ملف الخليج في حقيبة بوش الوداعية
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
ملف الخليج في حقيبة بوش الوداعية
تأتي جولة الرئيس الأمريكي الراهنة للمنطقة، في مفصلٍ غاية في الأهمية والحساسية من حيث توقيته والواقع السياسي والعسكري والاستراتيجي في العراق وانعكاساته على الخليج، وبرغم أنه من غير المتوقع أن تكون لهذه الزيارة تأثيرات مباشرة وتغييرات رئيسية على مسار الأوضاع بحكم اضطراب المنطقة وتعدد المسارات التي تتجاذبها، إضافة إلى فشل الأمريكيين المتراكم في تثبيت أدوات مباشرة لتحقيق المشروع البديل مرحليًا أو استراتيجيًا منذ أن وجهت المقاومة الإسلامية الوطنية في العراق ضربتها القوية لهذا المشروع، حيث دخل بعدها في دوامة صراع مع قوى الممانعة العربية من جهة ومع حلفاء الغزو الأمريكي للعراق والذي تمثَّل في إيران كدولة إقليمية والفصائل الثقافية التابعة لها والتي تقاطعت مصلحتها مع واشنطن وأصبحت الحالة في الخليج قبيل زيارة الرئيس الأمريكي تدخل عنق الزجاجة الأضيق قبل تطورات المشهد المستقبلية.
لكن الانطلاق من تحليل ما سيحمله الرئيس الأمريكي من مشروع أو خطوط عامَّة يسعى لتثبيتها في الخليج يقوم على عرض الصورة السابقة لحالة الخليج وإعادة قراءة ما تعنيه جغرافيا الخليج للمصالح القومية الأمريكية الثابتة فمن المعروف والمحسوم في جدليات كل الطبقة السياسية الأمريكية بأن ترسيخ النفوذ الأمريكي في منطقة الخليج للحفاظ على تدفُّق الثروة النفطية للمنطقة في إطارٍ مفتوح لا يقبل بأي حال أن يُضبط أو يُعدّل لمصلحة الرخاء والأمن القومي الخليجي، فالميزان المجمع عليه أمريكيًا كان ولا يزال إخضاع الخليج للمشروع الأمريكي دون تردد ثم أضيف للمشروع الاقتصادي الوجود العسكري الاستراتيجي الذي لم يكن بهذا الحضور المكثف إلا بعد حرب 1991 التي شنتها الولايات المتحدة على العراق فتعزز فيها الوجود العسكري بصورة كبيرة في الكم والكيف من خلال مستودعات السلاح الضخمة في المنطقة لحماية مصالحها ولتدعيم أمن تل أبيب.
لكن أحداث العراق بعد انتكاسة المشروع الأمريكي وصعود المشروع الإيراني أخلَّت بميزان اللعبة وجعلت الموقف الأمريكي في اضطرابٍ شديد بين اتجاهين، الأول: القبول بهيمنة الطرف الإقليمي الإيراني وإعادة توزيع مساحة النفوذ وأدواته بينهما بما يضمن للأمريكيين استثمار المفاهيم والمصالح للنظام الإيراني التي شاركته في أفغانستان والعراق والموقف الموحَّد ضد قوى الممانعة العربية والأفغانية, والاتجاه الثاني يقوم على تعزيز الموقف الأمريكي في هذا الصراع عبر المنظومة الخليجية وتسخير الخليج كليًا لمصلحته الإستراتيجية في التوافق أو الصراع مع إيران كوسيلة ضغط أو تهدئه وأحيانًا اقتسام مصالح ونفوذ مع الجانب الإيراني بحسب ما تمليه الرؤيا الإستراتيجية الأمريكية المُعدلة أو المُطورة بناءً على صعود المشروع الأمريكي أو انتكاسته .
هذا بالضبط ما يُتوقَّع أن يسعى الرئيس الأمريكي لإقناع حكومات الخليج به وهو في ذات الوقت ما سيشكِّل عامل الأزمة الكارثية المتصاعد للأمن السياسي والاستراتيجي والمصلحة القومية الخليجية فإن إعادة ربط الموقف المبدئي والسياسي والسيادي للخليج بمدار واشنطن القادم يُشبه الاندفاع إلى ريحٍ عاصفة مضطربة والتوغل في بؤرتها دون أي قوة ردع ذاتية ممانعة لمواجهة حركة هذا الإعصار وإن إغفال الخليج لاضطرابات وانهيارات المشروع الأمريكي المتعددة سواء كان ذلك في أفغانستان أو الصومال أو العراق أو غزة يُعتبر سذاجة متطرفة خاصة مع وجود بوادر عميقة على أن الأمريكيين قد يُغيرون في أي لحظة مسار الخط السياسي مع الطرف الإقليمي أو مع التداعيات المستقبلية في الساحات المتوترة مما سيدفع بواشنطن إلى القبول بقواعد جديدة للعبة تؤمِّن الحد الأدنى من مصالحها بل وليس مستحيلاً أن يختل التوازن العام لاستراتيجيات القوى الدولية وتذهب وعود الرئيس بوش لحكام الخليج إلى السراب حتى من خلال مصلحتهم الأمنية الذاتية، وإن خيار الإنقاذ إنما يتجسَّد عبر الإصلاح الوطني الإسلامي بفتح أطر المشاركة الشعبية الملتزمة بهويتها العربية وتعزيز برامج الوحدة والردع الذاتي الأمني والاستراتيجي وربطها بالعمق العربي، فإن عجزت دول المنطقة عن هذين السلاحين فليس أقل من أن تبقى بمنأى عن واشنطن وطهران معًا وأن يُدرك ساسة الخليج بأن القبول بربط قرارهم في هذا المدار الجديد بيد واشنطن لأجل إنقاذهم من إيران قد يُفيقون على أن واشنطن هي ذاتها قد قررت بيع بعضهم لعمائم طهران.
المصدر: الإسلام اليوم
لكن الانطلاق من تحليل ما سيحمله الرئيس الأمريكي من مشروع أو خطوط عامَّة يسعى لتثبيتها في الخليج يقوم على عرض الصورة السابقة لحالة الخليج وإعادة قراءة ما تعنيه جغرافيا الخليج للمصالح القومية الأمريكية الثابتة فمن المعروف والمحسوم في جدليات كل الطبقة السياسية الأمريكية بأن ترسيخ النفوذ الأمريكي في منطقة الخليج للحفاظ على تدفُّق الثروة النفطية للمنطقة في إطارٍ مفتوح لا يقبل بأي حال أن يُضبط أو يُعدّل لمصلحة الرخاء والأمن القومي الخليجي، فالميزان المجمع عليه أمريكيًا كان ولا يزال إخضاع الخليج للمشروع الأمريكي دون تردد ثم أضيف للمشروع الاقتصادي الوجود العسكري الاستراتيجي الذي لم يكن بهذا الحضور المكثف إلا بعد حرب 1991 التي شنتها الولايات المتحدة على العراق فتعزز فيها الوجود العسكري بصورة كبيرة في الكم والكيف من خلال مستودعات السلاح الضخمة في المنطقة لحماية مصالحها ولتدعيم أمن تل أبيب.
لكن أحداث العراق بعد انتكاسة المشروع الأمريكي وصعود المشروع الإيراني أخلَّت بميزان اللعبة وجعلت الموقف الأمريكي في اضطرابٍ شديد بين اتجاهين، الأول: القبول بهيمنة الطرف الإقليمي الإيراني وإعادة توزيع مساحة النفوذ وأدواته بينهما بما يضمن للأمريكيين استثمار المفاهيم والمصالح للنظام الإيراني التي شاركته في أفغانستان والعراق والموقف الموحَّد ضد قوى الممانعة العربية والأفغانية, والاتجاه الثاني يقوم على تعزيز الموقف الأمريكي في هذا الصراع عبر المنظومة الخليجية وتسخير الخليج كليًا لمصلحته الإستراتيجية في التوافق أو الصراع مع إيران كوسيلة ضغط أو تهدئه وأحيانًا اقتسام مصالح ونفوذ مع الجانب الإيراني بحسب ما تمليه الرؤيا الإستراتيجية الأمريكية المُعدلة أو المُطورة بناءً على صعود المشروع الأمريكي أو انتكاسته .
هذا بالضبط ما يُتوقَّع أن يسعى الرئيس الأمريكي لإقناع حكومات الخليج به وهو في ذات الوقت ما سيشكِّل عامل الأزمة الكارثية المتصاعد للأمن السياسي والاستراتيجي والمصلحة القومية الخليجية فإن إعادة ربط الموقف المبدئي والسياسي والسيادي للخليج بمدار واشنطن القادم يُشبه الاندفاع إلى ريحٍ عاصفة مضطربة والتوغل في بؤرتها دون أي قوة ردع ذاتية ممانعة لمواجهة حركة هذا الإعصار وإن إغفال الخليج لاضطرابات وانهيارات المشروع الأمريكي المتعددة سواء كان ذلك في أفغانستان أو الصومال أو العراق أو غزة يُعتبر سذاجة متطرفة خاصة مع وجود بوادر عميقة على أن الأمريكيين قد يُغيرون في أي لحظة مسار الخط السياسي مع الطرف الإقليمي أو مع التداعيات المستقبلية في الساحات المتوترة مما سيدفع بواشنطن إلى القبول بقواعد جديدة للعبة تؤمِّن الحد الأدنى من مصالحها بل وليس مستحيلاً أن يختل التوازن العام لاستراتيجيات القوى الدولية وتذهب وعود الرئيس بوش لحكام الخليج إلى السراب حتى من خلال مصلحتهم الأمنية الذاتية، وإن خيار الإنقاذ إنما يتجسَّد عبر الإصلاح الوطني الإسلامي بفتح أطر المشاركة الشعبية الملتزمة بهويتها العربية وتعزيز برامج الوحدة والردع الذاتي الأمني والاستراتيجي وربطها بالعمق العربي، فإن عجزت دول المنطقة عن هذين السلاحين فليس أقل من أن تبقى بمنأى عن واشنطن وطهران معًا وأن يُدرك ساسة الخليج بأن القبول بربط قرارهم في هذا المدار الجديد بيد واشنطن لأجل إنقاذهم من إيران قد يُفيقون على أن واشنطن هي ذاتها قد قررت بيع بعضهم لعمائم طهران.
المصدر: الإسلام اليوم
رد: ملف الخليج في حقيبة بوش الوداعية
اشكرك على الموضوع
ahmed- عضو مبدع
- عدد الرسائل : 405
تاريخ التسجيل : 07/11/2007
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى