منتديات السعادة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

آلاء.. وضحايا عبّارة ..سعيد الشحات..المصري اليوم

اذهب الى الأسفل

آلاء.. وضحايا عبّارة ..سعيد الشحات..المصري اليوم Empty آلاء.. وضحايا عبّارة ..سعيد الشحات..المصري اليوم

مُساهمة من طرف saied2007 السبت فبراير 09, 2008 10:45 pm

لما كنت أشوف آلاء وعبدالرحمن بيلعبوا مباراة استيشن كان أحسن عندي من مباراة بين البرازيل وألمانيا».. لم أستطع مقاومة دموعي، وأنا أسمع هذه الكلمات المفجوعة من الدكتور محمد عبدالحليم، الطبيب الذي يعيش الآن وحيداً حزيناً مفجوعاً، تطارده ذكريات أبنائه الأربعة وزوجته، الذين فقدهم جميعاً منذ عامين في كارثة العبارة «السلام ٩٨»، ويصمم علي مواصلة الشوط إلي آخره في المحاكم، مهما كلفه ذلك، حتي لا تتحول أرواح الضحايا إلي مزاد يباع ويشتري فيه، وحتي لا يفقد من هم في عمر آلاء وعبدالرحمن الثقة في المستقبل. قادتني المصادفة قبل أيام إلي لقاء الأب، الذي كان في ضيافة الصديق الكاتب الصحفي خالد صلاح، وكان عائداً من سفاجا بعد حضور جلسة محاكمة ممدوح إسماعيل، مالك العبارة والمتهمين الآخرين معه، تحدث الأب عما دار في الجلسة، والجلسات السابقة، وفيما يذكره تتأكد من أنك أمام إنسان حولته محنته إلي مرجع قانوني وسياسي وإنساني في القضية، فهو يحفظ تفاصيلها عن ظهر قلب، وعن كل سؤال لديه الإجابة، ولديه الردود علي كل كلمة، يستند إليها الذين يسعون إلي تبرئة المتهمين، وفي الإجمال هو إنسان جعلته فجيعته مقاتلاً، لا تلين له عزيمة من أجل أن تظهر حقيقة من قتل أبناءه، ومن أجل أن ينال الفاسدون عقابهم، بعد أن جعلوا من الوطن مطية يركبونها، ويقودوها قيادة «سارق الكحل من العين». كان الصديق خالد،، الذي التقاه كثيراً، يقاطعه بذكر كلمة «لا إله إلا الله»، حين ينتقل بحديثه عن أجواء القضية، وتفاصيلها في المحكمة إلي خصوصيتها بالنسبة له، فيتهدج صوته، وتنذرف دموعه، كلما ذكر أحد أبنائه، الأبناء الذين تتزين بصورهم جدران المنزل، وتطارده نظراتهم البريئة، فهذه آلاء التي ألفت الشعر، ودونته في كراستها.. شعر عن حب الوطن رغم غربتها عنه.. شعر كتبته عن الحياة التي تنتظرها وهي بعد لا تزال صغيرة السن.. شعر عن محنة الشعب الفلسطيني الذي شاهدت قسوة الظروف عليه عبر الفضائيات.. شعر ألفته عما هو حاضر وآت.. شعر يقرؤه الأب كل يوم وكأنه يعيد اكتشاف ابنته من جديد، رغم أنها في السماء العليا بين الصديقين والنبيين والشهداء، أما قصتها مع الموت، فتنبأت به في نفس الكراسة، حين علمت أنها ستسافر بحراً في العبارة المشؤومة، فهل كان «الحجاب» مكشوفاً عنها -كما يقول عامة الناس حين يخلدون إلي المتحدث عن فلسفة الموت بطريقتهم الخاصة- هي آلاء، ابنة الحياة والموت في آن واحد، صحيح أن كلنا أبناء هذه الحقيقة، لكن تخيلوا معي حياة أب يتنفس بحياة أطفاله، ثم يفقدهم جميعاً في لحظة واحدة، هي بكائية القلب قبل العين، هو العمر الذي توقف في لحظة، بفعل مستهترين وفاسدين، وأفاكين. هل يمكن بعد ذلك أن يقبل الدكتور محمد عبدالحليم «الدية»؟! ولو كانت ملايين الملايين، ماذا سيفعل بها؟، وهل ستعوضه لحظة حنان أب وهو يداعب أبناءه، لحظة حلم بالمستقبل لأكباده، المستقبل الذي نراه غولاً متوحشاً، ينهرنا بالأمر لترك الوطن إلي الغربة في الخليج سنة وراء أخري، حتي نكتشف أن الغول كما هو في توحشه، ولن يشبع أبداً من أي حصاد للدولارات، فتأتي العودة بعد أن يضيع المستقبل والحاضر والماضي. هي قصة وطن يطرد أبناءه كل يوم، بعد أن ركبه السماسرة، والفاسدون، وطن يرميهم بين النفط والرمال والسلفية، وأكذوبة الثراء السريع، وحين يشتاقون إليه، كما اشتاق عبدالرحمن وآلاء وكل شهداء العبارة لكتابة سطر في قصة مستقبله، يبتلعهم قاع البحر، وبقدر ما يري محمد عبدالحليم أن ما حدث قضاء وقدر، وأن عمراً لأبنائه حدد الله نهايته، إلا أنه يبحث عن مسؤولية الإنسان، والمكان، فإغلاق هذا الملف سيكون هو الكارثة الحقيقية، خاصة أن المجهول يحيط بها من كل جانب، وألاعيب الحاوي تستهدف دفنها في الرمال كما دفنت جثث أكثر من ألف ضحية. وبعد عامين من الأخذ والرد في المحاكم والنيابات، مازالت الأسئلة مطروحة، من هم ملاك الباخرة الحقيقيون؟، ومن يقف وراء ممدوح إسماعيل؟، وهل يصح الاعتماد علي منطق التعويضات ودفع الدية لتبرئة ساحة المتهمين؟، وأين الكلمة الفصل في ملف الذين قيل إنهم مازالوا علي قيد الحياة من طاقم العبارة، ولا يعلم عنهم أحد شيئاً؟، أين ذهبت نداءات وآراء أهل الحل والعقد من الذين أطلقوا كلمة حق في القضية، كرأي النائب حمدي الطحان، رئيس لجنة النقل بمجلس الشعب؟ أسئلة تتسع بحجم الكارثة التي لو حدثت في بلد يعطي قيمة حقيقية للإنسان، لكانت حكومات أقيلت، ومسؤولون تم تقديمهم للمحاكمة، فالقضية بكل ما حدث فيها كشفت عورات، وأكدت خيبات، وكرست حقيقة أن الفساد ينهش في جسد مصر، الفساد الذي يصمم الدكتور محمد عبدالحليم علي كشفه حتي يستريح أبناؤه الأربعة في الآخرة.
saied2007
saied2007
المدير العام
المدير العام

عدد الرسائل : 4579
تاريخ التسجيل : 11/10/2007

https://saied2007.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى