منتديات السعادة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الابتلاء طريق الأنبياء

اذهب الى الأسفل

الابتلاء طريق الأنبياء Empty الابتلاء طريق الأنبياء

مُساهمة من طرف saied2007 الخميس مايو 22, 2008 5:56 pm

يقول الله عز وجل ]كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون أتواصوا به بل هم قوم طاغون[.

ففي هذه الآية أخبر تعالى أن الأقوام الذين أرسل الله عز وجل إليهم الرسل قد اتفقوا كلهم جميعاً على اتهام المرسلين بالسحر، وأنى أن يكون ذلك وبينهم عصور وقرون متطاولة .

وهي أيضاً قضية نلحظها حينما نتعرض لقصص الأنبياء فنقرأ ما قال قوم نوح لنبيهم نوح، وما قال قوم عاد لهود، وما قالت ثمود لصالح، وما قاله سائر الأقوام المكذبين لأنبيائهم المصلحين، نجد أنها كلمة واحدة، حتى كأنهم قد تواصوا واتفقوا على هذا.

إن قضية الإصلاح تستوجب صراعاً مع أهل الباطل؛ ذلك أن المصلحين يرون واقعاً لا يرضي الله ورسوله فيسعون إلى تغيره، والمصلح لا يكون مصلحا ًإلا حين يرد إحقاق حق أو تغيير باطل، ولا شك أن مصالح أهل الباطل سوف تصطدم مع ما يدعو إليه هؤلاء المصلحون، فيسعى هؤلاء إلى تعويق إصلاحهم ودعوتهم من خلال تشويه سيرتهم، ويعلم هؤلاء أن الدين هو القضية التي يدعو إليها هؤلاء، ومن ثم فالطعن في معتقدهم وتشويهه خير وسيلة لتنفير الناس من دعوتهم.

إنها صورة واحدة من صور الابتلاء التي يتعرض لها المؤمنون، والابتلاء سنة ماضية سنة لمن آمن بالله عز وجل ] أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون. ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين [.

ولذا كان الابتلاء سنة في حق المؤمنين؛ فكل من يؤمن فلابد أن يبتلى فما بالك بالمصلحين الذين يسعون إلى تغيير الواقع الذي يخالف شرع الله عز وجل؟ لاشك أنهم أكثر عرضة للابتلاء والامتحان .

وهذا الأمر نقرأه في سير الأنبياء وفي سير المصلحين، فكم عانى الأنبياء من أعدائهم المكذبين وهي صور شتى من التكذيب والتعويق والابتلاء، يسعى إليه المفسدون من أقوامهم ويتواصون به جيلاً بعد جيل وقرناً بعد قرن.

ومن بعد الأنبياء كانت السنة كذلك نفسها للمصلحين، ويشعر المصلح الداعي إلى الله عز وجل أنه حين يختار لنفسه هذا الطريق فإنه يضع نفسه مع هذه القائمة ويسير مع هذا الركب، فلابد أن يصيبه ما أصابهم ويواجه بما ووجهوا به.

من ثمرات هذا الموضوع:
إن الحديث عن هذا الأمر له ثمرات عدة، منها:

أولاً: أن فيه تسلية لمن يتصدى للدعوة إلى الله عز وجل فيصيبه ما يصيبه من الفتنة والابتلاء، وربما تعرض إلى الطعن في شخصه ودينه، فقد كان أصدق الناس لهجة وأصفاهم سريره واتقاهم لله تعالى، وهم أنبياء الله يتهمون في دينهم وربما اتهموا في أعراضهم، فغيرهم من باب أولى.

ثانياً: حين يسمع الإنسان اتهاماً لأحد من المصلحين، سواء أكان ممن يعيش بين ظهرانيه، أو ممن مضى وسلف فلن يتسرع في تصديق ذلك وتلقيه.

ولنبدأ الحديث حول هذه النماذج من الابتلاء مقتصرين على اتهام المصلحين في دينهم، وحين نتحدث عن المصلحين فإن أول من يتصدر هذه القائمة هم رسل الله صلوات الله وسلامه عليهم، وقد واجهوا ما واجهوا من الطعن في دينهم واعتقادهم غير ما واجهوه من الابتلاء في أمور أخرى.

نماذج من سير الأنبياء:
موسى عليه السلام:
لقد تعزى نبينا عليه الصلاة السلام بما أصابه فقال:"رحم الله أخي موسى فقد أوذي بأكثر مما أوذيت فصبر".

لقد جاء موسى عليه السلام والناس يؤلهون فرعون من دون الله، ويعتقدون أنه ربهم الأعلى فأرسله الله عز وجل ليخرج الناس من العبودية والذل لفرعون إلى العبودية والذل لله تبارك وتعالى . فشرق أولئك بهذه الدعوة، وشعر فرعون أن في هذا تحطيماً لألوهيته وجبروته وسلطانه على الناس، فلم يجد مبرراً أمام الناس إلا أن يتهم موسى في دينه، كما قال تعالى ]وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد [ .

وحين صار ما صار من المناظرة بين موسى والسحرة فحشر فرعون سحرته وجمع جبروته وسلطانه، وكان موعدهم يوم الزينة فاجتمعوا في هذا اليوم فألقى موسى عصاه، فأدرك السحرة الحق فآمنوا بالله وخروا سجداً، حينها اتهمهم بعدم الصدق في إيمانهم، وأن هذا الإيمان جزء من مؤامرة يُستهدف فيها فرعون ومجده ]قال فرعون آمنتم به قبل أن آذن لكم إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون[.

واتهم موسى بأنه ساحر، وأنه هو الذي علم السحرة السحر ]قال آمنتم له قبل أن آذن اكم إنه لكبيركم الذي علمك السحر فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم في جذوع النخل ولتعلمن أينا أشد عذاباً وأبقى[

ويحذر الله عباده المؤمنين مما فعله بنو اسرائيل مع موسى عليه السلام ]ياأيها الذين آمنوا لاتكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيهاً[ وقد بين النبي r ما اتهمه به بنو إسرائيل في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله r:"إن موسى كان رجلاً حيياً ستيراً لايرى من جلده شيء استحياء منه، فآذاه من آذاه من بني إسرائيل، فقالوا: مايستتر هذا التستر إلا من عيب بجلده: إما برص وإما أدْرَة، وإما آفة. وإن الله أراد أن يبرأه مما قالوا لموسى، فخلا يوماً وحده فوضع ثيابه على الحجر ثم اغتسل، فلما فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخذها وإن الحجر عدا بثوبه، فأخذ موسى عصاه وطلب الحجر. فجعل يقول: ثوبي حجر، ثوبي حجر، حتى انتهى إلى ملأ من بني إسرائيل فرأوه عرياناً أحسن ما خلق الله وأبرأه مما يقولون، وقام الحجر فأخذ ثوبه فلبسه، وطفق بالحجر ضرباً بعصاه، فوالله إن بالحجر لندباً من أثر ضربه ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً، فذلك قوله ]ياأيها الذين آمنوا لاتكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها["

محمد صلى الله عليه وسلم:
وهاهو محمد صلى الله عليه وسلم صاحب الرسالة الخاتمة الذي اصطفاه تعالى على البشر، هاهو أيضاً يتهم في إخلاصه وفي دينه؛ فحين قسم صلى الله عليه وسلم قسمة لم ترق لبعض ضعاف الإيمان قال أحدهم:"إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله"- قال ابن مسعود - فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فغضب حتى رأيت الغضب في وجهه، ثم قال:"يرحم الله موسى، فقد أوذي بأكثر من هذا فصبر" .

مريم عليها السلام:
وهاهي مريم ابنة عمران تتهم في عرضها؛إذ قذفها اليهود عليهم لعنة الله بالزنا والبهتان، حين أكرمها الله ونفخ فيها من روحه ]فأتت به قومها تحمله قالوا يامريم لقد جئت شيئاً فرياً. ياأخت هارون ماكان أبوك امرء سوء وماكانت أمك بغيا[ فأنطقه الله ]إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً[ ومع هذه الآية الواضحة الخارقة حين نطق هذا الغلام وهو في المهد، مع ذلك كله لا يزال أولئك يصرون على هذه الجريمة البشعة؛ فيتهمون هذه المرأة الطاهرة التي يقول تبارك وتعالى عنها ]إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين[

مع أصحاب النبي r
عائشة رضي الله عنها:
وكأنما تواصى هؤلاء مع أوليائهم فتقذف عائشة رضي الله عنها بما قذفت به مريم، ويسير المنافقون وراء أولئك اليهود فيشيعون الفرية ضد عائشة، فتسمع عائشة ما يقال عنها وما تتهم به، ثم ترى من النبي r ما ترى فتبقى حبيسة الألم وحبيسة هذه الفرية شهراً، والاتهام لعائشة لم يكن اتهاماً لعائشة وحدها بل كان اتهاماً قبل ذلك كله للنبي r وطعناً في فراشه وفي أحب الناس إليه.

عثمان بن عفان رضي الله عنه:
عن عثمان بن عبدالله بن موهب رحمه الله قال: جاء رجل من أهل مصر يريد حج البيت، فرأى قوماً جلوساً، فقال من هؤلاء القوم؟ قالوا: هؤلاء قريش، قال: فمن الشيخ منهم؟ قالوا: عبدالله بن عمر، قال: يابن عمر، إني سائلك عن شيء فحدثني: هل تعلم أن عثمان فر يوم أحد؟ قال: نعم، قال: هل تعلم أنه تغيب عن بدر ولم يشهد؟ قال: نعم، قال: هل تعلم أنه تغيب عن بيعة الرضوان فلم يشهدها؟ قال: نعم، قال: الله أكبر، وكأنما فرح هذا الرجل لأن يجد هذه النقيصة وهذه التهمة في خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كانت تستحي منه الملائكة، فلما قال ذلك قال ابن عمر: تعال أبين لك، أما فراره يوم أحد، فأشهد أن الله عفا عنه وغفر له، وأما تغيبه عن بدر، فإنه كانت تحته بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت مريضة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لك أجر رجل ممن شهد بدراً وسهمه، وأما تغيبه عن بيعة الرضوان فلو كان أحد أعز ببطن مكة من عثمان لبعثه، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان، وكانت بيعة الرضوان بعدما ذهب عثمان إلى مكة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده اليمنى: هذه يد عثمان، فضربها على يده،كانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان خير من يد عثمان لعثمان وقال: هذه لعثمان، ولهذا قال بعضهم ثم قال ابن عمر: اذهب بها الآن معك" . والقصة في صحيح البخاري .

وعن سعد بن عبيدة قال: جاء رجل إلى ابن عمر فسأله عن عثمان، فذكر عن محاسن عمله، قال: فلعل ذلك يسوءك؟ قال: نعم، قال: فأرغم الله بأنفك. ثم سأله عن علي، فذكر محاسن عمله قال: هو ذاك، بيته أوسط بيوت النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: لعل ذلك يسوءك؟ قال: أجل، قال: فأرغم الله بأنفك، انطلق فاجهد علي جهدك" .

نعم إن هؤلاء يسوؤهم أن تذاع مناقب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا كبر هذا الرجل حين أقر له ابن عمر رضي الله عنه بتلك التهم التي اتهم بها عثمان في دينه، وساءه حين برأه منها وذكر محاسنه.

سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه:
وممن اتهم في دينه أحد السابقين إلى الإسلام، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال : شكا أهل الكوفة سعداً إلى عمر، فقالوا: إنه لايحسن أن يصلي، فقال سعد: أما أنا، فإني كنت أصلي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاتي العشي لا أخرم منها، أركد في الأوليين، وأحذف في الأخريين، فقال عمر: ذاك الظن بك ياأبا إسحاق. أهل الكوفة يعلمون صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة؟ أهل الكوفة يتهمون صاحب رسول الله الذي فداه الرسول بأبيه وأمه، يتهمونه أنه لا يحسن أن يصلي؟ فبعث عمر رضي الله عنه رجالاً يسألون عنه بالكوفة، فكانوا لايأتون مسجداً من مساجد الكوفة إلا قالوا خيراً، حتى أتوا مسجداً لبني عبس، فقال رجل يقال له أبو سعده: أما إذ نشدتمونا بالله (انظر إلى منطق هؤلاء حين نُشِد بالله فقد تعينت عليه كلمة حق يجب أن يقولها، وهؤلاء كما أخبر تعالى ]ويشهد الله على ما قلبه وهو ألد الخصام[ ) فإنه كان لا يعدل في القضية، ولا يقسم بالسوية، ولا يسير بالسرية، فقال سعد: اللهم إن كان كاذباً، فأعم بصره، وأطل عمره، وعرضه للفتن، قال عبدالملك فأنا رأيته بعد يتعرض للإماء في السكك، فإذا سئل كيف أنت؟ يقول: كبير مفتون أصابتني دعوة سعد .والقصة في البخاري.

وعن قبيصة بن جابر قال: قال ابن عم لنا يوم القادسية:

ألم تر أن الله أنزل نصره وسعد بباب القادسية معصم

فأبنا وقد أمت نساء كثيرة ونسوة سعد ليس فيهن أيم

فبلغ سعداً قوله، فقال: عيى لسانه ويده، فجاءت نشابة فأصابت فاه فخرس، ثم قطعت يده في القتال، فقال -أي سعد-: احملوني على باب، فخرج به محمولاً، ثم كشف عن ظهره وفيه قروح فأخبر الناس بعذره فعذروه، وكان سعد لا يجبن، وفي رواية يقاتل حتى ينزل الله نصره، وقال: وقطعت يده وقتل وهذا الخبر رواه الطبراني كما في المجمع وقال باسنادين رجاله أحدهما ثقات.

مع سائر السلف:
ونتجاوز ما قيل عن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وهو كثير إلى ما قيل عن الأئمة بعدهم:

الإمام البخاري:
ها هو الإمام البخاري رحمه الله صاحب الصحيح أصح كتاب بعد كتاب الله، هاهو يتهم في عقيدته ودينه؛ فقد اتهم بأنه يقول بخلق القرآن في مسألة اللفظ المشهورة وممن اتهمه محمد بن يحيى

قال محمد بن يحيى: قد أظهر هذا البخاري قول اللفظية، واللفظية عندي شر من الجهمية.

وحين قدم بخارى استقبله الناس، فكتب بعد ذلك محمد بن يحيى الذهلي إلى خالد بن أحمد أمير بخارى: إن هذا الرجل يعني البخاري قد أظهر خلاف السنة، فقرأ كتابه على أهل بخارى فقالوا: لانفارقه، فأمره الأمير بالخروج من البلد فأخرج رحمه الله .

وروى الحاكم عن محمد بن العباس الضبي قال: سمعت أبابكر بن أبي عمرو الحافظ البخاري يقول:كان سبب منافرة أبي عبدالله أن خالد بن أحمد الذهلي الأمير خليفة الطاهرية ببخارى سأل أن يحضر منزله فيقرأ الجامع والتاريخ على أولاده، فامتنع عن الحضور عنده فراسله بأن يعقد مجلساً لأولاده، لايحضره غيرهم، فامتنع وقال: لاأخص أحداً، فاستعان الأمير بحريث بن أبي الورقاء وغيره، حتى تكلموا في مذهبه، ونفاه عن البلد، فدعا عليهم، فلم يأت إلا شهر حتى ورد أمر الطاهرية، بأن ينادى على خالد في البلد، فنودي عليه على أتان، وأما حريث فإنه ابتلي بأهله، فرأى فيهم مايجل عن الوصف، وأما فلان فابتلي بأولاده وأراه الله فيهم البلايا. وبقي الإمام البخاري بعد ذلك إماماً عالماًَ يترحم الناس عليه.

الإمام الشافعي
والإمام المجدد الشافعي رحمه الله اتهم بالتشيع لذا قال هذه الأبيات المشهورة التي حكاها عنه الربيع بن سليمان، قال: حججنا مع الشافعي، فما ارتقى شرفاً، ولاهبط وادياً، إلا وهو يبكي وينشد:-

ياراكبا قف بالمحصب من منـــى واهتف بقاعد خيفنا والناهــض

سحرا إذا فاض الحجيج إلى منــى فيضاً كملتطم الفرات الفائــض

إن كان رفضاً حب آل محمــــد فليشهد الثقلان أني رافضــي

قال الذهبي: لو كان شيعياً وحاشاه من ذلك لما قال: الخلفاء الراشدون خمسة، بدأ بالصديق، وختم بعمر بن عبدالعزيز.

وقال أحمد عن ذلك: اعلموا رحمكم الله أن الرجل من أهل العلم إذا منحه الله شيئاً من العلم، وحرمه قرناؤه وأشكاله، حسدوه فرموه بما ليس فيه، وبئست الخصلة في أهل العلم.

ولما دخل مصر أتاه جلة أصحاب مالك، وأقبلوا عليه، فلما رأوه يخالف مالكاً، وينقض عليه جفوه وتنكروا له، حتى حدث أبو عبدالله بن منده قال حدثت عن الربيع أنه قال: رأيت أشهب بن عبدالعزيز ساجداً يقول في سجوده: اللهم أمت الشافعي لايذهب علم مالك، فبلغ الشافعي فأنشأ يقول:-

تمنى رجال أن أموت وإن أمـت فتلك سبيل لست فيها بأوحد

فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى تهيأ لأخرى مثلها فكأن قــــد

ولهذا كان يقول الشافعي رحمه الله:رضى الناس غاية لاتدرك، وليس إلى السلامة منهم سبيل.

الإمام أحمد بن حنبل:
والإمام أحمد رحمه الله محنته مشهورة، ابتلي واتهم بأنه قد ابتدع في دين الله ما ليس فيه، وضرب وأوذي، وكانت تهمته في دينه وأنه يفتري على الله تبارك وتعالى، ويبتدع ويتجرأ على الله عز وجل وقضيته مشهورة نتجاوزها.

ابن أبي عاصم
وممن اتهم في دينه الإمام أبي عاصم رحمه الله، قال عنه الذهبي: حافظ كبير، إمام بارع، مطيع للآثار، كثير التصانيف .

اتهم بالنصب، وأرسل له ليلى الديلمي غلاماً له ومخلاة وسيفاً، وأمره أن يأتيه برأسه فأتاه وهو في مسجده يحدث، فقال أن الأمير قد أمرني أن آتي برأسك، فوضع الكتاب الذي كان يقرأ فيه على رأسه ثم أتاه آت فقال: إن الأمير ينهاك عن ذلك.

والشاهد أن الإمام أبي عاصم إمام من أئمة أهل السنة يتهم بأنه ناصبي يبغض آل البيت.

بقي بن مخلد
قال عنه الذهبي: الإمام القدوة، شيخ الإسلام، أبو عبدالرحمن الأندلسي القرطبي، الحافظ صاحب التفسير والمسند اللذين لانظير لهما .

وكان إماماً مجتهداً صالحاً، ربانياً صادقاً مخلصاً، رأساً في العلم والعمل، عديم المثل، منقطع القرين، يفتي بالأثر، ولايقلد أحداً، قدم إلى الأندلس فأحيا فيها مذهب أهل الحديث، فشرق به أولئك.

قال ابن حزم: وكان حمد بن عبدالرحمن الأموي صاحب الأندلس محباً للعلوم عارفاً، فلما دخل بقي الأندلس بمصنف أبي بكر بن أبي شيبة، وقريء عليه أنكر جماعة من أهل الرأي مافيه من الخلاف واستبشعوه، ونشطوا العامة عليه، ومنعوا من قراءته، فاستحضره صاحب الأندلس محمد وإياهم، وتصفح الكتاب كله جزءاً جزءاً، حتى أتى على آخره، ثم قال لخازن الكتب: هذا كتاب لاتستغني خزانتنا عنه، فانظر في نسخه لنا، ثم قال لبقي: انشر علمك، وارو ما عندك، ونهاهم أن يتعرضوا له.

ابن قتيبه
اتهمه سبط ابن الجوزي بأنه يميل إلى التشبيه، وأن كلامه يدل عليه، وأنه يرى رأي الكرامية.
saied2007
saied2007
المدير العام
المدير العام

عدد الرسائل : 4579
تاريخ التسجيل : 11/10/2007

https://saied2007.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الابتلاء طريق الأنبياء Empty رد: الابتلاء طريق الأنبياء

مُساهمة من طرف saied2007 الخميس مايو 22, 2008 5:57 pm

قال عنه شيخ الإسلام:"ابن قتيبة من أهل السنة... وهو من المنتسبين إلى أحمد وإسحاق والمنتصرين لمذاهب السنة المشهورة، وله في ذلك مصنفات متعددة. قال فيه صاحب التحديث بمناقب أهل الحديث: هو أحد أعلام الأئمة والعلماء الفضلاء، أجودهم تصنيفاً وأحسنهم ترصيفاً... وكان أهل المغرب يعظمونه ويقولون: من استجاز الوقيعة في ابن قتيبة يتهم بالزندقة، ويقولون: كل بيت ليس فيه شيء من تصنيفه فلا خير فيه، قلت -أي شيخ الإسلام-: ويقال هو لأهل السنة مثل الجاحظ للمعتزلة، فإنه خطيب السنة، كما أن الجاحظ خطيب المعتزلة" .

هذه هي حال ابن قتيبة كما حكى شيخ الإسلام ومع ذلك يتهمه سبط ابن الجوزي في عقيدته بالتشبيه وبأنه يرى رأي الكرامية.

محمد بن الفضل
قال السلمي في محن الصوفية: لما تكلم محمد بن الفضل ببلخ في فهم القرآن وأحوال الأئمة، أنكر عليه فقهاء بلخ، وقالوا: مبتدع، وإنما ذاك بسبب اعتقاده مذهب أهل الحديث.

الإمام البربهاري:
قال أبو الحسين الفراء: كان للبربهاري مجاهدات ومقامات في الدين، وكان المخالفون يغلظون قلب السلطان عليه، ففي سنة إحدى وعشرين (وثلاث مائة) أرادوا حبسه فاختفى، وأخذ كبار أصحابه، وحملوا إلى البصرة، فعاقب الله الوزير ابن مقلة، وأعاد الله البربهاري إلى حشمته وزادت، وكثر أصحابه، فبلغنا أنه اجتاز الجانب الغربي، فعطس فشمته أصحابه، فارتفعت ضجتهم، حتى سمعها الخليفة، فأخبر بالحال فاستهولها، ثم لم تزل المبتدعة توحش قلب الراضي حتى نودي في بغداد: لا يجتمع اثنان من أصحاب البربهاري؛ فاختفى وتوفي مستتراً في رجب سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة.

أبو عثمان المغربي
ومنهم أيضاً أبو عثمان المغربي قال عنه الذهبي :الإمام القدوة شيخ الصوفية أبو عثمان سعيد بن سلاَّم المغربي القيرواني نزيل نيسابور.

قال السلمي: كان أوحد المشايخ في طريقته، لم نر مثل في علو الحال وصون الوقت، امتحن بسبب زور نسب إليه، حتى ضرب وشهر على جمل ففارق الحرم .

الخطيب البغدادي
قال محمد بن طاهر: حدثنا مكي بن عبدالسلام الرميلي، قال: كان سبب خروج الخطيب من دمشق إلى صور، أنه كان يختلف إليه صبي مليح، فتكلم الناس في ذلك، وكان أمير البلاد رافضياً متعصباً، فبلغته القصة، فجعل ذلك سبباً إلى الفتك به، فأمر صاحب شرطته أن يأخذ الخطيب بالليل فيقتله، وكان صاحب الشرطة سنياً، فقصده تلك الليلة في جماعة ولم يمكنه أن يخالف الأمير، فأخذه وقال: قد أمرت فيك بكذا وكذا، ولا أجد لك حيلة إلا أني أعبر بك عند دار الشريف ابن أبي الجن، فإذا حاذيت الدار اقفز وادخل فإني لا أطلبك، وأرجع إلى الأمير فأخبره بالقصة، ففعل ذلك، ودخل دار الشريف ابن أبي الحسن، فأرسل الأمير إلى الشريف أن يبعث به، فقال: أيها الأمير، أنت تعرف اعتقادي فيه وفي أمثاله، وليس في قتله مصلحة، هذا مشهور بالعراق، إن قتلته قتل به جماعة من الشيعة وخربت المشاهد، قال: فما ترى؟ قال: أرى أن ينزح من بلدك، فأمر بإخراجه، فراح إلى صور وبقي فيها مدة .

وقال أبو القاسم بن عساكر: سعى بالخطيب حسين بن علي الدمنشي إلى أمير الجيوش، فقال: هو ناصبي يروي فضائل الصحابة وفضائل العباس في الجامع.

وليست هذه التهمة نهاية ما تعرض له الخطيب من التهم فمن عجائب ذلك ما اتهمه به النخشبي فقال في معجم شيوخه ومنهم أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب... حافظ فهم ولكنه كان يتهم بشرب الخمر، كنت كلما لقيته بدأني بالسلام، فلقيته في بعض الأيام فلم يسلم علي، ولقيته شبه المتغير، فلما جاز عني لحقني بعض أصحابنا، وقال لي: لقيت أبابكر الخطيب سكران! فقلت له قد لقيته متغيراً واستنكرت حاله، ولم أعلم أنه سكران.

قال ابن السمعاني: ولم يذكر من الخطيب رحمه الله هذا إلا النخشبي مع أني لحقت جماعة كثيرة من أصحابه.

الشاطبي
يقول عن نفسه مصوراً ما اتهم به: فتارة نسبت إلى القول بأن الدعاء لا ينفع ولا فائدة فيه؛ كما يعزي إلى بعض الناس؛ بسبب أني لم ألتزم الدعاء بهيئة الاجتماع في أدبار الصلاة حالة الإمامة، وسيأتي ما في ذلك من المخالفة للسنة وللسلف الصالح والعلماء -وذلك أن هذه البدعة قد انتشرت عند الناس كانوا يلتزمون أن يدعو الناس بعد الصلاة بصوت عالٍ فأنكر الإمام الشاطبي هذه البدعة لأنها لم تكن واردة عن سلف الأمة فاتهموه بأنه يرى أن الدعاء أي أن دعاء الله عز وجل لا ينفع- ثم قال :وتارة نسبت إلى الرفض وبغض الصحابة -رضي الله عنهم - بسبب أني لم ألتزم ذكر الخلفاء الراشدين منهم في الخطبة على الخصوص، إذ لم يكن ذلك من شأن السلف في خطبهم، ولاذكره أحد من العلماء المعتبرين في أجزاء الخطب. وتارة أضيف إلي القول بجواز القيام على الأئمة، وما أضافوه إلىًّ إلا من عدم ذكرهم في الخطبة، وذكرهم فيها محدث لم يكن عليه من تقدم.ثم ذكر جوانب أخرى اتهم فيها رحمه الله.

ابن الجوزي
قال الذهبي: وقد نالته محنة في أواخر عمره، وشوا به إلى الخليفة الناصر عنه بأمر اختلف في حقيقته.

شيخ الإسلام ابن تيمية:
فقد امتحن وابتلي في عقيدته فاتهم بأنه ينتقص النبي صلى الله عليه وسلم والصالحين حين أفتى بتحريم شد الرجال إلى زيارة القبور وأصابه في ذلك ما أصابه .

واتهم أيضاً -حين أفتى في مسألة الطلاق- بخروجه عن إجماع الأئمة الأربعة وشذوذه، واتهم في عقيدته حين صنف العقيدة الواسطية وعقدوا له مجالس للمناظرة حكى أجزاء منها وهي موجودة في كتابه الفتاوى.

الخلاصة:
1- أن هؤلاء المصلحين لابد أن يأتوا الناس بأمر لم يعهدوه، وإلا ما معنى الإصلاح؟ معنى الإصلاح أن يقول المصلح للناس إنكم تفعلون أمراً محرماً، أو تتركون واجباً؛ فيصعب على الناس ويشق عليهم أن يتركوا ما ألفوه وما اعتادوه؛ فيلجؤون إلى اتهامه في دينه ليبرروا موقفهم.

2 – قد يدفع لذلك الحسد حين يكتب للمصلح شهرة حسنة وقبول لدى الناس، وأكثر ما يقع ذلك من الأقران، وكما قيل: حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه.

وحينئذ يتلقف الشبة والاتهام من كان في قلبه هوى، ومن كان يحمل الاستعداد من الداخل لأن يسئ الظن بإخوانه المسلمين .

أما الذين تربوا بتربية القرآن فيحكمهم قول الله عز وجل ]لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً[ . ]فلولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم[.

ومما يلحظ في هذه المواقف أن هؤلاء المبطلين لا بد أن يزينوا باطلهم، ولا بد أن يلبسوه لباساً يقبله الناس؛ لهذا فهم يخرجون القضية كما يقال إخراجاً مقبولا؛ ذلك أنهم يستغلون موقفاً وقع فيه أولئك يمكن أن يصدقهم فيه الناس حين يتهمونهم، فموسى اتهم بالعيب في بدنه حين اغتسل بعيداً عن قومه، ومريم اتهمت بالسوء لما جاءت تحمل معها الغلام.

ولما جاءت عائشة رضي الله عنها مع صفوان قال ذاك الرجل الفاجر كلمة واحدة سارت بعد ذلك : امرأة نبيكم باتت مع رجل جاء بها يقودها فو الله لا نجت منه ولا نجا منها ? فسارت هذه الفرية .

والمقصود أنها سنة الله تبارك وتعالى سنة الله أن يكون الصراع بين أهل الحق وأهل الباطل، وسنة الله أن يبتلي المصلحون؛ ولهذا فينبغي للمسلم أن لا يستجيب لما يسمع خاصة عن أهل العلم والمصلحين.
saied2007
saied2007
المدير العام
المدير العام

عدد الرسائل : 4579
تاريخ التسجيل : 11/10/2007

https://saied2007.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى