رسالة رمضانية

الوقت : عند الإفطار وللصائم دعوة لا ترد .. ام محمد تناجي ولدها
وفلذة كبدها .. أتعرفونه: انه محمد ممدوح ابن قرية شها احدي توابع محافظة الدقهلية .. محمد رحل عن دنيانا الي الدار الأخرة .. بل هو في عالم الخلد والبقاء الابدي .. نعم في جنات ونهر .. في مقعد صدق عند مليك مقتدر.. محمد وطبقاً لروايات شهود العيان .. لم يرتكب جرماً .. ولم يسرق ملايين الجنيهات من البنوك. كما فعلها آخرون وهربوا بها الي الخارج أوهربوا بضم الهاء .. لم يثبت انه تاجر في صحة المصريين بالبذور والمبيدات المسرطنة .. وان قيل أنه سارق .. وما سرقته (باكو شاى) ربما أخفق أبوه عامل اليومية عن توفيره له ولأشقاءه ولوالدته المصدومة والصابرة .. كوب من الشاي ربما رآه محمد أفضل كثيراً من اشهي المطعومات والمشروبات التي يتناولها أبناء الذوات والأكابر ..محمد لم يخطر بباله أن مصيره هو الموت. سحلاً وضرباً. في مركز الشرطة .. طرحوه أرضاً .. ركلوه بالأقدام والأحذية ... وما أداراك ماأحذيتهم انها من نوع خاص فوزنها ثقيل ..
محمد يفقد ماتبقي لديه من حركة .. أراه متأوهاً يستغيث ولكن لا حياة لمن تنادي .. طالبهم أن يرحموا ضعفه وجسده النحيل .. إلا أنهم زادوه ضرباً وألماً .. فقلوبهم كالحجارة أو أشد قسوة .. محمد يصرخ يا أماه انهم يقتلونني .. نعم يقتلونني وبدم بارد .. فالجناة يعرفون وظيفتهم والمهام الموكولة اليهم .. وقاموسهم خال من كل معاني الرحمة والشفقة .. محمد يلفظ أنفاسه الأخيرة .. المجرمون يرفضون الذهاب به الي المستشفي .. يالها من خسة ويالها من ندالة .. انها شريعتهم التي تبرأ منها كل الشرائع السماوية والوضعية .ام محمد تناديه .. ياولدي: كيف حالك ومتي تعود .. محمد ينهض من سباته. اماه : لقد استرحت فهنا وفقط الراحة والطمأنينة والسكينة ..ولا مكان لي بينكم . فهنا وفقط العدل لا الظلم . الرحمة لا القسوة .. وياأماه وماذا انتم فاعلون في شهر رمضان ..وهل انتم صائمون .. وهل فعلاً مازال الصيام عندكم مقصوراً علي الطعام والشراب وان ارتكبت كل المعاصي والأثام .. نعم يا ولدي .. وكأنك تعيش بيننا .. ياولدي لقد قررنا أن يكون صيامنا موصولاً .. ولماذا ياأماه ؟ حزناً وأسفاً علي فراقك .. فقد كنت ياولدي باراً بوالديك عطوفاً علي اخوانك وليس أمامنا إلا رد الجميل .. وهذا مانملكه .
محمد : يا أماه .. ولم الحزن والألم فأنا هنا أعيش في رغد من العيش أري مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر علي قلب بشر ..فأنا شهيد والشهداء لاخوف عليهم ولاهم يحزنون .
محمد : يا أماه أوصيك بأشياء ..ألا تحزني واصبري واحتسبي .. وقد تعلمين أنه لا جزاء للصبر إلا الجنة .. ولتكن روحي وجسدي نذراً لله تعالي .. من قبل قدم الخليل ولده اسماعيل نذراً وقرباناً .. يومها استسلم الوليد لوالده . وأنا مثله وان كان هو أفضل مني .. يومها قال الوليد لأبيه . يا أبت افعل ما تؤمر وقد أوصاه أن يربط يده كيلا يضطرب فيؤذيه .. وأن يجعل وجهه علي الأرض كيلا ينظر اليه فيرحمه .. وأن يكفف عنه ثيابه كيلا يتلطخ عليه شئ من دمه. وأن يشحذ شفرته. وأن يسرع في امرارها علي حلقه ليكون أهون عليه فإن الموت شديد .. وألا يخبر الصبيان كيف قتله وكيف ربط يده .. واليوم أشاركه الوصية واذا رأيت غلاماً مثلي فلا تنظري اليه حتي لاتحزني ولا تجزعي .
وبدورها قالت الأم .. يابني .. وصية غالية .. هل من مزيد نعم يا ماه ..ان تقرأي من كتاب الله ( ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار )صدق الله العظيم
الشيخ سعد الفقي