منتديات السعادة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

شهادة المرأة ومجال الاجتهاد

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

شهادة المرأة ومجال الاجتهاد Empty شهادة المرأة ومجال الاجتهاد

مُساهمة من طرف saied2007 الإثنين يناير 14, 2008 5:56 am

شهادة المرأة ومجال الاجتهاد
بقلم‏:‏ د‏.‏ أحمد طه ريان
أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر
ورئيس لجنة موسوعة الفقه الإسلامي

نشرت جريدة الأهرام ـ صفحة اسلاميات ـ مقالين للأستاذة الدكتورة زينب رضوان بعنوان شهادة المرأة وذلك في يومي‏2007/12/24‏ و‏2008/1/7‏ وانتهت فيهما إلي أن شهادة المرأة مثل شهادة الرجل في كل شيء‏..‏ وهذا علي عكس ما جاءت به النصوص القطعية وإجماع الأمة ـ كما نري ـ وذلك من خلال الرد التالي‏:‏

أولا‏:‏ مما لاشك فيه أن للعقل عملا في استنباط الأحكام‏,‏ لكنه يقوم في ميدانين من ميادين الفكر‏,‏ أولهما‏:‏ تعرف المرامي والمقاصد من جملة النصوص الشرعية‏,‏ بأن نتعرف الحكمة من كل نص شرعي جاء بحكم‏,‏ ونستخرج الضابط الذي يصح أن يطبق بمقتضاه الحكم في كل موضع يشبهه‏,‏ ثم نتعرف مقاصد الشريعة جملة من مجموع ما استنبط من ضوابط الأحكام المختلفة‏.‏ وثانيهما‏:‏ في الاستنباط مما وراء النصوص فيما لا يوجد فيه نص‏,‏ لأن الحوادث لا تتناهي‏,‏ والنصوص تتناهي‏,‏ فكان لابد من استخراج أحكام ما لا نص فيه في ضوء ما ورد فيه نص‏.‏

ثانيا‏:‏ يدخل مجال الاجتهاد في أشياء كثيرة ورد فيها النص من القرآن أو السنة إلا أن تطبيقه علي حادثة معينة يحتاج إلي نوع من اجتهاد الفقيه‏,‏ فقد يكون النص من السنة ظني الثبوت‏,‏ فيحتاج إلي اجتهاد في التثبت من صحته ونسبته إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم وأكثر ما يكون هذا في أخبار الآحاد المروية في الفروع الفقهية‏.‏

ثالثا‏:‏ وقد يدخل مجال اجتهاد الفقيه في بعض النصوص قطعية الثبوت حينما تكون ظنية الدلالة علي الحادثة المجتهد فيها‏,‏ حيث يكون مجال الاجتهاد فيها تحقيق مدي دلالتها علي الحادثة‏,‏ ومدي ملاءمة النص بعد تفسيره ـ ليكون حكما شرعيا في المسألة‏,‏ وللأصوليين في ذلك اصطلاحات‏,‏ مثل تحقيق المناط وتنقيح المناط‏,‏ وتخريج المناط‏.‏

رابعا‏:‏ هناك حديث متفق علي صحته ورد في البخاري ومسلم وغيرهما‏,‏ وفيه‏:‏ خرج رسول الله في أضحي أو فطر‏,‏ فمر علي النساء فقال‏:‏ يامعشر النساء‏,‏ تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار‏.,‏ فقلن‏:‏ وبم يارسول الله؟‏!‏ قال‏:‏ تكثرن اللعن وتكفرن العشير‏,‏ ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن‏!‏ قلن‏:‏ ومانقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ أليس شهادة المرأة نصف شهادة الرجل؟‏!‏ قلن‏:‏ بلي‏.‏ قال‏:‏ فذلك من نقصان عقلها‏.‏ أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟‏!‏ قلن‏:‏ بلي‏.‏ قال‏:‏ فذلك من نقصان دينها‏.‏

وهذا الحديث يدل بمنطوقه علي أن شهادتها علي النصف‏,‏ ويدل بمفهومه علي أن شهادتها مع مثلها كشهادة الرجل‏,‏ وليس في القرآن ولا في السنة ولا في الإجماع ما يمنع من ذلك‏,‏ بل القياس الصحيح يقتضيه‏.‏

يقول الشوكاني‏:‏ والحديث يدل علي أن العقل يقبل الزيادة والنقصان وكذلك الإيمان‏,‏ وليس المراد من ذكر نقصان عقول النساء لومهن علي ذلك‏,‏ لأنه لا مدخل لاختيارهن فيه‏,‏ والإشارة إلي نقصان العقل يشعر بنقص عقلها عن الرجل إجمالا‏,‏ أما تفصيلا فقد تكون امرأة أكثر عقلا من كثير من الرجال‏.‏

خامسا‏:‏ ليس معني ذكر رجل وامرأتين في الآية الكريمة انتقاصا لشأن المرأة‏,‏ بل علي العكس من ذلك‏,‏ لأنه رفع لمكانتها وعلو لمرتبتها‏,‏ لأن وجود شاهدين قد لا يكون أمرا ميسورا‏,‏ فهنا بيسر التشريع يستدعي النساء للشهادة‏,‏ وهو إنما دعا الرجال لأنهم هم الذين يزاولون الأعمال عادة في المجتمع‏,‏ المجتمع الذي لا تحتاج المرأة فيه إلي أن تعمل لتعيش‏,‏ فتجور بذلك علي أمومتها وأنوثتها وواجبها في رعاية أثمن الأرصدة الإنسانية‏,‏ وهي الطفولة الناشئة من أجل لقيمات أو دريهمات تنالها‏.‏

سادسا‏:‏ وإذا تسألنا‏:‏ لماذا امرأتان؟ فإن النص لا يدعنا نحدس‏,‏ ففي مجال التشريع يكون كل نص محددا واضحا معللا‏(‏ أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخري‏)..‏ والضلال ينشأ من أسباب كثيرة‏:‏ من قلة الخبرة بموضوع التعاقد‏,‏ من طبيعة المرأة الانفعالية‏,‏ لأن وظيفة الأمومة العضوية البيولوجية تستدعي مقابلا نفسيا في المرأة حتما‏,‏ يستدعي أن تكون شديدة الاستجابة الوجدانية لتلبية مطالب طفلها بسرعة وحيوية لا ترجع إلي التفكير البطيء‏,‏ وهذه طبيعة لا تتجزأ‏.‏

إن المرأة شخصية موحدة‏,‏ هذا طابعها ـ فالمرأة هي المرأة في كل المواقف ـ بينما الشهادة علي التعاقد في مثل هذه المعاملات في حاجة إلي تجرد كبير من الانفعال‏,‏ ووقوف عند الوقائع بلا تأثر ولا حياء‏.‏ ووجود امرأتين فيه ضمان تذكير إحداهما الأخري إذا نسيت‏,‏ فضلا عن صيانة المرأة حين تكون إلي جوارها أنثي مثلها‏,‏ تشعرها بالأمان والاطمئنان‏.‏

سابعا‏:‏ إن الشهادة وعدد الشهود ونوعية الشهود كل هذا يختلف بحسب الموضوع المشهود فيه‏:‏

(‏أ‏)‏ فهناك من الشهادات ما لا يقبل فيه أقل من أربعة رجال لا امرأة بينهم‏,‏ وذلك في الزنا لقوله تعالي‏Sad‏ والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء‏)..‏ وهذا فيه صيانة المرأة عن رؤية هذا المشهد‏,‏ فضلا عن الشهادة عليه وقصه علي القاضي‏.‏

(‏ب‏)‏ ومنها ما يقبل فيه شاهدان لا امرأة فيهما‏,‏ وهو ما سوي الزنا من الحدود‏,‏ كالقصاص والقطع والسرقة‏,‏ وحد الحرابة والجلد في الخمر‏,‏ وهذا باتفاق الفقهاء‏.‏

(‏جـ‏)‏ وذهب جمهور الفقهاء إلي أن ما يطلع عليه الرجال غالبا‏,‏ مما ليس بمال ولا يقصد منه مال‏:‏ كالنكاح والطلاق والرجعة والنسب وغيرها‏,‏ فإنه يثبت بشهادة شاهدين لا امرأة فيهما‏,‏ لقوله تعالي‏Sad‏ وأشهدوا ذوي عدل منكم‏),‏ وقول رسول الله صلي الله عليه وسلم في النكاح‏:‏ لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل‏,‏ وروي مالك عن الزهري قوله‏:‏ مضت السنة بأنه لا تجوز شهادة النساء في الحدود ولا في النكاح والطلاق‏.‏

(‏د‏)‏ أما الحنفية فقالوا‏:‏ ما يقبل فيه شاهدان أو شاهد وامرأتان هو ما سوي الحدود والقصاص سواء كان الحق مالا أم غير مال‏.‏

(‏هـ‏)‏ ومنها ما يقبل فيه شهادات النساء منفردات وهو الولادة والاستهلال والرضاع‏,‏ وما لا يجوز أن يطلع عليه الرجال الأجانب من العيوب المستورة‏.‏

ثامنا‏:‏ إن شهادة المرأة لنفسها مقبولة في دفع ما يرميه بها زوجها‏,‏ وهي هنا منفردة‏,‏ ولم يأمرها القرآن أن تأتي بشهود‏,‏ فشهادة المرأة واقعة في نفي ما رماها به‏,‏ هذا وقد أجاز رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ شهادة القابلة علي الولادة‏,‏ فشهادة النساء جائزة فيما لا يطلع عليه الرجال حتي وإن كانت امرأة واحدة منفردة‏,‏ وقد مضت السنة بذلك‏,‏ إذن فليس الأمر انتقاصا لشأن المرأة‏,‏ لكنه الحفظ والستر لها‏.‏

تاسعا‏:‏ إن تعليل وجود امرأتين بأمية النساء وقتها أمر بعيد‏,‏ لأن المجتمع كان يحوي المتعلمة والشاعرة والأديبة‏,‏ فضلا عن أن مجتمع الجزيرة كله كان مجتمع البلاغة والفصاحة والحفظ‏,‏ وأما تعليل عدم مشاركة المرأة في العمل وقتها فبعيد أيضا‏,‏ لأن الشرع فرق بين الإرادة والتعبير‏,‏ فللمرأة في الإسلام حق في اختيار زوجها‏,‏ لكن ليس لها حق في ان تجلس في مجال الرجال لتعبر عن هذه الإرادة‏,‏ وفي ذلك أيضا رفع لشأنها‏.‏

عاشرا‏:‏ أما عن الاستشهاد برأي القرطبي وابن القيم‏,‏ فنص القرطبي كما جاء في تفسيره هو‏:‏ فجعل ـ تعالي ـ شهادة المرأتين مع الرجال جائزة في وجود الرجلين في هذه الآية‏,‏ ولم يذكرها في غيرها‏,‏ وأجيزت في الأموال خاصة في قول الجمهور بشرط أن يكون معهما رجل‏,‏ وإنما ذلك في الأموال دون غيرها‏,‏ لأن الأموال كثر الله أسباب توثيقها لكثرة جهات تحصيلها وعموم البلوي بها‏.‏

وأما نص ابن القيم في إعلام الموقعين فهو‏:‏ فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان‏,‏ فإن قيل‏:‏ اللفظ مذكر فلا يتناول الإناث‏,‏ قيل‏:‏ قد استقر في عرف الشارع أن الأحكام المذكورة بصيغة المذكرين إذا أطلقت ولم تقترن بالمؤنث فإنها تتناول الرجال والنساء‏,‏ لأنه يغلب المذكر عند الاجتماع‏..‏ فقوله تعالي‏:‏ وأشهدوا ذوي عدل منكم يتناول الصنفين‏,‏ لكن قد استقرت الشريعة علي أن شهادة المرأة نصف شهادة الرجل‏,‏ فالمرأتان في الشهادة كالرجل الواحد‏.‏ فهذان النصان كاملان غير مقتضبين‏,‏ ويشيران في جلهما إلي ما ذهب إليه جمهور الأمة من أن شهادة المرأة نصف شهادة الرجل‏.‏

وبعد‏,‏ فقد جاءت نصوص قطعية الثبوت والدلالة في أن شهادة المرأة علي النصف من شهادة الرجل‏,‏ ولم يقل أحد بنسخ هذه النصوص ولا إلغائها ولا إيقاف عملها‏,‏ ولا حتي التأويل في تفسيرها‏,‏ وذلك لأن انتصاف شهادة المرأة هو في الحقيقة في ميزانها لا في انتقاصها‏.‏ وإذا كان من الثابت أنه لا اجتهاد مع نص‏,‏ ومن الثابت أيضا أنه حيثما يوجد شرع الله فثم مصلحة العباد‏,‏ وفي مثل موضوعنا يوجد النص والمصلحة معا‏,‏ فلا داعي لتأويل النصوص من أجل مصلحة مزعومة‏,‏ بعد النساء عنها أكرم لهن من الاقتراب منها‏.‏
الاهؤام
saied2007
saied2007
المدير العام
المدير العام

عدد الرسائل : 4579
تاريخ التسجيل : 11/10/2007

https://saied2007.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

شهادة المرأة ومجال الاجتهاد Empty رد: شهادة المرأة ومجال الاجتهاد

مُساهمة من طرف ahmed الثلاثاء يناير 29, 2008 4:01 pm

موضوع اكثر من رائع
ahmed
ahmed
عضو مبدع

عدد الرسائل : 405
تاريخ التسجيل : 07/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى