أسباب الذنوب والمعاصي

إن صحبة الفاسق تقرب العبد من الذنوب والمعاصي ، وهذه من اخطر شباك إبليس والعياذ بالله ، فينبغي أن يعلم العبد إن الذنوب والمعاصي تضر ضررا كبيرا ، ولابد أن ضررها في القلب كضرر السموم في الأبدان ، وقد حذرنا المصطفى (صلى الله عليه وسلم) منها فقال : (إن المؤمن إذا أذنب ذنبا نكت في قلبه نكتة سوداء فإذا تاب ونزع واستغفر صقل قلبه (اى صار صافيا) وإذا زاد زادت حتى تعلو قلبه ، فذلك الران الذي ذكره الله عز وجل في قرانه فقال : (كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ) ) ، ونسال الله العافية منه .

وللمعاصي أثار قبيحة مذمومة تغير القلب والبدن في الدنيا والآخرة ومنها على سبيل المثال : حرمان الإنسان من القدرة على التعلم ( اى علوم الدين والدنيا النافعة ) ذلك أن العلم نور يقذفه الله في القلب والمعصية تطفئ ذلك النور ، ولما جلس الإمام الشافعي بين يدي الإمام مالك (رحمهما الله) وقرأ عليه أعجبه ما رأى من وفور فطنته وتوقد ذكائه وكمال فهمه فقال له ناصحا : إني أرى الله قد ألقى على قلبك نورا فلا تطفئه بظلمة المعصية .. وأيضا من أثارها الحرمان من الرزق حيث روى (أن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ) ، فكما أن تقوى الله تجلب الرزق وتركها مجلبة للفقر فما استجلب رزق من الله بمثل ترك المعاصي .. ومن الآثار المذمومة أيضا الوحشة والنفرة التي يجدها العاصي في قلبه بينه وبين الله والعياذ بالله ( اى تباعدا من ربه ) وليس على القلب شيء أمر واشد من تلك الوحشة .. وكذلك يجد هذه الوحشة بينه وبين الناس وخاصة أهل الصلاح منهم .. وهذا أمر واضح في بعد كثير من أهل الفساد والحمد لله عن صحبة أهل الصلاح عقابا لهم على معصيتهم .. ومن الآثار أيضا الحرمان من الطاعة.. حيث ينقطع عنه بالذنب والمعصية طاعات كثيرة كمثل رجل أكل أكلة منعته أكلات أطيب منها .. فكم من شره أكل حتى امتلأ بطنه وأصابه الداء وأشار عليه الطبيب بالامتناع عن الطعام مدة من حياته حتى يبرأ فهكذا المعاصي مع الشره والنهم والوقوع فيها تطرد الإنسان بعيدا عن الطاعات ومن الآثار أيضا أن هذه المعاصي تولد بعضها بعضا ، حيث قال بعض السلف الصالح : أن من عقوبة السيئة السيئة بعدها وان من ثواب الحسنة الحسنة بعدها ، فللأسف تتابع علي ذلك العبد السيئات حتى تصبح صفات لازمة له وملكات ثابتة ، بحيث لو ترك المعصية بعد ذلك بفترة ضاقت عليه نفسه وضاق صدره حتى يعود إليها .

وللأسف أيضا أن كثيرا من الفساق ليواقع المعصية من غير لذة يجدها في قلبه وإنما فقط يقوم بها خشية أن يتسبب له الألم بالفراق عن المعصية والتعود عليها ، حيث يألف حبها ويصير عنده ما يسمى بإلف وحب المعصية وهكذا يرسل الله عليه الشياطين تؤزه ازا والعياذ بالله وهذه من اكبر الآثار السيئة للمعاصي وهذا يجرنا إلى اثر قبيح أخر للمعاصي وهو أن تكون سببا لهوان العبد على الله وسقوطه من عين ربه ، وفى هذا يقول الحسن البصري : هانوا عليه فعصوه ( يقصد هوان أهل المعاصي على الله) ولو عزوا عليه لعصمهم .كما قال الله تعالى (وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ) وهذا في الحقيقة حتى لو عظمهم الناس في الظاهر لحاجتهم إليهم أو خوفا من شرهم فهم في قلوبهم أحقر شيء واهون .. وهذا واضح في رأى الناس في أهل الفجور والمعاصي مهما ازدادوا شهرة أو نفوذا ....
وللحديث بقية ........

محمد وسام الدين

اشكرك جزيل الشكر على الموضوع المفيد

اشكرك على الموضوع وكل الموضوعات المحترمة والمفيدة

موضوع رائع جدا