منتديات السعادة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

السياسة عند الفقهاءج4 للدكتور القرضاوى

اذهب الى الأسفل

السياسة عند الفقهاءج4   للدكتور القرضاوى Empty السياسة عند الفقهاءج4 للدكتور القرضاوى

مُساهمة من طرف saied2007 الخميس نوفمبر 29, 2007 4:47 pm

تعقيب عام على السياسة عند الفقهاء:

ما ذكرناه يتعلَّق بموقف الفقهاء من مصطلح (السياسة) وتحديد مفهومها، ونظرتهم إليها بين موسِّع ومضيِّق.

ولكن إذا نظرنا إلى (السياسة) من حيث (المضمون) وهو: ما يتعلَّق بتدبير أمور الرعية، وأداء الحقوق والأمانات إليهم، ونحو ذلك، فقد تحدث الفقهاء عن ذلك حديثًا أطول، بعضه في داخل كتب الفقه في أبواب معروفة مثل: باب الأمانة، والقضاء، والحدود، والجهاد، وغيرها. وبعضه في كتب خاصة عنيت بموضوعات الحكم والسياسة والإدارة والمال وغيرها، كما رأينا في كتب معروفة، مثل: (الأحكام السلطانية) لأبي الحسن الماوردي الشافعي (ت450هـ)، ومثله بنفس العنوان لأبي يعلى الفراء الحنبلي (ت456هـ)، و(غياث الأمم في التياث الظلم) أو (الغِياثي) لإمام الحرمين الجويني الشافعي (ت476هـ)، و(السياسة الشرعية) لابن تيمية الحنبلي (ت728هـ)، و(الطُّرق الحُكمية) لابن القيم (ت751هـ)، وتبصرة الحكام لابن فرحون المالكي (ت799هـ)، وتحرير الأحكام لابن جماعة (ت819هـ)، ومُعِين الحكام للطرابلسي الحنفي (ت844هـ)، وغير ذلك مما أُلِّف ليكون مرجعًا للقضاة والحكام.

وهناك الكتب التي تتعلَّق بسياسة المال خاصة، مثل: (الخراج) لأبي يوسف أكبر أصحاب أبي حنيفة (ت182هـ) صنفه لهارون الرشيد ليسير عليه في سياسته المالية. وكذلك (الخراج) ليحيى بن آدم (ت203هـ)، و(الأموال) لأبي عبيد القاسم بن سلام (ت224هـ)، وهو أعظم ما أُلِّف في الفقه المالي في الإسلام. و(الأموال) لابن زنجويه (ت248هـ)، و(الاستخراج في أحكام الخراج) لابن رجب الحنبلي (ت795هـ).

هذا بالإضافة إلى ما كتبه العلماء عن السياسة في كتب العقائد أو كتب (علم الكلام) كما كان يسمى، فقد اضطر أهل السنة أن يكتبوا عن الإمامة وشروطها ووظائفها وغير ذلك في كتب العقيدة؛ لأن الشيعة يعتبرون (الإمامة) في مذهبهم من أصول العقيدة، فيتحدثون عنها في كتبها. فلهذا خاض علماء أهل السنة في هذا الموضوع ليثبتوا موقفهم المخالف في هذه القضية، من حيث إن الإمام لا يشترط أن يكون من أهل البيت، وإن اشترط أكثرهم أن يكون من قريش، وإن الإمام يختار من الأمة، وأنه ليس بمعصوم من الخطأ ولا الخطيئة، وإنه يؤخذ منه ويرد عليه.

كما أن من علماء أهل السنة من تعرض لأمر السياسة في كتب (التصوف)، كما رأينا الإمام أبا حامد الغزالي (ت505هـ) يتعرض لذلك في موسوعته الشهيرة (إحياء علوم الدِّين)، إضافة إلى تعرضه لها في كتب علم الكلام مثل (الاقتصاد في الاعتقاد).

من ذلك ما كتبه في (كتاب العلم) من الإحياء عن الفقه والسياسة، أو العلاقة بين الفقيه والسياسي، فهو يجعل الفقه من علوم الحياة أو علوم الدنيا، وهنا يذكر أن الناس لو تناولوا أمور الدنيا بالعدل لانقطعت الخصومات، وتعطل الفقهاء! ولكنهم تناولوها بالشهوات، فتولدت منها الخصومات، فمست الحاجة إلى سلطان يسوسهم، واحتاج السلطان إلى قانون يسوسهم به.

(فالفقيه هو العالم بقانون السياسة وطريق التوسط بين الخَلق إذا تنازعوا بحكم الشهوات، فكان الفقيه معلم السلطان ومرشده إلى طُرُق سياسة الخَلق وضبطهم؛ لينتظم باستقامتهم أمورهم في الدنيا. ولعَمْرِي إنه متعلِّق أيضًا بالدِّين، لكن لا بنفسه، بل بواسطة الدنيا، فإن الدنيا مزرعة الآخرة، ولا يتم الدِّين إلا بالدنيا. والمُلك والدِّين توأمان، فالدِّين أصل والسلطان حارس، وما لا أصل له فمهدوم، وما لا حارس له فضائع، ولا يتم المُلك والضبط إلا بالسلطان، وطريق الضبط في فصل الحكومات بالفقه) [34].



--------------------------------------------------------------------------------

[1] شرح تنقيح الفصول: صـ181.

[2]- أعتقد أنه يريد ما جوزه من فرض ضرائب على القادرين، إذا خلا بيت المال، وأصبحت حاجة الجهاد والدفاع تحتم إيجاد موارد للجند المدافعين، حتى لا تتعرض بلاد المسلمين كلها للخطر. وهو ما ذكره في (الغياثي) فقرة رقم (370) وما بعدها.

[3]- شرح تنقيح الفصول: صـ199.

[4]- لم يذكر لنا إمام الحرمين هنا ولا في كتابه الأصولي الشهير (البرهان): أين نقل هذا عن مالك، فلم يذكره في (الموطأ) ولم يرد في (المدونة)، ولا في غيرها من كتب مذهبه، ولم ينقل هذا أحد من العلماء المعروفين الذين عنوا بنقل أقوال الأئمة وفقهاء السلف، مثل: عبد الرزاق، وابن أبي شيبة في مصنفيهما، والطحاوي والبيهقي في كتبهما. وقد أنكر هذا القول علماء المالكية بشدة، كما في منح الجليل شرح مختصر خليل، حيث قال:

(في التوضيح (أي من كتب المالكية): أبو المعالي (وهو إمام الحرمين قال): الإمام مالك رضي الله تعالى عنه، كثيرًا ما يبني مذهبه على المصالح، وقد نقل عنه قتل ثلث العامة لإصلاح الثلثين. المازري: ما حكاه أبو المعالي عن مالك صحيح. زاد الحطاب بعده عن شرح (المحصول): ما ذكره إمام الحرمين عن مالك لم يوجد في كتب المالكية.

البُناني: شيخ شيوخنا المحقق محمد بن عبد القادر: هذا الكلام لا يجوز أن يسطر في الكتب؛ لئلا يغتر به بعض ضعفة الطلباء، وهذا لا يوافق شيئًا من القواعد الشرعية.

الشهاب القرافي: ما نقله إمام الحرمين عن مالك: أنكره المالكية إنكارًا شديدًا، ولم يوجد في كتبهم. ابن الشماع: ما نقله إمام الحرمين لم ينقله أحد من علماء المذهب، ولم يخبر أنه رواه نقلته، إنما ألزمه ذلك، وقد اضطرب إمام الحرمين في ذكره ذلك عنه، كما اتضح ذلك من كتاب (البرهان). وقول المازري: ما حكاه أبو المعالي صحيح: راجع لأول الكلام. وهو: أنه كثيرًا ما يبني مذهبه على المصالح، لا إلى قوله: نقل عنه قتل الثلث... إلخ، أو أنه حمله على تترس الكفار ببعض المسلمين، وقوله: مالك يبني مذهبه على المصالح كثيرًا: فيه نظر؛ لإنكار المالكية ذلك إلا على وجه مخصوص حسبما تقرر في الأصول، ولا يصح حمله على الإطلاق والعموم حتى يجري في الفتن التي تقع بين المسلمين وما يشبهها. وقد أشبع الكلام في هذا شيخ شيوخنا العلامة المحقق أبو عبد الله سيدي العربي الفاسي في جواب له طويل، وقد نقلت منه ما قيدته أعلاه، وهو تنبيه مهم تنبغي المحافظة عليه لئلا يُغتر بما في التوضيح اهـ.

وأما تأويل "ز" بأن المراد قتل ثلث المفسدين إذا تعين طريقًا لإصلاح بقيتهم فغير صحيح، ولا يحل القول به، فإن الشارع إنما وضع لإصلاح المفسدين الحدود عند ثبوت موجباتها، ومن لم تصلحه السنة فلا أصلحه الله تعالى، ومثل هذا التأويل الفاسد هو الذي يوقع كثيرًا من الظلمة المفسدين في سفك دماء المسلمين نعوذ بالله من شرور الفساد). انظر: منح الجليل شرح مختصر خليلباب في بيان أحكام الإجارة وكراء الدواب وغيرها صـ514، 515. وانظر: كلام إمام الحرمين في البرهان (2/733، 783، 785).

[5]- فقرة: 321، 322. من (غياث الأمم).

[6]- فقرة: 323.

[7]- فقرة: 323.

[8]- فقرة: 324.

[9]- فقرة: 324.

[10]- فقرة: 326.

[11]- فقرة: 333، 332.

[12]- فقرة:334.

[13]- انظر: تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام (2/150 - 152) طبعة الحلبي. مصر.

[14]- انظر: تنقيح الفصول للقرافي صـ199.

[15]- إن كان يعني (مفردات القرآن) للراغب الأصفهاني، فلا توجد فيه مادة (سياسة) ومشتقاتها؛ لأنها ليست كلمة قرآنية، كما ذكرنا. فلا أدري ماذا يعني بـ(المفردات)!

[16]- الدر المنتقى: كتاب الحدود (1/590). هامش مجمع الأنهر.

[17]- البحر لابن نجيم: كتاب الحدود (5/11).

[18]- كان في نفسي شيء من فعل سيدنا عمر رضي الله عنه الذي اشتهر بإقامة العدل، وإنصاف المظلوم من ظالمه، ولو كان واليًا من ولاته. فكيف يعاقب رجلاً لا ذنب له، إلا أن الله خلقه جميلاً، يخرجه من داره، لمجرد أن امرأة ذكرته في شعرها! وإذا كان يخاف منه على نساء المدينة، أفلا يخاف منه على نساء البصرة؟.

ثم ترجَّح عندي أن أبحث عن سند القصة، فلعلها -رغم شهرتها- لم تثبت بطريق صحيح على منهج المحدثين. وبعد الرجوع إلى أسانيد القصة: وُجد أن أصح طرقها لم يروها أحد شاهدها أو عاصرها من الصحابة أو التابعين، كما أنها لم تُرْوَ بسند صحيح متصل. وقد روى القصة اثنان من التابعين:

الأول: الشعبي، (رواها أبو نعيم في الحلية: 4/322)، وقد مات عمر وعمره أربع سنوات؛ ولذا قال الذهبي وغيره: لم يسمع من عمر، على أن السند إلى الشعبي فيه عدد من الضعفاء، حتى إن منهم من اتهم بالكذب! والثاني: عبد الله بن بريدة، (رواها ابن سعد في الطبقات: 3/285)، وهو لم يشهد القصة أيضًا، فقد مات عمر وهو في السابعة من عمره؛ ولذا قالوا: لم يسمع من عمر. على أن ابن بريدة ذاته كان في نفس الإمام أحمد منه شيء، وبعض من روى عنه فيه كلام كثير.

وهناك طرق أخرى كلها أضعف من هاتين الطريقين، رواها ابن عساكر؛ ولهذا لم نذكرها.

وبهذا لم تثبت هذه القصة بسند تقوم به الحجة، وتصبح من المسلمات التاريخية، وتحسب على الإمام العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

[19]- انظر: حاشية ابن عابدين جـ12 صـ49 - 52 طبعة دار الثقافة والتراث. دمشق سوريا. بتحقيق د. حسام الدين فرفور.

[20] - وذلك لما أدخل بعض الصحابة في مصاحفهم تفسير بعض الكلمات، ثم أخذ القراء ينقلون هذه المصاحف، وبعضهم لا يفرق المُفَسَّر من المُفَسِّر، جمع عثمان المصاحف كلها وأحرقها بموافقة الصحابة، وكتب المصحف الإمام. وألزم الناس ألا يأخذوا إلا عنه.

[21]- هو غلام علي رضي الله عنه، وانظر: التمهيد لابن عبد البر: 5/318، وتاريخ دمشق: 42/476.

[22]- المعروف في ذلك أن يقال: كلتا الطائفتين. كما قال الله تعالى: {كلتا الجنتين آتت أكلها} [الكهف:33].

[23]- إشارة إلى حديث: "أن النبي حبس رجلاً في تهمة"، وقد رواه أحمد في المسند (20019) عن معاوية ابن حيدة، وقال محققوه: إسناده حسن، وأبو داود في الأقضية (3630)، والترمذي في الديات (1417)، وقال: حديث حسن، والنسائي في قطع السارق (4875)، والحاكم في المستدرك كتاب الأحكام (4/114)، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وعند أحمد والنسائي: "حبس ناسًا".

[24]- إشارة إلى حديث: "إذا وجدتم الرجل قد غلَّ فأحرقوا متاعه واضربوه"، وقد رواه أبو داود في الجهاد (2713) عن عمر، والترمذي في الحدود (1461)، وقال: حديث غريب، والحاكم في المستدرك كتاب الجهاد (2/138) وقال: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، والبيهقي في الكبرى كتاب السير (9/102) وضعفه، وأبو يعلى في المسند (1/180).

[25]- إشارة إلى حديث: قتل رجل من حمير رجلاً من العدو فأراد سلبه، فمنعه خالد بن الوليد وكان واليًا عليهم، فأتى رسول الله عوف بن مالك فأخبره، فقال لخالد: "ما منعك أن تعطيه سلبه؟" قال: استكثرته يا رسول الله. قال: "ادفعه إليه". فمر خالد بعوف فجر بردائه، ثم قال: هل أنجزت لك ما ذكرت لك من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فسمعه رسول الله فاستغضب، فقال: "لا تعطه يا خالد لا تعطه يا خالد، هل أنتم تاركون لي أمرائي؟ إنما أنا مثلكم ومثلهم كمثل رجل استرعى إبلاً أو غنمًا فرعاها، ثم تحين سقيها فأوردها حوضًا فشرعت فيه فشربت صفوه وتركت كدره، فصفوه لكم وكدره عليهم"، وقد رواه مسلم في الجهاد والسير (1753) عن عوف بن مالك، وأحمد في المسند (23987).

[26]- إشارة إلى حديث: "لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم أخالف إلى منازل قوم لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم"، وقد رواه البخاري في الخصومات (2420) عن أبي هريرة، ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة (651)، وأبو داود في الصلاة (549)، والترمذي في الصلاة (217)، والنسائي في الإمامة (848).

[27]- إشارة إلى حديث: "ضالة الإبل المكتومة غرامتها ومثلها معها"، وقد رواه أبو داود في اللقطة (1718) عن أبي هريرة، وعبد الرزاق في المصنف كتاب اللقطة (10/129)، والبيهقي في الكبرى كتاب اللقطة (6/191)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (1511).

[28]- رواه أحمد في المسند (20053) عن معاوية بن حيدة، وقال محققوه: إسناده حسن، وأبو داود في الزكاة (1575) والنسائي في الزكاة (2444) والحاكم في المستدرك كتاب الزكاة (1/554) وقال: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

[29]- إشارة إلى حديث: "أهرق الخمر واكسر الدنان"، وقد رواه الترمذي في البيوع (1293) عن أبي طلحة، والطبراني في الكبير (5/99)، والدارقطني في السنن كتاب الأشربة وغيرها (4/265)، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي (1039).

[30]- إشارة إلى حديث: أن النبي رأى نيرانًا توقد يوم خيبر قال: "على ما توقد هذه النيران؟" قالوا: على الحمر الإنسية. قال: "اكسروها وأهرقوها" قالوا: ألا نهريقها ونغسلها؟ قال: "اغسلوا"، وقد رواه البخاري في المظالم (2477) عن سلمة بن الأكوع، ومسلم في الجهاد والسير (1802).

[31]- إشارة إلى حديث: بينما رسول الله في بعض أسفاره، وامرأة من الأنصار على ناقة فضجرت فلعنتها، فسمع ذلك رسول الله فقال: "خذوا ما عليها ودعوها فإنها ملعونة"، وقد رواه مسلم في البر والصلة والآداب (2595) عن عمران بن حصين، وأحمد في المسند (19870)، وأبو داود في الجهاد (2561).

[32]- سبق الكلام عن سند هذه القصة وما في النفس منها.

[33]- انظر: الطرق الحكمية صـ41 - 50 طبعة المكتب الإسلامي ببيروت، وانظر: إعلام الموقعين (4/372 - 375) طبعة مطبعة السعادة بمصر. بتحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد.

[34]- انظر: الإحياء (1/17) طبعة دار المعرفة. بيروت.
saied2007
saied2007
المدير العام
المدير العام

عدد الرسائل : 4579
تاريخ التسجيل : 11/10/2007

https://saied2007.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى