منتديات السعادة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

السياسة عند الفقهاءج1 للدكتور القرضاوى

3 مشترك

اذهب الى الأسفل

السياسة عند الفقهاءج1    للدكتور القرضاوى Empty السياسة عند الفقهاءج1 للدكتور القرضاوى

مُساهمة من طرف saied2007 الخميس نوفمبر 29, 2007 4:44 pm

تحدث فقهاء المذاهب المختلفة في كتبهم عن السياسة بمناسبات شتَّى، وخصوصًا عند حديثهم عن التعزير: وهو العقوبة غير المقدرة بالنص، وكان منهم المُوَسِّع في السياسة، والمُضَيِّق فيها. وسنحاول هنا بحث مسألة السياسة عند الفقهاء على اختلاف مذاهبهم، مع بيان حدود السياسة اليوم ومجالاتها.

السياسة عند المالكية والشافعية:

ويبدو أن الشافعية كانوا هم المضيقين في هذا الجانب أكثر من غيرهم؛ لأنهم لا يقولون بالمصالح المرسلة. وإن كان الإمام شهاب الدِّين القرافي المالكي (ت 684هـ) يذكر في كتابه (تنقيح الفصول): أن كل فقهاء المذاهب قالوا بالمصالح. يقول رحمه الله: (وإذا افتقدت المذاهب وجدتهم إذا قاسوا أو جمعوا أو فرَّقوا بين المسألتين لا يطلبون شاهدًا بالاعتبار لذلك المعنى الذي جمعوا أو فرَّقوا، بل يكتفون بمطلق المناسبة، وهذا هو المصلحة المرسلة، فهي حينئذ في جميع المذاهب) [1].

وهذا هو التحقيق فالذي يطالع كتب المذاهب الأخرى يجد فيها عشرات ومئات من المسائل إنما يعللونها بتعليلات مصلحية، وإن كان الحنفية والحنابلة أكثر من الشافعية في ذلك.

ويذكر القرافي: أن إمام الحرمين -عبد الملك بن عبد الله الجويني (ت 478هـ)- قرَّر في كتابه المسمى بـ(الغياثي) أمورًا وجوَّزها وأفتى بها -والمالكية بعيدون عنها- وجسر عليها، وقالها للمصلحة المطلقة [2]، وكذلك الغزالي في (شفاء الغليل) مع أن الاثنين شديدا الإنكار علينا -يعني المالكية- في المصلحة المرسلة [3].

وإمام الحرمين والغزالي شافعيان، ولكن المعروف أن الغزالي في (المستصفى) يعتبر المصلحة من (الأصول الموهومة)، وأن شيخه إمام الحرمين يضيق في السياسة الشرعية، ولا يجيز أي زيادة على المنصوص عليه في العقوبات.

تضييق إمام الحرمين في السياسة:

وقد نقل الأستاذ الدكتور عبد العظيم الديب -في مقدمة تحقيقه لكتاب (الغياثي)- ما يوضح موقف الإمام -رحمه الله- من قضية التوسع في التعزيرات، كما أجازه آخرون باسم السياسة للردع والزجر. وكان مما نقله عنه قوله: (ومما يتعين الاعتناء به الآن، وهو مقصود الفصل: أن أبناء الزمان ذهبوا إلى أن مناصب السلطنة والولاية لا تَسْتَدُّ (من السداد) إلا على رأي مالك رضي الله عنه، وكان يرى الازدياد على مبالغ الحدود في التعزيرات، ويسوغ للوالي أن يقتل في التعزير، ونقل النقلة عنه أنه قال: للإمام أن يقتل ثلث الأمة في استصلاح ثلثيها [4]!

(وذهب بعض الجهلة -عن غِرة وغباوة- إلى أن ما جرى في صدر الإسلام من التخفيفات، كان سببها أنهم كانوا على قرب عهد بصفوة الإسلام، وكان يكفي في ردعهم التنبيه اليسير، والمقدار القريب من التعزير، وأما الآن فقد قست القلوب، وبعدت العهود، ووهنت العقود، وصار متشبث عامة الخَلق الرغبات والرهبات، فلو وقع الاقتصار على ما كان من العقوبات، لما استمرت السياسات) [5].
ويرد الجويني ذلك الرأي بعنف، ويدفعه بقوة قائلاً: (وهذا الفن قد يستهين به الأغبياء، وهو على الحقيقة تسبب إلى مضادة ما ابتُعِث به سيد الأنبياء) [6]. ويستمر في تسفيه هذا الرأي قائلاً: (وعلى الجملة من ظنَّ أن الشريعة تُتلقى من استصلاح العقلاء ومقتضى رأي الحكماء، فقد رد الشريعة، واتُّخذ كلامه هذا إلى رد الشرائع ذريعة) [7].

ويعود لتأكيد نفس المعنى، فيقول: (وهذه الفنون في رجم الظنون، ولو تسلطت على قواعد الدِّين، لاتخذ كل مَن يرجع إلى مُسكة من عقل فكره شرعًا، ولانتحاه ردعًا ومنعًا، فتنتهض هواجس النفوس حالَّة محل الوحي إلى الرسل، ثم يختلف ذلك باختلاف الأزمنة والأمكنة؛ فلا يبقى للشرع مستقر وثبات) [8].

ثم يبين السر في هذا الداء، فيقول: (هيهات هيهات. ثقل الاتِّباع على بعض بني الدهر؛ فرام أن يجعل عقله المعقول عن مدارك الرشاد في دين الله أساسًا، ولاستصوابه راسا، حتى ينفض مِذرَويه، ويلتفت في عطفيه اختيالاً وشماسًا. فإذن لا مزيد على ما ذكرناه في مبالغ التعزير) [9].

ثم يصرح بتفشي هذا الداء -مجاوزة الحد في العقوبات- في زمانه، ويجأر بالشكوى، وكأنه يعتذر عن إطالته في هذا الموضوع، فيقول: (وإنما أرخيت في هذا الفصل فضل زمامي، وجاوزت حد الاقتصاد في كلامي؛ لأني تخيلت انبثاث هذا الداء العضال في صدور الرجال) [10].

ويرى أن أصحاب السياسات لم يحيطوا فَهمًا بمحاسن الشريعة؛ ولذا يزعمون أن التعزير المحطوط عن الحدود لا يزع ولا يدفع، وأن هذا منهم جهل وسوء قصد. قال: (والذي يبديه أصحاب السياسات أن التعزير المحطوط عن الحد لا يزع ولا يدفع، وغايتهم أن يزيدوا على مواقف الشريعة، ويتعدّوها ليتوصلوا بزعمهم إلى أغراض رأوها في الإيالة... وإنما ينسل عن ضبط الشرع من لم يحط بمحاسنه، ولم يطلع على خفاياه ومكامنه، فلا يسبق إلى مكرمة سابق إلا ولو بحث عن الشريعة لألفاها أو خيرًا منها في وضع الشرع... فهذا مسلك السداد، ومنهج الرشاد والاقتصاد، وما عداه سرف ومجاوزة حد، وغلوٌّ وعتوٌّ) [11].

ولا يفوته في هذا المقام أن يقف في وجه رجال الأمن الذين (يرون ردع أصحاب التهم، قبل إلمامهم بالهنات والسيئات)، ويقول: (إن الشرع لا يرخص في ذلك) [12].

هذا هو رأي إمام الحرمين، في تشديده وتضييقه، وإن كان يخالف ما ذكره القرافي! وهو هنا يمثل فقه الشافعية، وكيف لا وهو الذي تشير إليه كتب المذهب بـ(الإمام) فإذا قالوا: قال الإمام، فليس غير إمام الحرمين.

وأما مذهب مالك، فقد نقل ابن فرحون في (تبصرة الحكام) عن القرافي قوله: إن التوسعة على الحكام في الأحكام السياسية ليس مخالفًا للشرع، بل تشهد له الأدلة، وتشهد له القواعد. ومن أهمها كثرة الفساد وانتشاره، والمصلحة المرسلة التي قال بها مالك وجمع من العلماء [13].

ولا ريب أن أخذ الإمام مالك بالمصلحة المرسلة، واشتهاره بها، وتوسُّعه فيها أكثر من غيره، يجعل له رخصة في مساحة أرحب في التفكير السياسي، والتصرف السياسي للأئمة والأمراء.

ولهذا نجد الإمام القرافي في كتابه (تنقيح الفصول) حين استدل على شرعية المصلحة المرسلة، اتخذ أمثلته وشواهده من تصرفات الصحابة، ولا سيما الخلفاء الراشدين، وأنهم عملوا أمورًا لمطلق المصلحة، لا لتقدم شاهد بالاعتبار، نحو كتابة أبي بكر للمصحف، ولم يتقدم فيه أمر ولا نظير، وولاية العهد من أبي بكر لعمر، ولم يتقدم فيها أمر ولا نظير، وكذلك ترك الخلافة شورى (بين ستة)، وتدوين الدواوين، وعمل السِّكة (النقود)، واتخاذ السجن، فعل ذلك عمر رضي الله عنه، وهدّ الأوقاف التي بإزاء مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتوسعة بها في المسجد عند ضيقه، فعله عثمان رضي الله عنه [14]. وأيضًا ما فعله عمر من اتخاذ تاريخ خاص للمسلمين، إلى سائر (أَوَّلياته) التي عُرف بها.

ومثله جَمْع عثمان الناس على مصحف واحد وإحراق ما عداه، وتضمين عليّ للصناع المحترفين ما بأيديهم من أموال الناس، حتى يثبتوا أنها هلكت بغير إهمال ولا تعدٍّ منهم... إلخ. فهذه كلها من أعمال السياسة الشرعية للإمام أو الحاكم قام بها لمقتضى المصلحة للجماعة أو للأمة.

كل ما هو مطلوب هنا: ألا نصادم نصًّا مُحْكمًا من نصوص الشرع، ولا قاعدة مقطوعًا بها من قواعده. وربما كان أوسع المذاهب في ذلك مذهب الحنابلة، كما سنرى فيما ذكره الإمام ابن عقيل، وعلَّق عليه الإمام ابن القيم
saied2007
saied2007
المدير العام
المدير العام

عدد الرسائل : 4579
تاريخ التسجيل : 11/10/2007

https://saied2007.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

السياسة عند الفقهاءج1    للدكتور القرضاوى Empty رد: السياسة عند الفقهاءج1 للدكتور القرضاوى

مُساهمة من طرف عربى الثلاثاء يناير 08, 2008 1:16 am

بارك الله فيك
عربى
عربى
عضو مبدع

عدد الرسائل : 100
تاريخ التسجيل : 16/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

السياسة عند الفقهاءج1    للدكتور القرضاوى Empty رد: السياسة عند الفقهاءج1 للدكتور القرضاوى

مُساهمة من طرف تيمور الثلاثاء يناير 08, 2008 5:23 am

موضوعات هايلة وعظيمة ونافعة
تيمور
تيمور
عضوممتاز
عضوممتاز

عدد الرسائل : 71
تاريخ التسجيل : 18/12/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى