ملف العبارة لم يفتح ولم يغلق..فهمي هويدي .. الدستور
صفحة 1 من اصل 1
ملف العبارة لم يفتح ولم يغلق..فهمي هويدي .. الدستور
من يصدق علي أنه بعد مضي سنتين علي كارثة العبارة التي قتل فيها أكثر من ألف مصري . لم يغلق ملف الفاجعة ولم يفتح ؟! فلا حسم الأمر وحوسب المفسدين الذين صنعوا الكارثة . وهكذا مرت سنتان ونحن في منزلة بين المنزلتين ، أحيل الملف الي القضاء ، ولم يفصل في شئ حتي الان ، واعدت لجنة خاصة في مجلس الشعب ـ في الأغلب لستر العورة وذر الرماد في العيون ـ وبعد أن حققت اللجنة في الأمر ، وأشارت بأصابع التهام الي الجهات التي تتحمل المسئولية عما جري ، جري التسويففي إعلان القرار تارة ، ثم مورست الألاعيب التقليدية ، التي أدت إلي حفظ الأمر في نهاية المطاف ، وإغلاق باب مناقشة الموضوع ، والانتقال الي بنود في جدول الأعنال ! رقصنا علي السلم ـ اعتذر عن التشبيه ـ فلا القضاء حسم شيئا ولا مجلس الشعب قال كلمة . ومن ثم فإننا ركضنا علي هذين الصعيدين ، لكننا لم نتقدم خطوة من الأمام . بالتالي فإن الكارثة التي قتل بسببها أكثر من ثلث ضحايا الغارة علي برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك ، عوملت كأي موضوع روتيني ، كل ما فعلته الإدارة أنها حولته إلي "لجنة" ، وترك بعد ذلكك للزمن لكي يعالجه ، فإما أن تحل مشكلته نفسها بنفسها ، وإما أن ينسي من الذاكرة وينساه الناس . هل هي مصادفة أن يعتبر قتل ألف مواطن مجرد "جنحة" تنظرها محكمة ابتدائية في مكان قصي ، وتظل تراوح مكانها طوال سنتين ، بلا أي نتيجة تذكر، وأن تعد لجنة مجلس الشعب تقريرا مستفسضا عما جري ، فيحفظ في الأدراج ولا يعتني أحد بأخذه علي محمل الجد ؟. أقطع بأنها ليست مصادفة لسببين ، أحدهما : ظاهر والثاني خفي ، السبب الظاهر أن ضحايا الكارثة من أبناء مصر الأخري ، الذين لا ظهر لهم ولا سند ، والذين تضيق بهم السلطة وتعتبرهم فائضا ثقيل العبء وربما ثقيل الظل أيضا . ثم حين يكون الشغل الشاغل للذين يديرون المجتمع هو أمن السلطة وليس أمن المجتمع ، فإن كل ما يدخل تحت هذا العنوان الأخير تتراجه أهميته ويفقد أولويته . صحيح ان الولايات المتحدة أقامت الدنيا ولم تقعدها بسبب قتل 2800 شخص من أبنائها ، ولا يزال العالم يعيش أصداء هذه الجريمة منذ عام 2001 وحتي الان ، لكن هناك فرقا بين دولة لها هيبة وشعب له قيمة ودولة أخري لها هيئة وشعب بلا قيمة ، ما لم تكف الحكومة عن الزدراء به وتقريعه ، لأنه يأكل كثيرا وينجب كثيرا ، وغير قادر علي إيقاف نهمه أو شبقه . إن شئت فقل الحكومة غير سعيدة بأداء الشعب المصري ، وغير مستريحة إلي سلوككه الغذائي والجنسي ، الذي يسبب لها مشاكل عجزت عن حلها ، وأحرجتها في الأوساط الراقية ، ولذلك فإن غرق العبارة ربما كان أحد الحلول لهذه المشكلة ، ولولا الملامة لشجعت الحكومة تسييد مثل هذه العبارات ، ورصدت مكافأة لمن يتمكن من إغراق أكبر عدد من المصريين ، لا لأنها تحمل لهم ضغينة لا قدر الله ، ولكنها لأنها تريد توفير ظروف معيشية أكبر للباقين الذين بقوا علي قيد الحياة ، وهو منطق أحسب أن جهابذة الاقتصاد عندنا علي استعداد للاقتناع به . أما السبب الخفي لتقاعس الحكومة عن حسم الموضوع ، فهو أن قضية العبارة تتقاطع فيها مختلف صور الفساد في مصر ، التي مكنت صاحبها من أن يمارس لسنوات طويلة نفوذا غير عادي وغير مشروع ، وأن يسير العبارة مستفيدا من استثناءات غير عادية أيضا منحت له في الصلاحية والتجهيزات ، حتي مكنته من الهروب بعد وقوع الكارثة إلي لندن ، التي تتعلل المحكمة بأنها غير قادرة عن الاستدلال علي عنوانه ، في الوقت ذاته فإن مسئولية التقصير في التعامل مع الكارثة تطول جهات فوق الحساب والمساءلة ، ولأن الأمر كذلك فإن الحساب الدنيوي وفوق القانون ، وأخري محصنة تحت الحساب والمساءلة ، ولأن الأمر كذلك فإن الحساب الدنيوي عما جري سيظل متعذرا ، بحيث لا يبقي أمام أهالي الضحايا سوي الأمل في عدل الله في الحساب الأخروي . والبقية في حياتكم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى