منتديات السعادة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تأسيس فقــه الأمــة-د‏.‏ علي جمعة

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

تأسيس فقــه الأمــة-د‏.‏ علي جمعة Empty تأسيس فقــه الأمــة-د‏.‏ علي جمعة

مُساهمة من طرف saied2007 الإثنين يناير 28, 2008 10:30 am

‏ فقه الأمة مؤسس علي عدة أدلة من الكتاب والسنة‏,‏ حيث يخاطب الشرع الشريف الأمة مرة ويخاطب الأفراد مرة أخري‏,‏ فمن خطاب الأمة قوله تعالي‏:‏ وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء علي الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا‏[‏ البقرة‏:143],‏ وقوله تعالي‏:‏ كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله‏[‏ آل عمران‏:110],‏ وقوله تعالي‏:‏ واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا‏[‏ آل عمران‏:103],‏ الي غير ذلك كثير مما خاطب الله به الأمة مجتمعة فهو يخاطب مجموعة والعبرة في هذا الخطاب المجموعي إقرار النظام العام والهيئة الاجتماعية‏,‏ بخلاف ما خاطب به الأفراد‏,‏ فإن المقصود فيه هو خطاب موجه الي الفاعل في حين أن خطاب الأمة يطلب حدوث الفعل‏,‏ فالعبرة في خطاب الجميع الفاعل والعبرة في خطاب المجموع الفعل‏.‏ وللإيضاح‏:‏ إننا لو طلبنا من الطلاب الاستعداد للاختبار فإننا نطلب منهم‏,‏ أي من كل واحد علي حدة أن يجيب عن الأسئلة لنقومه‏,‏ فالخطاب هنا للجميع والعبرة بالفاعل أما إذا طالبنا الطلاب في فصل معين بالاستعداد لمسابقة بينهم وبين فصل آخر فالخطاب هنا للمجموع والعبرة فيه بالفعل‏.‏

والفصل المنتصر بفريقه ينسب إليه الانتصار حتي لو لم يقم كل الطلاب بالمشاركة‏.‏
ولقد طلب منا كأمة أن نصير أقوياء وأن نتقدم الأمم وأن نكون شهداء عليهم‏,‏ فإذا نحن فعلنا ذلك نسبت القوة والتقدم الي كل فرد من أفراد أمتنا‏,‏ وإذا نحن قصرنا في ذلك نسب الضعف والتخلف لكل فرد من أفراد أمتنا حتي لو كان ناجحا في نفسه ومتقدما في ذاته‏.‏

ويؤسس فقه الأمة أيضا من قوله صلي الله عليه وسلم‏:‏ من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم‏(‏ الجامع الكبير للسيوطي‏).‏ وجملة طويلة من الأحاديث النبوية الشريفة التي تخاطب الأمة في مجموعها‏.‏

ويجب علينا أن نتنبه الي أن هذا التقسيم إنما هو تقسيم أكاديمي لأن في جريان الحياة مزجا بين فقه الفرد وفقه الأمة‏,‏ بمعني أن الفرد الإنسان له اعتباران‏:‏ الاعتبار الشخصي الفردي‏,‏ واعتبار انتمائه لجماعة من الناس تمثل الأمة‏,‏ ومن هنا فليس هناك أي تناقض بين فقه الفرد وفقه الأمة‏,‏ بل هناك تكامل تام منع من ظهور الثنائية التي ظهرت في الجدل الفلسفي الغربي بين الفردية والجماعية‏,‏ فتبنت بعض النظم الفردية علي حساب الجماعية‏,‏ وتبنت نظم أخري الجماعية علي حساب الأفراد بحسبان أن هناك صراعا بين الفردية ـ ويعبرون عنها بكلمة‏(individualism)‏ ـ والجماعية‏(Community),‏ وما زال الجدل قائما الي الآن حول هذه المسألة في الأدبيات الغربية‏.‏ إلا أن نظرة الفكر الإسلامي بين الأمرين قائمة علي التكامل وليس علي نظرة الصراع مما يجعل الحلول المقترحة مختلفة‏.‏

*‏ ومن المؤلفات التي اهتمت بفقه الأمة ولم يكن لها حظ من التدريس بمقدار ما رأيناه في فقه الأفراد كتاب جليل كالغياثي المسمي غياث الأمم في التباث الظلم لإمام الحرمين أبي المعالي عبد الملك بن عبد الله الجويني‏(‏ ولد عام‏419‏ هـ وتوفي‏478‏ هـ‏),‏ وهي رحلة فكرية ماتعة يأخذنا فيها الإمام الجويني ويعلمنا أسس التفكير المستقيم‏,‏ وفضل التفكير علي محض التقليد حتي إنه ينعي علي من يكرر النقل ويستقصيه فيقول في الفقرة‏(242):‏ ولو ذهبت أذكر المقالات‏,‏ وأستقصيها‏,‏ وأنسبها الي قائليها وأعزيها لخفت خصلتين‏:‏ إحداهما ـ خصلة أحاذرها في مصنفاتي وأتقيها‏,‏ وتعافها نفسي الأبية وتجتويها‏,‏ وهي سرد فصل منقول عن كلام المتقدمين مقول‏.‏ وهذا عندي تنزل منزلة الاختزال والانتحال‏,‏ والتشيع لعلوم الأوائل‏,‏ والإغارة علي مصنفات الأفاضل‏.‏ وفي الفقرة‏(378)‏ يقول‏:‏ لست أحاذر إثبات حكم لم يدونه الفقهاء ولم يتعرض له العلماء‏,‏ ثم يقول‏:‏ ومتي انتهي مساق الكلام الي أحكام نظمها أقوام‏,‏ أحلتها علي أربابها وعزيتها الي كتابها‏.‏

أقول وفي لسان العرب عن اللحياني يقال‏:‏ عزوته الي أبيه وعزيته‏,‏ أي أن هذا الفعل واوي ويائي ـ ولقد حقق الكتاب الأستاذ الدكتور عبد العظيم الديب ونشره سنة‏1400‏ هـ بدولة قطر علي نفقة إدارة الشئون الدينية‏.‏ ولقد ألفه الإمام الجويني وتكلم فيه عن أمور أصولية كإثبات الإجماع والرد علي منكرية ومرتبته من الأدلة الشرعية وهو ما نحن في أشد الحاجة إليه في عصرنا الحاضر ليكون ضابطا عند محاولة الاجتهاد التي نحتاجها‏.‏ وتكلم عن صفات أهل العقد وعن عددهم‏,‏ وفي صفات الإمام وأحواله‏,‏ وفي منع نصب إمامين‏,‏ وفي وظائف الإمام فيما يتعلق بالدين والدنيا‏,‏ وماذا لو انخرمت الصفات المعتبرة في الأئمة‏,‏ وخلو الزمان عنهم وحكم تخليه عن منصبه‏,‏ وفي خلو الزمان عن المجتهدين أو عن المفتين أو عن نقلة المذاهب‏,‏ وعلاقة فقه الأفراد في دائرة العبادات مع فقه الأمة وماذا لو خلي الزمان عن أصول الشريعة وكيف يكون التكليف‏..‏

*‏ ولقد ألف إمام الحرمين كتابه هذا بعد كتاب الإمام أبي الحسن علي بن محمد الماوردي‏(‏ المتوفي سنة‏450‏ هـ‏)‏ الأحكام السلطانية وانتقده في أكثر من موضع من الكتاب مع أنه من كبار أئمة الشافعية وكان يجله ويحترمه إلا أنه يقول في الفقرة‏(309):‏ والشكوي الي الله ثم الي كل محصل مميز‏,‏ من تصانيف ألفها مرموق متضمنا ترتيب ـ وتبويب ـ ونقل أعيان كلام المهرة الماضين‏,‏ والتنصيص علي ما تعب فيه السابقون‏,‏ مع خبط كثير في النقل وتخليط‏,‏ وإفراط وتفريط‏,‏ ولا يرضي بالتقلب و بالتصنيف مع الاكتفاء بالنقل المجرد حصيف‏.‏ ثم استمر التأليف والعطاء كما سنري‏.‏
saied2007
saied2007
المدير العام
المدير العام

عدد الرسائل : 4579
تاريخ التسجيل : 11/10/2007

https://saied2007.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تأسيس فقــه الأمــة-د‏.‏ علي جمعة Empty رد: تأسيس فقــه الأمــة-د‏.‏ علي جمعة

مُساهمة من طرف ميار الإثنين يناير 28, 2008 7:34 pm

موضوع رائع
ميار
ميار
عضو مبدع

عدد الرسائل : 356
تاريخ التسجيل : 26/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى