أهل البدع والأهواء

وأما الخصلة الرابعة فيمن تراد صحبته فهي ألا يكون مبتدعا ، ففي صحبة أهل البدع والأهواء خطر عظيم ، حيث تنتقل هذه البدعة إلى الصاحب والصديق ويتعدى شؤمها إليه ، فصاحب البدعة مستحق للمقاطعة والهجر شرعا ، إذ كيف يختار الإنسان لصحبته أصلا صاحب بدعة ؟ ! وهذا يأخذنا إلى أن نتعرف على معنى البدعة ومعنى السنة ، فالسنة هي الطريقة أو الأسلوب المحمود أو المذموم ، وفى الشرع الحكيم تعرف السنة إنها ما نقل عن النبي (صلى الله عليه وسلم )من قول أو فعل أو تقرير ، فأما قوله (صلى الله عليه وسلم ) كأكثر الأحاديث الواردة عنه ، وأما فعله (صلى الله عليه وسلم )كإقتداء المسلمين به في مناسك الحج والصلاة وفى سائر الأحاديث الفعلية التي نقلت عنه (صلى الله عليه وسلم ) في الوضوء والصيام وسائر الأفعال . وأما تقريره (صلى الله عليه وسلم ) وهو سكوته على فعل يفعل بحضرته ولا ينكر على ذلك أو سمع عن أمر يفعل فلم ينكره كما أكل الضب ( حيوان صحراوي ) على مائدته فلم يأكل منه ولم ينكر على أكله ، فعلم انه حلال لأنه لم ينكر على فاعله ذلك ومثلما اقر اجتهاد الصحابة فيما حدث في صلاة العصر في غزوة بنى قريظة حيث قال لهم ( لا يصلين أحدكم العصر إلا في بنى قريظة ). فقد فهم بعضهم هذا النهى على لفظه فاخرها إلى ما بعد المغرب وفهم بعضهم على أن المقصود حث الصحابة على الإسراع فصلاها في وقتها فبلغ النبي ما فعل الفريقان( فأقرهما ولم ينكر عليها ) .

فالسنة إذن هي الشريعة وهى ما شرعه الله ورسوله من الدين والهدى الظاهر والباطن وما تلقاه الصحابة عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) وتلقاه عنهم التابعون ثم تابعوهم ثم أئمة الهدى العلماء العدول المقتدون بهم ومن سلك سبيلهم إلى يوم القيامة ولهذا قال (صلى الله عليه وسلم ) ( فمن رغب عن سنتي فليس منى ) فالسنة تطلق عندهم على ما سلم من الشبهات في الاعتقادات خاصة في مسائل الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الأخر وكذلك في مسائل القدر وفضائل الصحابة فإذا قيل مذهب أهل السنة فالمراد ( معتقداتهم وأقوالهم في أصول الدين ) فالسنة تقابلها البدعة ولهذا قال ابن مسعود ( رضي الله عنه) : القصد في السنة خير من الاجتهاد في البدعة) الاوزاعى قال (رحمه الله ) : خمس كان عليها أصحاب محمد (صلى الله عليه وسلم )والتابعون بإحسان لزوم الجماعة - اى جماعة المسلمين عموما - وإتباع السنة - اى طريقة النبي في الاعتقاد والعمل - وعمارة المساجد وتلاوة القران والجهاد في سبيل الله ) فالسنة بمعنى الاعتقاد الصحيح المقابل لاعتقاد أهل البدع والباطل وكان العلماء يفرقون في هذا بين السنة والحديث قال ابن مهدى : الناس على وجوه فمنهم إمام في السنة وإمام في الحديث ومنهم من هو إمام في الحديث فقط فأما من هو إمام في الحديث وإمام في السنة كسفيان الثورى ( رحمه الله ) وسئل بن الصلاح: عن الفرق بين قولهم عن الإمام مالك انه جمع بين السنة والحديث فما الفرق بين السنة والحديث ؟ أجاب : السنة هاهنا ضد البدعة وقد يكون الإنسان من أهل الحديث وهو مبتدع ومالك ( رحمه الله ) جمع بين الشيئيين فكان عالما بالسنة ( اى الحديث ) ومعتقدا للسنة الصحيحة اى كان مذهبه مذهب أهل الحق من غير بدعة والله اعلم ...
وللحديث بقية ........

محمد وسام الدين

موضوع رائع جدا

موضوع اكثر من رائع