اللوبي اليهودي» و«حقوق الإنسان»

للمرة الأولي تنجح جماعات الضغط «اللوبي» داخل الكونجرس الأمريكي في إصدار قرار يقضي بربط جزء من المعونة الأمريكية لمصر بالتقدم في مجال حقوق الإنسان، حيث أصدر الكونجرس الأمريكي نهاية الأسبوع الماضي قرارًا يقضي بربط مبلغ ١٠٠ مليون دولار من المعونة بالتقدم الذي تحرزه مصر في مجال حقوق الإنسان، ووقف ما سمته مساعدة الميليشيات العسكرية في قطاع غزة، من خلال وقف عمليات تهريب الأسلحة إلي القطاع، الذي تسيطر عليه حركة حماس منذ يونيو الماضي.

وبدأ اللوبي اليهودي ولوبي حقوق الإنسان داخل مجلس النواب الأمريكي التحرك لإصدار هذا القرار قبل ما يقرب من ٥ شهور، حيث تقدموا باقتراح يقضي بربط ٢٠٠ مليون دولار من المعونة العسكرية لمصر، التي تبلغ مليارًا و٣٠٠ مليون دولار بتقدم مصر في سجل حقوق الإنسان ووقف تهريب الأسلحة، رغم تصريحات مسؤولي الإدارة الأمريكية بأنهم حريصون علي العلاقات الاستراتيجية مع مصر وأنه لا مساس بالمعونة، ومحاولتهم حث الكونجرس علي منح المعونة للقاهرة كاملة دون شروط.

وقالت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس، في شهادتها أمام لجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس: «إن مصر شريكة لنا منذ زمن طويل، وتلعب دورًا حيويا في الحفاظ علي الاستقرار في المنطقة، والتعاون التكتيكي والاستراتيجي مع مصر حيوي في الحرب ضد الإرهاب المتطرف في المنطقة، لذلك أكرر الرسالة التي أرسلتها أنا ووزير الدفاع روبرت جيتس إلي المجلس منذ أسابيع لحث الكونجرس علي منح التمويل الكامل للمعونة العسكرية لمصر، وقيمتها ١.٣ مليار دولار دون شروط».

لكن يبدو أن اللوبي كان أقوي من الإدارة الأمريكية، ومن المحاولات المصرية لمنع وضع شروط علي المعونة، ولم ينجحوا سوي في تقليل المبلغ، وجعل الجزء المشروط من المعونة مرتبطًا بالمعونة الاقتصادية وليس العسكرية، حيث أكد مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية نيكولاس بيرنز في تصريحاته عقب الإعلان عن اقتراح الكونجرس بربط جزء من المعونة العسكرية: «نحن ندعم مصر عسكريا لكننا نحفزها لتصبح أكثر ديمقراطية، وتكون دولة يستطيع فيها الناس أن يقفوا ويطالبوا بالتغيير السياسي دون أن يتم حبسهم، ونحن نوازن بين الأمرين».

وشهدت الشهور الأخيرة سلسلة من الهجوم علي مصر في الصحف الأمريكية والإسرائيلية، واتهم رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الأمريكي النائب اليهودي توم لانتوس مصر أكثر من مرة بالمساعدة في تهريب الأسلحة إلي غزة، ونشرت الصحف الإسرائيلية سلسلة مماثلة من الاتهامات، وأرسلت إسرائيل وفدا إلي الولايات المتحدة قبل شهرين لإقناع الكونجرس بالضغط علي مصر لوقف عمليات تهريب الأسلحة إلي قطاع غزة.

وفي مجال حقوق الإنسان كانت مصر خلال الشهور الماضية عرضة لانتقادات أمريكية من الإدارة ومن الصحف، حيث أصدر البيت الأيض بيانًا يعرب فيه عن استيائه من الأحكام الصادرة مؤخرًا بحبس الصحفيين، وانتقدت الإدارة الأمريكية أكثر من مرة استمرار حبس أيمن نور، الرئيس السابق لحزب الغد، وطالبت بالإفراج عنه لأسباب صحية، وأرسلت لجنة حقوق الإنسان بالكونجرس، برئاسة توم لانتوس، رسالة تطالب فيها الرئيس حسني مبارك بالإفراج عن نور.

ونجحت الحملة التي تزعمها لانتوس في الحصول علي موافقة الكونجرس لأول مرة، بسبب قوة تأثير لوبي حقوق الإنسان واللوبي اليهودي علي السياسة الخارجية الأمريكية.

ولم تكن هذه هي المرة الأولي التي يتم فيها انتقاد مصر داخل الكونجرس، حيث شهدت السنوات الماضية انتقادات مماثلة ومطالبات بوقف المعونة الأمريكية لمصر، كان أقواها عام ٢٠٠٥، لكن الجهود المصرية وضغوط الإدارة الأمريكية نجحت في وقف الأمر قبل أن يتحول إلي قرار، ولم تصل الانتقادات في أي من المرات السابقة إلي حد وضع شروط علي المعونة، التي تحصل عليها مصر منذ توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل.

ويري الخبراء السياسيون أن هذه سابقة خطيرة تدل علي وجود مشكلة في مصر تتزايد عامًا بعد عام، وتشير إلي فشل جهود الدبلوماسية المصرية في وقف مشروع القرار في مهده.


المصرى اليوم

بصراحة موضوعات جميلة وهامة وممتعة للعقل
موضوع هام

اشكرك على الموضوع