منتديات السعادة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ماذا تخسر الأمم بغياب تداول السلطة؟ ..د.معتز عبد الفتاح..الب

اذهب الى الأسفل

ماذا تخسر الأمم بغياب تداول السلطة؟ ..د.معتز عبد الفتاح..الب Empty ماذا تخسر الأمم بغياب تداول السلطة؟ ..د.معتز عبد الفتاح..الب

مُساهمة من طرف saied2007 السبت فبراير 09, 2008 10:46 pm

الحياة ندرة واختيار وتضحية كما يقول الاقتصاديون. فإن اخترت أن تعمل خارج مصر لبعض الوقت فقد ضحيت بأن تعمل داخلها خلال نفس المدة، والرشاد يقتضي أن يكون ما تختاره أكثر نفعا علي المستويين الشخصي والجماعي مما تضحي به. ومن هنا ظهرت فكرة تكلفة الفرصة البديلة، أي العائد الذي كان يمكن أن تحصل عليه لو أنك اخترت بديلا آخر. والأمر كذلك عند كل نظام حكم، حين يختار بين البدائل المتاحة أمامه. يحكمها من يحكم حتي آخر يوم في حياته: فهناك من اختار أن يظل في الحكم "ما دام في الصدر قلب يخفق ونفس يتردد" كما قال الرئيس مبارك، وهناك من آثر منهجا آخر يقول: "إن كان الحكم خيرا فقد نلنا منه، وإن كان شرا فقد كفي ما كان" كما قال وفعل عظيم هذه الأمة عمر بن الخطاب، حين رفض توريث الحكم لابنه عبد الله بن عمر. والرئيس مبارك يسير علي نهج كل حكام مصر السابقين ومعهم حكام بلدان العرب وملوك المسلمين الذين نسميهم مجاملة خلفاء، ومنطق هؤلاء أن "السكوت علامة الرضا" لكن علم السياسة المعاصر يراها علي نحو مختلف، حيث "لا ينسب إلي ساكت قول" كما قال الفقهاء قديما، فالصمت قد يعني الرضا الناتج عن الإنجاز أو يعني الخوف الناتج عن القهر، أو السلبية الناتجة عن الجهل. والسؤال المطروح في هذا المقال: ما الذي تفقده مصر بأن تظل علي نهجها بأن يحكمها من يحكم حتي آخر يوم في حياته بما في ذلك رفض تعديل المادة 77 التي تعطي لرئيس الدولة الحق الدستوري في أن يظل في الحكم دون قيود؟ وهل هذا من الرشاد السياسي؟ إن مصر تعاني من مشكلتين أساسيتين علي الأقل بحكم تمسك قيادتها بديمومة الحاكم علي مقعد السلطة، مهما حسنت نواياه وبلغت فراسته، وهما مشكلتان تعاني منهما بلدان العالم المتخلف الذي ننتمي إليه: 1- أولا ضعف آليات محاربة الفساد. فرغما عن أن التداول السلمي للسلطة لا ينفي وقوع الفساد واستغلال النفوذ، لكن وجود تقاليد مؤسسية تقضي باحتمال أن يأتي إلي الحكم أشخاص لهم خلفية سياسية وحزبية مختلفة مع كل انتخابات جديدة توفر البنية المؤسسية التي تكشف عن الفساد السابق وتردع الفساد اللاحق. ولنأخذ اليابان مثالا. فلقد ظل الحزب الليبرالي يحكم اليابان لمدة 40 سنة حتي مطلع التسعينيات وعندما نجح تحالف المعارضة آنذاك في الوصول إلي السلطة سمعنا عن عشرات قضايا الفساد، سواء السياسي أو المالي والإداري، بما استتبع انتحار العديد من المسئولين اليابانيين وسجن عدد من الوزراء السابقين. لماذا؟ لأن المسئول الجديد لا يقبل أن يحاسب علي خطايا غيره بل علي العكس فإن دوره أن يكشف عن سوء استخدام السلطة من السابقين عليه. وحتي لا يبدو هذا الطرح غريبا عن البيئة المصرية فقد شهدت مصر مؤخرا مثالا مهما في دلالته، حيث نقلت صحيفة الأهرام في 10 ديسمبر 2007 أن رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية الجديد عندما تولي مسئولية إدارة الهيئة منذ ستة أشهر، قام بحصر الحيوانات الموجودة بالحديقة، وتبين نفوق 720 نوعا من الحيوانات بحديقة الحيوان في الجيزة خلال العامين الماضيين فقط، وقيمة هذه الحيوانات نحو ثمانية ملايين جنيه، فأبلغ النيابة الإدارية للتحقيق في أسباب اختفاء هذه الحيوانات. فالجديد لا يريد أن يتحمل مسئولية وأخطاء السابقين عليه. 2- إضعاف المؤسسات لصالح تحالف السلطة والثروة والإكراه: يستخدم مفهوم النخبة الحاكمةGoverning Elite) ) لوصف تحالف يجمع بين أهل السياسة والثروة والإكراه. وهو تحالف يأخذ شكل "شلة" تتحالف وتتزاوج وتتناسل فيما بينها بحيث تعيد إنتاج نفسها، وفقا لبناء غير رسمي للسلطة يكون فيه كارت التوصية أو مكالمة التليفون أهم من الإطار الرسمي القائم علي قواعد محكمة، تساوي بين الجميع وفقا لإجراءات معلنة ومعروفة سلفا. ولنتذكر مثالين متعارضين لأثر ضعف وقوة المؤسسات السياسية علي مستقبل أي دولة. فقد قرر تحالف السلطة والثروة والإكراه في باكستان أن يستمر الجنرال مشرف في السلطة بغض النظر عن أي قيود دستورية قد ترد علي المنصب. وعليه فقد عزل الرئيس مشرف رئيس المحكمة الدستورية الذي التزم بحكم الدستور، واشترط أن يترك مشرف رئاسة الجيش قبل أن يخوض الانتخابات، بل قمع المظاهرات التي خرجت مطالبة بعودة رئيس المحكمة المخلوع، بما ترتب علي ذلك من عنف اجتاح البلاد وردة ديمقراطية حقيقية. أما المثال الثاني، فقد ارتبط بجدل الانتخابات الأمريكية في عام 2000 حيث فاز آل جور بأغلبية الأصوات العددية، لكن وفقا للدستور الأمريكي فإن توزيع الأصوات بين الولايات هو الفيصل في الفائز في الانتخابات. ولأن تقليد تداول السلطة في الولايات المتحدة مستقر فقد رسخ في أذهان الأمريكيين احترام مؤسسات الدولة حتي وإن اختلفوا مع توجهها. وعليه فقد وقف مؤيدو آل جور علي أحد جانبي الشارع ووقف أنصار جورج بوش علي الجانب الآخر ينتظرون جميعا حكم المحكمة الدستورية في فلوريدا ثم في المحكمة العليا في العاصمة واشنطن دون طلقة رصاص واحدة، ويعلن المرشحان المتنافسان عن أنهما سيحترمان حكم المحكمة أيا كان. ومن هنا كانت المؤسسة أقوي من الفرد لأن الفرد له دور وله مدة، أما المؤسسة فلها وظيفة ولها ديمومة. وعليه فأشك كثيرا في جدية أي تحول ديمقراطي حقيقي في مصر تحت إدارة الحزب الوطني لأن الديمقراطية الحقيقية ستعني ضمنا زيادة احتمالات التداول السلمي للسلطة وهو ما يعني فتح ملفات الإهمال والفساد والتخلف التي تعانيها مصر
saied2007
saied2007
المدير العام
المدير العام

عدد الرسائل : 4579
تاريخ التسجيل : 11/10/2007

https://saied2007.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى