مصالحهم من أي تغيير آخر في المنطقة. هذا التقدير نابع من واقع جيوبوليتيكي وديموغرافي يعطي لمصر دور الزعامة في العالم العربي. فعندما أخرجت أميركا هذه الدولة من دورها القيادي على الساحة العربية أفقدت العالم العربي أهم ركيزة من ركائز وحدته. ولم يكن مطلوباً من مصر طوال الحقبة السابقة سوى ان تصمت وتتفرج، وان تحافظ على استـقرار نظامها واقتصادها الحر الذي زاد شعبها الفقير فقراً. وقد أثبتت التجربة أن مصر المكبلة بالاتفاقات والمعاهدات تساوي صفراً في السياسة. اما مصر الحرة المستقلة فهي بلا شك قادرة على إعادة عقارب «الزمن العربي الرديء» إلى نقطة فوق الصفر على الأقل. إن الخيارات الفعلية المطروحة أمام الأنظمة العربية/ ومنها النظام المصري/ تتلخص في خيارين: الأول يقضي بالالتحاق بالمشروع الأميركي مقابل الحصول على الحماية. والثاني يقضي بإقامة انظمة ديموقراطية على عجل (وبالقوة اذا لزم الأمر) مقابل الحصول على الحرب الأهلية او العقاب الجماعي إذا ما خالفت نتائج الانتخابات الإرادة الأميركية. لقد حمت اميركا نظام «الرأس الواحد» في مصر حيث لا يتم التغيير الا بالتصفية الجسدية (اغتيال السادات مثالاً). وعندما أتت الى العراق لتغيير نظام «الرأس الواحد» حصل الشعب العراقي على الحرب الأهلية بدلاً من الديموقراطية. اليوم عندما تواجه مصر محنتها الداخلية وتقف أمــام قدرها الخارجي على حدود غزة، فمعنــى ذلك أنــها قادمة على أزمة نوعية. فلأول مرة تكون العلاقة ما بين التطلــب الديموقراطي الداخلي والقضـايا الوطنية والقومية بهذا الوضوح. فالديموقراطية هي طريق مصر للــخلاص من الابــتزاز الأميركي ـ الاسرائيلــي. وهـي أداة الحكم الحضارية التي تسمح بمشاركة أوسع قطاعات الشعــب المــصري في العملية السياسـية والانمائية. ان الخروج من عنق الزجاجة يتطلب معاناة آلام المخاض والــولادة. وغـيوم الأزمة في مصر بدأت تتجمع من أجل هطول أمطار متفرقة لا من أجل هبوب عواصف مدمرة ما لم يتدخل الأميركي والاســرائيلي. فبإمكان المواطن العربي ان يتخيل التأثير الهائل الذي يمكن ان تتركه حرية الصحافة والإعلام في بلد كمصر على باقي الدول العربية. فهل يمتلك الرئيس المصري شجاعة ملاقاة المعارضة في بلاده بقرارات على مستوى الأحداث وفي مقدمتها تحديد مدة ولاية الرئيس؟
..السفير اللبنانية
saied2007
saied2007
المدير العام
المدير العام

عدد الرسائل : 4579
تاريخ التسجيل : 11/10/2007

https://saied2007.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى