منتديات السعادة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الكارثة التي خلّفتها بريطانيا في البصرة

اذهب الى الأسفل

الكارثة التي خلّفتها بريطانيا في البصرة Empty الكارثة التي خلّفتها بريطانيا في البصرة

مُساهمة من طرف saied2007 الأربعاء فبراير 06, 2008 6:58 am

في السادس عشر من ديسمبر/ كانون الأول، سلّمت القوات البريطانية المحتلة السيطرة الكاملة على مدينة البصرة والمحافظة المحيطة بها الى العراقيين، وهي الأخيرة من أربع محافظات تحت السيطرة البريطانية يجري تسليمها.




لم تدخل القوات البريطانية البصرة منذ انسحابها من قصر صدام حسين السابق قبل ثلاثة أشهر ونصف. وكان تأثير الانسحاب في مستوى العنف شديدا. فحسبما ذكرت وزارة الدفاع البريطانية، وقع أربعمائة هجوم وهجوم على القوات البريطانية، ومائتا هجوم وهجوم على القواعد البريطانية في شهر يوليو/ تموز. وفي سبتمبر/ أيلول، وقع 19 هجوماً على القوات البريطانية، و5 هجومات على القواعد البريطانية.



وتسوّغ هذه الأرقام التعليقات التي أدلى بها في السنة الماضية القائد العام للقوات البريطانية السير ريتشارد دانات. وكان في اكتوبر/ تشرين الأول قد دعا القوات البريطانية الى الانسحاب “فوراً”، “لأن وجودنا يفاقم المشاكل الأمنية”. وأضاف قائلاً: “إننا في بلد مسلم، وآراء المسلمين بالأجانب في بلادهم واضحة تماماً. فهم يرحبون بالأجنبي إذا دعوه لزيارة بلادهم، ولكننا لم نُدْعَ من قِبل مَن كانوا في العراق في ذلك الوقت”.



وغني عن القول، إن الدروس لا يجري استيعابها من قبل القوة العظمى، حليفة بريطانيا الى الشمال.



وقد رافق أنباء تسليم السلطة للعراقيين، مراجعات أجرتها وسائل الإعلام للسنوات الأربع والنصف التي مضت من عمر احتلال العراق. فقد لاحظ باتريك كوكبيرن من صحيفة الاندبندنت، أن “سقوط صدام حظي بشعبية واسعة في البصرة، كما في بقية العراق الشيعي، غير أن الشعبية التي حظي بها التحرير، لم يحظ بها الاحتلال.



ويكاد الصحافيون البريطانيون، أن يكونوا عاجزين عن تصوُّر أنّ الغزو، ربما كان مقدمة لاستبدال شكل من انعدام الحرية، بشكل آخر. وبصرف النظر عن الأدلة التي تؤيد ذلك، لا يفهمون إلاّ ان الغزاة البريطانيين والأمريكيين كانوا ذوي نوايا حسنة. ويتابع كوكبيرن قائلاً: “لقد انزلقت بريطانيا في حرب صغيرة في جنوب العراق، لم تكن تتوقع خوضها، كما ظلت أهدافها غير واضحة على الدوام”.



ولكن بريطانيا “لم تنزلق” في شيء. فلا شيء أدَلَّ على أنها تآمرت مع الولايات المتحدة لشن حرب شرسة، تنفيذاً لأجندة المحافظين الجدد، المتشككين في صدق نوايا الآخرين. وكان كوكبيرن نزيهاً الى درجة تكفي لأن يذكر: “ان المنطقة التي كان في نية البريطانيين أن يجلبوا لها حياة أفضل، هي الآن إحدى أكثر مناطق العراق دماراً”. ولكن الفكرة التي توحي بأنّ الهدف كان جلب “حياة أفضل” للعراقيين، لا لأرباب صناعة النفط وشركات الانشاءات الذين غصّت بهم إدارة بوش سنة ،2003 - هي، مرة أخرى، تضليل منمّق في ظاهره.



على الطرف الآخر من الطيف الإعلامي، الذي يفترض فيه أن يكون الطرف المقابل، أشار تيم بوتشر الى “مغامرة بريطانيا” في العراق. وكتب ايان دروري ومايكل ثيودولو في صحيفة الديلي ميل، عن “مهمة” بريطانيا التي أدت إلى “مصيبة غير مدروسة”. مصيبة بأي معنى؟ بمعنى أن تلك السياسة أسفرت عن مقتل 174 جندياً بريطانياً، وعن “هزيمة مهينة”.



وهكذا، وكما هي الحال دوماً، ينحصر التركيز على نفقات “نا” وخسائر “نا” نحن. ولا يدور بِخَلَد أحد أن “المغامرة البريطانية” قد جلبت كارثة مطبقة لدولة برمّتها. وينحصر اهتمام وسائل الإعلام الى الأبد في مصرع 174 جندياً بريطانيا. أمّا المأساة الأعظم، التي سقط فيها مليون قتيل عراقي فلا تسمع عنها كلمة واحدة.



وفي المراجعات الحديثة لأحوال الحرب، لم يرد أي ذكر لتقاعس قوات الاحتلال البريطاني عن حماية السكان المدنيين، الواقعين تحت السيطرة البريطانية، كما يتطلبه القانون الدولي. ومع ذلك، فالأدلة متوافرة وبيسر. ففي التاسع من مايو/ أيار، ،2003 ذكر الدكتور هادي رحيم ديري أنه يَرِد على مستشفى التحرير في البصرة كل يوم، ما بين 45 و50 حالة يُشتبه بإصابة أصحابها بمرض الكوليرا. ولكن المستشفى لا يستطيع ان يقبل سوى 30 حالة، نظراً الى نقص الأسرّة، ويضطرّ إلى إعادة الباقين الى منازلهم. كما ان عدداً من هؤلاء فارقوا الحياة. وقد علّق المنسق الإعلامي الإقليمي لمنظمة أكسفام، اليكس رينتون، في ذلك الوقت على واجب القوات الأمريكية والبريطانية، بوصفها قوات احتلال، في حماية المدنيين، فقال: “نعتقد أن قوات الاحتلال في هذه المرحلة، تتقاعس عن القيام بتلك المهام”.



وكان ذلك التقاعس جريمة حرب.



في السنة الماضية، قال الدكتور حيدر صلاح، وهو طبيب أطفال في مستشفى الأطفال في البصرة: “إن معدل الوفيات بين الأطفال في البصرة قد ازداد بنحو 30% بالمقارنة مع ما كان عليه في عهد صدام حسين”.



وذكرت الدكتورة جنان حسين، من المستشفى ذاته، في الشهر الماضي أن الوضع أسوأ منه في أي وقت آخر، نظراً الى حالة اللجوء التي يعيشها الناس داخل البلاد. فالناس الذين يحول الفقر بينهم وبين الهرب الى الأردن وسوريا، ينهالون على المستشفى طلباً للمساعدة. ووصفت الدكتورة جنان كيف ان نقص الأسرة يعني ان الأطفال المصابين بسرطان الدم، مضطرون الى الرقود على الأرض وكان لديها في جناحها في الآونة الأخيرة 45 مريضاً، ولكن عدد الأسرة في هذا الجناح 30 سريراً فقط. كما ان مرض التيفوئيد والديزنطاريا الأميبية منتشران بشدة بين الناس نظراً للافتقار الى المياه النظيفة.



وحسبما ورد في دراسة نشرتها في مايو/أيار كلية الطب في جامعة البصرة، تشكل الأمراض ذات الصلة بالسرطان الآن السبب في 45% من الوفيات في المحافظات الجنوبية. وعلق حسين عبد الكريم، وهو أخصائي أورام ومسؤول رفيع في أمانة سرّ وزارة الصحة في البصرة، قائلاً: “أدى غياب معالجة مرضى السرطان، وتقنيات العلاج الكيماوي والعلاج بالأشعة التي عفى عليها الدهر، الى انخفاض معدل المرضى الذين يُشفون ويبقون على قيد الحياة. والنقص في عدد المتخصصين في الأورام، الذين هاجروا الى الدول المجاورة، زاد الوضع سوءاً”.



وأضاف عبد الكريم قائلاً: “إن التعرض للأشعة من القنابل العنقودية القديمة، والاستعمال المكثف للمواد الكيماوية في الزراعة، بالإضافة الى تلوث المياه، تترك أثراً خطيراً في صحة السكان المحليين”.



وليست هنالك أرقام محددة عن عدد الناس الذين قُتِلوا جرّاء الأعتدة التي لم تنفجر في منطقة البصرة،غير أن 560 ضحية على الأقل، سقطوا منذ سنة ،2003 و70% منهم أطفال. وحسب الدراسات المحلية الحديثة، هنالك 800 ألف طن متري من الأعتدة التي لم تنفجر في البصرة وحولها، وهي بالدرجة الأولى ذخائر، وقنابل، وصواريخ، وقذائف هاون لم تُستخدَم.



وقد آثرت وسائل الإعلام البريطانية أن تتجاهل هذه الأهوال، بكل بساطة، عند عرضها لأحوال الحياة في ظل الاحتلال البريطاني. ففي الأسبوعين الماضيين، ظهرت عبارة “خسائر المدنيين” في مقالة واحدة تذكر البصرة. ولم تظهر عبارة “نسبة الوفيات بين المواليد أو الأطفال” على الإطلاق. كما لم تَرِدْ كلمة “مستشفى” الاّ في مقالة يتيمة.



وحتى أفضل وسائل الإعلام، كان شحيحاً على نحو يثير الرثاء. فقد كتب مايكل سميث في صحيفة الصنداي تايمز: “عانت عملية إعادة البناء من شح الأموال والصعوبات بسبب المحاولات الإجرامية لتعطيل إصلاح موارد الكهرباء والماء”.



واستشهد بضابط بريطاني، كان قد قال “في أواخر سنة ،2003 كان لدى السكان المحليين ما يكفي من المتاعب، فالشوارع طافحة بمياه المجاري، والكهرباء محدودة، والوظائف نادرة”.



ولم يكن لدى سميث كلمة يقولها عن قتل المدنيين الجماعي، والأطفال منهم بخاصة، في ظل الاحتلال البريطاني.



إذن ما مستقبل البصرة؟ وصف اللواء جليل خلف، قائد الشرطة الجديد في البصرة، كيف كان الاحتلال قد خلّف له وضعاً قريباً من الفوضى التامة: “خلّفوا لي ميليشيات، وخلّفوا لي أوباشاً وقُطّاع طرق، وتركوا لي كل المتاعب في العالم”.



وحسبما ذكره خلف، تم قتل 45 امرأة بسبب “عدم الحشمة” لأنهن لم يتحجبن بصورة تامة، أو لأنهن ربما يكنّ قد وَلَدن خارج إطار الشرعية الزوجية. كما قال ان الميليشيات، أفضل تسليحاً من رجاله، وأنها تسيطر على ميناء العراق الرئيسي.

وعلى ذلك، فإن نهاية المعاناة في البصرة لا تزال بعيدة نائية.

المصدر: المركز الدولي لدراسات أمريكا والغرب
saied2007
saied2007
المدير العام
المدير العام

عدد الرسائل : 4579
تاريخ التسجيل : 11/10/2007

https://saied2007.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى