أيهما أحق بالعضوية !! ـ د. عبد الله الأشعل

اللافت للنظر خلال مناقشة مجلس الأمن ذلك التلاسن الذي وقع بين المندوب الليبي رئيس مجلس الأمن عن شهر يناير 2008 فقد تمسك المندوب الليبي بأن صواريخ المقاومة حق مشروع ضد الاحتلال الإسرائيلي وأعمال القمع والتصعيد الصهيوني والإرهاب الذي تمارسه إسرائيل في غزة وأكد أن إسرائيل تمارس التطهير العرقي ضد الفلسطينيين ورفضت ليبيا تأييد مشروع قرار في المجلس يدين إطلاق صواريخ القسام ضد إسرائيل.

أما مندوب إسرائيل فقد اتهم مندوب ليبيا بأن بلاده كانت حتى وقت قريب تساند الإرهاب، وأنها بهذا الموقف لا تستحق مقعدها في مجلس الأمن ، وأن الشعب الليبي أهدى العالم لوكربي، وأن بلاده لذلك كانت خاضعة للعقوبات، وكانت منبوذة لولا أن رفعت عنها واشنطن الخطر وسمحت لها بدخول مجلس الأمن.

وأشار المندوب الإسرائيلي إلى أن الميثاق يشترط لعضوية الدولة في الأمم المتحدة أن تكون محبة للسلام، بينما كانت ليبيا دولة منبوذة. كما شنت الصحف الإسرائيلية حملة شديدة على ليبيا واتهمتها بأنها أعاقت صدور قرار يدين صواريخ القسام، في الوقت الذي بالغت في بيان خطر هذه الصواريخ.

فمن أحق بعضوية الأمم المتحدة، ليبيا التي تشكك إسرائيل في جدارتها في هذه العضوية، أم إسرائيل؟

أما ليبيا فقد تجرأت على إقرار الحق وسمت الأشياء بأسمائها الحقيقية وهي أن إسرائيل تمارس التطهير العرقي ضد الفلسطينيين وأنها توهم العالم بخطر صواريخ القسام حتى تبرر ارتكاب هذه الجريمة وشنت حملة في مجلس الأمن حتى تجرم هذه الصواريخ على أساس أنها عمل إرهابي وعدواني ضد إسرائيل، ولكن المندوب الليبي قال إن هذه الصواريخ بصرف النظر عن فاعليتها العسكرية فهي تمثل حقا رمزيا للمقاومة ضد الاحتلال والإبادة وهو أمر لم يجرؤ عليه الخطاب العربي الذي أتجه حقيقيا إلى المطالبة بمنع إطلاق هذه الصواريخ التي تستخدم ذريعة للعدوان على غزة.

ونحن نرى أن المطالبة بوقف هذه الصواريخ ليس سببه أنها غير مشروعة ولكن دافعه هو تجفيف أسباب الذرائع أمام إسرائيل، صحيح أن ليبيا في أزمة لوكربي تم عزلها وإدانتها حتى من الدول العربية نفسها، ولكن أزمة لوكربي كانت أداة في يد الولايات المتحدة لإجبار ليبيا على الانخراط في المعسكر الغربي، وقد ثبت زيف الدعاوى الأمريكية بدليل أن الليبيين المتهمين بارتكاب حادث لوكربي قد برئ أحدهم، كما يتم إعادة النظر في الحكم الصادر ضد الآخر في اسكتلندا ومعنى ذلك أن ليبيا كانت ضحية الموقف الأمريكي لأكثر من عقد ونصف، وخسرت فيها ليبيا وشعبها مليارات الدولارات فضلاً عن مليارات التعويضات عن عمل لم تقم به، كما أتضح بعد ذلك.

أما إسرائيل التي نشأت باغتصاب أراضي الغير، وقامت على أساس إبادة أصحاب الأرض، واحتكرت قرارات الأمم المتحدة سعت بكل السبل للاحتماء بالولايات وبقرار الجمعية العامة الذي يسوي بين العنصرية والصهيونية، هي نفسها إسرائيل التي ارتكبت أبشع الجرائم في لبنان رغم قوتها العسكرية الفائقة وفشلت فشلا ذريعًا في تحقيق أهداف عدوانها وهي نفسها التي اختلقت لنفسها قانونا دوليًا جديدًا يخالف أحكام القانون الدولي الذي يحكم علاقات الأمم المتمدينة وأحلت محكمتها العليا محل محكمة العدل الدولية ووضعت نفسها فوق القانون الدولي، وحتى عندما حاولت أن تتظاهر أنها تحترم قرار مجلس الأمن رقم 425 بشأن لبنان فهي والأمم المتحدة تواطآ على إخفاء الحقيقة وهي أن إسرائيل اندحرت أمام حزب الله ولم تنسحب لا قدر الله امتثالا للقرار.

بل إن إسرائيل خايلها وهم كبير أملته حماقة القوة خلال عدوانها على لبنان عندما قررت أن تنفذ بنفسها قرار مجلس الأمن رقم 1559 ضد حزب الله ولكن خاب فألها.

وأخيرا، فإن إسرائيل يجب أن تطرد من الأمم المتحدة على أساسين: الأول، أنها لم تنفذ شروط قرار قبولها عضوًا فتبطل عضويتها والثاني ، أن إسرائيل يجب أن يراجع سلوكها الذي يؤكد أنها أمعنت في انتهاك مبادئ وأهداف الأمم المتحدة تطبيقًا للمادة السادسة في الميثاق، بل أن زعماء إسرائيل يجب أن يمثلوا أمام المحكمة الجنائية الدولية لولا الحماية الأمريكية لكل هذه الجرائم والتصرفات.
لعله الآن من الواضح من هو الأجدر بعضوية الأمم المتحدة ومن هي الدولة المحبة للسلام وتلك التي ألغت الجريمة والإجرام.

مقال جميل اشكرك