منتديات السعادة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مقالات «هيكل» المحجوبة: طيف من الماضى ورسالة حب ضائعة

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

مقالات «هيكل» المحجوبة: طيف من الماضى ورسالة حب ضائعة Empty مقالات «هيكل» المحجوبة: طيف من الماضى ورسالة حب ضائعة

مُساهمة من طرف saied2007 الثلاثاء يناير 22, 2008 3:17 am

كأنها رسالة حب ضاعت عقودا طويلة، قضاها العاشقان فى تعاسة، ربما يضيف إليها وصول الرسالة أخيرا حسرة وحسرات، لكنه ـ أبدا ـ لا يمكن أن يخففها، إذ الرسالة لم تصل إلا بعد أن أصبح أحدهما أطلال روح، والآخر أطلال جسد. لهذا فإننى ـ وبرغم كثرة المقدمات التى كتبها الأستاذ «محمد حسنين هيكل» لمقالاته «المحجوبة» ـ ظللت أفتقد، وأنا أقرؤها، مقدمة أخرى ـ لم يكتبها «هيكل» ـ هى المقدمة التى صدر بها الشاعر «إبراهيم ناجى» قصيدته الباقية «الأطلال»، والتى فرضت نفسها ـ عندى على الأقل ـ على المقالات منذ السطر الأول!
المقالات كان مقررا أن تنشر فى نوفمبر 1982، أى منذ 25 سنة وشهرين، إذا كان الحساب بالسنين الصماء وأوراق التقويم، وإلا فإنه كان مقررا لها أن تنشر فى عصر يفصلنا عنه من حوادث الزمن وعوادى الأيام ما يجعله «ماضيا» بالتأكيد و«بعيدا» من عدة نواح، عصر صبغه وجود «الاتحاد السوفيتى» بصبغة «الحرب الباردة»، التى خلقت المجال الحيوى لحركة كتلة «عدم الانحياز». عصر شهد ازدهار «الأمم المتحدة» لدرجة إصدارها قرارا يدين الصهيونية كحركة عنصرية، مع قدرتها على التمسك بهذا القرار، إلى أن سقط فى «ديربان» بجنوب أفريقيا بفضل سطوة «القطب الواحد»، واضحك لأنهم برأوا العنصرية على أرض طالما انتهكتها هذه العنصرية! عصر كانت فيه بيروت ـ لا بغداد ـ هى العاصمة العربية الثانية المحتلة بعد القدس، وكانت «الشيوعية» هى العدو للامبريالية الغربية وحلفائها، قبل أن يصبح «الإسلام»، الذى جعلوه ـ بدعم من أهله ـ مرادفا للإرهاب، هو العدو. عصر ما قبل ضرب برجى مركز التجارة، ما قبل «جوانتانامو» واحتلال «أفغانستان» و«العراق»، بل عصر ما قبل نهاية حرب الخليج الأولى واندلاع الثانية، وتكريس الهجوم الغربى على النبى محمد صلى الله عليه وسلم. عصر يسمح بالاختيار بين «حوار الحضارات» و«صراعها»، لكنه يفرض الإقرار بـ«نهاية التاريخ»، أى أن كل شئ سيظل فى موقعه حتى تقوم القيامة، أمريكا قطب واحد، الاتحاد الأوروبى والصين واليابان قوى اقتصادية، والعرب ـ خاصة بعد نضوب النفط الذى بات وشيكا ـ صحراوات متعددة، مقطوعة ومقطعة، أسواق وعمالة يدوية رخيصة. والمسلمون مراتع لحروب صليبية ـ بعسكرها وتجارها ومبشريها، بغزاتها وخونتها ـ ومادة للتندر والسخرية من الدنمارك إلى الفاتيكان إلى هولندا، مرة ومرات. هذا هو العالم الآن، وكم يبدو سحيقا ذلك البعد الذى كتب منه «الأستاذ هيكل» مقالاته قبل عقدين من نهاية القرن الماضى، وتأكيدا لهامشيتنا الآنية ـ عربا ومسلمين ـ فإننا، وبينما يمضى العالم كله على طريق الديمقراطية ـ بوصفها حكم الشعب ممارسة لا اصطلاحا ـ و يصبح «المواطن» هو صاحب السيادة الحقيقى، من أول حقوقه الإنسانية واليومية إلى تحكمه فى مسار الدستور الأوربى، بينما يحدث هذا فى العالم كله، أو فى مجراه الأساسى، تواصل شعوبنا المحاصرة على الهامش التراجع إلى سياقات ثيوقراطية، وسلطات ديكتاتورية تصادر الحاضر بالقمع الأمنى والمستقبل بالتوريث، وأشكال سياسية تعود بنا إلى «عصر ما قبل الدولة» إلى الكهف ورعوية العضلات الأقوى، أو القبيلة وسطوة السيف ومالك القطيع الأكبر، وأكياس الذهب للشعراء المداحين. نعود إلى «عصر ما قبل الدولة» حين كان «الاجتماع العمرانى» شعبا وأرضا وسلطة، بلا قانون، أو بالحد الأدنى من قانون غير مكتمل الهيبة ولا الأدوات، قانون ينحنى ويلتوى، ينزوى وينبطح مفسحا المجال لعربات السادة وخيول الفرسان، ولقوافل التجار أيضا. وهو ما أشار إليه «الأستاذ هيكل» بحق فى مقاله الثانى إذ يقول: «حتى القانون نفسه أصبح قرارا واختيارا: قانون «حل الأحزاب» فى عصر «عبدالناصر» ـ «إنشاء المنابر» فى عصر «أنور السادات» ـ مجرد مثالين!». ويمكننا ـ بالقطع ـ أن نضيف أمثلة أخرى، على رأسها «تعديل الدستور».
هذه هى حالنا الآن، وهذا هو العصر الذى دخلناه قبل أن نقرأ «رسالة الحب الضائعة»، التى قدر لها أن تصبح «طيفا من الماضى» ولا تكون «جزءا من التاريخ»! وأسأل «الأستاذ هيكل»: ما قيمة رسالة تصل بعد فوات الأوان، وكلمة لا تقال فى موعدها؟
المقالات المحجوبة سابقا، والمتأخرة الآن، صيغت فى قالب رسائل إلى الرئيس، وأتصور أنه «مجرد شكل» لا يخرجها عن طبيعتها، ولا يجعلها حوارا بين رجلين ـ الكاتب والرئيس ـ يمكن لهما الاتفاق على بدئه و إنهائه، وبوسعهما تحديد مساراته، ولو كان الأمر كذلك لهان، ولكانت مجرد رسائل تخص أصحابها ـ مهما ارتفع قدرهم وقدرها ـ رسائل يجوز تأملها ولا يليق نقاشها، يمكن ـ من باب التجاوز والمخالفة ـ التلصص عليها، لكن لا تجوز إذاعتها ولا الاستدلال بها إلا بعد إذن طرفيها: المرسل والمرسل إليه. لكنها «مقالات» لا رسائل، تخاطب الشعب لا الرئيس وحده ـ بدليل، ولا حاجة إلى دليل، أنها تعيد عليه تاريخه الذى يعرفه جيدا ـ ثم إن اختيار الرئيس كمخاطب على مستوى الشكل هو اختيار بحكم المنصب ـ والمفروض أنه منصب ملك للشعب ـ لا بحكم الشخص. هى إذا مقالات تتوخى الحقيقة موضوعيا وليست نصحا شخصيا ولا حوارا ثنائيا، لهذا كان مدهشا ـ لى على الأقل ـ أن يتحدث «الأستاذ هيكل» عنها وكأنها محض رسائل معتذرا عن «كسر التزامه» بعدم نشرها وهو يقول: «وبقى ظنى خلال ذلك أننى التزمت بما وافقت عليه إلى الحد الذى كان مرغوباً فيه وزيادة، فلم أكن وقتها ـ ولا الآن ـ أريد إحراجاً من أية درجة لأى طرف ـ ذلك أن محاولتي باستمرار موصولة بالتزام حد الأدب، ومعه حد الواجب، الأول يفرضه شرط الأخلاق، والثاني يفرضه شرط الحقيقة!». وكان مدهشا أكثر أن تضع هذه الفقرة «الحقيقة» فى مواجهة «الأخلاق»، بينما أعتقد ـ وأعتقد أن «الأستاذ هيكل» يعتقد ـ أن الالتزام بالحقيقة هو ذروة الالتزام الأخلاقى، وأن الحقيقة ـ وحدها ـ أطول عمرا، كما يقول «شوبنهور». أنها تحررنا كما يقول «المسيح عليه السلام»، وأن الجهر بها واجب دائما أبدا كما يقول النبى صلى الله عليه وسلم «لا يمنعن رجلا هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه».
هذا ما أشرت إليه على الهاتف لصديق أشاركه محبة «الأستاذ هيكل» من باب تقدير البراعة والمكانة الرفيعة المستحقة، ويضيف هو ـ أى هذا الصديق ـ إلى التقدير دفء المودة وصفو الصداقة. قلت له: الرئيس، الرئيس، فأين الناس؟ ومن يذكرهم إذا عبرهم «هيكل»؟
وحين نصحنى بالانتظار حتى تمام المقالات قبل الاشتباك معها، قلت له، ولم لا تكون «قراءة مكتوبة» للمقالات سطرا بسطرا وكلمة بعد أخرى؟ كان هذا بعد نشر «مقدمة عامة لحديث مستفيض»، وكنت متأكدا من سير المقالات فى اتجاه «الرئيس»، ذلك التأكد الذى صرح به «الأستاذ هيكل» فى مقاله الثانى ـ المنشور ثالثا بعد المقدمة والمقال الأول ـ وجعله سؤالا اعتراضيا يخاطب به الرئيس قائلا: «ولماذا التوجه بالحديث إليكم مباشرة؟». ثم يجيب: «ولمن غيركم نتوجه بالحديث؟»! وعلامة التعجب من عندى، على الرغم من اتفاقى مع «الأستاذ هيكل» على الحال المزرية التى وصلنا إليها، على الرغم من الإطار الخالى من صورة الشعب، والسلطة الممهدة لشخص واحد، أظل مختلفا مع تكريس وضع الشعب على الهامش، وهو اختلاف ليس مبعثه الخلاف على هوية من بيده السلطة، لكنه الخلاف على هوية من يمكن أن نعلق عليه الأمل.
محمد القدوسى
saied2007
saied2007
المدير العام
المدير العام

عدد الرسائل : 4579
تاريخ التسجيل : 11/10/2007

https://saied2007.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مقالات «هيكل» المحجوبة: طيف من الماضى ورسالة حب ضائعة Empty رد: مقالات «هيكل» المحجوبة: طيف من الماضى ورسالة حب ضائعة

مُساهمة من طرف ميار الثلاثاء يناير 22, 2008 5:01 am

اشكرك على المواضيع المهمة
ميار
ميار
عضو مبدع

عدد الرسائل : 356
تاريخ التسجيل : 26/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى