منتديات السعادة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

عبودية الصيام

3 مشترك

اذهب الى الأسفل

عبودية الصيام Empty عبودية الصيام

مُساهمة من طرف saied2007 الثلاثاء يناير 22, 2008 4:44 pm

لما خلق الله تبارك وتعالى الإنسان جعل رتبته ومكانته فوق رتبة البهائم والأنعام فأعطاه القدرة بنور الشرع والعقل على كسر شهواته . وجعله أيضا دون رتبة الملائكة وذلك لاستيلاء الشهوات عليها . فهو ممتحن ومبتلى لمجاهدة شهواته .
فإذا انهمك في التلذذ والاستمتاع بالشهوات انحط إلى أسفل سافلين ومن ثم التحق إلى رتبة البهائم قال تعالى (إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ) ولكنه إذا قمع شهواته ارتفع بنفسه إلى أعلى عليين والتحق إلى رتبة الملائكة والمقربين .هذا وقد تعلم الإنسان من تجربة ادم ( عليه السلام ) في الجنة أن له عدوا اسمه إبليس يريد أن يستولى عليه وعلى قلبه .
ومعروف إن الإنسان مكون من قلب وجوارح فالقلب هو الأصل والجوارح تبعا له ولذلك فالقلب هو محل العبودية والطاعة والانقياد لله ويحاول الشيطان الاستيلاء عليه والتمكن منه وله في ذلك أبواب كثيرة منها باب عظيم وهو باب التخمة والشبع من الطعام و وان كان حلالا صافيا ـ ذلك أن الشبع يقوى الشهوات وهى أسلحة الشيطان .وفي كثرة الشبع وامتلاء البطون خصال مذمومة منها التثاقل عن عبادة الله عز وجل وضياع الأوقات في كثرة النوم والبول وقضاء الحاجات ومنها أيضا ضعف التأثر من كلام الله وكلام الرسول ( صلى الله عليه وسلم) وكذلك ذهاب الرحمة وقلة الاكتراث بحال الفقراء والمساكين ظنا منه أنهم مثله في حال من الشبع والهناء وأخيرا وليس أخرا كثرة الأمراض التي قيل فيها( المعدة بيت الداء ) .ومن رحمة الله وعنايته ورعايته لنا كتب علينا الصيام لتزكية نفوسنا وتطهير قلوبنا قال تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) وقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ( كل عمل ابن ادم يضاعف : الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف قال الله تعالى : إلا الصوم فانه لي وأنا أجزى به : يدع شهوته وطعامه من أجلى للصائم فرحتان : فرحة عند فطره ، وفرحة عند لقاء ربه . ولخلوف فيه أطيب عند الله من ريح المسك ) .

فالصيام هو الإمساك عن الشهوات واجتناب المنهيات من الفجر إلى المغرب وهو كف الفرج والبطن عن قضاء الشهوة والله تعالى جعله أيضا شهرا واحدا في العام تنبيها لنا أن الحياة الدنيا كلها مع طولها ليست إلا كشهر واحد في حياة البشر بالنسبة للحياة الأخرى عند الله فان يوم القيامة طوله فقط خمسون ألف سنة فما بالك بأبد الآبدين . وكما يفرح الصائم بقدوم المغرب يفرح العابد بقدوم لقاء الله( من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه ) فالذي عاش على مزاج ( روح) الصيام تبعا لأمر الله فيوم موته يكون أشبه بيوم العيد اي يوم الإفطار ومع أن عيد الدنيا يوم واحد ولكن في القيامة ابد الآبدين في النعيم . وليس المطلوب في الحقيقة ترك الطعام والشراب بل المطلوب ترك ترتيبات وأهواء النفس فهو سبحانه لم يمنع الطعام والشراب كلية وإنما أعاد لنا ترتيب الأولويات وفق الترتيب الرباني والمنهج النبوي وهكذا من أحسن في صيامه عن الشهوات ترقى عند الله بصيام جوارحه اى يحفظ الله له جوارحه فلا تشتغل إلا بالطاعات ومن أحسن في جوارحه أيضا كافأه الله بصيام قلبه فلا ينشغل إلا بخالقه ولا ينشغل بشواغل الدنيا التافهة والفارغة بل يصبح عبدا ربانيا فيقول في حقه سبحانه وتعالى ( كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشى بها وان سألني لأعطينه وان استعاذني لأعيذنه ) وهذا هو مزاج ومقصود الصوم .. اي كلما اصطدمت الشهوات في أوقات الحياة المختلفة مع أوامر الله تبارك وتعالى كما تصطدم مع الصائم شهوته ورغبته للطعام اللذيذ فعليه أن يملك نفسه وينفذ الأمر الإلهي والهدي النبوي وهذا هو المطلوب من شهر رمضان وسائر الصيام في كل السنة... فإنما هو تمرين على مخالفة الشهوات في العمر كله .

وتلك هي مشاعر العبودية المرجوة من الصيام .. حياة وفق الشريعة نراعى فيها أوامر الله تعالى ومنهج الرسول ( صلى الله عليه وسلم) ونقدمها على أمور نفوسنا وشهواتنا ويا فرحة من كان كذلك يوم القيامة فعاش مقيدا لنفسه بتلك الأوامر ولم يغضب من تلك القيود فيقف بين الخلائق قائلا(فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الخَالِيَةِ) . وانظر لقوله تعالى ( كلوا واشربوا ) وكأنه إشارة إلى حالة الصيام والكف عن ترتيبات النفس التي كان يعيشها الإنسان في الحياة فتلك هي المكافأة . ويا حسرة من عاش متحررا من قيود الشرع رافضا أوامر ربه وهدى نبيه(صلى الله عليه وسلم ) ومتبعا لشهواته ونزواته فيقول( وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ يَا لَيْتَهَا كَانَتِ القَاضِيَةَ مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الجَحِيمَ صَلُّوهُ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ ) فيعذب هذا المتحرر في قيود جهنم عقابا له على تلك الفوضى التي عاشها في حياته ضاربا بأوامر ربه عرض الحائط .



محمد وسام الدين
saied2007
saied2007
المدير العام
المدير العام

عدد الرسائل : 4579
تاريخ التسجيل : 11/10/2007

https://saied2007.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبودية الصيام Empty رد: عبودية الصيام

مُساهمة من طرف جون جوما الأربعاء يناير 23, 2008 5:50 pm

اشكرك جزيل الشكر على الموضوع المفيد

جون جوما
عضو مبدع

عدد الرسائل : 143
تاريخ التسجيل : 26/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبودية الصيام Empty رد: عبودية الصيام

مُساهمة من طرف ميار الإثنين يناير 28, 2008 7:47 pm

موضوع رائع جدا
ميار
ميار
عضو مبدع

عدد الرسائل : 356
تاريخ التسجيل : 26/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى