منتديات السعادة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تشاد.. والأزمات الإفريقية المتواصلة

اذهب الى الأسفل

تشاد.. والأزمات الإفريقية المتواصلة Empty تشاد.. والأزمات الإفريقية المتواصلة

مُساهمة من طرف saied2007 الأربعاء فبراير 06, 2008 6:58 am

تهيمن الولايات المتحدة على المسرح السياسي العالمي مدعومة بقوة عسكرية وقواعد منتشرة في أرجاء المعمورة وحاملات طائرات تجوب البحار والمحيطات, وتعطي نفسها حقّ التدخل العسكري عند مظنة التهديد لمصالحها والتي غالبًا تتجاهل حدود المنطق والأخلاق. كما تفرض أمريكا رُؤاها وقيمها على العالم, فتنصب نفسها حكمًا يصدر التقارير والدراسات والتي تندد بأنظمة وتمتدح أخرى فيما يتعلق بالحقوق والحريات. بل إن الكونجرس الأمريكي يصدر قراراته والتي يعتبر فيها مدينة معينة عاصمة لدولة محتلّة ويتدخل هو الآخر في شئون الدول الأخرى ناصحًا ومهددًا ومتوعدًا.
في خلال السنوات الماضية عاش العالم حربًا أمريكية دموية وعنيفة لم تقبل إدارة بوش لدولة في العالم أن تتخذ منها موقفًا محايدًا. فإما أن تكون في صفّ أمريكا أو تكون مع الإرهاب ومن داعميه. وهكذا كان على العالم أن يقضي على الإرهاب والتطرف الإسلامي ليهنأ بالعيش تحت قيادة أمريكا وفي ظلال عدالتها وإنسانيتها!! ولكن هل هذه الصورة واقعية أو صحيحة؟
بعيدًا عن حروب أمريكا والتي تمتزج في كثير من مشاهدها الحقائق بالأكاذيب والوقائع بالتزييف والتزوير. تتوالى الكوارث والحروب الداخلية في إفريقيا لتحصد الأبرياء وتضيف لساكني القارة السمراء بؤسًا على بؤسهم ومعاناة على معاناتهم. أمريكا وحلفاؤها في الناتو على الأخصّ الحليف المندفع ساركوزي, وهم من يقود العالم, يتحملون من الناحية الأخلاقية والمادية مسئولية كبيرة في المآسي المتوالية في إفريقيا.
فوز الرئيس الكيني مواي كيباكي في انتخابات رئاسية شكك المراقبون الدوليون في نزاهتها- وهو حليف قوي للولايات المتحدة في حربها ضد "الإرهاب" والتي سارعت خارجيتها بتهنئته بالفوز- أدّى إلى وقوع أعمال عنف دامية امتزجت فيها الصراعات السياسية بالقبلية سقط فيها مئات الضحايا. الغريب أننا لم نسمع بمبادرة غربية أو أمريكية جادّة لوقف الصراع وأعمال العنف الكينية على الرغم من التدخل الفظّ والحرص الشديد على الأحوال الإنسانية في دارفور.
أحداث تشاد الدامية حدثت قبل أيام من وصول قوات عسكرية أوروبية "يوفور"، قوامها (3800) جندي، لنشرها في شرق تشاد- المنطقة المحاذية لإقليم دارفور- وإفريقيا الوسطى، وتتشكل من دول بالاتحاد الأوروبي أبرزها فرنسا وبلجيكا تحت قيادة الجنرال الفرنسي جان فيليب جاناسيا، والتي مهمتها وحسب المعلن رسميًا، تتمثل في حماية اللاجئين من السودانيين ومن غيرهم.
الحكومة السودانية، والمعارضة التشادية شككتا قي مهمة قوات يوفور والتي يشكل العسكريون الفرنسيون ما يقرب من نصفها. فرنسا القوة الاستعمارية السابقة لتشاد لها قوات وقواعد داخل تشاد منذ عقدين من الزمان بناء على اتفاق عسكري مع نجامينا كان موجهًا بالأساس ضد نظام القذافي. القوات الأوربية ستنسق مع القوات الأجنبية الهجينة التابعة للأمم المتحدة والأكبر حجمًا في دارفور والتي تم نشرها في ظلّ ضغوط أمريكية وغربية شديدة مورست على السودان.
المعونات المالية والعسكرية الغربية تدفقت بسخاء على حكومة ديبي، وكان آخرها مبلغ 10 مليون يورو، والتي أعلن المفوض الأوروبي المكلف بشؤون التنمية لوي ميشيل أنه تمّ تخصيصها لدعم ما سماه الاستقرار في شرقي تشاد وللوقاية من أية صراعات مستقبلية. حكومة الرئيس التشادي إدريس ديبي كانت متلهفة لوصول تلك القوات محذرة الاتحاد الأوروبي من أن تأجيل نشرها يهدد بإشعال المنطقة ومن اندلاع حرب أهلية في بلاده. تشاد بدأت مع اقتراب الموعد المحدد لنشر القوات الأوربية بتصعيد لهجتها السياسية ضد الخرطوم وتكرّرت انتهاكات قواتها الجوية داخل الأراضي السودانية، تحت ذريعة مطاردة المتمردين التشاديين. إثر قصف تشادي للأراضي السودانية، وبحسب رأي المعارض التشادي حسن جيرمي فإن الهدف من تنفيذ الهجوم هو جرَّ السودان إلى صراع إقليمي، تتدخل بموجبه فرنسا إلى جانب حكومة نجامينا، حسب اتفاقية الدفاع المشترك الموقعة بينهما. حكومة إدريس ديبي التشادية والتي تعتبر حليفًا وثيقًا لفرنسا, ساهمت في إسدال الستار على الفضيحة التي تورطت فيها جمعية فرنسية "زوس آرك الخيرية" بمحاولة اختطاف أكثر من مائة طفل من تشاد, فأطلقت سراح بعض الموقوفين في القضية مع زيارة ساركوزي لنجامينا في شهر نوفمبر الماضي, وأدانت آخرين بمحاكمات سريعة وحكمت عليهم بعقوبات مخفّفة ثم رحلتهم إلى فرنسا ليقضوها هناك.
تشاد من البلدان الفقيرة فهي تقبع حاليًا بين خمس دول في ذيل قائمة من 180 دولة مدرجة في تقرير الأمم المتحدة التقييمي السنوي لدليل التنمية البشرية. غير أن البلاد بدأت باستخراج النفط في الأعوام القليلة الماضية, وفي تصديره بشكل تجاري عام 2003. ويعتقد أنها تحتفظ باحتياطي يبلغ مليار برميل من النفط.
التدخل الغربي وعلى الأخصّ الفرنسي في تشاد تمتزج أهدافه ما بين اقتصادي من خلال التحكم بالنفط المنتج والهيمنة على إفريقيا القارة الفقيرة والمليئة بالخيرات والخامات وبين إحكام الحصار على السودان وتشديد الخناق عليه ووَأْد أي بوادر لتوجه إسلامي في الفكر والممارسة السياسية هناك.
الأحداث المتتابعة في إفريقيا تظهر أن الغرب- الولايات المتحدة وفرنسا على وجه الخصوص- يستخدمون حقوق الإنسان أداة سياسية ومدخلاً يستوجب التدخل العسكري كما في دارفور ويهملونها تمامًا كما حدَث في رواندة ويحدث في كينيا, كيفما اقتضت مصالحهم السياسية والاقتصادية, كما تكشف تلك الأحداث غيابًا عربيًا دبلوماسيًا وسياسيًا وإنسانيًا شِبْه كامل عن ساحة تشهد تطورات تمسّ بالأمن القومي العربي.
المصدر: الإسلام اليوم
saied2007
saied2007
المدير العام
المدير العام

عدد الرسائل : 4579
تاريخ التسجيل : 11/10/2007

https://saied2007.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى