الحج الحرام!--محمد علي خير

قبل أن يتولى الدكتور سيد طنطاوي مشيخة الأزهر أصدر فتوى شهيرة وجريئة –أثناء توليه منصب المفتي- خالصة لوجه الله تعالي وتطابقت مع صحيح الدين الحنيف، حيث أفتي بأن الحج علي نفقة الدولة المدينة (اللي عليها ديون لطوب الأرض) غير جائز بل حرام شرعا ولن يقبل الله هذه الحجة.
واستند فضيلته في فتواه السابقة إلي أن الشخص المدين لا يلزمه الإسلام بأداء فريضة الحج إلا بعد سداد ديونه،وما ينطبق علي الفرد ينسحب علي الدولة،بعبارة أخري واضحة وصريحة فان كل من حج علي نفقة الحكومة المصرية أو أي وزارة من وزارتها فان حجه –مع كامل الأسف-باطل ولن يقبله الله.
وبدلا من أن تسدد الدولة ديونها أو علي أقل تقدير توقف نزيف الديون التي بلغت أرقاما مخيفة وجدناها تتسابق في توزيع منح (حج) علي نفقتها وذلك من خلال وزاراتها وهيئاتها،حتي بات من النادر أن تخلو هيئة حكومية أو وزارة من (كشف بركة) يتضمن أسماء أصحاب الحظ والحظوة والمعارف (والذي منه) الذين سينالون (المكرمة الحكومية) للحج علي نفقة هذه الوزارة أو تلك وكله من مال الشعب الغلبان، وأذكر هنا أن وزير التضامن الدكتور علي المصيلحي كان قد وافق علي تسفير ثلاثة أعضاء من مجلس الشعب علي حساب الوزارة وكأنه مال الوزير يتصرف فيه كيفما يشاء والذي نشك في أن يفعل ذلك لو كان هذا ماله ،وإلا اتهمناه بالتبذير فما بالنا بوزير يدير شئون وزارة (غلبانة) لا تملك شيئا ويتصرف هكذا،أما الأكثر غرابة أن النواب الثلاثة أصحاب الحظوة هم أعضاء بلجنة الشئون الدينية بمجلس الشعب،يعني عارفين الحلال والحرام...هكذا نتصور.
وإذا حاولنا ذكر أكثر من مثال فلن تنقصنا الحكايات ويكفي كشف البركة الذي ترعاه وزارة الداخلية سنويا حيث يحج العشرات (وأحيانا المئات) علي نفقة الوزارة كل عام،ومع رفضنا الدائم لمبدأ الحج (البلوشي) فإننا نتفهم تسفير والد مجند أو ضابط استشهد أثناء تأدية خدمته (مع وجوب الحصول علي فتوى بجواز ذلك) لكن مالا نفهمه فهو تسفير عدد كبير كل عام من الصحفيين والإعلاميين (للحج البلوشي) علي حساب صاحب المحل (لاظوغلي باشا سابقا) وزارة الداخلية حاليا،ولا ندري ما هي علاقة وزارة الداخلية بحج الصحفيين مجانا كل عام(!!!) اللهم إلا إذا كان غسل ذنوب السادة الصحفيين والإعلاميين وعودتهم إلي أعمالهم كيوم ولدتهم أمهاتهم هو من صميم عمل وزارة الداخلية بل ومن أهدافها الاستراتيجية.
شيء من هذا موجود في وزارة البترول بل في وزارة الأوقاف (ذات نفسها)والتي درجت منذ سنوات عديدة علي هذا الفعل وقبل أن يرد علينا أحدهم بأنها وزارة تدير أوقاف المسلمين ومن مهامها توفير الحج لمن لم يستطع من فقراء المسلمين،لكننا هنا لا نقصد هؤلاء بل نتحدث عن موظفي الوزارة أنفسهم والذي أصبح سفرهم أشبه بكشف بركة سنوي تنشره الصحف كل عام ولا مجيب أو مهتم.
إن جميع الحكومات التي مرت علي هذا الشعب المنهك تعاملت مع ماله علي كونه (مال سايب) لا صاحب له وبدلا من أن يراقب نواب الشعب مال الشعب ليكونوا شوكة في حلق الحكومة وجدنا غالبيتهم يغمضون العين ويغضون الطرف،ولم يبق لهم إلا الدعاء للحكومة بأكل مال الشعب هنيئا مريئا.
ننتظر قرارا من رئيس الجمهورية يلزم الحكومة بكافة هيئاتها باحترام قدسية أموال الشعب ووقف مهزلة الحج البلوشي علي نفقة الدولة،وعندما نقصد الرئيس فلأنه قد أقسم خمس مرات علي احترام مال الشعب..فهل يطول انتظارنا؟.

اشكرك على الموضوع الهام والمفيد واثابك الله

بارك الله فيك مقال مفيد