من دروس الهجرة النبوية‏(2)‏ الشريفة

من طرف saied2007 الإثنين يناير 14, 2008 6:03 am

اقتضت سنة الله ـ تعالي ـ في خلقه‏,‏ أنه لا يضيع أجر من أحسن عملا‏,‏ وأنه يجعل النصر وحسن العاقبة للمؤمنين الصادقين‏..‏ والمتدبر في حادث الهجرة النبوية الشريفة‏,‏ يري فيه ألوانا من الدروس النافعة‏,‏ ومن التوجيهات الحكيمة‏..‏ يري فيه التعاون الصادق‏,‏ يري فيه التخطيط السليم‏,‏ الذي رسمه النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ لكي يبلغ النجاح في هجرته‏,‏ وقد حرص ـ صلي الله عليه وسلم ـ علي أن يتعاون معه فيها كل من هو في حاجة لمعونته‏,‏ وحدد لكل فرد المهمة الدقيقة التي يجب عليه أن يقوم بها بإتقان وإحسان‏,‏ وبسرية وحرص‏,‏ فأمر ابن عمه علي بن أبي طالب بان ينام في فراشه ليلة الهجرة‏,‏ وأن يتغطي ببرده الأخضر إيهاما للمشركين المتآمرين بأنه ـ صلي الله عليه وسلم ـ مازال نائما في فراشه‏,‏ وتوجه ـ صلي الله عليه وسلم ـ وحده إلي بيت أبي بكر الصديق في وقت لا تطلع فيه الأنظار إليه فلما استقبله أبوبكر قال له صلي الله عليه وسلم ـ يا أبا بكر أخرج من عندك‏,‏ ثم قال له‏:‏ إن الله قد أذن لي بالهجرة إلي المدينة فقال له أبوبكر الصحبة يارسول الله؟ فقال له الرسول صلي الله عليه وسلم ـ الصحبة يا أبابكر أي‏:‏ أوافق علي أن تكون معي في الهجرة‏...‏ وخرج ـ صلي الله عليه وسلم ـ ومعه أبوبكر من مكان مستتر في البيت‏,‏ دون أن يعلم بهجرته سوي عدد محدود‏,‏ وسلك ـ صلي الله عليه وسلم ـ في هجرته إلي المدينة طريقا لم يتعود عليه الناس‏,‏ حتي لا يلفت الأنظار إليه‏.‏ وهكذا استعان ـ صلي الله عليه وسلم ـ علي قضاء حوائجه بالكتمان‏,‏ واتخذ أحكم الخطط وأدق الترتيبات لكي ينجح في مهمته ولكي يعلم أمته أن من أراد النجاح في سعيه فعليه أن يباشر أسباب النجاح وأن يبذل نهاية جهده من أجل أن يصل إلي مبتغاه‏.‏ كذلك من الدروس المهمة التي نتعلمها من الهجرة النبوية الشريفة درس الوفاء في أسمي صوره وفي أعلي ألوانه نتعلمه من سيدنا أبي بكر الصديق الذي كان يقدم الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ علي نفسه ولاسيما خلال تلك الرحلة الشاقة‏..‏ لقد قدمه علي نفسه عند دخوله الغار فقد دخله قبله وقام بتنظيفه وترتيبه فلما أحس ـ رضي الله عنه ـ بأن المشركين علي باب الغار ما كان منه إلا قال بحزن واضطراب يارسول الله‏,‏ والله لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا وهنا يقول له النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ بكل ثقة واطمئنان‏:‏ يا أيا بكر‏,‏ ما ظنك بأثنين‏,‏ الله ثالثهما‏..‏ لا تحزن إن الله معنا‏.‏ ونزل قوله ـ تعالي ـ إلا تنصروه فقد نصره الله إذا أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذا هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله منا فانزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلي وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم‏.‏ وعندما سار النبي صلي الله عليه وسلم ـ في طريقه إلي المدينة المنورة‏,‏ كان سيدنا أبوبكر ـ رضي الله عنه ـ تارة يمشي أمام الرسول‏,‏ وتارة يمشي خلفه‏,‏ وسأله لماذا تفعل ذلك ياأبا بكر‏,‏ فيقول‏:‏ يارسول الله‏,‏ أخشي الطلب فأمشي خلفك‏,‏ وأخشي الرصد فامشي أمامك‏..‏ وهنا يرفع الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ يده إلي السماء ويقول‏:‏ اللهم أجعل أبا بكر رفيقي في الجنة وبلغ من وفاء سيدنا أبي بكر للرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ ومن حرصه عليه أنه كان إذا سأله سائل لا يعرفه من الذي معك ياأبابكر فيجيب السائل بقوله إنه هاد يهديني الطريق‏.‏ وهكذا ضرب سيدنا أبوبكر ـ رضي الله عنه ـ أروع الأمثال في صدق إيمانه‏,‏ وفي وفائه بعهده‏,‏ وفي حبه لرسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ حبا ملك عليه نفسه ومشاعره‏.‏ ‏ *‏ كذلك من الدروس التي نتعلمها من الهجرة النبوية الشريفة‏:‏ درس مواصلة الجهد من أجل نشر الدعوة الإسلامية‏,‏ وتثبيت أركانها‏,‏ وإعلاء شأنها وتأسيس دولتها‏.‏ لقد بدأ الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ منذ الأيام الأولي من وصوله إلي المدينة في بناء المسجد الذي يتجمع فيه المسلمون علي طاعة الله ـ تعالي ـ وعلي التلقي من الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ ماينفعهم‏.‏ وقد كان المسجد في عهده ـ صلي الله عليه وسلم ـ بمثابة وزارة الإعلام‏,‏ ووزارة الدفاع‏,‏ وغير ذلك من الوزارات والمؤسسات التي منها تصدر التوجيهات والإرشادات والأوامر والنواهي‏.‏ كما بدأ ـ صلي الله عليه وسلم ـ منذ الأيام في وصوله إلي المدينة بالمؤاخاه بين المهاجرين والانصار‏,‏ تلك المواخاه التي جعلت المسلمين جميعا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا‏,‏ تلك المؤاخاة التي مدح الله بسببها المهاجرين لعفافهم وعلو همتهم‏,‏ ومدح الأنصار لسخائهم وكرمهم وإيثارهم للمهاجرين علي أنفسهم‏.‏ وقد قرر القرآن ذلك في قوله ـ سبحانه ـ‏:‏ والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون‏.‏ والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا أغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم‏.‏ هذه بعض الدروس التي نتعلمها من الهجرة النبوية الشريفة‏,‏ وهي دروس متي اتبعناها وانتفعنا بهداياتها‏,‏ فتح الله علينا بركات من السماء والأرض‏.‏ نسأل الله أن يهدينا جميعا إلي صراط مستقيم


بقلم‏:‏ د‏.‏ محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهــر الشريف الاهرام

من طرف ahmed الثلاثاء يناير 29, 2008 4:06 pm

موضوع اكثر من رائع

من طرف ميار الأربعاء يناير 30, 2008 12:08 am

موضوع رائع جدا

من دروس الهجرة النبوية‏(2)‏ الشريفة

من دروس الهجرة النبوية‏(2)‏ الشريفة

رد: من دروس الهجرة النبوية‏(2)‏ الشريفة

رد: من دروس الهجرة النبوية‏(2)‏ الشريفة