منتديات السعادة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

حماس وعشرون عامًا من العطاء والتحديات

اذهب الى الأسفل

حماس وعشرون عامًا من العطاء والتحديات Empty حماس وعشرون عامًا من العطاء والتحديات

مُساهمة من طرف saied2007 الأحد يناير 13, 2008 1:33 am

مؤخرًا أكملت حركة المقاومة الإسلامية حماس عشرين عامًا، تلك الحركة التي انطلقت في 14/12/1987. والحال أن الحركة لم تنطلق في التاريخ المذكور، بل قبل ذلك بعقود، فهي لم تتأسّس كما هو حال حركة فتح من مجموعة من الأشخاص، بل ورثت تنظيمًا كاملاً كان قد تبلور خلال سنوات طويلة تحت لافتة الإخوان المسلمين في قطاع غزة والضفة الغربية، وإن لم تكن اللافتة معلنة بالكامل في مراحل النمو الأولى حذرًا من البطش خلال الستينيات، ولتجنب ضربات الاحتلال قبل الأوان، إلى جانب توقي الصدام مع القوى الوطنية واليسارية.
كان الشهيد أحمد ياسين قد بدأ المسيرة مبكرًا، ومعه آخرون، وبالطبع في مجتمع لم تَغِب عنه الحركة الإسلامية فقط، بل التدين بشكل عام، أعني خلال الستينيات وحتى منتصف السبعينيات. وكان عليه أن يستهلك ردحًا طويلاً من الزمن، ويبذل الكثير من الجهد قبل أن يؤسّس لنفسه إطارًا معقولاً يوفّر له فرصة الانطلاق نحو آفاق جديدة مع توفر ظروف مواتية ولو في الحدّ الأدنى.
في مطلع الثمانينيات شعر الشيخ أن شجرته قد نضجت وأينعت، وآن أوان الانطلاق نحو برنامج مقاومة الاحتلال، فكانت نَوَاة التنظيم المسلح في العام 82، والتي ما لَبِثت أن وقعت في قبضة الاحتلال، وصولاً إلى اعتقال الشيخ والحكم عليه بالسجن ثلاثة عشر عامًا، قبل أن يخرج بعد ذلك بثلاث سنوات في عملية تبادل الأسرى مع الجبهة الشعبية (القيادة العامة) في العام 86.
عاد الشيخ يجهز البناء ويرعاه، إلى أن جاءت لحظة الانطلاقة مع اندلاع الانتفاضة الأولى التي بدأت بالخروج من المساجد في تظاهرة من مخيم جباليا تشييعًا لأربعة شهداء من سرايا الجهاد الإسلامي، كان على رأسها رجاله ومريدوه. حدث ذلك فيما كانت الحركة الوطنية الفلسطينية في وضع سيئ بعد الخروج من بيروت، وكانت أطر الداخل التابعة لها عاجزة عن مباشرة فعل نضالي مكلف للاحتلال.
منذ بداية الانتفاضة الأولى، برزت حماس كقوة فاعلة توازي جميع القوى الوطنية، بمن فيها حركة فتح، وكانت للحركة بياناتها الخاصة، وإضراباتها وفعالياتها، وعلى هذه الخلفية بدأ مسلسل المطاردة الإسرائيلية للحركة، والذي صار أكثر شراسة بكثير بعد تغيير الحركة لبرنامجها النضالي إثر إدراكها لحقيقة أن الحجارة وحدها لم تَعُد مؤثرة ولا مكلفة للمحتل، حيث بَرَزت بعض المظاهر المسلحة من بعض العناصر لمعالجة صراعات داخلية، إلى جانب الزعران المتلفعين بثوب النضال، ممَّا شكل عبئًا على الانتفاضة والشعب.
مع نهاية الثمانينات وبداية التسعينات، جرى تأسيس التنظيم العسكري في الحركة (كتائب الشهيد عز الدين القسام)، وليبدأ الفعل العسكري في القطاع وصولاً إلى الضفة الغربية، وهو واقعٌ عجّل- إضافة إلى عوامل أخرى- في عقد اتفاق أوسلو بعد أن أدرك الإسرائيليون خطورة الانتفاضة وحرب المقاومة، فيما وفّرت لهم وقائع ما بعد الحرب الباردة وحرب الخليج الثانية ولهاث منظمة التحرير خلف الاعتراف الدولي بها فرصة عقد اتفاق بائس يخدم مشروع الحلّ الإسرائيلي وأحلام بالسيطرة على المنطقة.
مع عملية الإبعاد الكبرى لمائتين من حماس والجهاد (أغلبهم من حماس) إلى الحدود اللبنانية في العام 92، وانطلاق مسلسل العمليات الاستشهادية كانت حماس قد أصبحت الرقم الصعب في المعادلة الفلسطينية، لكن تداعيات مؤتمر مدريد والخوف من البديل الأردني، ومن المستقلين في الداخل دفعت إلى توقيع اتفاق أوسلو لتصبح م.ت.ف هي المفاوض والطرف الذي سيشكل السلطة. ومع تشكل سلطة أوسلو بدأت مطاردة خلايا حماس المسلحة، بل وبِنيَتِها التحتية أيضًا، لكن تجذّر الحركة في الواقع الفلسطيني كان أكبر من قدرة أي حرب على تحجيمها، بل إن شعبيتها كانت في تصاعد تبعًا لمعاناتها من قمع الاحتلال وسلطة أوسلو في آن واحد. وقد كان قرار الحركة بمقاطعة الانتخابات عام 96 صائبًا كما أثبتت الوقائع بعد ذلك؛ لأن المشاركة فيها كانت تعني التأمين على مسار أوسلو ومفرداته.
إثر وصول مشروع أوسلو إلى الجدار المسدود في قمة كامب ديفيد، صيف العام 2000، اندلعت انتفاضة الأقصى نهاية أيلول من ذات العام، وفيها استعادت حماس، وهذه المرة ضمن وحدة وطنية مميزة مع فتح وفصائل المقاومة الأخرى، استعادت زخمها الجهادي، فكانت المرحلة الأكثر أهمية وروعة في تاريخ النضال الفلسطيني برُمّته. وفيما شعر العدو بثقل التهديد الوجودي الذي مثّلته الانتفاضة بزخمها الشعبي والوحدوي والاستشهادي وما ترتب عليها من خسائر سياسية وتدهور لمكانة الدولة العبرية في أوساط الرأي العام الدولي، فقد قرّر بالتوافق مع إدارة بوش الردّ في اتجاهين: الأول إعادة الاحتلال المباشر لمدن الضفة الغربية من جديد ربيع العام 2002، ومن ثَمّ حصار ياسر عرفات في المقاطعة. أما الثاني فإعلان قرار فكّ الارتباط الأحادي عن قطاع غزة عام 2003، وتهيئة الأجواء لتنفيذه باغتيال قادة حماس الكبار واحدًا إثر الآخر، وعلى رأسهم الشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي، وليتبعهم بعد ذلك بياسر عرفات مهيئًا الأجواء في ظلّ أجواء احتلال العراق وتراجع الوضع العربي لمرحلة سياسية جديدة يتصدرها من رفضوا المقاومة المسلحة (العسكرة بتعبيرهم) خلال انتفاضة الأقصى.
أجريت الانتخابات الرئاسية لمنح الوضع الجديد شرعيته، وحصل الرئيس محمود عباس على تهدئة لإطلاق المفاوضات مطلع العام 2005، ثم كانت الانتخابات التشريعية مطلع العام 2006 بهدف الحصول على تفويض شعبي لبرنامج التفاوض، فكانت النتيجة المفاجئة التي أربكت الوضع برُمّته.
منذ البداية كان رأينا أن قرار المشاركة في الانتخابات لم يكن صائبًا بحال، فهنا ثمّة انتخابات تحت سقف اتفاق أوسلو الذي وضع السلطة وقيادتها رهائن بيد المحتلّ ومن يقدمون لها المساعدات (الأمريكان والأوروبيون)، فيما يعلم الجميع أن معادلة الجمع بين السلطة والمقاومة هي أقرب إلى المستحيل منها إلى الحقيقة.
الآن، وبعد هذه التجربة المريرة ووجود 43 من نواب الحركة في الضفة الغربية مع الآلاف من أبنائها في السجون، إلى جانب مئات المعتقلين لدى حكومة سلام فياض غير الشرعية، وما جرى منذ الفوز في الانتخابات وما تبعه من اقتتال داخلي ومن ضمنه الحسم العسكري في القطاع، وما ترتب عليه من خسائر سياسية، يمكن القول: إنه آن أوان الاعتراف بخطأ التقدير السياسي الذي قاد هذه المرحلة التي عكست في جوهرها روحية التعاطي مع واقع قطاع غزة تبعًا لتحرّره النسبي والجزئي من الاحتلال، وليس بمقياس عموم القضية الفلسطينية. مع العلم أن القطاع لم يكن يومًا أسَّ الصراع، ولطالما تمنّى الإسرائيليون أن يبتلعه البحر.
أيًا كان الأمر فما جرى منذ مطلع العام 2006 لا يضرب حركة كبيرة ورائعة بحجم حماس، (مهرجان الانطلاقة في غزة يوم السبت 15/12/2007، والذي كان الأضخم في تاريخ فلسطين شاهد على استمرار الشعبية)، وقد تكون له حسنة تعطيل مشروع الدولة المؤقتة الذي رسمه شارون (إلى الآن على الأقل)، وهو مشروع كارثي يؤبّد النزاع على أساس فاسد يتمثل في دولة منزوعة السيادة على قطاع غزة، وما يتركه الجدار من الضفة الغربية (ثمة هراء ينشره بعضهم حول موافقة حماس على الدولة المؤقتة بناء على وثيقة قيل: إن أحمد يوسف قد توافق عليها مع جهات أوروبية، مع العلم أن الرجل ليس مخولاً بالحديث باسم حماس، فيما أعلنت الحركة مرارًا وتكرارًا تنصلها من هذا الأمر، ورفضها الفكرة برُمّتها، مع العلم أن هجاء الطرف الآخر للوثيقة لا يتم حرصًا على القضية وإنما خوفًا من المنافسة في ذات المربع التفاوضي).
نعم، ما جرى منذ الانتخابات كان ينطوي على بعض الأخطاء التي أساءت للحركة وتراثها، لكن ذلك لا يقال إلا لأن الحركة بتراثها الرائع من الدم والشهداء والبطولة والتضحيات قد حظيت بمكانة في ضمير الأمة لم تحظَ بمثلها أية حركة أخرى على الإطلاق، كما شكلت رافعة مهمة للظاهرة الإسلامية برمّتها.
إن حركة لها كل هذا التراث الرائع لا يمكن أن تتراجع مكانتها بين الفلسطينيين وفي الوعي الجمعي للأمة لمجرد ارتكابها بعض الأخطاء التي جاء أكثرها في سياق ردود الفعل على الاستهداف المبرمج. وفي العموم فإن حركة يستهدفها الكيان الصهيوني ومعه الولايات المتحدة إلى جانب العديد من الدوائر العربية لا يمكن أن تتراجع مكانتها، لاسيما أن عنوان بوصلة الوعي الجمعي لأنصار حماس والشعب الفلسطيني والأمة هو الوقوف في المعسكر المقابل للمعسكر الأمريكي الصهيوني، فكيف حين يكون الطرف المنافس لها في الساحة الفلسطينية مقيمًا على عبثية المفاوضات السياسية، فيما يطارد مجاهدي الحركة ومؤسساتها لحساب الاحتلال في الضفة الغربية (تنفيذ البند الأول من خريطة الطريق)؟!
في المقابل ينبغي الاعتراف بأن جذر الأخطاء التي ارتكبت من طرف حماس إنَّما يتمثل في وهم السلطة عمومًا، والذي دفع البعض في قطاع غزة، إلى تجاهل لحقيقة أن الضفة الغربية ما تزال بالكامل تحت الاحتلال، مع العلم أن القطاع ليس سوى واحد ونصف في المائة من مساحة فلسطين، وستة في المائة من الأراضي المحتلة عام 67، وسكانه هم 15 في المائة من الشعب الفلسطيني، ونصف سكان الضفة الغربية، وليس هو لبّ الصراع، ولا يغير ذلك بالطبع في حقيقة أن تحريره قد وقع بالفعل بقوة المقاومة والصمود والتضحيات على مستوى الساحة الفلسطينية كلها وليس التفاوض.
الصراع بين الأمة وبين مشروع الاحتلال الصهيوني ما يزال في ذُروته، ومن يعتقد بأن الانسحاب من القطاع قد غيّر الكثير في أسس الصراع فهو واهم، ولما كان الأمر على هذا النحو فإن المقاومة هي السبيل الوحيد، وأقله الأساسي في التعامل مع ذلك الاحتلال.
لقد آن أوان الاعتراف بأن مشروع السلطة هو مشروع مصمم لخدمة الاحتلال، وقد كان المحللون الإسرائيليون يسمون سيناريو حلّ السلطة بأنه "السيناريو الكابوس"، وحماس لن تتمكن من حرف مشروع السلطة عن وجهته التي صيغ من أجلها. أما الديمقراطية فهي غير ممكنة تحت الاحتلال، وهي وهم آخر أريد من خلاله استدراج حماس بعيدًا عن ميدان المقاومة.
خلال ما يقرب من عامين من دخولها الانتخابات وقع تراجع في بعض الخطاب السياسي لحماس، وبدأنا نتابع أدبيات لا تنتمي إلى تراث الحركة. صحيح أن الحركة لم تعترف بالدولة العبرية ولم تُبْدِ أي استعداد للاعتراف بها أو التسليم بواقع الجدار والمستوطنات، لكن مضمون الكلام في عدد من الوثائق، ومن بينها وثيقة حكومة الوحدة الوطنية كانت تفعل ذلك على نحو من الأنحاء؛ إذ كان حمّال أوجه، ولا تستقيم مقاومة في ظلّه.
لا يعيب حماس أن تراجع مسيرة العامين الماضيين، لكن ذلك لن يحدث من دون الاعتراف بوجود الخطأ، ومن ثَم العمل على إعادة الصراع والمسيرة برُمّتها إلى سكتها الصحيحة، فتراث أحمد ياسين والرنتيسي هو أمانة بيد قيادتها في الداخل والخارج، وهم لن يحافظوا على ذلك التراث إلا بالخروج من وهم السلطة، والعودة إلى ميدان المقاومة بما تيسر، علمًا أنها لم تغادره رغم كل شيء، وفي العموم فإن مسيرة المقاومة تتقدم وتتراجع بحسب الظروف. المهم أن تبقى الراية مرفوعة، وقد فعلت الحركة ذلك من قبل عندما قاطعت الانتخابات في العام 1996 واستمرّت في برنامج المقاومة في الحدّ الأدنى إلى أن اصطدم أوسلو بالجدار المسدود صيف العام 2000.
من إشكالات السلوك السياسي لحركة حماس منذ عامين، بخاصة لبعض رموزها والمتحدثين باسمها، ما يمكن القول: إنه تجريب المجرّب، ولو كانت سياسة التفاوض والتنازلات والتقرب من الغرب تأتي بنتيجة لحصل عليها ياسر عرفات، بل لحصل عليها محمود عباس الذي يُبدي قابلية غير مسبوقة للتنازل في تاريخ النضال الفلسطيني.
بعد عشرين عامًا على انطلاقتها تقف حماس أمام مفترق طرق صعب، فهي من جهة تقبض على تراث رائع من البطولة والتضحية جعلها الحركة الأكثر شعبية في العالم الإسلامي، فيما تعيش أزمة بدأت تطرح الكثير من الأسئلة حول دورها وحضورها، لأن الجماهير لا تمنح أحدًا صكًّا على بياض، بل تبايع على أساس خطاب معين، تسحب بيعتها إذا تغيّر.
كلنا ثقة في أن هذا التراث الرائع لن يضيع، وأن قيادة الحركة ستعيد ترتيب أوراقها من جديد على نحو لا يستعيد مكانتها الأصيلة التي لم تتراجع سوى على نحو هامشي، خلافًا لما يروج مناهضو برنامجها، بل يضيف إليها مزيدًا من المكانة والحضور؛ لأن الخطاب الإسلامي المقاوم هو وحده القادر على تحرير فلسطين واستعادة الكرامة. وما يزيدنا ثقة في ذلك هو المصير المحتوم لبرنامج التفاوض، بل لعموم المشاريع الأمريكية الإسرائيلية في المنطقة.
حماس والجهاد ومن ينهج نهج المقاومة والممانعة في فلسطين هم رأس حربة الأمة في مواجهة المشروع الصهيوني الأمريكي، وهم في حاجة إلى دعم رموز الأمة وجماهيرها وحركاتها، تمامًا كما هم بحاجة إلى النصح والتصويب إذا أصاب مسيرتهم بعض الخلل.
المصدر: الإسلام اليوم
saied2007
saied2007
المدير العام
المدير العام

عدد الرسائل : 4579
تاريخ التسجيل : 11/10/2007

https://saied2007.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى