منتديات السعادة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مع الغزالي فى معاركه 2 ـ هشام النجار

اذهب الى الأسفل

مع الغزالي فى معاركه 2 ـ هشام النجار Empty مع الغزالي فى معاركه 2 ـ هشام النجار

مُساهمة من طرف saied2007 الإثنين مارس 31, 2008 12:34 am

يمثل الشيخ محمد الغزالي بعطائه الغزير وفكره الحر واجتهاده الفقهي ورؤيته الحضارية وتراثه التربوي والدعوى والإنساني مشروعا متكاملا لنهضة الأمة ، هذا المشروع الذي أهملناه ، بل إن شئت قل : قتلناه عمدا مع سبق الإصرار ، ببقائنا فى تلك الدائرة الضيقة الخانقة التى جاهد الشيخ طوال عمره من أجل انتشالنا منها ... بتمسكنا بمواقعنا فى مقاعد الدرجة الثالثة ( عذرا للتشبيه ) حيث يعلو صوت التندر والقفشات والتعليقات والمشاكسات والهتافات والاتهامات ... الخ ... بإصرارنا على إنكار فضل علمائنا وسبقهم ، والتنكر لتاريخهم وأفكارهم وإبداعهم وعطائهم ...
 نحن قد نختلف مع الشيخ الغزالي رحمه الله – مع التأكيد على أننا لا نرقى لمستوى الاختلاف مع رجل فى قامته – قد نختلف معه فى بعض مسائل الاعتقاد ، وفى رفضه لمتون أحاديث صحيحة السند .. نختلف معه فى طريقة نقده لبعض مظاهر الإسلام المختلف عليها ( النقاب مثلا ) .. قد نختلف معه فى كثير من آرائه التاريخية وفى حكمه القاسي على الدول الإسلامية المتعاقبة ابتداء ٍ من الدولة الأموية وانتهاء ً بالعثمانية ، نختلف معه فى تحامله الشديد على سلاطين الدولة العثمانية على وجه التحديد .. نختلف معه فى رأيه فى العلاقة بين السنة والشيعة وتصويره للخلاف بينهما على أنه لا يعدو مجرد خلاف سياسي تاريخي وليس خلافا دينيا عقديا .... ، نعم نختلف معه ، واختلف معه الكثيرون فى بعض هذه المسائل وغيرها ، بل وأفرد علماء أفاضل كتبا فى الرد عليه منهم فضيلة الشيخ ابن عثيمين وفضيلة الشيخ سلمان العودة وغيرهما .. ،بل وهاجمه الكثيرون وغالوا فى خصومته ...
 ولكن هل تجاوزنا اليوم زاوية الخلاف الضيقة لننظر بعين فاحصة متأملة منصفة لمشروعه الفكري الذي أراد أن يؤسس به قواعد نهضة الأمة وتقدمها واستعادتها لمكانتها ؟ ... هل استفدنا من تجربته الثرية وميراثه الضخم .. هل توقفنا عند إنتاجه لنقطف ثمرات كده وسهره وعرقه ..
 هل فكرنا فى تكوين لجنة واحدة من لجاننا الكثيرة لمناقشة فكر الغزالي والاستفادة من الحلول التى وضعها لكثير من المشاكل والصعاب التى تواجهنا اليوم ، أم أننا بقينا كما نحن على عادتنا القديمة ، نبحث عن مساحة نستعرض فيها قدراتنا ومواهبنا فى الجدل والمناظرة و ( المباهلة ) فى أمور فرعية ثانوية
 وعندما يذكر اسم الرجل أمامنا ننتفض كأن تيارا كهربائيا سرى فى أجسادنا ثم نعرض عن الحديث ونعتذر عن المواصلة بحجة أنه كان ( كارها للسنة ) ( منتقصا من قدر المحدثين ) ( رافضا النقاب ) ( مبيحا الغناء والموسيقى ) ...
 الوصف الذي أفضل وأحب أن أصف به الشيخ الغزالي دائما هو وصف الداعية ، رغم كونه عالما كبيرا ومجددا مقتدرا وفقيها مجتهدا .. ورغبته رحمه الله وعمله من أجل تقدم المسلمين ، ومشروعه الفكري لنهضة الأمة إنما كان من أجل الدعوة وفى خدمتها .. انه يرى نهضة الأمة سببا رئيسيا فى انتشار الإسلام وإقبال الغرب على دعوته .
 يقول رحمه الله فى كتابه ( المحاور الخمسة للقرآن الكريم ) : " إن الحضارة الحديثة عرفت الكون ، وجهلت ربه أو جحدته .. فهل نحسن التصدي لها عندما نجهل الكون وننسى ربه ونتجاوز هداه ؟ .. لماذا لا نعرف الكون مثلما يعرفون أو أفضل ، ثم ينظر القوم إلينا فلا يجرؤ أحد على انتقاصنا أو الاستهانة بنا ، فإذا حدثناهم عن الله الواحد أعطونا آذانهم مقدرين متأملين " ..
 ويقرر فى كتابه ( كيف نفهم الإسلام ) : " لقد شوه المسلمون من معالم الإسلام بقدر ما عصوا من تعاليمه " .. ويتساءل : " قد أسائل نفسي : لو كنت أمريكيا أو أوربيا أكنت أعتنق الإسلام وأعرف ربى العظيم وأؤمن بالقرآن الحكيم وأوقر الحق الذي جاء به محمد النبي الأمي ؟ .. ما أظن ذلك ، فمن أين أقع على هذه المعرفة ، وكيف تتاح لي سبلها .. إن الصورة النظرية للإسلام بلغت سكان هاتين القارتين مشوهة مفزعة ، والصورة العملية ليست أقل سوءا من زميلتها ..
 ويردف الشيخ الغزالي قائلا ً : إن شعوب أمريكا وأوربا تعرف عن البترول العربي أكثر مما تعرف عن القرآن العربي ، والبترول العربي ثروة طائلة يجهلها أصحابها ويعجزون عن استخراجها " ..
 فالغزالي يرى أن مستقبل الدعوة مرهون بتقدم الأمة ومرتبط بنهضتها فى كافة المجالات ، يقول رحمه الله فى كتابه ( المحاور الخمسة ) : " واليد العليا خير من اليد السفلى ، والمتخلفون حضاريا واقتصاديا ، حين يمدون أيديهم للأخذ لا يجوز لهم أن ينتظروا إعجاب الآخرين بهم أو دخولهم فى دينهم .. كيف ينبهر المتقدم بالمتخلف ؟ "
 ويتساءل أيضا رحمه الله فى نفس الكتاب : " فما الحال إذا نشط الكافرون وكسل المؤمنون ؟ ما الحال إذا كانت أيدي غيرنا لبقة فى الفلاحة والصناعة والتجارة والإدارة ، وكنا نحن مكتوفي الأيدي فى تلك الميادين كلها ؟ .. أينتصر الإيمان بهذا التبلد العقلي والتماوت المادي والأدبي ؟ أم يدركه الخذلان فى كل موقعة ؟ ..
 إن الواقع الأليم يتكلم فلنسكت نحن ".. والواقع الأليم لأمتنا والذي يتكلم بلسان الحال توسع الغزالي فى وصفه وتجسيده ورسم ملامحه ، فالمسلمون – كما فى كتابه ( ظلام من الغرب ) - " متأخرون عقليا تأخرا يبعث على المعرة والخزي .. "
 وفى العالم الإسلامي متحدثون باسم الإسلام وممثلون له يسيئون إليه أكثر مما يفيدونه ، يقول فى نفس الكتاب : " وفى العالم الإسلامي فقهاء يعرفون جوانب محدودة من دينهم ، والآن يوجد متحدثون عن الإسلام يتمنى المرء لو سكتوا فما قالوا حرفا .. إن فقرهم مدقع فى الكتاب والسنة ، والقليل الذي عرفوه لم يفهموه على وجهه الصحيح وإدراكهم لتراث الأمة المتبوعين فى الفقه وغيره ضعيف ، وإدراكهم للكون الذي يعيشون فيه والإنسانية التى تعمره أضعف .. ولا أدرى كيف أتيح لهؤلاء التحدث عن الإسلام وهم دون ذلك المستوى .. إن حديثهم عنه يكاد يكون ضربا من الصد عن سبيل الله " ..
 وفى مقدمة كتابه ( الإسلام والأوضاع الاقتصادية ) يتحدث عن الانقلاب الذي حدث فى مجتمعاتنا ( فى بداية خمسينيات القرن الماضي ) والمفاهيم التى تحولت والخلل الذي اجتاح عالمنا فى مختلف المجالات ، وعن تلك الحلول المستوردة التى تزيد المشاكل وتفاقم الأزمات ، فيقول : " إن أوضاعا كثيرة قد تغيرت خلال العقود الثلاثة الماضية ، وأن معدلات كثيرة قد انقلبت ، ومفاهيم قد تحولت من النقيض إلى النقيض.. كل هذا صحيح ، لكن من المؤكد أن صورا كثيرة من الخلل مازالت تجتاح عالمنا الإسلامي فى أوضاعه الاجتماعية والاقتصادية والسياسة ، وللأسف فان كثيرا من الحلول المطروحة – لأنها لا تنبع من الفقه الصحيح بالإسلام – تجنح تارة إلى اليسار وتجنح تارة إلى اليمين ، وقد تعالج ( صداعا ) فتجلب بعلاجها سرطانا " ...
 ويقول أيضا فى نفس الكتاب : " .. وقد أصيبت الأمة فى هذه العقود الصعبة بما لم تصب به فى كثير من فترات تاريخها ، وقد ظهر فيها دجالون كثيرون ، وارتفعت فيها رايات ، وخفضت أو توارت رايات .. واختلطت المفاهيم الزاحفة على حقائق ديننا ومنهج ربنا .. وكنا نغزى من الشرق ومن الغرب ، ونحرم من حق الدفاع عن ديننا ، وتفرض المفاهيم المنحرفة بقوة القانون الوضعي وحماته على جماهير الأمة المسلمة المسكينة " ...
 وفى كتابه ( المحاور الخمسة ) يصف تخلفنا التقني وينعى حال الأمة ( المستوردة ) ، فيقول : " فى يوم ما كنت أسمع إحدى الإذاعات فرأيتني فى مصر أتلقى إعانات لإنشاء محطات " الصرف الصحي " من ألمانيا الغربية ، ورأيت إخواننا فى اليمن يتلقون إعانات من الصين لتعبيد عشرات الأميال من الطرق ، وكنت قبل ذلك أحس أن مادة الرغيف الذي آكله مستوردة من الخارج وكذلك السيارة التى أركبها ، فتساءلت أين نحن من دنيا الناس ؟ " ..
 وفى كتابه ( مشكلات فى طريق الحياة الإسلامية ) يشعر الغزالي بالغيظ والحنق ثم بالاستحياء عندما يرى حال الأمة ووضعها على خريطة الدول الصناعية المنتجة فيقول : " .. لقد شعرت بالغيظ عندما علمت أن قطرا إسلاميا كان يصدر القمح أيام كان مستعمرة ، فلما استقل ووقع زمامه بين أيدي أهله اقشعرت الأرض وبدأ استيراد القمح من الخارج ، وشعرت بالاستحياء وأنا أحصى الدول الصناعية المنتجة فلا أجد بين العشر الأولى ، ولا بين العشر الثانية دولة مسلمة واحدة " ...
 والغزالي يسلط أضواءه الكاشفة دائما على المنتسبين إلى الإسلام الذين يشوهون صورته ويقدمونه للناس بطريقة تصدهم عنه ، فيقول فى كتابه ( مشكلات فى طريق الحياة الإسلامية ) : " واليوم يقوم ناس من المسلمين بدور الكهان القدامى ، فيصورون الإسلام دينا دموي المزاج ، شرس المسلك ، يؤخر اللطف ويقدم العنف ، ويهتم بقص الأظافر والأشعار أكثر مما يهتم بقص زوائد الأنانية وغمط الناس " .. ويقرر فى نفس الكتاب : " إنني أعتقد أن انتشار الكفر فى العالم يقع نصف أوزاره على متدينين بغضوا الله إلى خلقه بسوء كلامهم أو سوء صنيعهم " ..
 وفى كتابه ( الإسلام والطاقات المعطلة ) يصف الغزالي بدقة وبلاغة حالة العجز والشلل التى أصابت قطاعات كبيرة من مجتمعاتنا الإسلامية ، فيقول : " ... التاجر يخرج إلى السوق وهو خامل مستكين ، والفلاح يذهب إلى حقله وهو متثاقل مجهود ، والعامل يعالج حرفته وهو ضائق منكمش ، والموظف يجلس إلى مكتبه وهو مهدود مهزوم ، والجميع لا ترتقب الدنيا منهم إنتاجا ً طائلا ولا حركة معجبة ، أن أجهزتهم النفسية متوقفة كالساعة الفارغة ، فليس يسمع لها دق ، ولا ترى بها حياة ، ولا يثب فيها عقرب ولا ينضبط بها وقت .. هذا والله هو العجز الذي استعاذ رسولنا عليه الصلاة والسلام منه "..
 أما عن حال المرأة فى مجتمعاتنا فيصفه الغزالي فى كتابه ( قضايا المرأة بين التقاليد الراكدة والوافدة ) بقوله : " المرأة عندنا ليس لها دور ثقافي ولا سياسي ، لا دخل لها فى برامج التربية ولا نظم المجتمع .. لا مكان لها فى صحون المساجد ولا ميادين الجهاد .. ذكر اسمها عيب ، ورؤية وجهها حرام ، وصوتها عورة ، وظيفتها الأولى والأخيرة إعداد الطعام والفراش " ..
 وها هو فى كتابه ( الطريق من هنا ) يصف بدقة أحوالنا وكيف نقدم غير المستحقين ونهمل الكفاءات : " ..
 والحق أن فواجع رهيبة أصابت المسلمين بسبب غمط الأذكياء وتقديم الأغبياء ، والعرب يرجحون عصبية الوطن والنسب على الكفاءة العلمية والإدارية ، والمستبدون من الحكام يقدمون مشاعر الزلفى والملق على القدرة الرائعة والخبرة الواسعة " .. وفى نفس الكتاب يخلص إلى النتيجة المنطقية لتخلفنا الحضاري والعلمي فيقول : " .. وظاهر أن رسوخ عدونا فى علوم الكون والحياة جعله يطوى المسافات الشاسعة ويلطمنا كلما أحب ، إن ضراوته بنا كضراوة الصائد الذي يطلق بندقيته على أسراب الطير والأنعام لينال منها ما يشتهى .
 أما نحن فقد جعلنا الجهل نماذج للعجز .. نظلم فلا نقتص ، ونضام فنستكين "..
 هكذا صور الشيخ الغزالي رحمه الله واقع أمتنا اليوم .. وكما وصف شيخنا الداء وشخص المرض ، راح يصف الدواء الناجع ، ويضع الحلول لتغيير هذا الواقع ، والانطلاق بالأمة من جديد نحو النهوض والتقدم والريادة ..
 حارب الغزالي ( الفارس ) على جبهتين ، أولاهما الجبهة الخارجية ، فواجه تحديات الحضارة الأوربية ومحاولات الغربيين لطمس الهوية الإسلامية وتغييب الانتماء العربي ، نلحظ ذلك واضحا فى كتبه : ( من هنا نعلم ) الذي رد به على كتاب الأستاذ خالد محمد خالد ( من هنا نبدأ ) و كتاب ( دفاع عن العقيدة والشريعة ضد مطاعن المستشرقين ) الذي رد به على كتاب المستشرق المجرى جولد تسيهر ( العقيدة والشريعة ) .. كذلك كتاب ( حقيقة القومية العربية وأسطورة البعث العربي ) وكتاب ( الغزو الثقافي يمتد فى فراغنا ) و( مستقبل الإسلام خارج أرضه كيف نفكر فيه ) و ( حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة ) ..
 أما الجبهة الثانية التى حارب فيها الغزالي بنفس الهمة والجرأة والوضوح والقوة فهي الجبهة الداخلية ، وقد حدد رحمه الله برنامجه وجدول أعماله فى حربه على هذه الجبهة فى كتابه ( الإسلام والطاقات المعطلة ) فقد ركز جهاده ضد أربعة عناصر :
 1- فساد عاطفة التدين تبعا لانتشار تعاليم المتصوفة وشيوع أفكارهم القائمة عن الحياة ..
 2- انكماش القيمة الإنسانية للفرد فى ظل الاستبداد السياسي الطويل ..
 3- انطفاء القوى العقلية ، وتسلط الأوهام والخرافات على الحياة العامة
 4- المروق الظاهر عن أغلب النصوص والقواعد الإسلامية ...
 وعلى هذه الجبهة ألف الشيخ الغزالي معظم كتبه وسطر جل مقالاته وألقى كثير من خطبه ومحاضراته ، وهذه فقط بعض عناوين لبعض كتبه التى اهتم فيها بنقد الذات الإسلامية .. ( الإسلام والاستبداد السياسي ) ( الإسلام والأوضاع الاقتصادية ) ( الإسلام والمناهج الاشتراكية ) ( الإسلام المفترى عليه بين الشيوعيين والرأسماليين ) ( ليس من الإسلام ) ( هذا ديننا ) ( خلق المسلم ) ( كيف نفهم الإسلام ) الإسلام والطاقات المعطلة ) ( سر تأخر المسلمين ) ( معركة المصحف ) ( كفاح دين ) ( الحق المر ) ( المحاور الخمسة للقرآن الكريم ) ( الجانب العاطفي فى الإسلام )... وغيرها الكثير .
 لم يجنح الغزالي فى معاركه على الجبهة الداخلية يوما إلى التهدئة ، ولم يلجأ مرة إلى أنصاف الحلول .. لم يسترح ساعة تحت ظل شجرة المحاباة وجبر الخواطر.. بل اعتمد طريقة الصدمات والضربات شديدة الوقع لعله ينجح فى إفاقة الأمة التى طال نومها ، لقد كان صادقا وصريحا مع نفسه وأمته حينما قال فى كتابه ( المحاور الخمسة ) :" ..
 إن الأوربيين والأمريكيين كانوا أقرب إلى الفطرة الصحيحة عندما تركوا لعقولهم العنان ، تبحث فى الكون وتفيد من كنوزه وما أودع الله فيه من قوى .. وكنا نحن أبعد عن الفطرة - التى هي لباب ديننا - عندما فتنتنا فلسفات سخيفة لا خير فيها ، وعندما استمعنا إلى بعض المتدينين الهاربين من الحياة الفاشلين فى ميادين الفكر والإنتاج والسلوك ، فأسأنا إلى كتابنا ولم نحقق غاياته الكبرى " .. بل إنه يبدى إعجابه الشديد ويظهر حماسته للحضارة الغربية الحديثة ! يقول فى كتابه ( ظلام من الغرب ) : " فى الحضارة الحديثة جوانب لا أجد بدا من احترامها وتزكيتها ، بل أجدني مسوقا بدوافع من ديني إلى الإعجاب بها والتملي منها ..
 وأبرز هذه الجوانب : إدمان النظر فى الكون والبحث عن خواص الأشياء والتعرف على القوانين التى تسير عليها الحياة وانتهاج خطة سعيدة عن الحدس والتخمين فى تقرير شتى الحقائق ..
 إن أية حضارة تقترب من الفطرة فى بعض نواحيها أشعر باقترابها من طبيعة الإسلام فى هذا البعض ولو كانت غريبة عنى ، وإن أية حضارة تجنح إلى التكلف أو التخرص أشعر بانحرافها عن ديني ولو كانت قريبة منى " .
 إن الغزالي يرى أننا كمسلمين لسنا مطالبين فقط بالتعرف على الكون واكتشاف أسراره واستخراج كنوزه ، بل مطالبين بالسيادة عليه والتحكم فيه بحسب ما أمرنا به القرآن ، يقول فى ( معركة المصحف ) : "إن هذا المصحف الشريف أفهمني أمرين :-
 أولهما : أنى سيد هذا الكون ، ومن حقي أن أباشر سيادتي على كل شئ فيه ، وأن أسخره علوا وسفلا ..
 والأمر الثاني : أن هذه الحياة الأرضية تمهيد لما بعدها من حياة باقية ، وأن على البشر أن يخلطوا نشاطهم فى تحصيل معايشهم بنشاط آخر فى تأمين مستقبلهم عند الله " ..
 أما عندما تخلى المسلمون عن موقعهم وتركوا مقاعدهم شاغرة ، فقد قام بالمهمة قوم آخرون ، فهم الآن فى المقدمة .. بأيديهم عجلة القيادة ، أما نحن ففي ذيل المؤخرة لا نقدر على التحكم فى وجهتنا ولا نستطيع حتى التعبير عن رغبتنا .. ، وهكذا قال رحمه الله فى كتابه ( المحاور الخمسة ) : " .. الواقع أن البضعة عشر مليونا من اليهود الذين ينتشرون فى أوربا وأمريكا ويخططون للعودة إلى فلسطين كانوا أنشط وأنجح من المليار مسلم ( اليوم هم أكثر من مليار ونصف ) فى نشر أفكارهم والتأثير فى الشعوب التى وجدوا بها " ...
 وإلى لقاء قريب بإذن الله مع الغزالي فى معاركه .
saied2007
saied2007
المدير العام
المدير العام

عدد الرسائل : 4579
تاريخ التسجيل : 11/10/2007

https://saied2007.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى