منتديات السعادة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إسرائيل... "تحسين" الصورة على حساب القيم

اذهب الى الأسفل

إسرائيل... "تحسين" الصورة على حساب القيم Empty إسرائيل... "تحسين" الصورة على حساب القيم

مُساهمة من طرف saied2007 الإثنين يناير 14, 2008 2:36 am

توجد عدة صراعات داخل الدولة الصهيونية: الصراع السفاردي والإشكنازي، والصراع بين دعاة صهيونية الأراضي (أي ضرورة الاحتفاظ بكل الأراضي التي تحتلها إسرائيل) والصهيونية السكانية أو الديموغرافية التي تطالب بالانسحاب من الضفة الغربية وغزة حتى لا تفقد الدولة الصهيونية طابعها اليهودي بسبب تزايد العرب، مما يسبب ما يسمى بالهاجس الديموغرافي، أي تحول العرب إلى أغلبية داخل الدولة الصهيونية.

ولكن أهم الصراعات الصراع بين الصهاينة الدينيين والصهاينة العلمانيين، فالفريق الأول الذي يضم أقلية صغيرة من يهود العالم يتمسك بالتعريف الديني للهوية اليهودية وأصر على أن تكون الدولة الصهيونية دولة يهودية. أما الصهاينة العلمانيون فقد اتخذوا موقفاً مختلفاً تماماً، فقد قالوا إنهم يريدون أن "يطبعوا" اليهود ويجعلوهم شعباً مثل كل الشعوب، أي مثل الشعوب الغربية التي تدور في إطار التشكيل الحضاري الغربي.

وكلمة "تطبيع" هنا نسبة إلى "الطبيعة" وتعني تحويل أعضاء الجماعات اليهودية إلى بشر طبيعيين. ولكن التطبيع يتم حسب نموذج ما، وهو النموذج الغربي الحديث، وهو نموذج مادي، فكلمة الطبيعة في الخطاب الفلسفي الغربي الحديث تعني "المادة". وحين يتحدث الصهاينة عن تحويل اليهود إلى شعب مثل كل الشعوب، فهم يتحدثون عن الشعوب الغربية وعن التشكيل الحضاري الغربي. وأهم ما يميز هذا التشكيل هو عدم اكتراثه بالهويات والخصوصية، خاصةً في عصر السيولة والعولمة. وتحاول إسرائيل أن تلقي في رُوع العالم الغربي أنها بلد ديمقراطي مسالم وليس قوة عسكرية، أوجيباً استيطانياً يبطش بالسكان الأصليين. ولذا يحاول الصهاينة تحسين صورة إسرائيل الإعلامية من خلال تأكيد أن إسرائيل دولة حديثة تؤمن بالقيم الغربية، وأن الشعب الإسرائيلي يتمتع بالحرية الجنسية، على عكس الدول العربية الشمولية التقليدية البعيدة عن القيم الغربية والحرية الجنسية. إذ يبدو أن ثمة ترادفاً الآن في العقل الغربي بين القيم الغربية والحرية الجنسية.

وقد صرح "جوناثان شتاينبرج"، وهو مسؤول إعلامي سابق في القنصلية الإسرائيلية في نيويورك، قائلاً: "لابد أن ننشر موادَّ في الإعلام تلقي ضوءاً مختلفاً على إسرائيل، فمعظم الناس قد تعبوا من الصراع. ومن هنا كل الألاعيب التي استخدمناها في تشجيع قطاع السياحة، مثل دعوة نجوم هوليود لزيارة إسرائيل". وفي مجال تحسين الصورة الإعلامية نشرت وزارة السياحة إعلاناً عن إسرائيل جاء فيه بعض النساء اللاتي يرتدين المايوهات البكيني ويسرن على البلاج في تل أبيب وزوج من المثليين وقد تعانقا أمام إحدى الأماكن السياحية.

ولكن حين يتخذ الصهاينة مثل هذا الموقف، فهم يقعون في مأزق، فإذا كانت يهودية الكيان الصهيوني المزعومة هي التي تسبغ عليه الشرعية، فعلمانيته تقوضها، فيطرح السؤال نفسه: هل الدولة الصهيونية دولة يهودية؟ وتنشب المعارك كما حدث في شهر يوليو السابق، حين نشرت مجلة "ماكسيم" الأميركية (التي تشبه في كثير من الوجوه مجلة بلاي بوي بكل صورها الإباحية) ملفاً يتكون من خمس صفحات عنوانه "النساء المختارات" (بالإنجليزية The Chosen ones)، وهو عنوان ساخر يتلاعب على مفهوم الشعب المختار. فبدلاً من الاختيار الإلهي للشعب اليهودي المقدس، تم اختيار هؤلاء النسوة بسبب أجسادهم العارية التي تثير الغرائز، أي أن الدنيوي والمادي حلا محل الإلهي والروحي. وفي الصفحة الأولى توجد نجمة داود (رمز ديني آخر يتحول إلى رمز دنيوي) وفوقها عبارة "جيش الدفاع الإسرائيلي"، وفي أسفل الصفحة توجد هذه العبارات "إنهن (أي الفتيات الإسرائيليات اللاتي يظهرن في الملف) على قدر كبير من الجمال الفتاك، ويمكنهن أن يفككن مدفع أوزي" (المدفع الرشاش الإسرائيلي الشهير). وكأن هذه الإيحاءات الجنسية الواضحة في الجمع بين النساء العاريات والمدفع الرشاش لا تكفي، إذ يحاول الملف زيادة الأمور إيضاحاً فيتساءل: "هل نساء جيش الدفاع الإسرائيلي أكثر الجنود جاذبية جنسية في العالم؟".

يحاول الصهاينة تحسين صورة إسرائيل الإعلامية من خلال تأكيد أن إسرائيل دولة حديثة تؤمن بالقيم الغربية، وأن الشعب الإسرائيلي يتمتع بالحرية الجنسية.

ويضم الملف صوراً لعدة محاربات قدامى إسرائيليات شبه عاريات وقد اتخذن أوضاعاً مثيرة أمام خلفية إسرائيلية. وتطالعنا في الصورة الأولى إحدى المحاربات القدامى (لم يذكر اسمها) وقد ارتدت مايوهاً بكينياً أقل من البكيني، ولذا أطلق أحدهم عليه عبارة "ما بعد البكيني post-bikini" (على وزن ما بعد الحداثة). ومن الفاتنات القاتلات الأخريات "جال جادوت"، ملكة جمال إسرائيل، وقد ظهرت في الصورة نائمة على ظهرها على حافة بلكونة مرتدية "مايوهاً بكينياً" وحذاء بكعب. وجال كانت مدربة للياقة البدنية وتقول: "لقد أحبني الجنود لأنني جعلتهم لائقين بدنياً".

أما المحاربة الفاتنة الثالثة فتسمى يارون التي كانت تعمل في المخابرات العسكرية، وهي تهوى إطلاق الرصاص وإصابة الأهداف بسلاحها وتؤكد ذلك بقولها: "أحب إطلاق الرصاص، وكنت دائماً ما أصيب الهدف". أما رابعة المحاربات وأكثرهن فتكاً فتسمى "ناتالي" وكانت تعمل في الاتصالات في سلاح البحرية وظهرت في الصورة، وهي ترتدي جاكتاً عسكرياً، فكت أزراره ولا ترتدي تحته شيئاً. ومن الواضح أن كلمات المحاربات القدامى ليست كالكلمات لأنها تحمل من المعاني الأخرى الكثير الكثير، وكل لبيب بالإشارة يفهم.

ويضم الملف كذلك معلومات عن الحياة الليلية في تل أبيب وأين يمكن أن تجد المتعة، وهي أشكال وألوان في الدولة التي تدّعي أنها يهودية. فعلى سبيل المثال هناك "نادي الإفطار" حيث تزدحم دورات المياه تماماً مثل قاعة الرقص، ويصف دورات المياه بأنها قد نالت شهرتها مما يمارس فيها من إباحية. وعنوان هذا الجزء من الملف، "بقع ساخنة مقدسة"، ويعطينا هذا الملف فكرة عن مدى تصاعد التوجه نحو اللذة وتراجع كل القيم المطلقة (الإنسانية والأخلاقية والدينية) ومدى نزع القداسة عن الإنسان وعن الكون، وعن تساقط أي ادعاءات صهيونية بخصوص يهودية الدولة التي أسسوها.

وحين تسرب ملف مجلة "ماكسيم" وعَرَفَ به الصهاينة المتدينون غضبوا أيما غضب. فطالب أحد أعضاء الكنيست بعقد اجتماع طارئ لمناقشة الموضوع، وسخر آخر من القرار الخاص بتحسين صورة إسرائيل من خلال صور لنساء نصف عاريات ووصفها بأنها "حملة إباحية". كما اعترض ثالث على تعاون قنصلية إسرائيل في نيويورك وبعض الهيئات اليهودية (العلمية والخيرية) الأخرى مع المجلة في مرحلة إعداد الملف.

وقد دافعت "جال جادوت" عن موقفها بقولها: "أنا فخورة بما فعلت، فمن حق كل إنسان أن يعبر عن رأيه. فإسرائيل بلد ديمقراطي"، أي أنها تجعل من النسبية المطلقة مرجعيتها النهائية الوحيدة. كما صرح "ديفيد سارانجا"، القنصل الإسرائيلي في نيويورك لشؤون الإعلام، وهو الذي دعا مجلة "ماكسيم" لنشر الملف، قائلاً: "يجب ألا نخجل من العنصر الجنسي. ما هي المشكلة؟ البعض يقول إن ثمة مشكلة. هذا جزء من المجتمع الإسرائيلي: أن تذهب لحمام السباحة والبلاجات مرتدياً المايوهات". وكما قال أحدهم: "لا أعتقد أننا هنا نبيع المتعة... أعتقد أننا نبيع الحضارة العلمانية". هل يمكن لأحد أن يتحدث بعد ذلك عن يهودية الدولة اليهودية؟!

د.عبد الوهاب المسيري..الاتحاد الإماراتية
saied2007
saied2007
المدير العام
المدير العام

عدد الرسائل : 4579
تاريخ التسجيل : 11/10/2007

https://saied2007.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى